يمانيون:
2024-09-19@21:12:15 GMT

المولد النبوي.. والإصلاح الجذري

تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT

المولد النبوي.. والإصلاح الجذري

يمانيون- بقلم- عبدالرحمن مراد|

لقد سعى الغرب وأجهزته الاستخبارية طوال السنوات والعقود السالفة، على النيل من الرموز الإسلامية ومن الرسول الأكرم على وجه التحديد بشتى الطرق والوسائل والفنون وكانوا يهدفون من وراء ذلك إلى نفي القداسة من نفوس المسلمين وتفكيك عرى هويتهم الثقافية والإيمانية حتى يسهل عليهم ممارسة ثنائية الهيمنة والخضوع على المسلمين، وحين وقع الكل تحت حوافر المستعمر نهض أهل اليمن بقيم الرسالة المحمدية وأخلاق الرسالة ومبادئ الرسالة ومقاصد الرسالة كمسار تاريخي منذ البعثة، وأعلوا من قيمة رسولهم  ورفعوه مقاما عليا، حتى قال القائل لن يغلب قوم فيهم أهل اليمن، لقد خذل الرسول الأكرم في بدء الرسالة قومه، والكثير من أهله المقربين، ونصره أهل اليمن، وما زال هذا هو ديدن أهل اليمن في الأولين وفي الآخرين .

  ما يميز الاحتفال بالمولد النبوي هذا العام هو الوعي بضرورات الإصلاح، فالإصلاح نسق فكري ثقافي حضاري تقدم عليه الأمم لإنجازه بخطاب وتقنيات ومعطيات قادرة على التفاعل مع الواقع لا القفز على شروطه الموضوعية وقادرة على فرض طابعها الخاص الذي تتسم به المرحلة أو يتسم به المستوى الحضاري الحديث . ما يحدث اليوم في عموم الجغرافيا اليمنية هو عملية ثقافية تحفيزية تهدف على إكساب المجتمع هوية إيمانية مضافة وهي تعتمد اعتمادا متزايداً على مختلف الجماعات بهدف الوصول للوحدة المشتركة أو الإحساس بها في ظل ما يتعرض له الإسلام من هجوم ومن تشويه متعمد  ويحمل شلال الإيحاء المتدفق من بين حروفها مشروعا نهضويا كبيرا يصنع من الفكرة الدينية  مشروعا سياسيا واعيا وقادرا على إحداث التحولات وتحريك عجلتها، وهذا ما تدل عليه رموز وإشارات خطاب السيد العلم قائد الثورة  السيد عبد الملك الحوثي، في ضرورات الإصلاح الجذري. وقضيتنا اليوم هي الوصول إلى وحدة إنسانية مشتركة، ولا نستطيع ذلك إلا من خلال الفنون، وقد يشكل الاحتفال بالمولد النبوي ركيزة أساسية للوصول إلى ذلك، فالمولد لا يعني تظاهرات شكلية ولكنه يعني مسارا ونسقا ثقافيا يعيد ترتيب النظام العام والطبيعي ويعيد البناء لمواجهة العدو الذي يتربص بنا الدوائر وغاية مقاصده – أقصد العدو- تفكيك البنى الثقافية وفصل الأمة عن رموزها ومرجعياتها الفكرية والثقافية والإيمانية،  حتى يسهل عليه فرض ثنائية الهيمنة والخضوع، وقد فعل ذلك بالقياس إلى حركة التطبيع التي تجري مع الكثير من الأنظمة العربية اليوم في عموم الوطن العربي .  ولابد من التأكيد على فكرة أن رسالة الإسلام جاءت لتستكمل البعد القيمي والأخلاقي عند البشر، بعد أن بلغت الرسالات كمالها في الأبعاد الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية ولذلك عبّر الرسول الأكرم عن ذلك بقوله: “إنما جئت لأتمم مكارم الأخلاق” بل مدح الله رسوله في محكم الذكر الحكيم بقوله: وإنك لعلى خلق عظيم ” في إشارة إلى حالة التكامل التي أرادها الله كما تشير آخر آية نزلت على الرسول ألأكرم وهي قوله تعالى: ” اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا”. هذا البعد القيمي والأخلاقي غاب عن البحث والتنظير والتأصيل في مسارنا الثقافي التاريخي بل لم يتم التأليف فيه إلا نادرا قديما وحديثا، والسؤال الأخلاقي أثاره وبسط عنه القول الجابري في مشروعه النقدي “نقد العقل العربي”، وفصل القول عنه في كتابه ” العقل الأخلاقي العربي ” . ولعلنا نستبين الخلل  البنيوي في مسارنا الثقافي والسياسي من خلال هذا الغياب أو التغييب، فالإسلام  الذي هدم منظومة الثقافات الكبرى في زمنه وهي الثقافة الفارسية والرومانية، والثقافة الفارسية هي ثقافة وثنية ” مجوسية ” لا تلتقي مع الإسلام في نقاط بعكس الثقافة الرومانية التي تشترك في كثير من محدداتها مع الإسلام، ولذلك حاولت الثقافة الفارسية مقاومة عوامل الفناء من خلال إعادة إنتاج نفسها في الثقافة الإسلامية فتركت أثرا واضحا في نظرية الحكم وعلاقة الحاكم بالمحكوم، وفي اللغة والآداب، وفي الحياة الاجتماعية، والقارئ لكتب الأخبار كـ”العقد الفريد ” لابن عبد ربه، و”أخبار الزمان ” للمسعودي، وغيرهما، يكتشف ذلك الأثر للثقافة الفارسية، كما يكتشف الرؤية المنهجية التي حاولت صرف العقل العربي عن الغوص في نظرية الأخلاق العربية، وهو بالتالي تعبير عن انحراف في مسار الرسالة المحمدية وقد كان من نتائج ذلك حالة الهوان والضعف الذي وصل إليها العقل العربي والمجتمع العربي منذ العصر العباسي الثاني إلى اليوم . ولذلك فالاحتفاء بالرسول الأكرم لا بد أن يكون بعثا وبحثا وتحقيقا وتصويبا للمسارات وليس مجرد بهرج مفرغ من المعنى الحقيقي للاحتفال، ويفترض بنا أن نحاكم التاريخ ونحاكم واقعنا محاكمة عادلة لنعيد ترتيب نسقنا، ونعيد بناء الحيوات وفق قيم ومبادئ الإسلام لا غيره ووفق المستوى الحضاري والفكري للبشرية، فالإسلام رسالة متجددة وليس قالبا جامدا، وهو فكرة ثورية والفكرة الثورية التي قادها الرسول الأكرم أحدثت تحولا وتبدلا ما يزال يذهل المفكرين إلى اليوم والذين جعلوا الإسلام كهنوتا وحالة تسلط جماعات على أخرى تأثرا بما دخل على الإسلام من ثقافات لم يفلحوا بل ساهموا في تراجع فكرة الثورة وأثرها في واقع البشر بل كانوا سببا جوهريا ومباشرا في حالة التخلف والتراجع الحضاري للعرب والمسلمين، وهو حال من الذل والهوان يعانونه اليوم كما هو مقروء في الواقع  . ولعلنا اليوم نستبشر خيرا بأن يكون المولد مولدا جديدا لليمن، بحيث يشعر المجتمع بتغير وتبدل ثوري فالتغيير الجذري الذي وعد به القائد ينتظره الناس بفارغ الصبر حتى يشعروا بقيمة الأشياء في حياتهم وبحالة التحول والانتقال التي أحدثها الرسول الأكرم في التاريخ وبتجدد ذلك في حياة المجتمعات .

