من أوروبا إلى الشرق الأوسط.. طريق جديد للكبتاغون المصنّع في سوريا
تاريخ النشر: 15th, September 2023 GMT
أكد تقرير لمجلة "بوليتيكو" أعدته الصحفية كلوديا تشيابا، أن أوروبا تعتبر مركز عبور رئيسي للكبتاغون، المخدر المحظور والرخيص الشائع في الشرق الأوسط والذي يستفيد منه نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا بشكل مباشر.
ونقلت المجلة تقريرا لمركز الرصد الأوروبي للمخدرات والإدمان (EMCDDA) ومكتب الشرطة الجنائية الفيدرالية الألمانية (BKA)، يتحدث عن استخدام تجار المخدرات للدول الأوروبية لشحن أقراص كبتاغون المسافرة من الشرق الأوسط إلى شبه الجزيرة العربية.
وأكد التقرير الأوروبي، أن تهريب "الكبتاغون الذي يتم بيعه بالتجزئة في الشارع بحوالي 3 دولارات للحبة" عبر أوروبا يهدف إلى تجنب الضوابط التي تفرضها السلطات في البلدان المستهدفة، حيث لن تشك السلطات بإمكانية شحن الكبتاغون من الاتحاد الأوروبي.
ويسبب مخدر الكبتاغون وهو عقار من عائلة الأمفيتامينات، الإدمان بشكل كبير ويتم إنتاجه واستهلاكه على نطاق واسع في الشرق الأوسط، خاصة في سوريا ولبنان، حيث تقدر قيمة تجارته بـ 57 مليار دولار.
ويرتبط إنتاج هذا المخدر على نطاق واسع بنظام الأسد في دمشق، حيث تمتد علاقات تجارة المخدرات بالعديد من المسؤولين السوريين وأفراد عائلة الأسد.
وبحسب التقرير، فقد أكدت السلطات الألمانية أن تجارة الكبتاغون تتم تحت رعاية نظام الأسد الذي يستفيد بشكل مباشر من الشحنات.
ويوفر الكبتاغون "شريان حياة مالي" لآلة الحرب التابعة للنظام السوري، وفقا للحكومة البريطانية، التي كتبت في وقت سابق من هذا العام أن شقيق الرئيس السوري، ماهر الأسد، يقود وحدة الجيش السوري التي تسهل توزيع وإنتاج المخدرات.
ولم ترد الحكومة السورية على الفور على طلبات متعددة للتعليق.
وفي وقت سابق من هذا العام، انضم الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في فرض عقوبات على سوريين مرتبطين بتجارة الكبتاغون بما في ذلك أفراد من عائلة الأسد، ومسؤولون في الجيش السوري وقادة الميليشيات التابعة للنظام.
مركز العبور الأوروبي
تقول المجلة، إن أوروبا ليست "سوقا استهلاكية مهمة" للكبتاغون، حيث يقع معظم السوق في بعض دول الشرق الأوسط وفي شبه الجزيرة العربية، لا سيما السعودية، التي كانت وجهة أكبر شحنات كبتاغون في العالم في السنوات الأخيرة.
وأحبطت الإمارات، الخميس، محاولة تهريب أكثر من 80 مليون قرص كبتاغون إلى داخل البلاد، بحسب ما أعلنته وزارة الداخلية الإماراتية، حيث عثرت على 13 طنا من الحبوب، تبلغ قيمتها السوقية 700 مليون يورو، مخبأة في خمس حاويات شحن.
وعلى الرغم من عدم وجود سوق للمخدرات، أصبحت أوروبا مركز عبور مفضل.
وفقا لتقرير مركز الرصد الأوروبي، الذي جمع بيانات من النمسا وفرنسا وألمانيا واليونان وإيطاليا وهولندا ورومانيا، فقد صادرت السلطات عدة شحنات كبيرة من أقراص كبتاغون في أوروبا منذ عام 2018، معظمها في طريقها إلى دول شبه الجزيرة العربية.
وفي المجمل، تم ضبط ما يقرب من 127 مليون قرص و1773 كيلوغراما (10.6 مليون قرص إضافي) في الدول الأوروبية، وفقا للبيانات المجمعة للتقرير، مع تسجيل أكبر كمية مصادرة في إيطاليا عام 2020.
