جلسة حوارية لـ «تريندز»: الاستثمار في الشباب ورأس المال البشري وسيلة فاعلة لتحقيق نمو اقتصادي مستدام
تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT
أبوظبي – الوطن:
أكد باحثون شباب من مركز تريندز للبحوث والاستشارات، أن تسخير رأس المال البشري والاستثمار في الشباب يضمن تحقيق نمو اقتصادي مستدام على المدى الطويل، موضحين أن القوة العاملة ذات المهارات العالية يمكن أن تساهم في بناء اقتصاد قادر على الصمود أمام التقلبات والأزمات العالمية، كما أن تزويد الشباب بالمهارات والمعرفة اللازمة يمكّنهم من مواجهة التحديات المستقبلية والاستجابة لها، وتبنّي الابتكار والاستفادة من الفرص المتاحة، واستغلالها لتحقيق التنمية المستدامة للدول.
وأشار الباحثون، خلال الجلسة الحوارية التي حملت عنوان: «إدارة الثروة في عالم مضطرب.. تسخير رأس المال البشري والاستثمار في شباب اليوم»، واستضافتها منصة «شبابنا ثروتنا» ضمن فعاليات النسخة الـ 12 من «المنتدى الدولي للاتصال الحكومي 2023»، إلى أن التحديات الاقتصادية والاجتماعية العالمية الراهنة الناتجة عن التضخم، واختلالات سلاسل التوريد، وتداعيات التغير المناخي، تحتم على الدول استكشاف تأثير هذه العوامل على إدارة الثروات البشرية، والعمل على التخفيف من وطأتها على رؤوس الأموال البشرية، خصوصاً الشباب.
مشاركة علمية نشطة
وناقشت الجلسة الحوارية، التي جاءت ختاماً لمشاركة «تريندز» العلمية والمعرفية، النشطة والثرية والنوعية في أعمال النسخة الـ 12 من المنتدى، عدداً من المواضيع، منها «دور إدارة الثروات في تحقيق الأمن المالي والازدهار، وقوة رأس المال البشري في بناء الثروات، والاستثمار في الشباب محفِّز للنجاح المستقبلي، والتغلب على التحديات والاستفادة من الفرص في الأوقات المتقلبة، وإدماج الثروات والمسؤولية الاجتماعية، ووضع خطة مخصصة لإدارة الثروات، وتحفيز الجيل المقبل من مديري الثروات».
الاستثمار الآمن
وأدار محاور النقاش، عبدالله الحمادي، مدير إدارة المؤتمرات والاتصال الاستراتيجي، قائلاً إن إدارة الثروة من المفاهيم التي تتعدد تعريفاتها وزوايا الرؤية الخاصة بها، ولكن الأهم في هذا الموضوع هو كيفية حشد وإدارة الثروات الوطنية العاملة واستثمارها بالصورة المثلى، خصوصاً الشباب، مضيفاً أن امـتلاك وسـائل الثروة واسـتثمارها بشكل صحيح مـن خـلال الاسـتخدام الكثيـف للمهارات وأدوات المعرفـة الفنيـة والابتكارية والتكنولوجيـة المتطـورة، لابـد أن يشـكل إضـافة حقيقيـة للاقتصـاد، وهذا يجري عبر توظيف رأس المال البشري والاستثمار الصحيح والآمن في الشباب.
وأوضح الحمادي أن تنمية رأس المال تتعلق بكفاءة ومهارات العنصر البشرى والاستثمار فيه، وذلك باستخدام العديد من الوسائل التي تتضمن التعليم والتدريب المستمر، وبناء القدرات والمهارات، مبيناً أن العديد من الدول أيقنت أن مصـدر قوتهـا يكمن في امتلاكهـا أدوات إدارة ثرواتها البشرية، كما أن قدراتها البشرية هي السـلاح التنافسـي المهم في تفوقها، وأنهم المورد الاستراتيجي الذي يصنع الفارق مع منافسيها.
