محللون وسياسيون: كارثة الفيضانات في درنة تكشف عجز السلطة المنقسمة في ليبيا
تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT
تسبّبت الفوضى السائدة في ليبيا بعدم إيلاء البنى التحتية الحيوية الأهمية اللازمة، ما ساهم في انهيار سدّي درنة في الشرق نتيجة عاصفة وفي فيضانات مدمرة اجتاحت المدينة ومحيطها في بلد تتنافس فيه حكومتان على السلطة ويشهد انقسامات عميقة، وفق محللين وسياسيين.
وتحكم ليبيا، التي دمرتها الانقسامات السياسية منذ سقوط القذافي في العام 2011، حكومتان متنافستان، واحدة في طرابلس (غرب)، معترف بها من الأمم المتحدة ويقودها رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة، وأخرى في الشرق، تابعة لمعسكر المشير خليفة حفتر.
وتصاعدت وتيرة الخلافات السياسية مراراً وتكراراً وأفضت إلى قتال دام . لكن منذ العام 2020 تم احترام قرار وقف إطلاق النار إلى حد كبير.
ضربت العاصفة دانيال الأحد عدة مناطق في الشرق الليبي، ولا سيما منطقة درنة، وهي مدينة ساحلية يبلغ عدد سكانها 100 ألف نسمة، ما تسبب في انهيار سدين تم بناؤهما في سبعينات القرن الماضي بسبب ضغط الأمطار الطوفانية، مما أدى إلى تشكل سيول جارفة وفيضانات أودت بالآلاف.
كما تسببت هذه الأمطار في تدمير أحياء بكاملها وجرفها نحو البحر الأبيض المتوسط.
هذه احدى نتائج الخلافات والحروب والأموال التي ضاعت.وعلى الرغم من أن الكارثة وقعت في منطقة خاضعة لسيطرة المعسكر الشرقي، إلا أن الدبيبة، الذي يتخذ من الغرب مقرّا له، اعتبر الخميس ان ما حصل سببه "ما تم تخطيطه في السبعينات والذي لم يعد كافياً اليوم بالاضافة إلى الاهمال الزمني ومن اثار السنوات".
وقال خلال اجتماعه مع الوزراء والخبراء إن "هذه احدى نتائج الخلافات والحروب والأموال التي ضاعت".
"قنبلة موقوتة"
يقول المحلل الليبي في "مؤسسة صادق" أنس القماطي لوكالة فرانس برس، إنه بعد "سنوات من الإهمال، فإن عدم "تخفيف ضغط مياه" السد مع اقتراب العاصفة" كان بمثابة "قنبلة موقوتة".
ويعتبر القماطي أن "السلطات في الشرق، وخصوصاً قوات الجيش الليبي، ارتكبت حسابات خاطئة مأسوية وإجرامية لم تتحمل مسؤولياتها".
شاهد: وصول جثامين 64 مصريا من ضحايا فيضانات ليبيا إلى بني سويفكان من الممكن تجنب سقوط معظم الضحاي.ويلفت إلى ان قرار بلدية درنة بفرض حظر التجول مساء السبت تحسباً للعاصفة "لم يحم المواطنين، بل على العكس، حاصرهم".
إلى ذلك، قدّر رئيس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة، بيتيري تالاس، أنه "كان من الممكن تجنب سقوط معظم الضحايا"، لافتا إلى الفوضى التي أنتجت غياب الاستقرار السياسي الذي تعاني منه ليبيا منذ سنوات.
آخر تطورات كارثة الفيضانات في ليبيا.. استمرار البحث عن آلاف المفقودينوكان المهندس والأكاديمي الليبي عبد الونيس عاشور قد حذر في دراسة نشرت في تشرين الثاني/نوفمبر 2022 من "كارثة" ستحل بمدينة درنة، إذا لم تبادر السلطات إلى صيانة سديها، سد "أبو منصور" بسعة 22,5 مليون متر مكعب، وسد "البلد" بسعة 1,5 مليون متر مكعب من المياه.
وعلى الرغم من ذلك التحذير، لم يتم تنفيذ أي صيانة في السدين، رغم أن صيانتهما مدرجة في الموازنة. كما أن ليبيا، التي تمتلك احتياطيات النفط الأكبر في أفريقيا، لا تشكو من نقص التمويل في ميزانيتها.
"الخط الفاصل"
لم تنجز أعمال الصيانة في هذه المنطقة كما في سائر أنحاء البلاد وأهملت من قبل الحكومات المتعاقبة منذ العام 2011، كما كان الحال أيضًا في ظل نظام القذافي الذي صرف النظر عن درنة، معتبراً انها مدينة متمردة عليه.
ويوضح القماطي "إن حجم الأضرار المسجلة هو نتيجة مباشرة لإهمال السلطات في الشرق".
وطلب المجلس الرئاسي المنعقد في طرابلس من النائب العام فتح تحقيق في "هذه الكارثة" ومحاكمة كل من يشتبه في ارتكابه "أخطاء أو إهمالاً" أدى إلى انهيار السدين والتسبب في كارثة.
وفي مواجهة حجم الدمار، وضعت الخلافات بين منطقتي الشرق والغرب جانباً وفُسح المجال أمام المد التضامني.
وفي مناطق في غرب وجنوب البلاد، يتم تنظيم عمليات جمع التبرعات عبر شبكات التواصل الاجتماعي، فيما أعرب عدد من الممرضين والأطباء والمتطوعين عن رغبتهم في السفر إلى درنة من طريق مطار معيتيقة بطرابلس.
