المفتي: الشرع الشريف لا يعرف الخصومة أو الصدام مع البحث العلمي
تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT
قال الأستاذ الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن القضية السكانية قضية أمن قومي لها تأثير سلبي مادي وبدني ومعنوي كبير على الأبوين والأولاد فضلًا عن المجتمع، والشريعة إنما تهدف إلى مجتمع قوي بدنيًّا وخُلقيًّا وعلميًّا وثقافيًّا وروحيًّا؛ فالإسلام لا يقصد مجرد وجود نسل كثير لا قيمة له ولا وزن، وإنما يُريد نسلًا قويًّا.
جاء ذلك خلال لقائه الأسبوعي في برنامج نظرة مع الإعلامي حمدي رزق على فضائية صدى البلد، مضيفًا فضيلته أنه ليس للإسلام غرض في كثرة النسل إن كان يؤدي إلى الجهل والفقر والمرض وعدم الرعاية؛ حيث إن تنظيم النسل يُعدُّ حلًّا أكيدًا في هذا العصر للزيادة السكانية، وعليه تقوم المصلحة التي هي مصدرٌ من مصادر التشريع، وهو طريق لتحقيق التنمية المستدامة، ولا يتعارض تنظيم النسل مع الإيمان بالقضاء والقدر ولا يُعدُّ اعتراضًا ولا تدخلًا في قدر الله تعالى؛ لأن تنظيم النسل ما هو إلا لونٌ من مباشرة الأسباب التي أَمَرنا الله تعالى بمباشرتها لتنظيم حياتنا.
وشدد فضيلة المفتي على أن الدعوة إلى تنظيم النسل لا تتعارض مع دعوة الشرع إلى التكاثر، بل يُعَدُّ التنظيم وسيلةً لإخراج أجيال تأخذ حقها في الرعاية المتكاملة وتنال الاهتمام الكافي؛ ممَّا يؤهلهم إلى تَحمُّل المسئولية؛ فقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ؛ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ»، المقصود به: الكَثْرة المؤمنة الصالحة القوية المنتجة المتقدمة؛ فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يباهي بكثرة ضعيفة في شتى مناحي الحياة، لأنها بذلك تكون كثرة لا قيمة لها ولا نفع فيها، وهي التي عناها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديثه المشهور الذي يقول فيه: «يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا» قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ أَمِنْ قِلَّةٍ بِنَا يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: «أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنْ تكونون غُثَاءً كَغُثَاءِ السَّيْلِ»؛ أي كثرة ضعيفة لا قيمة لها، ولذا يجب فهم النصوص الشرعية في إطار متكامل وشامل، ولا يصح أن تؤخذ ألفاظ بعض النصوص الصحيحة على ظواهرها وبطريقة فردية دون مراعاة الأدلة الشرعيَّة الأخرى، فهذا مخالف للمنهج العلمي الصحيح.
وأكد فضيلته أن تنظيم النسل لا يتعارض مع ما جاء في القرآن الكريم من النهي عن قتل الأولاد خشية الفقر؛ فهذا التشريع متعلِّق بقتل النفس أو قتل الجنين الذي له روحٌ مستقرة، ولا يمكن أن يكون حجةً أو أساسًا للقول بأن القرآن الكريم ينهى عن تنظيم النسل؛ مشيرًا إلى أن دار الإفتاء لا تجيز الإجهاض بأي حال من الأحوال بعد نفخ الروح في الجنين إلا بمبرر مشروع وهو التقرير الطبي المحذر من خطورة بقاء الجنين على صحة الأم.
وأشار فضيلة المفتي إلى أن الشرع الشريف لا يعرف الخصومة أو الصدام مع التجارب العلمية ولا البحث العلمي ولا يوجد سقف لهذا البحث ما دام لا يتعارض الأمر مع الشرع الشريف، فالدين ينطلق من عقل منضبط، ومن يطالع جهود علماء المسلمين في مختلف العلوم الدنيوية يدرك ذلك واضحًا جليًّا.
ونبَّه مفتي الجمهورية على أنه لا يوجد فصل بين علوم الشريعة والعلوم الأخرى كعلوم التكنولوجيا وتقنيات الفضاء الإلكتروني، ولكن يجب أن يكون العلم والبحث العلمي واستخدام مخرجاتهما منضبطًا بضوابط شرعية لأن إطلاق العنان للتجارب العلمية السلبية لها مضار متعددة على الإنسانية جمعاء؛ فقد استفاد الفقهاء قديمًا وحديثًا من هذه العلوم، بل أبدعوا فيها انطلاقًا من العلوم الشرعية ورغبة في إفادة المسلمين.
