القوات المسلحة تُطلق لوجو الاحتفال بالذكرى الـ50 لنصر أكتوبر
تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT
أطلقت القوات المسلحة، اللوجو الخاص للاحتفال بالذكرى الخمسين لانتصارات أكتوبر 1973، والتى تحتفل بها مصر بشكل متكامل يتضمن فعاليات تناسب اليوبيل الذهبي للنصر التاريخي.
واحتفاءً باليوبيل الذهبي لنصر أكتوبر المجيد هذا العام، تدشن إدارة الشئون المعنوية للقوات المسلحة بالتعاون مع الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، أكبر تغطية وثائقية وبرامجية خاصة تضم مجموعة متنوعة من الأفلام والبرامج والسلاسل اليومية، التي من المقرر عرضها بدءًا من منتصف سبتمبر الجاري، وحتى نهاية أكتوبر المقبل.
كما تشهد المناسبة الوطنية المجيدة تعاونًا بين الجهتين لإخراج احتفالات اليوبيل الذهبي للنصر العظيم في أبهى صوره.
ويمتد التعاون لخلق تغطية خاصة تبدأ في النصف الثاني من شهر سبتمبر وتمتد طيلة شهر أكتوبر عبر بث الأفلام والبرامج والسلاسل الوثائقية والترفيهية عن معلومات وحقائق لم تُعرض من قبل، وتقدم مشاهد تليفزيونية خاصة تخرج للنور لأول مرة في الذكرى الخمسين لنصر أكتوبر المجيد، وتستعرض بطولات خالدة وحكايات من واقع ما جرى على أرض المعركة يرويها قادة وضباط ومجندون حاربوا على الجبهة في سيناء.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: القوات المسلحة اليوبيل الذهبي شهر أكتوبر أكتوبر 1973
إقرأ أيضاً:
العلاقات بعد الخمسين.. جوهر لا عدد
سلطان بن ناصر القاسمي
منذ نعومة أظفاره، يبدأ الإنسان في تكوين علاقاته الأولى؛ حيث تكون أسرته هي الدائرة الأقرب التي تمنحه أولى دروس التواصل والمودة، ثم تتوسع هذه الدائرة شيئًا فشيئًا، فيتعرف على الجيران، ثم رفاق الطفولة، ثم زملاء الدراسة، حتى تتشعب علاقاته في مختلف مراحل حياته، وصولًا إلى زملاء العمل وأصدقاء العمر الذين يصنع معهم ذكرياته.
ومع مرور الوقت، تتغير طبيعة هذه العلاقات، فبعضها يترسخ ويستمر، بينما يختفي البعض الآخر كما لو لم يكن موجودًا. ومع ذلك، لا يدرك الإنسان حقيقة العلاقات الأكثر أهمية إلا بعد أن يتجاوز سن الخمسين؛ حيث يكتشف أن ما تبقى منها ليس بالعدد الكبير، ولكنه الأكثر صدقًا وتأثيرًا في حياته.
تمر السنوات، وينضج الإنسان من خلال التجارب التي يعيشها، فيتعلم أن العلاقات ليست مجرد أعداد تُحصى؛ بل هي أرواح تتلاقى وتؤثر في بعضها البعض، فبعضها يمنحه القوة، بينما بعضها الآخر يسرق منه طاقته، في حين يبقى البعض كمرآة تعكس أجمل ما فيه. وعند تجاوز الخمسين، يُدرك أنَّ ما تبقى له من علاقاته الماضية لا يتجاوز 10% مما كان يُحيط به في شبابه، ولكنه رغم ذلك لا يشعر بالخسارة؛ بل على العكس، يرى في هذه النسبة الصغيرة كنزًا ثمينًا يستحق أن يُحافظ عليه، فهو لم يعُد بحاجة لعلاقات كثيرة تُثقل كاهله بمتطلباتها، وإنما يكفيه بضع قلوب صادقة تُشعره بأن وجوده مهم، بحيث إنه إن غاب، سُئل عنه، وإن حضر، وجد من يرحب به بمحبة خالصة.