تنمية رأس المال البشرى
وذكر أنه في ظل التقدم التكنولوجي الذي يقلل من قيمة الوظائف التي لا تحتاج إلى مهارات عالية، ويخلق وظائف جديدة ترتكز على المعرفة، يتطلب ذلك تنمية رأس المال البشرى من حيث الكم والكيف، لذا فهناك اتفاق على أن التحديات التي يحملها العصر الحديث لن يتصدى لها إلا رأس مال بشرى دائم الترقي والنمو، سواء على المستوى الفردي أو على صعيد المجتمعات، حتى يمكن للجميع المشاركة في العالم الجديد من موقع الاقتدار، وفي ظل سياق تنافسي بالغ الحدة.
1.2 مليار شاب
بدورها، قالت وردة المنهالي مديرة إدارة الاتصال المؤسسي، عضو مجلس شباب «تريندز»، إن الاستثمار في الشباب هو استثمار في الحاضر والمستقبل، حيث لا يمكن حل المشاكل والتحديات التي تواجه المجتمعات إلا بسواعد الشباب، فهم قادة ثورة الابتكار والإبداع، وهم الأقدر على استخدام لغات العصر وتوظيفها بشكل إيجابي في خدمة الشعوب والمجتمعات، مبينة أن العالم يحتضن حوالي 1.2 مليار شاب تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً، وفي ظل هذا العدد الضخم للشباب يجب على الدول إكسابهم المهارات اللازمة للمساهمة في اقتصاد منتج.
ونوهت بأن الاستثمار في الشباب عامل أساسي في أدبيات التنمية، وإهماله قد يعوق النمو الاقتصادي في أي دولة، مشيرة إلى أن مصطلح «الاستثمار في الشباب» يقصد به تخصيص المزيد من الأموال في البرامج والخدمات المقدمة لهم من القطاعين العام والخاص، الأمر الذي يوفر على الدولة النفقات المخصصة لحل المشاكل المرتبطة عادة بهذه الفئة، كالبطالة والإدمان والجرائم والميل إلى العنف، بما يرفع من مساهمتهم في النمو الاقتصادي للدول.
التنمية المستدامة
ولفتت المنهالي إلى أن تحقيق أهداف التنمية المستدامة يتطلب تنمية مهارات الشباب وتوعيتهم وتسليحهم بالعلم والمعرفة والقيم والمواقف اللازمة للعيش في مجتمع مستدام وفعال، حيث إن الهدف الثامن من أهداف التنمية المستدامة يراعي الدعوة إلى توفير العمل اللائق للشباب، موضحة أن الاستثمار في الشباب واجب وطني ومسؤولية عامة، على الجميع المشاركة فيها من خلال تأهيل الشباب وتدريبهم وتسليحهم بالعلم والمعرفة والتكنولوجيا الحديثة ودعم المبادرات الشبابية مادياً ومعنوياً.
وأشارت إلى أن دولة الإمارات أرست نهجاً واضحاً للاستثمار في قدرات وطاقات الشباب، باعتبارهم الثروة الأهم لديها، عبر تخصيص منظومة متكاملة من السياسات والاستراتيجيات التي وفّرت لهم سبل النهوض الفكري، والمعرفي، والعلمي، لإدراك جوهري بأن المستقبل مرهون بالطاقات الشبابية المتسلحة بالعلم، والمعرفة.
صون الثروات وتنميتها
أما محمد الظهوري، رئيس قسم الدراسات الاستراتيجية، عضو مجلس شباب «تريندز»، فتحدث خلال الجلسة الحوارية حول «دور رأس المال البشري في صون على الثروات وتنميتها»، مؤكداً أن رأس المال البشري يؤدي دور حيوي ومحوري في تحقيق التنمية، فاقتصاد اليوم يُقاس بنوعية الموارد والبشرية وكفاءتها وحسن استخدامها.
