الحقوق المائية المصرية.. ثوابت تاريخية وأسس قانونية
تاريخ النشر: 15th, September 2023 GMT
أزمة مياة النيل ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالأمن القومى المصرى
السياسة الخارجية وضعت قضية مياة النيل على رأس مرتكزات الدبلوماسية المصرية
الموقف القانونى المصرى راسخ يتسق وقواعد ومبادئ وأعراف القانون الدولى
أعلنت إثيوبيا انتهاء الملء الرابع من سد النهضة، فى المقابل ردت الخارجية المصرية تعقيباً على الإعلان الإثيوبى أن هذه الخطوة تُعد إمعاناً من الجانب الإثيوبى فى خرق التزاماته بمقتضى واستمراراً من جانبها فى انتهاك إعلان المبادئ الموقع بين القاهرة أديس أبابا والخرطوم عام 2015، والذى ينص على ضرورة اتفاق الدول الثلاث على قواعد ملء وتشغيل السد الإثيوبى قبل البدء فى عملية الملء».
هذه التصرفات الأحادية من الجانب الإثيوبى تثير التساؤلات حول مدى قانونية تلك التوجهات من جانب، ومدى تأثيرها على الطبيعة القانونية والتاريخية للحصص المائية الثابتة لكل من مصر والسودان، والمعترف بها دوليا فى ضوء الاتفاقيات والمعاهدات الدولية الحاكمة لمجارى الأنهار الدولية من جانب أخر.
التوصيف القانونى لواقع نهر النيل.
نهر النيل هو نهر دولى بالمحددات القانونية والجغرافية والفنية، ولكونه نهر دولي؛ فهو خاضع لأحكام وقواعد ومبادئ القانون الدولى الناظمة لاستخدام المجارى المائية الدولية للأغراض غير الملاحية، هذه المبادئ الرئيسة تتمثل فى:
هذه المبادئ هى نتاج للقواعد العرفية الدولية الخاصة باستخدامات الأنهار الدولية لغير الأغراض الملاحية، والتى أقرتها فيما بعد عديد الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ذات الصلة؛ وقد مرّ القانون الدولى عبر تطوّره التاريخى الطويل بمرحلتين مهمتين. فقد انبثق أصلاً من قاعدة ترسيخ حرية الملاحة النهرية فى المجارى المائية القابلة للملاحة، ثم انتقل فيما بعد إلى الاهتمام على نحو رئيسى بموضوع تنظيم استخدامات المجارى المائية الدولية لغايات أخرى غير الملاحة (زراعة، صناعة، توليد طاقة كهربائية…). وفيما بعد تمَّ استخراج ما استقرّ عليه التعامل الدولى بهذا الصدد من قواعد ومبادئ عامة، مثل مؤتمر فيينا لعام 1815، واتفاقية برشلونة 1921، كذلك أقرتها قواعد هلسنكى لعام 1966 حول الاستخدام المشترك للموارد المائية والتى تعد بمثابة نظام قانونى كامل للقواعد التى تحكم استخدام الأنهار الدولية فى الأغراض غير الملاحية مثل انتاج الطاقة الكهرومائية. كما أن هذه القواعد هى الأساس الذى قامت عليه اتفاقية الأمم المتحدة والمعروفة باتفاقية نيويورك لعام 1997 لاستخدام مياه الأنهار الدولية فى الأغراض غير الملاحية.
لذلك فالمحددات القانونية لمياه النيل تتعلق بالالتزامات الواجبة على الطرف الإثيوبى فيما يتعلق باستخدامات مياه النيل فى ضوء المبادئ السابقة، وآثار ذلك الاستخدام على دولتى المصب مصر والسودان.
الإشكالية القانونية هنا أنه لا يوجد حتى الان إطار قانونى حاكم وناظم ومتفق عليه لحوض نهر، وفى المقابل توجد مجموعة من الاتفاقيات التى وقعت منذ تسعينيات القرن التاسع عشر وحتى عام 1959، وهى الاتفاقيات التى تستند إليها كل من مصر والسودان، فى حين ترفضها دول المنابع بقيادة إثيوبيا وتتنصل منها تماماً.
