الشركة التونسية للبنك تتخلف عن نشر قائماتها المالية
تاريخ النشر: 15th, September 2023 GMT
باستقراء معطيات موقع هيئة السوق المالية، الذي يتضمن وفق مقتضيات قانونه الأساسي القائمات المالية السداسية للشركات المدرجة ببورصة تونس، يتضح أن الشركة التونسية للبنك، هو البنك الوحيد على مستوى القطاع البنكي، عام وخاص، الذي لم ينشر قائماته المالية للنصف الأول من سنة 2023.
ويعتبر عدم نشر البنك المذكور لقائماته، مخالفا لمقتضيات الفصل 21 مكرر من القانون عدد 96 لسنة 2005 والمؤرخ في 18 أكتوبر 2005المتعلق بتدعيم سلامة العلاقات المالية، الذي ينص على وجوبية ان تودع الشركات المدرجة في البورصة لدى هيئة السوق المالية وبورصة الأوراق المالية بتونس، في أجل أقصاه شهرا من نهاية السداسية الأولى من السنة المحاسبية، قائمات مالية وسيطة كاملة مصحوبة بتقرير مراقب او مراقبي الحسابات المتعلق بها.
وتبين اخر مؤشرات البنك المنشورة في 26 جويلية 2023، في السياق ذاته، ارتفاع اعبائه التشغيلية، المتكونة من أعباء الاعوان والمصاريف العامة للاستغلال، في ظل تطور ضعيف للناتج البنكي الصافي، الذي لم يتجاوز في اخر جوان الفارط، 3ر347 مليون دينار مقابل ارتفاع الأجور بنسبة 9ر9 بالمائة وذلك الى حدود 9ر115 مليون دينار.
وتعاني المؤسسة، وفق البيانات المحاسبية، منذ مدة من صعوبات مالية حيث سجلت نهاية سنة 2022 خسائر قيمتها 6ر172 مليون دينار، وهو ما يرجع، بالأساس، الى تفاقم الديون المتفحّمة، والتي قدّرها اخر تقرير أصدرته وزارة المالية حول المنشآت العمومية، بقيمة 1314 مليون دينار، وهو ما تسبب في تردّي مردود البنك الى 6ر0 بالمائة أواخر العام الفارط.
ورغم هذه الوضعية وغياب مدير عام قارّ منذ أكتوبر الفارط، فقد أقرّّت إدارة المؤسسة منح امتيازات لأزواج الموظفين وأبنائهم تتمثل في تمتيعهم بقروض بنسب تفاضلية لا تتجاوز نسبة الفائدة المديرية (8 بالمائة)، وذلك وفق ما ورد في وثيقة صادرة عن الطرف الاجتماعي. علما ان نسبة اقراض الحرفاء لا تقل بشكل عادي على 12 و13 بالمائة حسب صنف القرض دون اعتبار العمولات وسائر المصاريف المفروضة في هذا الاتجاه.
وتأتي هذه الامتيازات بشكل عام رغم عدم توزيع البنك لأرباح على المساهمين وهم بالأساس الدولة والمساهمون العموميون (89 بالمائة) منذ سنوات وذلك من خلال الاطلاع على محاضر الجلسات السنوية للمساهمين .علما ان الدولة كانت قد ضخت في جويلية 2015 حوالي 752 مليون دينار للبنك لإعادة رسملته.
المصدر: موزاييك أف.أم
كلمات دلالية: ملیون دینار
إقرأ أيضاً:
بين السجون والمحاكمات.. حركة النهضة التونسية تحت الحصار
تونس ـ ترى قيادات من حركة النهضة أن استمرار محاكمة رموزها مع غلق مقراتها امتداد لسياسة "ممنهجة" تعتمدها السلطة في تونس ضد خصومها السياسيين من مختلف التيارات، متهمة السلطة بتوظيف القضاء كأداة لتصفية الحسابات السياسية وإسكات الأصوات المعارضة للرئيس التونسي قيس سعيد.