وذكر أن ثمة نقاطاً مهمة تتعلق بالعلاقة الترابطية بين رأس المال والثروات، منها «مفهوم الثروة البشرية متعدد الأبعاد، ورأس المال البشري في ظل بيئة الأعمال المتغيرة، ورأس المال البشري وآليات دعم المهارات في ظل التطورات التكنولوجية الحديثة، ورأس المال البشري وكيفية تقليل البصمة الكربونية للبشر، والعلاقات التبادلية والتكاملية بين الثروات المالية والطبيعية والثروات البشرية، إلى جانب دور رأس المال البشري في دعم الاستثمار الوطني والتقنية وتراكم المعرفة».
نمو الابتكار والإنتاجية
وأكد رئيس قسم الدراسات الاستراتيجية في «تريندز»، أن المؤشرات الخاصة برأس المال البشري جميعها يركز على عدد من الأمور، مثل الانفاق على التعليم، والإنفاق على الصحة، والبطالة، وجودة الحياة، مبيناً أن العلاقة إيجابية بين رأس المال البشري والنمو الاقتصاد، حيث إن الاستثمار في رأس المال البشري يؤدي في نهاية المطاف إلى زيادة الابتكار، والرفاهية، والإنتاجية، والذي يُساهم بدوره في النمو الاقتصادي.
وأضاف أن مبادئ الخمسين لدولة الإمارات العربية المتحدة تُركز على رأس المال البشري، معرجاً على تنوع وتعدد التداعيات التي يعانيها رأس المال البشري، لاسيما في أعقاب جائحة كورونا، وما لحقها من أزمات عالمية كالحرب الأوكرانية وشيوع التضخم والركود والبطالة عالمياً.
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
«المشاط»: معدلات التشغيل وتنمية مهارات الشباب أحد أكبر التحديات التي تواجه قارة أفريقيا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ألقت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي ومحافظ مصر لدى مجموعة البنك الدولي؛ كلمة محافظي مجموعة الدول الأفريقية لدى البنك، وذلك خلال اجتماع المجموعة مع أجاي بانجا، رئيس مجموعة البنك الدولي. جاء ذلك خلال اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي والمنعقدة بواشنطن حتى 26 أبريل الجاري.
التحديات التي تواجه أفريقيا
وفي كلمتها، أشارت الدكتورة رانيا المشاط إلى أحد أكبر التحديات التي تواجه أفريقيا، وهي ضرورة ضمان وجود مسارات رئيسية لخلق فرص العمل وتجهيز القوى العاملة بالمهارات اللازمة التي تتطلبها السوق، لافتة إلى أن نحو ثلث الأفراد في سن العمل الذين لا يمتلكون وظائف يعيشون في أفريقيا.
وقالت «المشاط»، إنه بالرغم من الجهود التي تقوم بها مجموعة البنك الدولي لخلق فرص عمل، إلا أننا بحاجة لحجم أكبر من تلك الوظائف بما يتناسب مع التحديات الحالية، ولذلك، نحث مجموعة البنك الدولي على تعزيز أجندة الوظائف والتحول الاقتصادي من خلال بعض المسارات الحيوية، ومنها تمويل البنية التحتية المادية والرقمية، من خلال تقديم مجموعة البنك دعم إضافي في بناء وتجديد وتوسيع وتحديث السكك الحديدية، والطرق، والجسور، والموانئ والمطارات، وأنظمة إمداد المياه، ومعالجة مياه الصرف الصحي، وشبكات الكهرباء، أنظمة الري وغيرها من البنى التحتية في مجال التكنولوجيا الزراعية، وشبكات الاتصالات الرقمية وخدمات الإنترنت، المنصات، الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا، ومراكز الابتكار التي ستفتح الفرص في قطاعات التكنولوجيا والخدمات.
