أمام معادلات التغيير التى يشهدها العالم، لم يعد مكان لـ"ثُم" التى توحى بحسب أهل اللغة بوجود مسافة زمنية تفصل بين الأحداث العظام؛ زلزال يشق الأرض ويهز أوتاد الجبال ليخلف من ورائه الدمار والخراب وآلاف الضحايا، وإعصار لا يبقى ولا يذر من مظاهر الحياة المستقرة، عواصفه تبتلع أعتى البنايات بعد أن ظننا رسوخها وسيلة الجارف يدفن حيوات كاملة فى أعماق البحر المظلمة.
الطبيعة تفصح عن عزمها الأكيد لتغيير شامل ينسف كل ماتوهمناه من حقائق اعتقدنا طويلًا أنها ثابتة مطلقة.
زلزال المغرب وإعصار ليبيا يعلن بوضوح أن التغير المناخى بات حقيقة، وأنه سيشمل كل بقاع الأرض دون استثناء، وهو ما يفرض علينا استجابة مرنة تنطلق من منطق جديد يؤمن بأن النسبية وعدم الثبات للظواهر الطبيعية هو الحقيقة المطلقة الوحيدة.
ما اعتادته منطقتنا من استقرار فى أجوائها وبعدها عن مجالات الأعاصير والرياح العاصفة وأحزمة الزلازل بات من الماضى؛ وحتى لا تتكرر قسوة المشاهد المأساوية التى عانتها المغرب وليبيا وننجح فى تحجيم الأضرار والخسائر البشرية والمادية جراء كوارث طبيعية أخرى لانعرف متى وأين ستضرب؛ علينا أن نعى الدرس ونستعد بشكل علمى يجنبنا سقوط المزيد من عشرات الآلاف من الضحايا.
إذا كانت الجامعة العربية قد فشلت فى إيجاد منظومة دفاع عربى مشترك فعالة على الرغم من وجود اتفاق فى هذا الشأن؛ وإذا كانت عاجزة حتى الآن عن تفعيل السوق العربية المشتركة؛ فلا ينبغى أن تتقاعس عن تدشين مركز إقليمى لإدارة الكوارث والأزمات يتمتع بحرية الحركة بعيدًا عن بيروقراطية الحكومات.
نفهم أن الخلافات السياسية قد تعرقل عملية بناء منظومة عربية دفاعية واقتصادية، لكن فرصة نجاح مركز كهذا تبدو أكبر لأنه سيعمل بشكل احترافى من أجل أهداف انسانية تتجاوز خلافات السياسة وتعقيداتها.
المنطقة مع التغير المناخى والظواهر المفاجئة باتت بحاجة إلى مركز من هذا النوع يضم علماء وخبراء من الدول العربية كافةً، مختصين فى مجالات التنبؤ بالزلازل والأعاصير؛ وآخرين يقدمون خرائط عن المناطق ألأكثر عرضة للظواهر الفجائية وأعتقد أن الجامعات ومراكز الأبحاث فى معظم دول المنطقة زاخرة بمئات الباحثين والمختصين.
أغلب الجيوش العربيه تملك خبرات رفيعة المستوى فى مجالات الإغاثة والإنقاذ، وبوسع هذا المركز أن يخلق مساحة بالتنسيق بين جيوشنا العربية المختلفة فى هذا الصدد.
مثل هذا المركز سيعمل على تدريب طواقم فرق الإغاثة والإنقاذ فى مختلف الدول وبتوفير عدة مقرات مركزية عبر الجغرافيا العربية وتستطيع هذه المقرات توفير الإستجابة السريعة مع مراكز الطوارئ والإغاثة المحلية.
ولا أظن أن الدول العربية كافة تعجز عن توفير مصادر تمويل دائمة لدعم مركز عربى لأعمال الإغاثة والطوارئ وما يحتاجه من معامل أبحاث علمية ومعدات وأدوات إنقاذ وفرق للتدخل السريع سواء بمواد الإغاثة العاجلة من أغذية وأدوية، أو إنقاذ لمنكوبين أو حتى بناء مستشفيات ميدانية.
وفى رأيى أن وجود مركز عربى لأعمال الإغاثة والطوارئ قد يساعد إدارة جامعة الدول العربية على إصلاح ما أفسدته السياسة بين أعضائها من الحكومات.
ويبقى القول بإن أسوأ ما تابعته حول كارثة إعصار دانيال فى الشرق الليبى صدور بيانات رسمية لحكومتين فى بلد واحد، فيما الشعب الليبى غارق فى معاناة إنسانية لا منطق لها فى بلد يملك ثروات طبيعية هائلة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: زلزال المغرب إعصار ليبيا
إقرأ أيضاً:
الحكومة اليمنية توقع اتفاقية مع جامعة الدول العربية لتنظيم نقل البضائع برا
في بيان نشرته وزارة النقل، أفادت أن الوزير “حُميد” قام بتوقيع هذه الاتفاقية يوم الجمعة 22 نوفمبر/ تشرين الثاني، ممثلاً عن اليمن، وذلك بحضور السفير “محمد الأمين” الأمين العام المساعد لقطاع الشؤون القانونية.
تسعى هذه الاتفاقية إلى تشجيع وتنظيم حركة نقل البضائع بشكل أكثر تسهيلات بين الدول العربية، من خلال توحيد الأنظمة والقواعد الخاصة بالنقل الدولي للطرق، بما يتيح استخدام وثائق موحدة للناقلين.
وأبرز البيان أن هذه الاتفاقية تُعتبر مرجعًا قانونيًا يعزز فعالية وصول البضائع إلى الأسواق الإقليمية في العالم العربي، كما تسهم في معالجة أي منازعات قد تحدث بين شركات النقل وأصحاب البضائع، مما يضمن حماية حقوق جميع الأطراف ويساعد في تسريع حل تلك النزاعات. بعد التوقيع، أكد السفير “حُميد” أن اليمن كانت قد أبرمت سابقًا عددًا من الاتفاقيات التي تهدف إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الدول العربية.
وأشار إلى أن الحكومة ستستمر في دراسة بقية الاتفاقيات المتاحة، ضمن استراتيجية الحكومة الشرعية الهادفة إلى تدعيم الروابط مع الدول العربية والعالم، وذلك في إطار سعيها لتحسين ودعم الاقتصاد اليمني.