وبينت المجلة، "عند وصول الشحنات إلى أوروبا يتم إعادة توجيهها مباشرة إلى بلدان الوجهة أو تفريغها وإعادة تعبئتها في الاتحاد الأوروبي وإرسالها".
إنتاج كبتاغون هولندي
ووجد تقرير مركز الرصد الأوروبي للمخدرات والإدمان، أدلة على إنتاج كبتاغون في أوروبا، معظمه ينتج داخل هولندا.
وكشفت السلطات الهولندية عن موقع أو اثنين من مواقع الإنتاج الكبيرة، حيث يتم إنتاج أقراص كبتاغون من مسحوق الأمفيتامين على أراضيها كل عام.
وأوضح التقرير، "يعتقد أن إنتاج أقراص الكبتاغون ليس نشاطا نموذجيا لمنتجي المخدرات الاصطناعية في البلاد، بل هو وسيلة انتهازية لكسب المال".
ووفقا للتقرير، فإن معظم المواطنين السوريين واللبنانيين هم المتورطون في تجارة تهريب الكبتاغون، حيث يقيم بعضهم في الاتحاد الأوروبي وآخرون يقومون بزيارات متكررة إلى المنطقة، في حين لا يبدو أن الشبكات الإجرامية المتعلقة بالمخدرات في الاتحاد الأوروبي متورطة بالأمر.
ويدعو التقرير إلى استجابة منسقة من الاتحاد الأوروبي لمعالجة القضيتين الرئيسيتين، الأولى هي إنتاج أقراص كبتاغون داخل الاتحاد الأوروبي، والثانية، استخدام دول الاتحاد الأوروبي كمناطق عبور المخدرات المنتجة في أماكن أخرى.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية سوريا المخدرات الكبتاغون الاتحاد الأوروبي السعودية سوريا السعودية مخدرات الاتحاد الأوروبي الكبتاغون سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة تغطيات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاتحاد الأوروبی الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
الشرق الأوسط..تشكلٌ جديدٌ
التاريخ ليس صدفةً، وأحداثه ليست خبط عشواء، ولكنه بين رابح منتصر وخاسر مهزوم، وفي عام ونيفٍ تغير وجه منطقة الشرق الأوسط كلياً، فما بعد 2024 ليس كما قبلها على كل المستويات، خبت محاور إقليمية وصعدت محاور أخرى، سقط «اليسار الليبرالي» المتطرف في أمريكا والغرب، وصعد اليمين المحافظ، ورجع ترامب لقيادة أمريكا على الرغم من كل ما صنعه اليسار الليبرالي وآيديولوجيته العابرة للحدود.
مطلع الثمانينات، دولياً، حدثت حرب أفغانستان والاتحاد السوفياتي، ووقفت السعودية بقوةٍ مع حق الشعب الأفغاني ومع أمريكا حتى انتصر الشعب الأفغاني، وإقليمياً حدثت ثورة الخميني و«تصدير الثورة»، لكنها انطفأت الآن وتراجعت.
مطلع التسعينات حدث انفجارٌ سياسيٌ وعسكريٌ إقليمياً ودولياً، قاده صدام حسين باحتلاله الكويت، وشكلت السعودية تحالفاً دولياً مع أمريكا ألحق به هزيمةً منكرةً، فاضطر راغماً إلى الخروج من الكويت... وتجرع العراق مرارات الهزيمة والإذلال بفعل عنجهيةٍ حمقاء تنتمي لتاريخ مضى من خطابات القومية والبعث في التاريخ العربي الحديث.
في مطلع الألفية الجديدة، وبعد عقدٍ من الزمان تحركت خلايا «تنظيم القاعدة» ونفذت جريمة 11 سبتمبر (أيلول) في عام 2001 بأمريكا، واختارت القاعدة بوعيٍ من قياداتها وبتوجيه من الدول الداعمة لها إقليمياً أن تجعل غالبية المشاركين في العملية من السعوديين لإحداث شرخٍ في العلاقة التاريخية، ولكن البلدين استطاعا تجاوز الأزمة بالعقلانية والواقعية السياسية، وفشلت «القاعدة» وفشل داعموها.