أهمية تمويل التصنيع المحليكما أشارت "المشاط" إلى أهمية تمويل التصنيع المحلي، مطالبة كذلك بدعم مجموعة البنك الدولي لتطوير مناطق اقتصادية وتجارية وصناعية، وتعزيز الصناعات المحلية مثل المنسوجات، والإلكترونيات، والكيماويات، وكذلك المصانع الخاصة بمكونات الطاقة المتجددة مثل الألواح الشمسية، والتوربينات الهوائية والمائية، وأنظمة القياس.
وأكدت أن تعزيز الصناعات ذات القيمة المضافة تمثل كذلك فرصة رئيسية، فمن الممكن أن يقوم البنك أيضًا بدعم تلك الأنشطة، خاصة في القطاعات الاستخراجية، الزراعية، والطاقة لمعالجة المواد الخام محلياً للحفاظ على القيمة المحلية؛ وكذلك في مجالات السياحة البيئية وإدارة النفايات لتوليد فرص العمل مع الحفاظ على الأهداف البيئية، هذا فضلًا عن أهمية تمكين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومبادرات ريادة الأعمال في أفريقيا، والتي يمكن دعمها من خلال الدعم المالي، والائتمان الميسر، والمصادر التمويلية البديلة (مثل رأس المال الاستثماري) التي يمكن أن تساعد الشركات على توسيع فرص العمل، وتمكين رواد الأعمال الأفارقة الشباب من الحصول على الأدوات اللازمة لبدء وتطوير أعمالهم الخاصة.
تقرير "مستقبل الوظائف 2025"وحول تقرير "مستقبل الوظائف 2025" الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، والذي يسلط الضوء على التركيز المشترك على المهارات المعتمدة على التكنولوجيا والقدرات البشرية؛ قالت "المشاط" إنه من المهم أن تكون تدخلات مجموعة البنك الدولي في مجال رأس المال البشري متعددة القطاعات وفعالة في الاستفادة من نهج التعاون المتكامل داخل مجموعة البنك الدولي، من خلال تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، موضحةً أنه بالنظر إلى أن خلق فرص العمل يتطلب قوة عاملة ماهرة، لذا من الضروري أن تقوم مجموعة البنك بتمويل برامج التدريب المهني والإرشاد لتمكين الأفراد والمجتمعات من تلبية احتياجات الصناعة، مما سيحول الوظائف غير الرسمية إلى رسمية، ويعزز الديناميكية الاقتصادية.
وأوضحت "المشاط"، أنه من الضروري معالجة الحاجة إلى جمع وتحليل بيانات دقيقة وقوية لدعم اتخاذ القرارات السياسية والتنموية، مطالبة مجموعة البنك الدولي بتسريع تنفيذ وتقديم البيانات والتحليلات الجديدة ضمن "جدول أعمال المعرفة" لمواكبة التطورات الاقتصادية وتحقيق أهداف التنمية. ولفتت إلى أنه استنادًا إلى تحليل مجموعة البنك الدولي نفسه، يجب أن نأخذ في الاعتبار نتائج تقرير التنمية العالمية لعام 2023 حول "المهاجرين، واللاجئين، والمجتمعات" للتأكيد على الحاجة إلى إدارة فعالة للهجرة الاقتصادية للمساعدة في موازنة التباينات السكانية وضمان التنمية المستدامة.
وفي ختام كلمتها؛ أكدت "المشاط"، أن نجاح هذه المسارات يتطلب التعاون القوي، معربة عن تأييد مجموعة محافظي الدول الأفريقية استمرار تعاون مجموعة البنك الدولي مع "مختبر استثمارات القطاع الخاص" و"المجلس الاستشاري رفيع المستوى المعني بالوظائف" لتطوير وتنفيذ الأدوات المبتكرة وأدوات تقليل المخاطر، مع ضمان تحديثات منتظمة وتواصل شفاف، بالإضافة إلى تعزيز الشراكات والفرص للتعاون والتكامل من خلال منصات التمويل المشتركة الحالية والجديدة.