قراءة في بيانات القوى الديمقراطية في أسمرا
تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT
قراءة في بيانات القوى الديمقراطية في أسمرا
زين العابدين صالح عبد الرحمن
اجتمعت قوى سياسية ومدنية في أسمرا تحت عنوان (القوى الوطنية الديمقراطية لإنهاء الحرب) وأصدرت بيانين الأول إعلان سياسي والثاني إنهاء الحرب وإدارة الفترة الانتقالية.
الإعلان السياسي متناسق ويتماشى مع التحولات الجديدة في الساحة باعتبار أنه يتحدث عن قضايا عامة يوضح الهدف من الاجتماع وأسباب انعقاد الاجتماع في أسمرا ودعوة الجميع للعمل من أجل تحقيق تطلعات الشعب السوداني والعودة لمسار التحول الديمقراطي إلى جانب مواجهة التحديات التي تمر بها البلاد والحديث عن فدرالية الدولة وتنوعها الثقافي وأن تكون المواطنة أساس الحقوق والواجبات، إلى جانب موقفهم من الحرب الدائرة والجرائم التي ارتكبت ضد المواطنين في الخرطوم وإقليم دارفور.
يأتي البيان الآخر بعنوان “إنهاء الحرب وإدارة الفترة الانتقالية” الذي يعود مرة أخرى لذات الأجندة التي كانت محور اختلاف ما قبل 15 إبريل، ورغم أن البيان يتحدث أن فكرته تقوم على “التفكير خارج الصندوق” لكن ما ورد في البيان محاولة لفرض الأجندة التي كانت داخل الصندوق، كأن الحرب قامت على قضايا أخرى ليس لها علاقة بالصندوق نفسه. يقال في البيان (لقد فرضت الحرب واقعاً جديدا في المشهد السياسي والأمني والإنساني والاجتماعي بالبلاد تمثل في الآتي:
1- أضافت عبئا ثقيلا لحكومة الفترة الانتقالية بمعالجة انعكاساتها وآثارها امنيا واقتصاديا واجتماعيا لتحقيق التحول للحكم المدني الديمقراطي.
2- أثبتت أن هنالك ضرورة قصوى لمخاطبة جذور الازمة التاريخية المؤجلة التي ظلت تبارح مكانها منذ الاستقلال والسعي الجاد لإيجاد الحلول المناسبة أثناء فترة الانتقال.
3- التوافق على دور المكون العسكري لأسباب امنية وسياسية داخلية ونتيجة للاضطرابات.
هذه المقولات التي تتعلق بمخاطبة جذور المشكلة وأبعاد المشكلة داخلية وخارجية وغيرها من القضايا قد ملت منها الساحة السياسية، ولا ادري ما هي جذور المشكة التي أصبحت طابع بوستة عند بعض القيادات. هذه المشكلة يجب أن تحول مباشرة للمؤتمر الدستوري وتقرر فيها كل القوى السياسية وليست قوى بعينها، وأصبحت هذه المقولات اجندة الذين لا يملكون قضية..! بقدر ما يريدون البحث عن مصالح الذات. المؤتمر الدستوري مكان مناقشة القضايا الجذرية والاتفاق عليها ثم عرضها للاستفتاء الجماهيري، حتى لا تصبح مكان ارتزاق لبعض السياسيين.
ويقول البيان ايضا (إن فشل أو عجز الاحزاب السياسية خلال فترة حكمها منذ استقلال السودان احراز غالبية بالبرلمان تمكنها من حكم البلاد إلا من خلال اللجوء للائتلاف التي تأتي بحكومات ضعيفة اتضحت انها تمثل مدخلا للانقلابات العسكرية وعدم الاستقرار السياسي بالبلاد) هذه القضية أيضا هي محلها المؤتمر الدستوري الجامع وليس الفترة الانتقالية، هذه زجت في البيان وفي الفترة الانتقالية لأن البعض يريد تطويل الفترة الانتقالية، وهؤلاء يريدون الهروب من الانتخابات وتحكيم رأي الشعب في العملية السياسية، كما بعض القيادات تريد ان تحكم دون تفويض شعبي، هؤلاء كل مرة يجادلون من أجل تصفير العداد هذه القضية هي التي تزيد الأزمة السياسية، جاء الوقت الذي يجب أن ترجع القضية للشعب لكي يقول كلمته. ويضاف ايضا في البيان (التدخلات الاجنبية في شؤون البلاد وانتهاك السيادة والقرار الوطني لقد بدأت في الآونة الأخيرة بروز توجه لتعدد المبادرات والمنابر وهذا التعدد من شأنه أن يلعب دوراً أقرب إلى تعقيد المشكلة مع وجود التقاطعات الاقليمية والدولية حول الأزمة في السودان. ان كافة المساعي والمبادرات دون توحيدها سوف لا يحالفها النجاح لتسوية الازمة السياسية وانهاء الحرب في السودان) هذه نقطة صائبة رفض التدخلات الاجنبية في القضية السياسية في البلاد وحضوره فقط للمراقبة وليس لفرض أي آراء على الساحة الساسية. وأيضا تعدد المبادرات الخارجية مضر بالعمل السياسي ويجب على القوى السياسية متحالفة أو منفردة أن تقدم مبادراتها وتوضع على مائدة الحوار الوطني.