غير أن الأساس الرئيسى للموقف القانونى المصرى يتركز بالأساس فى اتفاقيات 1902، ومذكرات 1925، واتفاقية 1929، ثم اتفاقية الانتفاع الكامل بمياه حوض النيل بين مصر والسودان فى عام 1959، وهذه الاتفاقية مكملة لاتفاقية 1929، حيث أقرت هذه الاتفاقيات وعملت على تقنين الحقوق الأساسية للموقف المائى المصرى. فى المقابل عمدت دول المنابع ـبعد استقلالهاـ خاصة إثيوبيا إلى الرفض الكامل لتلك الاتفاقيات والمعاهدات وتحديداً اتفاقيتى 1929 و 1959 بزعم أن هاتين الاتفاقيتين تمنحان مصر سيطرة فعلية على النهر ومنابعه، واستندت دول المنابع إلى ما يعرف بــ«مبدأ نيريرى» عام 1964 أو ما سماه بالصفحة البيضاء، والذى ذهب إلى أن الدولة المستقلة غير ملزمة بالمعاهدات والاتفاقيات التى وقعت فى حقبة الاستعمار، وقد انضمت كل من: تنزانيا، أوغندا، وكينيا إلى «مبدأ نيريرى»، وتبعهم كل من رواندا وبوروندى عقب توقيعهم على اتفاقية نهر كاجيرا عام 1977، وبالطبع كانت ولا تزال إثيوبيا أشد الدول تأييداً لذلك المبدأ وتستند إليه فى رفض اتفاقيات 1929 و 1959 منذ عهد هيلا سيلاسى وحتى الآن.
كذلك يستند الموقف الإثيوبى إلى ما يعرف بنظرية «السيادة المطلقة» أو «مبدأ هارمون» الصادر عام 1895، ووفقاً لهذا المبدأ يكون لكل دولة الحق فى الاستغلال الكامل والسيادة المطلقة للدول فى الجزء من النهر المار بأراضيها، دون اعتبار ما قد يحدثه من أضرار على الدول الأخرى، كما لا تعترف بوجود قواعد قانونية لاستخدام الأنهار الدولية.
تفنيد الادعاءات الإثيوبية والرد عليها
يجب التأكيد على أنه ليس لدول المنابع أية أسانيد قانونية فى مسعاها لتقليل حصص المياه المتدفقة إلى كل من مصر والسودان أو التأثير عليها، فى ضوء ما يلى:
أولاً: فى ضوء قواعد القانون الدولى لا يمكن لدول المنابع رفض الاتفاقيات السابقة، حتى لو كانت موقعة مع الدول المستعمرة نيابة عن الدولة الأصلية، ذلك استناداً إلى كل من؛ نصوص المادتين 11، 12 من اتفاقية فيينا لعام 1978 والخاصة بتوارث الدول بشأن المعاهدات الخاصة بالحدود والأوضاع الإقليمية، حيث المعاهدات الخاصة بالحدود لا تتأثر بالتوارث بين الدول، وتسرى على الدولة الوارثة، لذك فاتفاقيات مياه النيل تسرى على دول المنابع خاصة إثيوبيا؛ لأنها اتفاقيات نظمت الحدود بين الدول وترتب عليها أوضاع إقليمية، لذك لا يجوز التنصل منها لأنها تقوض الأساس القانونى لتلك الدول. كما أن إثيوبيا من الدول التى وقعت على اتفاقية فيينا لعام 1978 وصدقت عليها فى 23 أغسطس 1978 بلا أى تحفظات وبالتالى تسرى كل قواعدها تجاهها، كما لا يجوز تعديلها وفقا لاتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969. كذلك لا يجوز الاستناد إلى مبدأ التغيير الجوهرى فى الظروف التى تدعى به إثيوبيا كسبب لإنهاء المعاهدات والانسحاب منها إذا ما كانت تلك المعاهدة منشئة للحدود، وهو ما يعد من قبيل المخالفة لقاعدة أولية من قواعد القانون الدولى على النحو الذى يفضى إلى الفوضى وإثارة المنازعات الدولية وبالتالى تهديد السلم والأمن الدوليين. وعلى العكس تماماً مصر هى صاحبة الحق الأصيل فى الاستناد إلى مبدأ التغيير الجوهرى فى الظروف فى ضوء الزيادة السكانية الكبيرة فى مصر واعتماد مصر بنسبة 97% على مياه النيل لتدبير احتياجاتها المائية على عكس باقى دول الحوض.
