فاينانشال تايمز: الاتحاد الأوروبي يحاول وقف تقدم قطار بكين في مجال صناعة السيارات لإنقاذ قدرته على المنافسة
تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT
في محاولة لحماية مصنعي السيارات الأوروبيين، اتخذ الاتحاد الأوروبي قرارا بفتج تحقيق ضد صناعة الصين للسيارات الكهربائية في دول التكتل، وهو ما ردته بكين ضربة باثنتين ضد قرار مماثل من واشنطن كانت أولاهما عندما أعلنت عن هاتف جديد بمعالج صيني رغم القيود التي فرضتها الولايات المتحدة لإعاقة تقدم الصين في صناعة الرقائق الإلكترونية، أما الضربة الثانية عندما أعلنت حظر استخدام أعضاء الحكومة هواتف آيفون الأمريكية.
وفي هذا السياق نشرت صحيافة "فاينانشال تايمز"، تقريرًا ذكرت فيه أن الاتحاد الأوروبي أعلن تحقيقًا ضد الصناعة الصينية للسيارات الكهربائية في محاولة لحماية مصنعي السيارات الأوروبيين قبل أن يتم طردهم من قبل المنافسين الصينيين.
وعلى الرغم من أن واردات السيارات الكهربائية الصينية تمثل نسبة صغيرة فقط من سوق الاتحاد الأوروبي، فإنها تنمو بسرعة ويمكن أن تصل إلى 15 في المائة خلال عامين - في إعادة لما عاشه الاتحاد الأوروبي مع لوحات الطاقة الشمسية قبل أكثر من عقد.
قال دبلوماسي أوروبي كبير: "لا يمكننا تحمل فقدان صناعة السيارات".
ويحظر الاتحاد الأوروبي بيع السيارات الجديدة بمحركات الاحتراق اعتبارًا من عام 2035 للحد من انبعاثات الكربون ويخشى أن يتم تصنيع بدائلها الكهربائية في الصين، وليس في أوروبا.
وفي هذا الصدد، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين التحقيق الأربعاء الماضي، مما يشكل تصاعدًا آخر في التوترات مع بكين بشأن سلسلة من السياسات تهدف إلى تقليل اعتماد الاتحاد على القوة الصينية.
ووفقًا للصحيفة البريطانية، قال مسؤول في الاتحاد الأوروبي إن الدعم المالي قد سمح بالفعل للواردات الصينية بتقليل أسعار السيارات الكهربائية الأوروبية بنسبة تقدر بحوالي 20 في المائة.
وإذا توصلت المفوضية إلى أن منتجي الاتحاد الأوروبي قد تعرضوا لأذى، فيمكنها فرض رسوم جمركية، من المرجح أن تكون حوالي 10-15 في المائة، كما يُتَوَقَّع أن يستغرق التحقيق تسعة أشهر.
ستؤثر أي تدابير أيضًا على المستثمرين الأجانب الذين يستفيدون من الدعم في الخارج، بما في ذلك شركات مثل تسلا الأمريكية وبولستار السويدية وغيرها، وستغطي هذه التدابير السيارات الكهربائية ولكن ليس الهجينة.
وقال أرنود فيليمز، محامي تجاري في مكتب بيكر مكينزي الدولي للمحاماة: "ستعتبر الشركات المنتجة للاتحاد الأوروبي في الصين بمنزلة مصدرين صينيين... لذلك سيتعين عليهم أن يقاتلوا من أجل معدل الرسوم الخاص بهم".
وقال إن هذا الإجراء سيكون فعالًا بشكل معتدل فقط لأنه لا يتضمن بطاريات مستوردة. تطبق رسوم جمركية بنسبة 10 في المائة بالفعل على جميع واردات السيارات من الصين.
وتقول "فاينانشال تايمز" إن الاتحاد الأوروبي عليه أن يتعلم الدرس من محاولته الفاشلة قبل عقد من الزمن لإنقاذ صناعته للطاقة الشمسية من واردات صينية رخيصة - اشتراها المستهلكون الأوروبيون بمساعدات من حكوماتهم الخاصة، ففرضت بروكسل رسوم جمركية في عام 2012 ولكنها رفعتها بعد ست سنوات لأنها لم تستطع تحقيق أهدافها في مجال الطاقة المتجددة من دون إنتاج صيني بعد إغلاق العديد من الموردين المحليين.