أما ما جاء في قضية الوضع الإنساني لا غبار عليها من ناحية المبدأ ولكن ليست هي سبب لعودة ميليشيا الدعم مرة أخرى لممارسة العمل السياسي، أما ما جاء حول الفترة الانتقالية من مجلس وزراء وأن تكون هناك قوى باقية في السلطة لأن هناك اتفاقية قد أشارت لذلك، اعتقد أن الحرب جبت ما قبلها وأثبتت الحرب أن اتفاق جوبا لم يوقف القتل في دارفور بل زاد من عملية القتل والتهجير من خلال الآلية الموجودة في دارفور، لذلك دارفور تحتاج إلى مؤتمر جامع ليس لنخب بعيدة عن هم المواطن ولكن نخب يختارها المواطن الدارفوري، وتمثل كل قطاعات دارفور المتنوعة.
إن الأحداث قد تجاوزت تماما كل ما كان في الصحيفة السياسية قبل 15 إبريل، وأي عودة لذلك المنهج والسلوك سوف يعيد الناس مرة أخرى للاسباب التي أدت للحرب. فالقيادات السياسية الدارفورية وجب عليها أن تخرج من عباءات المصالح الذاتية والجهوية الحزبية، وأن تنظر للقضية بكليات المشكلة الوطنية. هناك ماتزال بعض القيادات في الحركات تريد أن تتمسك بمواقعها في السلطة، والغريب في الأمر أنها تؤكد على رفض المحاصصة. عدم المحاصصة للكل وليس لفئة بعينها.
إن سلطة الأمر الواقع يجب أن تعترف وتجعل دستور 2005م الذي شاركت فيه أغلبية القوى السياسية هو أساس للحكم لحين الوصول للانتخابات، وتشكيل الحكومة من كفاءات غير منتمية ذات تأهيل علمي وإداري ومعرفة بدروب السياسة، هي التي تدير الفترة الانتقالية وتنفذ ما يتفق عليه وهي التي تكون المفوضيات المختلفة وتدعو إلى حوار قومي دستوري للاتفاق على القواعد الأساسية وأيضا النظر لجذور المشكلة حتى لا يتضرر البعض من نقص المصطلحات. وأيضا هي التي تشرف على المؤتمر الدستوري ومطلوباته.
إن الذين يريدون الرجوع مرة أخرى لتصفير العداد للفترة الانتقالية هؤلاء بالفعل لا ينظرون للمواطن ومشاكله ولا لعملية الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلاد هؤلاء ساعين من أجل السلطة فقط وتطويل الفترة الانتقالية.
أعتقد أن البيان الثاني هو بيان بهدف تقديم المصالح الذاتية على المصالح الشعبية. أعتقد كما أكدت العديد من القيادات السياسية التي بالفعل تريد أن تتعلم من التجربة أن الحرب تجاوزت كل الأجندة التي كانت مطروحة قبل 15 إبريل، ويجب على القيادات التي اجتمعت في أسمرا أن تراجع هذا البيان الذي يهدف فقط للعودة مرة أخرى للأزمة بصور أخرى والتكسب منها. نسأل الله حسن البصيرة.
zainsalih@hotmail.com
الوسومأسمرا إعلان سياسي إيقاف الحرب السودان الفترة الانتقالية القوى الديمقراطية جذور الازمة زين العابدين صالح عبد الرحمنالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: أسمرا إعلان سياسي إيقاف الحرب السودان الفترة الانتقالية القوى الديمقراطية جذور الازمة الفترة الانتقالیة فی البیان فی أسمرا مرة أخرى هی التی
إقرأ أيضاً:
قراءة تحليلية: تصريحات محمد علي الحوثي ودلالاتها في سياق الصراع الإقليمي
هاني الخالد
جاءت تصريحات رئيس اللجنة الثورية في حكومة صنعاء، محمد علي الحوثي، لتسلط الضوء على تحول نوعي في الخطاب السياسي والعسكري لصنعاء. التصريح الذي يؤكد غياب “الخطوط الحمراء” في مواجهة الأمريكيين والإسرائيليين ومن يدور في فلكهم، يعكس تصعيداً حاسماً في الموقف اليمني، ليس فقط على مستوى الخطاب، بل في الاستعداد العملي لمواجهة ما تعتبره صنعاء تهديداً مباشراً لأمنها وسيادتها.
تحليل التصريحات: أبعاد ودلالات
1. الإعلان عن استراتيجية مفتوحة
الإشارة إلى غياب الخطوط الحمراء تعني أن صنعاء لم تعد ترى أي قيود على خياراتها العسكرية والسياسية في مواجهة القوى المعادية. هذا التحول يهدف إلى إرسال رسائل متعددة الأطراف:
للداخل اليمني: تأكيد الاستعداد الكامل للدفاع عن السيادة، مما يعزز الروح المعنوية لدى القوات والمواطنين.