فيضانات ليبيا: فرق الإنقاذ المصرية تنتشل بعض الجثث في مدينة درنة شاهد: طاقم الكوارث والطوارئ التركي في ليبيا يساعد في البحث والإنقاذ بعد فيضانات درنةحصيلة ضحايا الفيضانات في ليبيا تبلغ 11 ألفا والعالم يتحرك لدعم المتضررين من الكارثةلكن الافتقار إلى التنسيق بين الحكومتين المتنافستين وغياب السلطة المركزية الواحدة يزيد من تعقيد عملية تنظيم الإغاثة ووصولها في أقرب وقت.
ويرى الخبير المتخصص في الشؤون الليبية جليل حرشاوي أن "الانقسام بين الشرق والغرب سيستمر بشكل أو بآخر. وبطبيعة الحال، هذا الخط الفاصل ليس أمراً جيداً من الناحية اللوجستية ومن ناحية فاعلية" عمليات الاغاثة.
المصادر الإضافية • ا ف ب
شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية الناشطة البحرينية مريم الخواجة تقول إنها مُنعت من مغادرة البلاد شاهد: المكسيكيون يمتطون الخيول في غوادالاخارا احتفالا بيوم التشارو بيع كنزة الأميرة ديانا الحمراء المطبّعة بالخراف في مزاد والقطعة تحصد مبلغ 1,1 مليون دولار خليفة حفتر ضحايا ليبيا فيضانات - سيول عبد الحميد الدبيبة درنةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: خليفة حفتر ضحايا ليبيا فيضانات سيول عبد الحميد الدبيبة درنة ليبيا كوارث طبيعية فيضانات سيول فرنسا ضحايا إعصار درنة البيئة تطرف جو بايدن ليبيا كوارث طبيعية فيضانات سيول فرنسا ضحايا إعصار فی الشرق فی لیبیا
إقرأ أيضاً:
أسباب دخول بوتين في مفاوضات مباشرة مع أوكرانيا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في تحول مفاجئ بدا أقرب إلى مناورات استراتيجية منه إلى رغبة حقيقية في إنهاء الحرب، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، للمرة الأولى منذ اندلاع الغزو في فبراير 2022، استعداده للدخول في مفاوضات مباشرة مع أوكرانيا. المبادرة، التي طُرحت تحت شعار وقف الهجمات على البنية التحتية المدنية، استقبلها محللون بسيل من التساؤلات حول دوافعها الحقيقية وسياقها السياسي المعقد.
ورغم أن بوتين استخدم لهجة تصالحية نسبيًا، مؤكدًا انفتاح موسكو على مبادرات السلام، فإن عباراته لم تخلُ من إشارات لغوية تقوض شرعية الطرف الأوكراني، حيث أصر على وصف الحكومة الأوكرانية بـ"نظام كييف"، ما يعكس استمرار النظرة العدائية التي تنكر شرعية القيادة في أوكرانيا.
ما وراء الدعوة.. حسابات داخلية ودولية
يرى محللون أن هذه الخطوة الروسية ليست سوى تكتيك مرحلي محسوب يهدف إلى تحقيق عدة أهداف دفعة واحدة:
رسالة إلى ترامب: يقول ستيفن هول، خبير الشأن الروسي، إن هذه الخطوة موجهة بالأساس نحو دونالد ترامب، الذي عبّر عن رغبته في رؤية "حماس حقيقي" لإنهاء الحرب في حال عاد إلى البيت الأبيض. في هذا السياق، تظهر روسيا بمظهر الطرف الساعي للحل، فيما توحي لأوساط المحافظين الأمريكيين بأنها منفتحة على تسوية قد تحفظ ماء الوجه لواشنطن.
تعميق الانقسام الأوروبي: يسعى بوتين، بحسب ويل كينغستون-كوكس، إلى استباق الجبهة الأوروبية التي تتشكل لتعويض غياب الدعم الأمريكي، عبر فتح قنوات مفاوضات مباشرة تهدف إلى عزل أوكرانيا سياسيًا وخلق واقع تفاوضي جديد.
ترويج داخلي للقومية الروسية: إظهار بوتين بمظهر "صانع السلام" قد يطمئن القوميين الروس المتخوفين من التنازلات، كما يعزز روايته الداخلية بأنه الطرف العقلاني في مواجهة "النظام النازي" كما تصفه آلة الدعاية الروسية.
سياق ميداني يدعم ثقة موسكو
يأتي هذا التحول في ظل وضع ميداني لا يزال يُظهر تفوقاً نسبياً للقوات الروسية، مما يعزز مناورات بوتين السياسية.
إذ ترى موسكو أن بإمكانها التفاوض من موقع قوة، خاصة في ظل تعثر الدعم الغربي لأوكرانيا وبدء واشنطن بمناقشة خطط سلام مسربة تتضمن بنودًا تُعتبر مكاسب استراتيجية روسية.
خطة السلام، التي نُسبت إلى إدارة ترامب ولم تُنكرها واشنطن، تشمل الاعتراف الأمريكي بسيادة روسيا على القرم وتجميد خطوط المواجهة الحالية، مع ضمانات بعدم انضمام أوكرانيا للناتو، وهو ما وصفه محللون بأنه "أقرب إلى حلم روسي يتحقق".
أوكرانيا في مأزق الرد
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أعرب عن استعداده لمناقشة وقف استهداف المنشآت المدنية، لكنه شدد على ضرورة التزام واضح من موسكو. غير أن كييف تواجه معضلة حقيقية: فالدخول في مفاوضات ضمن هذه الشروط قد يعني فعلياً الاعتراف بواقع الاحتلال الروسي، وهو ما يتناقض مع الخطوط الحمراء الأوكرانية ومواقفها المعلنة، ناهيك عن تداعيات ذلك على الجبهة الداخلية المهزوزة بفعل الاستنزاف الطويل.
خدعة الكرملين أم بداية مرحلة جديدة؟.