خدعة عقلية.. لماذا نشعر بالبرودة عندما نأكل النعناع؟
تاريخ النشر: 15th, September 2023 GMT
ربما جربت من قبل عندما تأكل النعناع أو حلوى بمذاق النعناع أو عندما تغسل أسنانك بمعجون بنكهة النعناع أن تشعر ببرودة في فمك، وقد يزداد شعور البرودة إلى درجة ربما لا تتحملها عندما تشرب الماء بعدها، فكيف تشعر بالبرودة والانتعاش في فمك بعد تناول النعناع؟ وهل يكون فمك باردا فعلا؟
في الحقيقة، النعناع لا يجعل فمك باردا، بل يخدعه بذلك من خلال الكيمياء، فتناول النعناع يحدث تفاعلات تؤدي إلى الشعور بالبرودة في الفم والجسم، ويعود هذا التأثير إلى المكونات النشطة الموجودة في النعناع، التي تتفاعل مع مستقبلات حساسة للحرارة في الجسم، لكنه لا يحدث برودة فعلية وحقيقية في الفم.
فجميع أصناف نبات النعناع تنتج مركبا يسمى "المنثول"، وهذا هو المركب الذي يمنح النعناع نكهته المميزة، وهو المسؤول عن تأثيره البارد، لذلك فعند الإجابة باختصار يمكننا أن نقول إن المنثول يخدع فمنا لنشعر كأنه أصبح باردا.
مستقبلات الحواسلكن الإجابة الأكثر تفصيلا هي أن المنثول يؤثر على نظام مستقبلات الحواس الذي يراقب اللمس والحرارة والألم على سطح الجلد. يُعرف هذا النظام بنظام "الحواس الجسمي"، وهو شبكة معقدة من الخلايا العصبية، وهي تختلف عن الأنظمة المسؤولة عن الذوق والشم، ويوجد بعض هذه الخلايا العصبية على سطح الخلايا أو تحت الجلد لمراقبة أمور مختلفة، مثل السخونة والبرودة.
وعندما تتناول النعناع، يحفز المنثول مستقبلات الحواس الخاصة بالبرودة الموجودة على سطح الخلايا الحساسة للحرارة في الفم والجلد، إذ لدى المنثول القدرة الفريدة لتفعيل تلك الحواس من دون أن تكون هناك برودة فعلية.
وعندما تحدث هذه التفاعلات الكيميائية على مستوى الخلايا العصبية، تنشط إشارة كهربائية صغيرة تُسمى إشارة النشاط، يتم نقلها عبر الخلايا العصبية إلى الدماغ، ثم يترجمها الدماغ على أنها إحساس بالبرودة.
ثم يرسل الدماغ إشارة كهروكيميائية "لتنشيط بعض مستقبلات البرودة على اللسان"، لتشعر بأن اللسان بارد رغم أنه لا يكون كذلك فعلا، وبهذا نقول إن المنثول في النعناع خدع مستقبلات البرودة.
تلك الحواس تصبح نشطة بشكل حقيقي عندما تتناول أطعمة أو مشروبات باردة مثل المثلجات، لكن لا يكون الشعور مخادعا كما في حالة النعناع.
لذلك، يعتبر النعناع مادة منعشة وباردة، ويستخدم غالبا في الحلوى والمشروبات الباردة والمعجنات لإعطاء شعور بالانتعاش والبرودة عند تناولها.
لا شك أن النعناع يمكن أن يساعد في التخفيف من رائحة الفم الكريهة، ولكنه أيضا يجعلك تشعر بنظافة إضافية وبرودة تجعلنا -بشكل ما- نربط بين البرودة والأسنان الصحية. لكن هل معجون الأسنان أو منتجات تنظيف الأسنان التي تحتوي على النعناع هي فقط التي تقوم بهذه المهمة؟
عندما يكون فمك جافا ودافئا يمكنك أن تشعر عمليا بنمو البكتيريا وتغطية لسانك وأسنانك ولثتك ببقايا الطعام، لذلك يعتقد أن "البرودة" بوصفها إحساسا معاكسا ستشير إلى الصحة.
بالإضافة إلى ذلك، يتميز النعناع بفوائد إضافية بتحفيز إنتاج اللعاب، مما يساعد في غسل الأسنان وتعزيز المينا، وهذا هو السبب في أن مضغ العلكة بنكهة النعناع خالية من السكر قد يكون جيدا لأسنانك.
لكن لا داعي للقلق إذا لم تعجبك نكهة النعناع، فمنتجات عناية الأسنان لا تحتاج فعليا إلى هذه النكهة لأداء وظيفتها، بل إنها تزيد من شعور الانتعاش والصحة بالأساس.
الفلفل الحار يجعلك تشعر بالحرارةيبدو أن الفلفل الحار يجعلك تشعر بالحرارة تقريبا بالطريقة نفسها التي يجعلك بها النعناع تشعر بالبرودة؛ إذ تحتوي معظم الأطعمة الحارة على مركب يسمى الكابسايسين، وهذا المركب يخدع دماغك للشعور بالحرارة عن طريق تنشيط بروتين مختلف يسمى "في آر 1".