وفي ظل حكم الرئيس سعيد، يرى مراقبون أن السلطة مستمرة في ملاحقتها لشخصيات سياسية بارزة لا سيما من النهضة التي كانت القوة السياسية الأبرز بالمشهد بعد الثورة، إذ تقبع عشرات القيادات من حركة النهضة بالسجون، ومنها رئيسها راشد الغنوشي (83 عاما)، الذي يواجه تهما بالإرهاب وغسيل الأموال والتآمر على أمن الدولة.
ويقول القيادي بحركة النهضة رياض الشعيبي -في حديث للجزيرة نت- إن "هذا الاستهداف لا يقتصر فقط على حركة النهضة، وإنما يشمل وزراء سابقين ونوابا وسياسيين وأمناء عامين لأحزاب أخرى"، إلى جانب رموز الحركة مثل زعيمها راشد الغنوشي ورئيس الحكومة الأسبق علي العريض، ووزير العدل الأسبق نور الدين البحيري.
واتخذت النهضة وأحزاب أخرى موقعا معارضا للرئيس قيس سعيد، بسبب ما اعتبرته "انقلابا" على الشرعية قام به في 25 يوليو/تموز 2021 إثر إعلانه التدابير الاستثنائية قام بموجبها بغلق البرلمان وحلّه لاحقا، إضافة إلى عزل حكومة هشام المشيشي وحل المجلس الأعلى للقضاء وإمساكه بمفاصل السلطة بصلاحيات واسعة.
إعلان قضية التدوينةوالثلاثاء الماضي، نظرت الدائرة الجنائية بمحكمة الاستئناف بتونس فيما يعرف بقضية "التدوينة" التي يحاكم فيها القيادي بالنهضة ووزير العدل السابق نور الدين البحيري، وقد صدر حكم ابتدائي في حقه بالسجن لمدة 10 سنوات، وتتهم حركة النهضة السلطة بمحاكمة البحيري على خلفية مواقفه المعارضة للرئيس قيس سعيد.
وفي ذلك اليوم نفسه، نظرت هيئة الدائرة الجنائية المختصة في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس، في ملف القيادي بالنهضة علي العريض، الذي تقلد منصب رئيس الحكومة ووزير الداخلية في فترة حكم النهضة بعد الثورة، وهو معتقل منذ 22 سبتمبر/أيلول 2022 بتهمة تسفير الشباب للقتال إبان الثورة في سوريا.
وتشمل هذه القضية، إلى جانب العريض، نحو 800 شخص أغلبهم من حركة النهضة بناء على بلاغ تقدمت بها نائبة بالبرلمان، وتشكك حركة النهضة وأوساط معارضة أخرى في مصداقية المحاكمات، وتعتبرها ذات طابع سياسي فاضح.
وبشأن قضية القيادي بحركة النهضة نور الدين البحيري، يقول الشعيبي إن السلطة اتهمته بكتابة تدوينة على شبكة التواصل للتحريض عليها والتدبير لاعتداء المقصود به تغيير هيئة الدولة بدعوى أنه طالب من أنصار حركة النهضة المشاركة في احتجاج لجبهة الخلاص المعارضة في منطقة المنيهلة بالعاصمة سنة 2023.
لكن في الحقيقة "لم تقدم السلطة أي دليل ملموس" للمحكمة على وجود تلك "التدوينة المزعومة"، وفق الشعيبي، الذي يؤكد أن جميع الدعوات التي تطلقها حركة النهضة للاحتجاج ذات طابع سلمي، ويقول إن "مضمون التدوينة بحسب مزاعم السلطة لا يدين نور الدين البحيري لأن الدعوة لمشاركة في احتجاج سلمي مكفول بالقانون".
أما في قضية القيادي البارز بالحركة علي العريض، فيقول الشعيبي إن العريض وُجهت له تهمة التورط في تسفير الشباب التونسي للقتال في سوريا خلال اندلاع الثورة السورية، وهي تهم يعتبرها واهية وملفقة من السلطة.