وقال لورانس بون، وزير أوروبا في فرنسا: "لن نسمح لسوقنا بأن تغمره السيارات الكهربائية المدعومة بشكل زائد والتي تهدد شركاتنا كما حدث مع لوحات الطاقة الشمسية". وأيضًا دعم روبرت هابيك، وزير الاقتصاد الألماني، التحقيق في السيارات الكهربائية.
صناعة السيارات في الاتحاد الأوروبي توفر ما يقرب من 13 مليون وظيفة، وتمثل 7 في المائة من اقتصاد الاتحاد، وتمثل أيضًا ما يقرب من ثلث الإنفاق الإجمالي على البحث والتطوير.
وقال مسؤول في الاتحاد الأوروبي: "إذا فُقِدَ هذا الحجم، فإننا لن تتمكن من الحفاظ على مستوى الاستثمار وسنفقد القدرة على المنافسة".
بالإضافة إلى المنافسة مع السيارات الكهربائية الأرخص من الصين، يعتمد المصنعون الأوروبيون أيضًا على بطاريات تصنعها شركات صينية في أوروبا أو الصين. هذه المسألة من الصعب مكافحتها بواسطة الرسوم الجمركية، ويرجع ذلك جزئيًا لأن العمل قد بدأ بالفعل في بناء مصانع بطاريات تملكها شركات صينية في جميع أنحاء أوروبا، وأيضًا لأن المصنعين الغربيين قد دمجوا بالفعل بطاريات من الشركات مثل BYD وCATL أو Envision في موديلاتهم.
تعتقد الصين أن تكنولوجيا البطاريات هي فرصتها الاستراتيجية للسيطرة على صناعة السيارات.
قال تو لي، مؤسس شركة سينو أوتو إنسايتس الاستشارية المقرَّة في بكين: "التحقيق الذي تم الإعلان عنه يوم الأربعاء يقول الكثير عن عدم تنافسية السيارات الكهربائية الأوروبية وعن خوف السياسيين من أن منتجي الاتحاد الأوروبي لن يكونوا قادرين على تصميم وتصنيع سيارات كهربائية تنافسية في أي وقت قريب".
وتعتبر التدابير الدفاعية التجارية ضد الصين أمرًا غير غريب، لكن هذه هي القضية الأكبر منذ أن بدأ الاتحاد الأوروبي في تشديد موقفه تجاه الصين العام الماضي، بسبب الضغوط الأمريكية ودعم بكين لروسيا في حربها مع أوكرانيا.
ومن المقر أن يجري مفوض التجارة في الاتحاد الأوروبي، فالديس دومبروفسكيس، زيارة إلى بكين الأسبوع المقبل لمناقشة العلاقة التجارية. وكان قد قال في أغسطس لـ "فاينانشيال تايمز" إنه سيضغط أيضًا على الصين لخفض فائضها التجاري الكبير مع الاتحاد الأوروبي، الذي مضى إلى ما يقرب من 400 مليار يورو في عام 2022.
وقالت المفوضية إن الحصة السوقية للاتحاد الأوروبي التي استحوذت عليها السيارات الصينية قفزت من لا شيء تقريبًا إلى 8 في المائة في ثلاث سنوات وستصل إلى 15 في المائة في عامين آخرين إذا لم يتم اتخاذ إجراء.
وإذا اقترحت المفوضية فرض رسوم، فمن الممكن أن تقوم أغلبية الدول الأعضاء بمنعها. وأشار دبلوماسيون من الاتحاد الأوروبي إلى أن برلين والعواصم الأخرى مترددة في اتخاذ موقف شديد القسوة ضد بكين خوفا من الانتقام من شركات صناعة السيارات الخاصة بها في الصين.
وفي حين أن المجموعتين الفرنسيتين "رينو" و"ستيلانتس" تحدثتا بصراحة عن التهديدات، فإن شركات صناعة السيارات الألمانية "فولكس فاجن" و"مرسيدس بنز" و"بي إم دبليو" تعتمد بشكل كبير على السوق الصينية لتحقيق أرباحها، وتشعر بالقلق من إثارة المشاعر المناهضة لأوروبا بين المشترين الصينيين.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبي الصين السيارات السیارات الکهربائیة فی الاتحاد الأوروبی صناعة السیارات فی المائة
إقرأ أيضاً:
فاينانشيال تايمز: على أوروبا اغتنام فرصة اضطرابات ترامب لاجتذاب المستثمرين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
حثت صحيفة /فاينانشيال تايمز/ البريطانية الدول الأوروبية على اغتنام فرصة اضطرابات الأسواق التجارية والمالية بسبب أجندة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والتحرك بسرعة نحو إدخال إصلاحات النمو للاستفادة من اهتمام المستثمرين المتزايد بأوروبا.