وفي هذه المرحلة العمرية، تتشكل العلاقات وفق معايير أكثر دقة ونضجًا، فالرجل في الخمسين لا يعود بحاجة إلى المجاملات الزائفة أو التواجد في دوائر اجتماعية لا تضيف إليه؛ بل على العكس، يبحث عن روابط تحمل معنى حقيقيًا. قد يجد نفسه أكثر تعلقًا بجيرانه الذين يلقاهم في المسجد، أو بأصدقاء يجلس معهم ليروي لهم ذكرياته، أو بأشخاص يتشاركون معه اهتمامات هادئة تتناسب مع هذه المرحلة العمرية. فهنا، لا يكون الغرض من العلاقة مجرد قضاء الوقت؛ بل إنه يتعلق بإيجاد من يشاركه لحظات الحياة ببساطة وصدق.
وبمرور الأيام، يصبح السؤال عن الغائب عادة محببة في هذه المرحلة، فلا تمر أيام دون أن يتساءل رجل الخمسين عن أحد معارفه: "أين فلان؟ لم نره اليوم؟ عسى أن يكون بخير". هذا السؤال البسيط يحمل في طياته عمقًا إنسانيًا، ويعكس مدى أهمية العلاقات التي تبقى بعد هذه السن؛ إذ إنها ليست علاقات قائمة على المصالح؛ بل إنها مبنية على الألفة الحقيقية. وبذلك، تمنح هذه الروابط الإنسان شعورًا بالاطمئنان، وتذكّره بأنه ليس وحيدًا؛ بل هناك دائمًا من يفكر فيه، حتى لو لم يكن قريبًا منه.
وهنا تتجلى أهمية العلاقات في سن الخمسين؛ حيث تصبح أكثر واقعية في أسلوب التعامل مع الآخرين، وأكثر نقاءً وصدقًا. ومع ذلك، وكما لكل قاعدة استثناء، هناك قلة ممن تمتد معهم مرحلة ما قبل الخمسين إلى ما بعدها دون أن يواكبوا هذا النضج، فتجد الفراغ يملأ وقتهم وعقولهم، مما يدفعهم إلى التدخل في أحاديث الآخرين بشكل سلبي، أو الانشغال بانتقاد هذا وذاك، وكأنهم لم يدركوا بعد قيمة الهدوء وراحة البال. هؤلاء، رغم قلتهم، يعيشون في دائرة من التذمر المستمر، مما يجعل تعاملهم مع من حولهم مشوبًا بالسلبية. ونصيحتي لمثل هؤلاء أن يعيدوا اكتشاف متعة الحياة ببساطة وهدوء، وأن يبدأوا من أقرب دوائرهم، عبر تعزيز علاقتهم بأفراد أسرهم وعائلاتهم، والتواصل الدائم مع جيرانهم وجماعة المسجد الذين يتشاركون معهم لحظات يومية ذات معنى. فهؤلاء هم وحدهم من سيشعر بغياب الرجل الخمسيني إذا اختفى لفترة، وهم من سيتساءلون عنه بصدق: "أين فلان؟ لم نره اليوم؟" وهذا السؤال البسيط هو الركن الأساسي الذي تقوم عليه العلاقات الحقيقية في هذه المرحلة من العمر.
وعلى النقيض من ذلك، نجد أن بعض الأشخاص قد لا يحسنون الاستفادة من هذه المرحلة، إذ إنهم ينغمسون في العزلة أو يمارسون النقد المستمر لكل من حولهم، وكأنهم فقدوا القدرة على الاستمتاع بالحياة. هؤلاء، رغم ندرتهم، يشعرون بفراغ قاتل، فيبحثون عن أي شيء لملئه، حتى لو كان ذلك عن طريق انتقاد الآخرين أو التدخل في شؤونهم بلا داعٍ. وهنا يكون الفرق واضحًا بين من يختار أن يعيش سنواته المقبلة بروح هادئة ومستقرة، وبين من يسمح للماضي بأن يسرق منه لحظات حاضره.
