من يحمي النظام السوري من الأقليات؟
تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT
#سواليف
من يحمي #النظام_السوري من #الأقليات؟
د. #فيصل_القاسم
من أكثر النكات إثارة للضحك والسخرية على مدى نصف قرن من التاريخ السوري الحديث النكتة التي كان يضحك بها النظام السوري على العالم، ألا وهي نكتة «حماية الأقليات» موحياً بذلك أن الأقليات في #سوريا تعيش في رعب دائم من الأكثرية، وهي بالتالي تحتاج إلى حام على الدوام، مع العلم أن الأقليات السورية لم تتعرض في تاريخها لواحد بالمائة من الأذى الذي تعرضت له على أيدي النظام الأسدي.
لا شك أن النظام وحلفاءه الطائفيين نجحوا في استغلال البعبع الإسلامي على مدى سنوات لمصلحته الخاصة داخلياً وخارجياً، لكن ماذا بعد أن انكشفت خدعة حماية الأقليات وبعد أن راحت بعض الأقليات كالموحدين الدروز مثلاً يمسحون الأرض برأس النظام ويغلقون مقرات حزبه الحاكم ويدوسون على صوره وتماثيله بنفس الطريقة التي داست بها الأكثرية على رموز النظام قبل أكثر من عشر سنوات. لا بل إن أهالي السويداء لم يتركوا شعاراً ولا لافتة ولا أغنية من اللافتات والشعارات والأغاني التي أنشدها ثوار الأكثرية إلا ورددوها في ساحة الكرامة بقلب المدينة التي تطهرت تماماً من كل صور وتماثيل بشار ووالده. وهذا أكبر دليل على أن الأقليات لم تصدق يوماً الكذبة التي حاول بها النظام خداع العالم لتبرير همجيته بحق الأكثرية وتقديم نفسه على أنه يحمي الغرب من الإرهاب الإسلامي. لقد سقطت كذبة مواجهة الخطر الإسلامي تماماً، ولم يعد هذا النظام الفاشي قادراً أن يستر عوراته بأي شعارات جديدة.
والمؤلم جداً في الأمر أن كذبة «حماية الأقليات» انطلت لردح من الزمن على الغرب نفسه دون أن يعلم الغرب المسيحي أن أكبر المتضررين من النظام السوري هم المسيحيون السوريون أنفسهم. ويقول الباحث السوري المسيحي جورج كدر في دراسة له بعنوان «هندسة الفتن» إن «الهجرةَ الكبرى للمسيحيين السوريين كانت على مدى السنواتِ الثلاثين الماضية، أي خلال حكم النظام السوري الحالي. والأرقام تقول إنّ أكبر هجرة للأقليّات كانت في عهد الديكتاتوريّة التي ادّعت حماية الأقليّات، فقد انخفض عدد المسيحيين منذ وصول حافظ الأسد إلى السلطة بشكل كارثيّ؛ فبعد أن كانت نسبتهم 16.5 بالمئة من السوريين مطلع السبعينيّات، قد تصل اليوم إلى أقلّ من 6 بالمئة وربما أقل بكثير، حسب كدر. مقالات ذات صلة
إن أهالي السويداء لم يتركوا شعاراً ولا لافتة ولا أغنية من اللافتات والشعارات والأغاني التي أنشدها ثوار الأكثرية إلا ورددوها في ساحة الكرامة بقلب المدينة التي تطهرت تماماً من كل صور وتماثيل بشار ووالده
وحتى الحاضنة الشعبية للعائلة الحاكمة في سوريا في الساحل السوري لم تدفع بتاريخها ثمناً باهظاً كالثمن الذي دفعته خلال العشر سنوات الماضية، فقد استخدمها النظام كرأس حربة ضد الأكثرية، وورطها في صراع تاريخي مع المسلمين في سوريا الذين يشكلون أكثر من ثمانين بالمائة من سكان البلاد.
لقد صرح أحد المتحدثين باسم النظام في السنوات الأولى للأحداث وعلى شاشة الجزيرة بأن العلويين فقدوا أكثر من مئتي ألف قتيل، وهذا يعني أن الرقم ربما تضاعف خلال السنوات اللاحقة من المواجهة بين النظام والأكثرية السنية. وقد ذكرت صحيفة «الحياة» في تقرير لها من الساحل قبل سنوات أن العديد من البلدات العلوية أصبحت بلا رجال لأن العائلة الحاكمة زجت بهم في أتون الحرب ضد الأكثرية. وماذا كانت مكافأة الأقلية العلوية المذبوحة التي يستخدمها النظام في حربه على السوريين؟ إنها تعيش منذ سنوات أسوأ فترة في تاريخها، ويكاد يكون وضعها اليوم أسوأ بمرات من وضع النازحين السوريين الذين تجمعوا في الشمال السوري أو حتى في بلاد اللجوء. وقد خرجت أصوات علوية قوية للغاية في الآونة الأخيرة ضد النظام رغم القبضة الأمنية الوحشية المسلطة على الحاضنة الشعبية للعائلة الحاكمة في الساحل السوري. ولمن لا يعرف فإن عقاب العلوي الذي يتمرد على النظام أكبر بمرات من عقاب أي مكون سوري آخر، فالمطلوب من العلويين المسحوقين المذبوحين المهمشين المنتوفين أن يصمتوا حتى لو لم يجدوا لقمة الخبز لأطفالهم. لكن مع ذلك، هناك حالة تململ غير مسبوقة في العلاقة بين العائلة الحاكمة والمجتمع العلوي الذي قدم مئات الألوف من القرابين على مذبح العائلة ليجد نفسه اليوم في أسوأ وضع معيشي كارثي بعد أن هرب عشرات الآلاف من شبابه إلى العراق وغيره بحثاً عن لقمة عيش، وبعد أن كانت مكافأة العائلات التي فقدت شبابها في الحرب ساعة حائط صناعة صينية وفي أحس الأحوال «سحارة برتقال» أو «باكيت متة».