ثانياً: إنه عند توقيع اتفاقية 1902 لم تكن إثيوبيا مستعمرة آنذاك، ووقعها الإمبراطور الإمبراطور منليك الثانى ملك ملوك أثيوبيا والذى تعهد فى المادة الثالثة من هذه المعاهدة بألا ينشئ أو يسمح بإقامة أى عمل على نهر النيل الأزرق أو بحيرة تانا أو نهر السوباط، من شأنه تعطيل سريان المياه إلى نهر النيل إلا بالاتفاق مع الحكومة البريطانية وحكومة السودان. كما أن إثيوبيا التى ترفض تلك المعاهدة هى نفسها اعترفت بصحتها واستخدمتها لدعم موقفها فى النزاع الحدودى مع السودان، وذلك بموجب مذكرات متبادلة بين الطرفين فى مايو 1972، وكذلك استخدمت إثيوبيا تلك المعاهدة فى النزاع الحدودى مع إريتريا وتنظيم الحدود بين إثيوبيا وإريتريا والسودان عام 2002.
ثالثاً: أن معاهدة 1902، والاتفاق المبرم بين بريطانيا وإثيوبيا فى ديسمبر 1906، وكذلك بروتوكول 1891، أكدوا على ضرورة «موافقة» مصر والسودان مجتمعين، وهو ما يعنى أن تلك الموافقة الأصل فيها أن تكون صريحة لا تكفى فيها الموافقة الضمنية، وأن مجرد التشاور لا يكفى للشروع فى أية أعمال من قبل دول المنابع على مجرى النهر.
رابعاً: أن الحقوق والحصص المائية لكل من مصر والسودان محفوظة ومصانة مسبقاً ما قبل اتفاقية 1959 بين مصر والسودان، وذلك بموجب المذكرات المتبادلة بين بريطانيا وإيطاليا فى ديسمبر 1925، والتى اعترفت فيها إيطاليا «بالحقوق الهيدروليكية» التى اكتسبتها مصر والسودان سابقاً، بما يعنى النص صراحة على «الحقوق المكتسبة» لمصر والسودان، وبمعنى أخر فإن تلك الحقوق المائية كانت متواجدة قبل عام 1925 بآلاف السنين وأن اتفاق 1925 ما هو إلا كاشف وحافظ لها.
خامساً: اتفاقية 1929 بين كل من مصر وبريطانيا العظمى نيابة عن (السودان – كينيا – تنزانيا – أوغندا) أكدت مبدأ عدم التسبب بأضرار ملموسة وذات شأن بدول المجرى المائى الدولى فيما يتعلق بنهر النيل وكذلك مبدأ الإخطار المسبق؛ حيث نصت على إقرار دول الحوض بحصة مصر المكتسبة من مياه النيل، وإن لمصر الحق فى الاعتراض (فيتو) فى حالة إنشاء هذه الدول مشروعات جديدة على النهر وروافده. وأن لا تقام بغير اتفاق سابق مع الحكومة المصرية أعمال رى أو توليد قوى أو أى اجراءات على النيل وفروعه أو على البحيرات التى تنبع سواءً من السودان أو البلاد الواقعة تحت الإدارة البريطانية من شأنها إنقاص مقدار المياه الذى يصل لمصر أو تعديل تاريخ وصوله أو تخفيض منسوبه على أى وجه يلحق ضرراً بمصالح مصر.
سادساً: إن الاتفاق المبرم فى 23/11/1934 قد نص وأكد أيضاً شرط ومبدأ الإخطار المسبق؛ إذ ألزم الدولة التى ترغب فى استخدام مياه النهر لأغراض الرى بإخطار الأطراف الأخرى المتعاقدة ستة أشهر مسبقاً للسماح بمعرفة أى اعتراضات ودراستها.