ونظرا إلى أن المنثول والكابسايسين يؤثران على حساسيتك للبرودة والحرارة، فإنهما قد يجعلانك تشعر بالتنميل أيضا بجانب البرودة أو الحرارة، ولهذا السبب ستجد هذين المركبين في مسكنات الألم الموضعية الموجودة في الصيدليات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الخلایا العصبیة
إقرأ أيضاً:
لماذا ينتفض أهل غزة ضد حماس؟
في الأسبوع الماضي، خرج مئات الفلسطينيين في قطاع غزة في مظاهرات احتجاج ضد حكم حركة حماس، مطالبين بتنحيها عن السلطة وإنهاء الصراع القائم.
منذ سيطرتها على غزة في عام 2007، تعمل حماس كميليشيا جهادية مشابهة لجماعات مثل طالبان والقاعدة
تُعدّ هذه الاحتجاجات الأكبر من نوعها منذ اندلاع الحرب مع إسرائيل، حيث رفع المتظاهرون شعارات مثل "حماس إرهابية"، و"ارحلوا يا حماس"، و"أوقفوا الحرب". ووفقاً لاستطلاعات رأي حديثة، فإن 6% فقط من سكان غزة يرغبون في بقاء حماس في السلطة.
التخلص من حماس
وفي هذا الإطار، قال الكاتب الباكستاني خلدون شاهد: "منذ سيطرتها على غزة في 2007، تعمل حماس مثل ميليشيا جهادية مشابهة لجماعات مثل طالبان والقاعدة". ومع ذلك، ورغم أعمال العنف التي ارتكبتها، بما في ذلك هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 الذي أسفر عن مقتل ما يقرب من 1200 شخص، لا تزال تحظى بتعاطف في بعض الأوساط الغربية.
وأوضح الكاتب في مقاله بموقع مجلة "سبايكد" الإلكترونية البريطانية، أن هذا التعاطف يُعزى جزئياً إلى تصوير بعض الناشطين الغربيين لدعمهم حماس على أنه دعم للقضية الفلسطينية، رغم أن معظم الفلسطينيين يرغبون في التخلص من حكم حماس.
وشهد قطاع غزة احتجاجات سابقة ضد حماس، ففي 2019، قمعت الحركة بعنف مظاهرات خرجت احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية، التي تفاقمت بسبب إنفاق حماس مئات الملايين سنوياً على تعزيز بنيتها التحتية الجهادية وتوفير الرفاهية لقيادتها.
تطلعات سكان غزة
ورأى الكاتب أن العديد من الناشطين الغربيين المؤيدين لفلسطين منفصلون تماماً عن تطلعات سكان غزة. ففي حين يدعو بعضهم إلى فلسطين "من النهر إلى البحر"، ويعتبرون إسرائيل دولة "مصطنعة" لا تستحق الوجود، يُظهر استطلاع رأي العام الماضي أن أكثر من ثلاثة أرباع سكان غزة يدعمون حل الدولتين، وبالتالي استمرار وجود إسرائيل.
ومضى الكاتب يقول: "إذا كان معظم الفلسطينيين في غزة لا يرغبون في حكم حماس ولا يسعون إلى تدمير إسرائيل، فكيف أخطأ الناشطون الغربيون المؤيدون لفلسطين في فهم ذلك؟ الجواب الصريح هو أن دوافع هؤلاء الناشطين تنبع أكثر من كراهيتهم لإسرائيل بدل دعمهم الحقيقي لفلسطين".
المأساة تكمن، في رأي الكاتب، في أن هذا العداء المتزايد لإسرائيل يجعل السلام أكثر صعوبة. فهو يقبل بسيطرة حماس على الأراضي الفلسطينية، ويصور حرب إسرائيل ضد حماس على أنها شر فريد من نوعه، مختلف عن العمليات العسكرية الأخرى، خاصة تلك التي تقوم بها الأنظمة العربية أو الإسلامية.
خطاب لا يصب في صالح الفلسطنيين
ادعى هؤلاء الناشطون منذ فترة طويلة، وبجدية، أن الطريقة الوحيدة لضمان السلام في المنطقة هي أن تتوقف إسرائيل طوعاً عن الوجود. هذا ليس اقتراحاً جاداً ولا يخدم مصالح الفلسطينيين، وفق الكاتب.
ماذا حقق كل هذا للفلسطينيين؟ قريباً، ستقرر الولايات المتحدة، وإسرائيل مصير غزة بشكل تعسفي. المكاسب التي قد يحصل عليها الفلسطينيون ستكون أقل بكثير مما كان يمكن تحقيقه لو قبل وجود دولة يهودية في وقت سابق.
في الواقع، لم يكن الخطاب الذي يدعو إلى محو إسرائيل ويدعم العنف الجهادي لحماس في مصلحة الفلسطينيين أبداً. ومع ذلك، لن يكون هناك أي تأمل ذاتي من قبل هؤلاء الناشطين "المؤيدين لفلسطين".
الموقف الواضح الداعم للفلسطينيين هو تبني السلام مع إسرائيل. كان تحريض حماس على الحرب كارثياً على سكان غزة العاديين. ومع ذلك، لا يستطيع مؤيدوها في الغرب رؤية ذلك حتى الآن.