وفي مطلع العشرية الثانية من الألفية الجديدة جرت أحداث الربيع العربي الأسود، ووقفت السعودية وحلفاؤها في وجهه ورفضته وسعت لاستعادة الدولة المصرية من خاطفيها وعادت مصر لشعبها وجيشها، وتحرك اليمن وكان علي عبد الله صالح مشهوراً بالرقص مع الأفاعي، ولكن رقصته الأخيرة أودت به، لأنه رقص مع الحوثي ضد عمقه العربي في السعودية ودول الخليج، والحوثي باع نفسه ووطنه ودولته وشعبه للأجنبي.
كانت السعودية دائماً مع حق الشعب الفلسطيني، حتى في أحلك الظروف، ولكن الشأن الفلسطيني شأن الشعب الفلسطيني نفسه، وإذا لم تنته «حماس» من حكم غزة ولم ينته «حزب الله» نهائياً من السيطرة على لبنان، ولم تنته «الحوثية» من حكم اليمن، نهائياً ودون مثنوية، فإن اللعبة الغربية الطويلة في الشرق الأوسط ستستمر، وإن بعناوين جديدةٍ ووجوهٍ مختلفة.
في السياسة، لكل بائع مشتر، وإذا كان ترامب مستعداً للبيع فالسعودية مستعدة للشراء، ومصالح البلدين تحكم كلًّا من الطرفين، وصفقات كبيرة وكثيرة في التاريخ والواقع تتم على مبدأ (الفوز للطرفين)، وهذه الصفقة المليارية الضخمة هي لخدمة أجندة السعودية ومشاريعها وقوتها ومستقبلها بعيداً عن أي مغامراتٍ غير محسوبة العواقب تتم في المنطقة، وخطابات المزايدات الشعاراتية رأت الشعوب العربية كيف أودت بدولها واستقرارها وأورثتها استقرار الفوضى.
القيادة السعودية الشابة، قيادةٌ استثنائية ومتحفزةٌ للعمل والإنجاز والنجاح، وهي تنجح في جميع المجالات بشهادة العالم بأسره، وأكثر من هذا؛ أنها تحسن التعامل السريع مع المتغيرات، فالتغيير السريع في السياسية مهارةٌ وفنٌ لا يتقنه إلا الساسة المحترفون وهو أصلٌ تحكمه الجدة وسرعة التفاعل والحيوية المستمرة، وهو شأن السياسيين لا شأن الباحثين والكتاب.
لا تكاد الأجيال السعودية الجديدة تملك نفسها من الفرح العارم الذي يسيطر عليها كل يومٍ، مع كل إنجازٍ ونجاحٍ وتفوّقٍ، داخلياً وتنموياً وإقليمياً ودولياً، بحيث لم تعد دولتهم وحلفاؤها بحاجة للاستمرار في عقودٍ من ردود الفعل، بل هي تشارك في صنع الأحداث وتشكيل الحاضر والمستقبل، وكل هذا نتيجة الرؤية الثاقبة والعمل الدؤوب والمتقن.
محورٌ إقليميٌ معادٍ للعرب دولاً وشعوباً تهاوى، ومحورٌ إقليميٌ آخر يعمل بإمرة الدول الغربية ولخدمتها يعيد تشكيل نفسه وبناء أولوياته، ولكن الذي يجب أن يفكر فيه الباحث والمحلل هو أن غالب الأحداث تصب في مصلحة الدول العربية المتوثبة للمستقبل، وهي بعد لم تستخدم كل عناصر قوتها وما كان لهذا أن يحدث لولا وحدة القرار وشمولية الرؤية وسرعة التفاعل.
أخيراً، فإن التوازن واحدٌ من أهم مفاهيم السياسة، يستطيع المحلل من خلاله إدراك الكثير من المتغيرات وعدم الانجراف معها يميناً أو شمالاً، وهو عاصمٌ في الفكر والسياسة من الحماسة والتهور، ومن التراخي والدعة في الآن نفسه.