سابعاً: اتفاقية 1959 نظمت الحقوق المكتسبة لكل من مصر والسودان، ومشروعات ضبط مياه النهر، وكيفية استغلال الفواقد، ومن ثم فأحكام الاتفاقية أكدت على نحواً قاطع على عدم المساس بحصة مصر المكتسبة من مياه النيل والمقدرة بنحو 48 مليار متر مكعب، وكذلك الحصة المائية للسودان، وكذلك توزيع المنافع الناجمة عن انشاء السد العالى بالتساوى بين كل من مصر والسودان.
ثامناً: إن التذرع الإثيوبى بمبدأ السيادة لهارمون؛ هى حجة قد تنطبق على الأنهار الداخلية غير الدولية، أى التى تقع فقط داخل إقليم الدولة الواحدة، اما الأنهار الدولية ـــ التى تمر بدولتين أو أكثر كما هو الحال فى نهر النيل ـــ فلا يمكن أن تطبق عليها نظرية السيادة المطلقة؛ حيث مبدأ هارمون الذى أصبح من التاريخ، كما أن قواعد هلسنكى 1966، واتفاقية الأمم المتحدة لعام 1997، قد رفضا على نحو قاطع منطق السيادة المطلقة على المجارى المائية الدولية، اتفق فى ذلك قرارات المحكمة الدائمة للعدل الدولى ولجنة القانون الدولى.
تاسعاً: من الناحية القانونية لا تعد اللجنة الثلاثية التى شكلت من خبراء من كل من مصر والسودان وإثيوبيا تطبيق لمبدأ الإخطار المسبق؛ لكنها جاءت فى إطار قواعد المجاملات الدولية، حيث يلزم التطبيق الفعلى للإخطار المسبق أن تقوم الدولة صاحبة المشروع بعدم البدء الفعلى فى إجراءات البناء والتشغيل قبل اخطار دول الحوض والموافقة عليها، وهو ما لا ينطبق على حالة سد النهضة فى ضوء الإجراءات احادية الجانب والتصرفات المنفردة من جانب إثيوبيا.
إن الأزمة الحالية لمياه النيل ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالأمن القومى، ومن ثم وضعت السياسة الخارجية المصرية فى أعقاب 30 يونيو قضية مياه النيل على رأس مرتكزات الدبلوماسية المصرية، فى إطار نهج قائم على التعاون المشترك، يدعم ليس فقط حقوق الدولة الإثيوبية، ولكن جميع دول حوض النيل فى التنمية، لكن دون الإضرار بحقوق مصر المائية خاصة وأن النيل يمد مصر بأكثر من 90% مما تحتاجه من المياه للرى والشرب وتوليد الكهرباء، بينما الميزان المائى لدول حوض النيل مجتمعة لا يستند بنسب كبيرة على مياه النيل للزراعة والتنمية بل على مياه الأمطار. لذلك؛ بيان الخارجية المصرية يفضح الممارسات الأحادية الإثيوبية، ويؤكد النهج المصرى القائم على عدم ممانعة مصر فى تنمية شعوب دول حوض النيل شريطة الالتزام بالاتفاقيات الدولية وعدم الإضرار بالدول الأخرى المشاركة فى النهر. وليس أدل على التزام مصر بنهج التعاون من المشاركة المصرية الكبيرة فى بناء سد جوليوس نيريرى لتوليد الطاقة الكهرومائية بدولة تنزانيا.