إعلانويوضح القيادي بحركة النهضة مستنكرا أن "هذه التهمة لا تنطلي على أحد، إذ كيف يعقل أن يصبح علي العريض متهما في قضية إرهابية كهذه والحال أنه لما كان رئيسا للحكومة قام بتصنيف جماعة أنصار الشريعة بتونس منظمة إرهابية، ولما كان وزيرا للداخلية خاض ضد عناصرها مواجهة مسلحة بمنطقة بئر علي بن خليفة وتم تهديده بالقتل من قبلهم".
ويؤكد أن السلطة الحالية مهيمنة على القضاء بعدما جعل الرئيس سعيد بموجب الدستور الذي صاغه في 2022 القضاء كوظيفة، وليست سلطة مستقلة، قائلا "اليوم القضاء خاضع لهيمنة السلطة السياسية، ويسير بتوجهاتها كما تشاء وبالتالي الأحكام الصادرة عنه ناتجة عن تعليمات سياسية".
تضييق سياسي
وبشأن دلالات استمرار محاكمة قيادات بارزة من حركة النهضة وتداعياتها على مستقبل الحزب وعلى المشهد السياسي برمته، يؤكد الشعيبي أن الملاحقات والأحكام ضد بعض الشخصيات وغلق مقرات حركة النهضة وجبهة الخلاص ألقت بظلال من الاستبداد بالبلاد.
ويمضي قائلا "حركة النهضة هي شرط الحياة الديمقراطية في تونس، ولا يمكن أن تستقيم حياة ديمقراطية يقع فيها إقصاء أي طرف سياسي فما بالك بالطرف السياسي الأكبر".
ورغم أنه يؤكد أن حركة النهضة ما زال لديها حضور سياسي في الساحة من خلال دورها كطرف ناشط في جبهة الخلاص المعارضة أو من خلال حواراتها الثنائية مع أطراف أخرى في المعارضة، فإنه يقول "لا أخفيك سرا أن النشاط السياسي يتم في ظروف صعبة جدا وضغط أمني وسياسي كبير وفي ظل عدة تهديدات".
ويضيف "جميع الرموز السياسية لحركة النهضة تقبع في السجون بتهم واهية وحتى الشخصيات التي لم يتم اعتقالها وما زالت في حالة سراح هي أيضا ملاحقة قضائيا بموجب قانون الإرهاب"، وحسب مجريات الأحداث فإن الزج بالعديد من النشطاء في السجون حد من قدرة المعارضة على التعبئة في الشارع.
لكنه في المقابل يرى أن "هناك نوعا من توازن الضعف المتبادل" بين المعارضة والسلطة الحالية، موضحا أن المعارضة تعيش وضعا صعبا بسبب الاعتقالات والمحاكمات والتضييقات، لكن في الوقت ذاته "تعيش السلطة عزلة شعبية بسبب عجزها على تحسين الأوضاع المتردية وفشلها في تعبئة الشارع لدعم الرئيس سعيد".
إعلانويقول "بالنظر إلى توازن الضعف القائم حاليا بين المعارضة والسلطة يبدو الوضع أكثر تعقيدا وصعوبة على مستوى توقع مآل الوضع وتطوره في المستقبل".
ويشهد الوضع في تونس حالة من الجمود في ظل انسداد الأفق السياسي وتصاعد الأزمة بين الرئيس سعيد والمعارضة، مما يثير مخاوف بشأن مستقبل الاستقرار بالبلاد.
في المقابل، يرجع أنصار الرئيس سعيد تدهور الأوضاع في البلاد إلى ما يسمونها بالعشرية السوداء أي الحقبة التي حكمت فيها حركة النهضة مع أطراف سياسية أخرى في البلاد، معتبرين أن ملاحقة العديد من قيادات النهضة يأتي على خلفية محاسبتهم على تورطهم في قضايا تهدد الأمن القومي وفي قضايا إرهابية وتبييض أموال.