والأجمل في هذه المرحلة العمرية أنها تمنح الإنسان فرصة ذهبية لمراجعة علاقاته، فيتخلص مما كان عبئًا عليه، ويُبقي فقط على ما يمنحه السكينة. ولهذا السبب، لا يعود هناك مجال للعلاقات المتكلفة أو التي تستهلك طاقته دون مقابل. وبما أن التجارب تتراكم مع مرور السنوات، يصبح أكثر حكمة في التعامل مع الناس، وأكثر إدراكًا لقيمة الصداقات الحقيقية. وبالتالي، تظهر أهمية أن يكون الإنسان صانعًا لعلاقاته، لا مجرد مستقبل لها، فمن يتحلى بالاحترام وحسن الخلق، يجد حوله من يبادله المشاعر ذاتها، ومن يحترم خصوصيات الآخرين، يحظى بعلاقات قائمة على الثقة والاحترام.
وقد أشار الكاتب البريطاني جرانت فيلر إلى أن الرجل في سن الخمسين يكتسب قدرة كبيرة على إدارة مشاعره بطريقة أكثر وعيًا، فهو من ناحية لم يعد ذلك الشاب الذي يندفع في ردود أفعاله، ومن ناحية أخرى أصبح أكثر ميلًا للهدوء والتروي قبل إصدار الأحكام. كما أن اهتماماته تتغير؛ إذ يميل إلى البحث عن الراحة والاستمتاع بأمور لم يكن يجد لها وقتًا في شبابه، فيصبح أكثر قربًا من ذاته، وأكثر انتقائية فيما يخص الأشخاص الذين يسمح لهم بالبقاء في حياته. وبناءً على ذلك، تجعل هذه التغيرات علاقاته أكثر واقعية وأقل توترًا، لأنه لم يعد بحاجة للإثبات أو التنافس، وإنما أصبح الجوهر هو ما يحكم اختياراته.
ولكن رغم كل هذا، تبقى هناك تحديات تواجهه، فأحيانًا يجد نفسه أمام أشخاص لم يتغيروا، ما زالوا غارقين في المشاحنات الصغيرة، أو يسعون لإقحامه في أحاديث لا جدوى منها. وعند هذه النقطة، يظهر الفرق بين من يستطيع أن يضع حدودًا واضحة لعلاقاته، وبين من ينجرف مع التيار بلا وعي. الرجل الناضج في هذه المرحلة يعرف متى يصمت، ومتى يتحدث، ومتى ينسحب، وذلك لأنه يدرك أن راحته النفسية ليست قابلة للمساومة.
لهذا السبب، فإن أفضل ما يمكن لرجل الخمسين أن يفعله هو أن يعيد تعريف علاقاته وفق ما يناسبه، لا وفق ما يتوقعه الآخرون منه. يبدأ أولًا بتحسين علاقته بأسرته، لأن العائلة هي الدائرة الأولى التي تظل ثابتة مهما تغيرت الظروف. وبعد ذلك، يحرص على التواصل مع جيرانه، لأنهم أقرب الناس إليه في يومياته. وكذلك يُولي اهتمامًا بجماعة المسجد التي تجمعه بهم لحظات روحانية صادقة. فهذه الدوائر الصغيرة هي التي تشكل دعائم حياته في هذه المرحلة، وهي التي تضمن له أنه لن يكون يومًا مجرد اسم يُنسى إذا غاب.
وفي الختام.. إنَّ العلاقات الذهبية بعد الخمسين ليست مجرد صداقات تُعد على الأصابع؛ بل هي قبل كل شيء تلك الروابط التي تترك أثرًا في القلب، وتمنح الحياة معنًى أعمق. لذلك، من ينجح في اختيار من يبقى معه في هذه المرحلة، يعيش بهدوء وسلام، أما من يظل يبحث عن علاقات سطحية لا تضيف إليه، فقد يفوّت عليه فرصة الاستمتاع بأجمل سنوات عمره. والدرس الأهم هنا أن العِبرة ليست بعدد من حولك؛ بل بمن يستطيع أن يظل معك حتى النهاية، يتذكرك بحب، ويسأل عنك بصدق، ويشعر بغيابك وكأن جزءًا منه قد اختفى.