لذلك فى ضوء ما سبق؛ فإن الموقف القانونى المصرى هو موقفُ راسخ؛ يتسق وقواعد ومبادئ وأعراف القانون الدولى، وأنه لا يجوز بأى حال من الأحوال لأى دولة من الدول المشاطئة فى مجرى نهر النيل، أن تتجه منفردة إلى القيام بأى عمل أو تصرف من شأنه التأثير على الحقوق والمصالح المكتسبة لدول الحوض الأخرى خاصة دولتى المصب. كما أن عدم وجود إطار قانونى، أو اتفاق جامع لا يعنى أن سيادة الدولة على الجزء من النهر الذى يمر بإقليمها مطلقة، إذ لا يجوز التعسف فى استعمال الحق، وهناك مسئولية على جميع الدول منابع ومصب بعدم إحداث ضرر من شأنه التأثير سلبياً ومباشرةً على الاحتياجات المائية لمصر من مياه النيل.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الأمن القومي المصرى السياسة الخارجية اثيوبيا الخارجية المصرية سد النهضة المجارى المائیة میاه النیل حوض النیل دول الحوض نهر النیل لا یجوز کما أن
إقرأ أيضاً:
ترحيب دولي واسع بقرار الجنائية الدولية اعتقال “نتنياهو وغالانت “.. وحماس تعتبره سابقة تاريخية
إعلام غربي يصف القرار بزلزال عالمي ..و124 دولة ملزمة بتنفيذه
الثورة / متابعة / محمد الجبري
أشعل قرار إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت، على خلفية ارتكاب جرائم إبادة ومجازر وحشية في قطاع غزة، تفاعلا واسعا وترحيا كبيرا على المستويين الفلسطيني والدولي.
حيث رحبت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت بتهمة ارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة.
وقالت «حماس» في بيان «إن هذه الخطوة التي حاولت الإدارة الأمريكية المتواطئة مع جرائم الحرب الصهيونية تعطيلها لأشهر عبر إرهاب المحكمة وقضاتها ومحاولة ثنيها عن أداء واجبها في محاسبة الاحتلال على جرائمه المتواصلة في قطاع غزة تشكل سابقة تاريخية مهمة».
كما اعتبرتها «تصحيحا لمسار طويل من الظلم التاريخي للشعب الفلسطيني، وحالة التغاضي المريب عن انتهاكات بشعة يتعرض لها طوال 76 عاما من الاحتلال الفاشي»، وفق البيان.
ودعت حماس المحكمة الجنائية الدولية إلى «توسيع دائرة استهدافها بمحاسبة كافة قادة الاحتلال المجرمين ووزرائه وضباطه الفاشيين الذين أوغلوا في دماء الشعب الفلسطيني ومارسوا بحقه أبشع عمليات القتل والإرهاب والتجويع التي عرفها التاريخ الحديث».
كما دعت كافة الدول حول العالم «للتعاون مع المحكمة في جلب مجرمي الحرب الصهاينة، نتنياهو وغالانت، والعمل فورا لوقف جرائم الإبادة بحق المدنيين العزّل في قطاع غزة»
من جانبه قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إن قرارات المحكمة الجنائية الدولية يجب أن «تنفذ وتحترم»، وإن الفلسطينيين يستحقون العدالة.
وأكد الصفدي أن قرار المحكمة الجنائية الدولية مُلزم لجميع الدول لتنفيذ القرار الصادر عنها، مشيرًا إلى أن المحكمة مؤسسة دولية ثمة التزام باحترام قراراتها من كل الدول الأعضاء فيها، موضح أنه لا يمكن للمجتمع الدولي أن يكون انتقائيًا في قبول قرارات المحكمة الجنائية الدولية بقضايا معينة ويرفضها في قضايا أخرى.
كما أشار وزير الخارجية الأردني إلى ضرورة أن يكون قرار المحكمة الجنائية الدولية رسالة للمجتمع الدولي، بالتحرك لوقف المجازر في غزة وإدخال المساعدات لكل قطاع غزة.
أما على المستوى الأوروبي قال جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي في منشور على منصة إكس أمس الخميس إن مذكرات الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق زعماء من إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) ملزمة لجميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
وأضاف «هذه القرارات ملزمة لجميع الدول الأعضاء في نظام روما الأساسي (للمحكمة الجنائية الدولية) الذي يضم جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي».
من جهتها دعت نائبة رئيس وزراء بلجيكا، بيترا دي سوتر الاتحاد الأوروبي للامتثال لمذكرتي الاعتقال الصادرتين بحق رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت.
وقالت دي سوتر، في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي: «يتعين على أوروبا أن تمتثل (للقرار)، وتفرض عقوبات اقتصادية، وتعلق اتفاقية الشراكة مع إسرائيل، وتدعم مذكرتي الاعتقال»، مشيرة إلى أن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية لا يمكن أن تمر دون عقاب.
