عام على مقتل مهسا أميني.. كيف لاحق النظام الإيراني ذوي ضحايا الاحتجاجات؟
تاريخ النشر: 15th, September 2023 GMT
تشتكي عائلات الضحايا والمعتقلين إثر الاحتجاجات المناهضة للنظام الإيراني، من متابعات السلطات الأمنية لهم، رغم تراجع حدة الانتفاضة التي أثارها مقتل الشابة مهسا أميني على أيدي شرطة الأخلاق.
وقتلت أميني في 16 سبتمبر 2022، بينما كانت في عهدة الشرطة التي اعتقلتها بزعم عدم امتثالها لقواعد اللباس الذي تفرضه السلطات.
وعشية حلول ذكرى وفاتها الأولى، تكثف دوريات الشرطة والمخابرات ملاحقاتها لأهالي الضحايا والمعتقلين حتى لا ينضمون لفعاليات الاستذكار المرتقب تنظيمها، السبت.
ونقل تقرير لصحيفة واشنطن بوست، الجمعة، شهادات لبعض الإيرانيين، عبروا خلالها عن استئياهم للمضايقات التي يتعرضون لها بعد اعتقال أو مقتل أحد أفراد العائلة.
"كأن العالم سقط فوق رأسي"لعشرة أيام، لم يتلق رامتين فتحي، أخبارا عن والده ولا عمه ولا حتى خالته، بسبب احتجاجهم في سنندج، عاصمة إقليم كردستان شمال غرب إيران.
وفي حديث للصحيفة الأميركية كشف هذا الشاب أنه شارك هو الآخر في مظاهرة، في برلين، مؤيدة للحراك المناهض للنظام في بلاده في أكتوبر الماضي.
وقال فتحي، وهو طالب تمريض يدرس بألمانيا يبلغ 25 عاما "لقد شاركت في الاحتجاج لأكون صوتهم في العالم".
فتحي كشف أنه تلقى خبر وفاة والده، بعد عدة أيام على اختفائه، حيث اتصل به أحد الأصدقاء ليخبره بذلك.
قال تعبيرا على تلك اللحظات "شعرت وكأن العالم سقط فوق رأسي".
"لكن بالنسبة لعائلته في إيران، كانت تلك مجرد بداية محنتهم" تقول واشنطن بوست.
قال فتحي: "وزارة المخابرات تستدعي الآن أفرادا من عائلتنا كل أسبوع" ثم تابع "إنهم يهددونهم لحملهم على عدم المشاركة في الاحتجاجات".
وأضاف "التهديدات والمضايقات تتزايد مع اقتراب الذكرى السنوية"، في إشارة إلى مرور عام على وفاة أميني (22 عاما).
وقُتل ما لا يقل عن 530 متظاهرا على يد قوات الأمن الإيرانية خلال العام الماضي، وفقا لوكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان (هرانا)، وكثيرا ما استهدفت الدولة أقاربهم.
وفي مقابلات مع صحيفة واشنطن بوست، كشفت أسر مكلومة كيف قامت السلطات الإيرانية بمراقبتهم واحتجازهم بشكل منهجي، والضغط عليهم للبقاء صامتين والابتعاد عن الشوارع.
ضغوطفي 5 سبتمبر ، تم احتجاز أفراد من عائلة أميني، وتم تحذيرهم من الدعوة إلى احتجاجات لإحياء ذكرى وفاتها، حسبما أفاد مراقبون محليون لحقوق الإنسان.
تعليقا على ذلك، تقول تارا سبهري فار، الباحثة في شؤون إيران في منظمةن هيومن رايتس ووتش "تأتي الضغوط على شكل مكالمات هاتفية، واستدعاء العائلات، ومطالبتهم بالتزام الصمت بحلول الذكرى السنوية".
وتتابع "تحظى العائلات بالكثير من التعاطف من المواطنين، لأنها في الأساس تمثل التجربة الحية للظلم الذي يحدث لهم".
ولم يستجب المتحدث باسم بعثة إيران لدى الأمم المتحدة في نيويورك لطلب التعليق على هذه الشهادات، تؤكد واشنطن بوست.
عائلة حيدري من بين أوائل العائلات التي أعلنت وفاة أحد أفراد أسرتها، بعد مقتل ابنها جواد في 22 سبتمبر 2022 أثناء احتجاجه في مدينة قزوين، حيث تم بث جنازته على الإنترنت.