للخارج الإقليمي والدولي: إعلان عن استعداد صنعاء لتوسيع نطاق المواجهة، بما يشمل استهداف مصالح قوى كبرى مثل الولايات المتحدة وإسرائيل.
2. كسر الحاجز النفسي في المواجهة
الحديث عن أن هذا الموقف “ليس من أجل الحرب النفسية” يشير إلى رغبة في تجاوز التصريحات الرمزية إلى الفعل الميداني. صنعاء تدرك أن الحروب النفسية كانت إحدى أدوات القوى الكبرى لإضعاف الإرادة الشعبية، وبالتالي تسعى لتأكيد جدية مواقفها بما يتجاوز الدعاية.
3. ربط السياق اليمني بالصراع الإقليمي
بإدخال الأمريكيين والإسرائيليين في دائرة الاستهداف، تربط صنعاء الصراع الداخلي بمشهد إقليمي أوسع. هذا الربط يعكس استراتيجية ترى في الصراع في اليمن جزءاً من معركة إقليمية أكبر ضد الهيمنة الغربية والصهيونية.
الأبعاد العسكرية: خيارات صنعاء في المواجهة
1. الصواريخ والطائرات المسيّرة
تصريحات الحوثي تبرز أهمية التطور الذي شهدته القدرات الصاروخية والطائرات المسيّرة في اليمن. هذه الأسلحة أصبحت أدوات فعالة في كسر هيمنة القوى التقليدية في المنطقة، مع القدرة على استهداف مواقع استراتيجية، سواء داخل اليمن أو في عمق أراضي الخصوم.
2. القوة البحرية
تأكيد دور البحرية يعكس وعياً بأهمية خطوط الملاحة البحرية في معادلات الصراع. مضيق باب المندب والبحر الأحمر يشكلان نقاطاً حيوية للتجارة العالمية، مما يجعل أي تحرك بحري لصنعاء تهديداً استراتيجياً لمصالح القوى الكبرى.
3. المواجهة غير التقليدية
تصريحات الحوثي تؤكد أن صنعاء تستعد لاستخدام أساليب غير تقليدية في المواجهة. هذه الأساليب تعتمد على المرونة، والمفاجأة، واستهداف نقاط الضعف لدى الخصوم، مما يمنحها ميزة في مواجهة قوى متفوقة عسكرياً.
التداعيات الإقليمية والدولية
1. تصعيد المواجهة مع التحالف الإقليمي
إعلان صنعاء عن غياب الخطوط الحمراء يضع القوى المنخرطة في التحالف ضدها، مثل السعودية والإمارات، أمام تحدٍ كبير. هذا التصعيد قد يؤدي إلى تصعيد مقابل، لكنه في الوقت ذاته يكشف عن إرادة صنعاء في فرض معادلة ردع جديدة.
2. رسائل مباشرة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل
توسيع دائرة الاستهداف لتشمل الولايات المتحدة وإسرائيل يشير إلى أن صنعاء ترى في تدخلاتهما في اليمن جزءاً من مشروع أكبر يستهدف استقلال القرار اليمني. هذه الرسالة تهدف إلى كسر ما يُعتبر حصانة تقليدية لهاتين القوتين، وإجبارهما على إعادة النظر في سياساتهما تجاه اليمن.
3. تأثير على مسار المفاوضات
قد تؤثر هذه التصريحات على أي محاولات لاستئناف المفاوضات السياسية. صنعاء تستخدم هذه اللغة لإعادة تشكيل ميزان القوى قبل أي تسوية محتملة، مما يجعل من الضروري أن تؤخذ مصالحها بجدية.
الرسائل الاستراتيجية: قراءة ما وراء التصريحات
1. تأكيد الاستقلالية في القرار
هذه التصريحات تأتي لتؤكد أن صنعاء ليست خاضعة لأي إملاءات خارجية، وأن قراراتها تنبع من رؤيتها الوطنية والإقليمية.
2. إعادة تشكيل قواعد الاشتباك
بتجاوز الخطوط الحمراء التقليدية، تسعى صنعاء لإعادة تشكيل قواعد الاشتباك، بحيث تكون قادرة على الردع، وليس فقط الدفاع.
3. استثمار في المظلومية الإقليمية
الربط بين اليمن والقضية الفلسطينية يعكس رغبة في تقديم صنعاء كجزء من محور المقاومة ضد الهيمنة الغربية والصهيونية.
خاتمة: صنعاء في معادلة الصراع الجديد
تصريحات محمد علي الحوثي تمثل انعطافة استراتيجية في خطاب صنعاء. هذا الموقف يعكس إدراكاً عميقاً لتعقيدات المرحلة، ورغبة في فرض معادلات جديدة تتجاوز الأساليب التقليدية. إذا ما ترجم هذا الخطاب إلى أفعال، فإنه قد يغير شكل الصراع في اليمن والمنطقة، ويعيد تعريف موازين القوى في مواجهة الهيمنة الغربية والإسرائيلية.