فيما أكدت هولندا التزامها بمذكرات «الجنائية الدولية» لاعتقال نتنياهو و غالانت في حال وصلا إلى هولندا.
وقال وزير خارجية هولندا كاسبر فيلدكامب الذي يقع مقر المحكمة على أراضي دولته: «سنتبع التعليمات. إذا هبط نتنياهو أو غالانت فسوف يتم توقيفهما».
وسائل اعلام دولية
واعتبرت وسائل اعلام دولية مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت بــ «زلزال في المشهد القانوني العالمي»، وقالت إن القرار يعني أن 124 دولة ستكون ملزمة باعتقال نتنياهو وغالانت ..
وقالت صحيفة «الغارديان» البريطانية إن مذكرات الاعتقال، التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن المُقال، يوآف غالانت، «تمثل زلزالاً في المشهد القانوني العالمي، فهي المرة الأولى، التي يتم فيها توجيه اتهامات إلى حليف غربي من هذا النوع بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، من جانب هيئة قضائية عالمية».
وأضافت أنه «في الأمد البعيد، قد تزداد ضخامة الاتهامات الموجَّهة إلى نتنياهو وغالانت، مع مرور الوقت، الأمر الذي يقلّص مساحة العالم التي لا تزال مفتوحة أمامهما. ومن الصعب التخلص من وصمة العار التي تلحق بالمتهمين بارتكاب جرائم حرب». وتابعت الصحيفة البريطانية أنه «في العالم كما يُرى من لاهاي، فإن موافقة قضاة المحكمة الجنائية الدولية على أوامر الاعتقال، من شأنها أن تغيّر إلى الأبد مكانة المحكمة»، مشيرة إلى أن «الولايات المتحدة تتفاعل بعنف، لكن على حساب صدقيتها الدولية، ومطالبتها المتبقية بالدفاع عن العدالة العالمية».
فيما قالت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية إن قرار الجنائية الدولية بحق نتنياهو وغالانت «يعني أن الدول الأعضاء فيها، والبالغ عددها 124 دولة، ستكون ملزمة باعتقال نتنياهو وغالانت إذا دخلا أراضيها».
أما صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية فرأت أن أوامر الاعتقال بحق رئيس حكومة الاحتلال ووزير أمنه السابق، «ستؤدي إلى تفاقم تراجع شرعية إسرائيل في الساحة العالمية، بحيث واجهت إدانة شرسة على نحو متزايد بسبب سلوكها في الحرب في غزة».
وكانت المحكمة الجنائية الدولية، أصدرت امس، أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب في غزّة.
ورفضت الغرفة التمهيدية الأولى للمحكمة الجنائية الدولية، الطعون التي تقدمت بها «إسرائيل»، وجاء في بيان المحكمة الذي نشر عبر منصة «إكس»: «إن قبول إسرائيل لاختصاص المحكمة ليس ضرورياً».
ورفضت الغرفة التمهيدية الأولى للمحكمة الجنائية الدولية الطعون التي قدمتها «إسرائيل»، مؤكدة أن «قبول إسرائيل لاختصاص المحكمة ليس ضرورياً».
وأضافت المحكمة في بيان أن «هناك ما يدعو إلى الاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت أشرفا على هجمات على السكان المدنيين».
وقالت إن جرائم الحرب المنسوبة إلى نتنياهو وغالانت تشمل استخدام التجويع سلاح حرب، كما تشمل جرائم ضد الإنسانية والمتمثلة في القتل والاضطهاد وغيرهما من الأفعال غير الإنسانية.
وأكدت المحكمة أن قبول إسرائيل باختصاص المحكمة غير ضروري، كما اعتبرت أن الكشف عن أوامر الاعتقال هذه يصب في مصلحة الضحايا.
وكان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، كريم خان، طلب في أيلول/سبتمبر الماضي، من الدائرة التمهيدية في المحكمة الإسراع في إصدار مذكرتي اعتقال لكل من نتنياهو وغالانت، في ضوء تردي الأوضاع في قطاع غزة.