قال الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن القضية السكانية قضية أمن قومي لها تأثير سلبي مادي وبدني ومعنوي كبير على الأبوين والأولاد فضلًا عن المجتمع، والشريعة إنما تهدف إلى مجتمع قوي بدنيًّا وخُلقيًّا وعلميًّا وثقافيًّا وروحيًّا؛ فالإسلام لا يقصد مجرد وجود نسل كثير لا قيمة له ولا وزن، وإنما يُريد نسلًا قويًّا.


 

جاء ذلك خلال لقائه الأسبوعي في برنامج نظرة مع الإعلامي حمدي رزق على فضائية صدى البلد، مضيفًا أنه ليس للإسلام غرض في كثرة النسل إن كان يؤدي إلى الجهل والفقر والمرض وعدم الرعاية؛ حيث إن تنظيم النسل يُعدُّ حلًّا أكيدًا في هذا العصر للزيادة السكانية، وعليه تقوم المصلحة التي هي مصدرٌ من مصادر التشريع، وهو طريق لتحقيق التنمية المستدامة، ولا يتعارض تنظيم النسل مع الإيمان بالقضاء والقدر ولا يُعدُّ اعتراضًا ولا تدخلًا في قدر الله تعالى؛ لأن تنظيم النسل ما هو إلا لونٌ من مباشرة الأسباب التي أَمَرنا الله تعالى بمباشرتها لتنظيم حياتنا.


وشدد المفتي على أن الدعوة إلى تنظيم النسل لا تتعارض مع دعوة الشرع إلى التكاثر، بل يُعَدُّ التنظيم وسيلةً لإخراج أجيال تأخذ حقها في الرعاية المتكاملة وتنال الاهتمام الكافي؛ ممَّا يؤهلهم إلى تَحمُّل المسئولية؛ فقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ؛ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ»، المقصود به: الكَثْرة المؤمنة الصالحة القوية المنتجة المتقدمة؛ فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يباهي بكثرة ضعيفة في شتى مناحي الحياة، لأنها بذلك تكون كثرة لا قيمة لها ولا نفع فيها، وهي التي عناها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديثه المشهور الذي يقول فيه: «يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا» قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ أَمِنْ قِلَّةٍ بِنَا يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: «أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنْ تكونون غُثَاءً كَغُثَاءِ السَّيْلِ»؛ أي كثرة ضعيفة لا قيمة لها، ولذا يجب فهم النصوص الشرعية في إطار متكامل وشامل، ولا يصح أن تؤخذ ألفاظ بعض النصوص الصحيحة على ظواهرها وبطريقة فردية دون مراعاة الأدلة الشرعيَّة الأخرى، فهذا مخالف للمنهج العلمي الصحيح.


وأكد أن تنظيم النسل لا يتعارض مع ما جاء في القرآن الكريم من النهي عن قتل الأولاد خشية الفقر؛ فهذا التشريع متعلِّق بقتل النفس أو قتل الجنين الذي له روحٌ مستقرة، ولا يمكن أن يكون حجةً أو أساسًا للقول بأن القرآن الكريم ينهى عن تنظيم النسل؛ مشيرًا إلى أن دار الإفتاء لا تجيز الإجهاض بأي حال من الأحوال بعد نفخ الروح في الجنين إلا بمبرر مشروع وهو التقرير الطبي المحذر من خطورة بقاء الجنين على صحة الأم.


وأشار المفتي إلى أن الشرع الشريف لا يعرف الخصومة أو الصدام مع التجارب العلمية ولا البحث العلمي ولا يوجد سقف لهذا البحث ما دام لا يتعارض الأمر مع الشرع الشريف، فالدين ينطلق من عقل منضبط، ومن يطالع جهود علماء المسلمين في مختلف العلوم الدنيوية يدرك ذلك واضحًا جليًّا.

ونبَّه مفتي الجمهورية على أنه لا يوجد فصل بين علوم الشريعة والعلوم الأخرى كعلوم التكنولوجيا وتقنيات الفضاء الإلكتروني، ولكن يجب أن يكون العلم والبحث العلمي واستخدام مخرجاتهما منضبطًا بضوابط شرعية لأن إطلاق العنان للتجارب العلمية السلبية لها مضار متعددة على الإنسانية جمعاء؛ فقد استفاد الفقهاء قديمًا وحديثًا من هذه العلوم، بل أبدعوا فيها انطلاقًا من العلوم الشرعية ورغبة في إفادة المسلمين.

وردًّا على سؤال له: هل تضرر من الفضاء الإلكتروني؟، قال: نعم، لقد تضررت كغيري من سلبياته واستفدت من إيجابياته.

وأشار إلى أن العالم كله تأخر كثيرًا في مواجهة المحتوى الضار ومنها الشائعات والأخبار الكاذبة، بل والفتاوى المتطرفة والشاذة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مفتي الجمهورية الإفتاء القضية السكانية ق النسل الفقر تنظیم النسل لا یتعارض

إقرأ أيضاً:

مفتي الجمهورية ينعى شقيقة الدكتور أحمد عمر هاشم

نعى الدكتور نظير عيَّاد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، شقيقةَ الدكتور أحمد عمر هاشم، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، التي وافتها المنية اليوم الأحد.

مفتي الجمهورية يعزي الدكتور أحمد عمر هاشم

وتوجَّه مفتي الجمهورية، بخالص العزاء والمواساة إلى الدكتور أحمد عمر هاشم ولأسرة الفقيدة، سائلا المولى عزَّ وجلَّ أن يتغمَّدها بواسع رحمته، وأن يُسكنها فسيحَ جنَّاته، وأن يُلهمَ أهلها وذويها الصبرَ والسُّلوان.

يُذكر أن الدكتور أحمد عمر هاشم، أعلن اليوم الأحد، أنَّ صلاة الجنازة على شقيقته ستقام بعد صلاة الظهر في مسجد الشيخ أبو هاشم بقرية بني عامر مركز الزقازيق محافظة الشرقية، على أن يكون العزاء اليوم من بعد صلاة العصر بالساحة الهاشمية بالقرية نفسها.

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية: الحوار بين أتباع الأديان ضرورة لتحقيق التعايش السلمي
  • مفتي الجمهورية: الحوار بين الأديان ضرورى في مواجهة التحديات العالمية
  • مفتي الجمهورية يستقبل وفدا من نادي قضاة جنوب سيناء
  • الإفتاء توضح العلاج النهائي للحسد والعين
  • مفتي الجمهورية:لا يخلو عصر من وجود طائفة تجعل من الإلحاد بوابة تتبوأ بها مكانًا عليًّا
  • مفتي الجمهورية يبحث مع سفير سنغافورة سبل تعزيز التعاون بمجال الإفتاء
  • مفتي الجمهورية يبحث مع سفير سنغافورة تعزيز التعاون
  • مفتي الجمهورية يشهد افتتاح البرنامج التدريبي لأمناء الفتوى
  • مفتي الجمهورية ينعى شقيقة الدكتور أحمد عمر هاشم
  • مفتي الجمهورية يستقبل وفدا من علماء الجمعية المحمدية بإندونيسيا