وردًّا على سؤال لفضيلته: هل تضرر من الفضاء الإلكتروني؟ قال: نعم، لقد تضررت كغيري من سلبياته واستفدت من إيجابياته. مشيرًا إلى أن العالم كله تأخر كثيرًا في مواجهة المحتوى الضار ومنها الشائعات والأخبار الكاذبة، بل والفتاوى المتطرفة والشاذة
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: تنظیم النسل
إقرأ أيضاً:
أكاديمية البحث العلمي: خارطة طريق استدامة حياة كريمة نحو تنمية شاملة ومستدامة للقرى المصرية"
تتشرف أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا بدعوة السادة العلماء والباحثين المتخصصين في مجالات الاقتصاد، الإسكان، والتنمية العمرانية، بالإضافة إلى المسؤولين عن مبادرة حياة كريمة والمشروعات الصغيرة، للمشاركة في ورشة العمل الختامية لمشروع "خارطة طريق استدامة مشروعات حياة كريمة وأثرها التنموي"، التي ستُعقد يوم الخميس الموافق 23 يناير 2025 في تمام الساعة التاسعة صباحًا بمقر الأكاديمية الكائن في 101 شارع القصر العيني.
تأتي هذه الورشة بتنظيم مشترك بين مجلس بحوث الإسكان والبناء ومجلس البحوث الاقتصادية والإدارية، وهما من التشكيلات العلمية التابعة للأكاديمية، وتُعد الورشة جزءًا من الجهود الوطنية التي تهدف إلى تعزيز استدامة المشروعات التنموية ضمن مبادرة حياة كريمة التي تمثل إحدى أهم المبادرات الرئاسية لدعم التنمية الشاملة في القرى المصرية.
تسعى الورشة إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الحيوية التي تساهم في تعزيز استدامة الأثر التنموي للمبادرة، حيث سيتم خلالها:
تتناول الدراسة الجوانب المختلفة لاستدامة المشروعات التنموية التي نفذتها المبادرة، من خلال منهجية متكاملة تضمنت محورين رئيسيين.
تهدف الورشة إلى تقديم تصور شامل وقابل للتطبيق يضمن استدامة المرافق والخدمات التنموية التي تم إنشاؤها أو تطويرها ضمن المبادرة. يشمل ذلك تقييم قدرة هذه الخدمات على تلبية احتياجات السكان وتحسين جودة حياتهم على المدى الطويل.
سيتم خلال الورشة تحديد وتوصيف التحديات الرئيسية التي تواجه استدامة مشروعات المبادرة، ومناقشة الحلول المقترحة للتغلب عليها، بما يسهم في تحسين كفاءة الإنفاق وتحقيق أقصى استفادة من الموارد المتاحة.
قياس الآثار الاقتصادية والاجتماعية للمبادرة:
تناقش الورشة تأثير مبادرة حياة كريمة على خفض معدلات الفقر متعدد الأبعاد، ودورها في تعزيز التمكين الاقتصادي للسكان المستهدفين، بما يدعم أهداف التنمية المستدامة التي تسعى مصر إلى تحقيقها.
تكتسب هذه الورشة أهمية كبيرة كونها تمثل ختامًا لجهود بحثية وعملية واسعة النطاق تهدف إلى تقييم وتحسين فعالية المبادرة الرئاسية حياة كريمة. وتعد هذه المبادرة أحد المحاور الرئيسية في استراتيجية التنمية المستدامة لمصر، حيث تهدف إلى تحقيق نقلة نوعية في مستوى الخدمات المقدمة للمناطق الريفية وتحسين جودة حياة المواطنين في القرى الأكثر احتياجًا.
تستهدف الورشة مشاركة الخبراء والباحثين في مجالات الاقتصاد والتنمية العمرانية والبيئية، وكذلك المسؤولين عن إدارة مبادرة حياة كريمة والمشروعات الصغيرة. كما تفتح أبوابها أمام كافة المهتمين من الهيئات الحكومية والجهات التنفيذية ذات الصلة، لمناقشة وتبادل الرؤى حول استدامة المشروعات التنموية.
الآثار الاجتماعية لمبادرة حياة كريمة على المجتمعات المحلية.تقييم استدامة البنية التحتية والخدمات الأساسية في القرى المستهدفة.تحليل كفاءة الإنفاق الحكومي وأثره على التنمية الشاملة.دراسة التحديات والفرص لتحقيق الاستدامة البيئية والاقتصادية.
تؤكد أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا أن هذه الورشة تمثل فرصة فريدة لتبادل المعرفة والخبرات بين مختلف الأطراف المعنية، بهدف الوصول إلى استراتيجيات متكاملة تحقق الاستدامة الفعلية لمشروعات مبادرة حياة كريمة، وتعزز أثرها الإيجابي على المجتمع المصري.