وذكرت الصحيفة، في مقال افتتاحي، أنه لطالما كانت أسواق رأس المال الأوروبية تحت ظل نظيراتها الأمريكية، لكن هذا العام، بدأ المستثمرون فجأة يرون القارة بنظرة أكثر إشراقا، وتثير تطورات السياسات اهتمامهم.
وقالت الصحيفة إن خطط الاتحاد الأوروبي لزيادة الإنفاق الدفاعي، وإصلاح ألمانيا "لكبح جماح الديون" - الذي يُتيح مليارات اليورو من الاستثمارات في أكبر اقتصاد في الاتحاد - والمبادرات الأوسع نطاقا لتعزيز القدرة التنافسية الإقليمية، استنادا إلى توصيات رئيس البنك المركزي الأوروبي السابق ماريو دراجي، سببت حالة من التفاؤل.
كما أن أجندة ترامب السياسية غير المتوقعة سببت في تحويل توزيعات المحافظ الاستثمارية لصالح أوروبا. وقد أدى تجدد هجماته على رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، جيروم باول، إلى انخفاض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 أكثر هذا الأسبوع. وفي الواقع، على الرغم من أن رسوم الرئيس الأمريكي الجمركية ستضر بمصدري القارة، إلا أن أوروبا لا تزال تتفوق على أمريكا في العديد من فئات الأصول هذا العام، بحسب الصحيفة.
وأشارت الصحيفة إلى أنه بفضل ما يحظى به من اهتمام نادر بين الممولين، تُتاح للاتحاد الأوروبي فرصة لجذب المزيد من رؤوس الأموال وتعزيز مكانته الاقتصادية العالمية. لكن إذا فشل في التحرك بسرعة وجرأة لإزالة عوائق الاستثمار والنمو الاقتصادي، فإنه يُخاطر بإضاعة الفرصة، فالمستثمرون متقلبو المزاج، والثقة قابلة للتبخر بنفس السرعة التي عادت بها.
وحثت الفاينانشيال تايمز الاتحاد الأوروبي على تنفيذ إجراءات لتعزيز الحيز المالي وتمويل الإنفاق الدفاعي، كما هو موضح في خطة الاستعداد 2030 الخاصة به الشهر الماضي. ثم، مع زيادة الإنفاق، ينبغي على صانعي السياسات ضمان تخصيص مبالغ نقدية كافية للابتكار والبحث العسكري، بحيث تكون الآثار الاقتصادية المحتملة أكبر خارج قطاع الدفاع. ويجب أن يظل خيار إصدار الديون المشتركة، لزيادة القدرة الاستثمارية للأمن وما بعده، مطروحا على الطاولة.
وأضافت الصحيفة أنه بينما ستحظى مفاوضات الاتحاد الأوروبي مع البيت الأبيض بشأن خطط ترامب للرسوم الجمركية "المتبادلة" بالأولوية، يجب على الاتحاد ألا يغفل عن المكافأة الاقتصادية الأوسع نطاقا المتمثلة في ترسيخ نفسه بشكل أعمق في النظام التجاري العالمي، لا سيما مع سعي مناطق أخرى إلى تعويض الحمائية الأمريكية. وهذا يعني الإسراع في التصديق على اتفاقيته مع السوق المشتركة لأمريكا الجنوبية /ميركوسور/، وتسريع المناقشات التجارية مع الهند والمملكة المتحدة، والحفاظ على قنوات مفتوحة مع بكين لضمان عدم إغراق منتجاتها أسواق القارة.
وأشارت الصحيفة إلى أن حشد ال27 دولة الأعضاء في التكتل ستظل تحديا. لكن أجندة ترامب - التي أثارت اضطرابات في الأسواق التجارية والمالية - ينبغي أن تجعل العقول تُركز على التهديد والفرصة المزدوجة التي تُشكلها لجميع دول الاتحاد الأوروبي.
وفي ختام افتتاحيتها، رأت الصحيفة أن رأس المال يعود إلى أوروبا، فاليورو في أقوى مستوياته مقابل الدولار الأمريكي منذ ثلاث سنوات. وفي الأسابيع الأربعة حتى أوائل الشهر المتضي، اجتذبت صناديق الأسهم الإقليمية أعلى تدفقات لها منذ ما يقرب من عقد من الزمان. وأكدت أنه يجب على صناع السياسات الأوروبيين الآن أن يُعطوا المستثمرين سببا للبقاء داخل القارة.