واليوم لو خفّت القبضة الأمنية الوحشية قليلاً في الساحل السوري لربما شاهدنا انتفاضة شعبية ضد العائلة الحاكمة بنفس قوة انتفاضة الموحدين الدروز في السويداء. ومن الواضح أن الأمور في الساحل طال الزمن أو قصر تتجه في اتجاه الانتفاضة، خاصة وأن غالبية الشارع العلوي يضع اليوم ألف إشارة استفهام على أصل وفصل العائلة الحاكمة، والنسبة الكبرى من العلويين اليوم تشكك في أن يكون آل الأسد علويين أو سوريين أو حتى عرباً أو مسلمين. حاول اليوم أن تسأل علوياً على انفراد عن أصل العائلة فسيقول لك إنها مجهولة النسب ولا تمت للعلويين بصلة، وهي فقط تستخدم الطائفة كرأس حربة لتنفيذ مخططات شيطانية لصالح مشغليها في الخارج ضد سوريا والسوريين والعرب والمسلمين. ولو كانت العائلة من أصل سوري لما دمرت سوريا وشردت شعبها وباعتها بالجملة والمفرّق للغزاة والمحتلين الذين استقدمتهم لحماية عرشها الذليل.
والآن بعد أن اتضح أن النظام السوري أكبر عدو للأقليات والأكثرية في آن معاً، ماذا بقي لديه من أكاذيب كي يتاجر بها، فقد أثبت الباحثون المسيحيون أنفسهم بأن العائلة الحاكمة في سوريا هي المسؤولة عن تهجير غالبية المسيحيين، بينما يرى العلويون أنهم لم يعانوا في تاريخهم كما يعانون اليوم بسبب استغلالهم من قبل العصابة الحاكمة في مشاريع شيطانية لا ناقة لهم فيها ولا جمل. أما الموحدون الدروز فقد قطعوا شعرة معاوية مع النظام تماماً كما نرى يومياً في انتفاضتهم المباركة التي ستدخل شهرها الثاني. ولا يبدو أن هناك رجعة إلى النظام بعد أن أصبحت السويداء محسوبة على مناطق المعارضة، وبالتالي فإن السؤال اليوم: هل كان النظام يحمي الأقليات فعلاً أم كان يحتمي بها؟ من سيحميه من الآن فصاعداً من الأقليات بعد أن سقطت وانفضحت خرافة «حماية الأقليات»؟
كاتب واعلامي سوري
falkasim@gmail.com
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف النظام السوري الأقليات فيصل القاسم سوريا النظام السوری الحاکمة فی فی الساحل بعد أن
إقرأ أيضاً:
العائلة المالكة الأردنية تستقبل الحفيد الثاني.. والملكة رانيا: ريحانتنا صارت أم
فرحة جديدة غمرت منزل الملك عبد الله الثاني، ملك الأردن وزوجته الملكة رانيا، بعد استقبالهما الحفيدة الثانية للعائلة المالكة، ابنة الأميرة إيمان، خاصة بعد ولادة الأميرة رجوة طفلتها «إيمان»، خلال الشهور الماضية.
مولود جديدة في أسرة ملك الأردنوسط سعادة كبيرة باستقبال الحفيدة الثانية ابنة الأميرة إيمان، شاركت الملكة رانيا العبد الله، فرحتها مع متابعيها عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، بالعديد من الصور التي توثق تلك اللحظة، وعلقت: «إيمان ريحانة الدار صارت أم.. الحمد لله زادت بركة البيت وفرحتنا بالغالية أمينة قد الدنيا.. مبارك جميل وإيمان والحمد لله على سلامتك حبيبتي».
وغمرت موجة من الفرح والتهاني مواقع التواصل الاجتماعي فور إعلان ولادة الأميرة إيمان طفلتها الصغيرة «أمينة»، وشارك العديد من المتابعين فرحتهم، متمنين للأميرة إيمان والملكة رانيا كل الخير، مع تعليقات مؤثرة: «ملكتنا الغالية جدة للمرة الثانية»، «ما شاء الله تبارك الرحمن الحمد لله على سلامة الأميره ايمان ومبارك الأميرة الصغيرة»، «اللهم بارك اسمها جميل مثل والدتها وجدتها».
جدير بالذكر، أن الأميرة إيمان قد تزوجت في مارس 2023، في حفل زفافٍ حضره العديد من الشخصيات البارزة، وجرى بثّه مباشرةً عبر قناة تابعة للديوان الملكي الأردني، وهي المرة الأولى التي يُبث فيها زفاف أميرة أردنية مباشرةً.
وأقامت الملكة رانيا العبد الله، قرينة الملك عبد الله الثاني وأم العروس الأميرة إيمان حفل حناء فاخر لها في قصر الحسينية، وتضمن الحفل عروضًا موسيقية مميزة من الأغاني التراثية والشعبية الأردنية، قدمتها فرقة نايا، وهي أول فرقة نسائية في المملكة.