المصدر/ الثورة نت/

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الرسول الأکرم أهل الیمن

إقرأ أيضاً:

مفتي الجمهورية: احتفالية نقابة الأشراف بالمولد النبوي فرصة لتجديد عهدنا مع الرسول الكريم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

وجه الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، الشكر لنقيب الأشراف على إقامة حفل المولد النبوي الشريف، قائلا أن تزاد بهاء بالحديث عن الرسول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي استطاع أن يعيد البشرية إلى صوابها ويعيد البشرية إلى رشدها.

وأضاف عياد في احتفال نقابة الأشراف بالمولد النبوي الشريف، الخميس، بمركز الأزهر للمؤتمرات بمدينة نصر، أن هذا الاحتفال آية وعلامة لتجديد العهد مع النبي صلى الله عليه وسلم، وفي ظل تنازع الحروب يأتي هذا الاحتفال وكأنه رسالة لهذا العالم الذي طغت فيه المادة واختفت في المروءة لبعث رسالة لإعادة الموازين المقلوبة إلى صوابها وإعادة القيم الأخلاقية إلى صوابها.

واستشهد بقوله تعالى :"وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ"، بُعِثْتُ لأتمم مكارم الأخلاق"، واستطاع النبي صلى الله عليه وسلم إعادة الحقوق إلى أهلها ورفض العدوان والاعتداء، فالواقع الذي نعيشه يؤكد أننا في أمس الحاجة لإعادة البشرية للصواب.

وقال إن بناء الإنسان هي دعوة جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم وترجمها وإذا كنا نبحث عن بناء الإنسان فما أحوجنا إلى أن نجعل هذه الليلة نقطة للإنطلاق لبناء الإنسان والقيم.

مقالات مشابهة

  • وكيل الأزهر في احتفالية «الأشراف» بالمولد النبوي: البناء الحقيقي للإنسان باتباع سنة الرسول
  • وكيل الأزهر في احتفالية الأشراف بالمولد النبوي: البناء الحقيقي للإنسان يكون باتباع سنة الرسول
  • المفتي: احتفالية نقابة الأشراف بالمولد النبوي فرصة لتجديد عهدنا مع الرسول الكريم
  • الاحتفال بمناسبة ذكرى المولد النبوي.. السير على نهج الرسول الأكرم
  • مفتي الجمهورية: احتفالية نقابة الأشراف بالمولد النبوي فرصة لتجديد عهدنا مع الرسول
  • مفتي الجمهورية: احتفالية نقابة الأشراف بالمولد النبوي فرصة لتجديد عهدنا مع الرسول الكريم
  • انطلاق احتفالية نقابة الأشراف بالمولد النبوي الشريف بمركز الأزهر للمؤتمرات
  • يمن الإيمان والحكمة.. الأحفاد كالأجداد أوفياء للنبي الأكرم ومبادئه
  • احتفالاً بالمولد النبوي.. لقاءات تثقيفية وعروض فنية لقصور الثقافة بالبحر الأحمر
  • محافظ مطروح يشهد احتفالات المحافظة بذكرى المولد النبوي الشريف