وبكت أخته فاطمة وهي تقص شعرها على نعشه، وقد انتشرت تلك الصور المؤلمة، إلى جانب مقاطع فيديو عائلية لجواد تمت مشاركتها عبر الإنترنت، على نطاق واسع "مما دفع العائلة إلى دائرة الضوء وجذب انتباه قوات الأمن والمخابرات لها بسرعة" وفق الصحيفة الأميركية.
وقالت فاطمة حيدري، المقيمة الآن في تركيا، للصحيفة "بعد أيام قليلة مما حدث لأخي ومشاركتنا مقاطع الفيديو، تم اعتقالي واضطررت للذهاب إلى المحكمة لأنه تم استدعائي بتهمة الدعاية ضد الحكومة".
وتابعت "تعرض والدي أيضا لضغوط ليقول إننا من أنصار النظام وأن ابنته تصرفت بانفعال، وأننا ارتكبنا خطأً فقط".
مداهمات وأوامر اعتقال وطردتمت مراقبة منزل عائلتهم ومداهمته عدة مرات خلال العام الماضي، مما أجبر بعضهم على المغادرة.
وقالت حيدري إن أوامر اعتقال صدرت أيضا بحق والدها وشقيقها الأكبر وأكثر من عشرة من أقاربها، حتى أن ابنة أختها البالغة من العمر عامين تم احتجازها لفترة وجيزة مع والدها.
وفقد أربعة من أفراد الأسرة وظائفهم، بما في ذلك أخت زوجة شقيقها التي تم فصلها من عملها كممرضة بعد سؤالها عن دور جواد في الاحتجاجات.
وأعربت السلطات عن قلقها بشأن رمزية قبر جواد، حيث قالت شقيقته "لقد مارسوا ضغوطاً علينا لتغيير شاهد القبر أو قالوا إنهم سيأتون لكسره".
وتابعت "لم تكن هذه الضغوط على عائلتي فقط"، وكشفت أنه عندما جاء أشخاص من قريتهم للمقبرة لإحياء ذكرى الأربعين عن وفاة جواد، تم "اعتقال وضرب العديد منهم وسؤالهم عن سبب حضورهم".
في هذا الصدد، قال المحلل الإيراني، سبهري فار، إنه في حين أن الضغط على عائلات الضحايا قد يؤدي إلى إخماد الاحتجاجات على المدى القصير، إلا أنه قد يكون له عواقب عكسية على النظام.
وقال أيضا "لقد رأينا عائلات احتجاجات 2019 كيف انضمت إلى أسر أولئك الذين قتلوا خلال احتجاجات 2022، ورأينا عائلات عاشت ذات القصة خلال الثمانينيات كيف جددت العهد مع الاحتجاج بسبب ذلك".
وختم قائلا "كل جولة من الاحتجاجات تجمع المزيد من الناس معا".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: واشنطن بوست
إقرأ أيضاً:
هل ينخرط النظام السوري في مخطط تحجيم إيران؟
أثارت الأنباء التي كشفتها صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، عن مساع من الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة لتحجيم نفوذ إيران في سوريا، بالتعاون مع رئيس النظام السوري بشار الأسد؛ تساؤلات حول قدرة النظام على الحد من نفوذ حليفته طهران.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين أن تل أبيب وواشنطن تريدان مساعدة النظام في منع إيران من الاستمرار في إمداد "حزب الله" اللبناني، عبر الحدود السورية، مؤكدة أن "الأسد قد يدعم منع إيران من إمداد حزب الله عبر سوريا، لأنه أصبح مستاء من الوجود الإيراني في العاصمة دمشق".
وذكرت مصادر "واشنطن بوست" أن "الإدارة الأمريكية مستعدة لمنح بشار الأسد بعض الفوائد إذا تمكن من إيقاف تدفق الأسلحة إلى "حزب الله"، موضحة أن "إدارة بايدن تبدو راغبة في تحقيق بعض المصالح للأسد، فيما لو قبلَ المضي في هذا الطريق".
ولم يصدر تعليق رسمي من أي طرف، على الأنباء التي ذكرتها الصحيفة الأمريكية.
هل بمقدور النظام تحجيم إيران؟
الباحث والخبير بالشأن الإيراني، نبيل العتوم، يقول إنه على الرغم من أن النظام السوري برئاسة بشار الأسد قد يتلقى دعماً مادياً وسياسياً إذا انخرط في أي تعاون لتحجيم إيران، إلا أن قدرته الفعلية على الحد من النفوذ الإيراني تبقى محل شك.
ويوضح لـ"عربي21" أن لدى إيران النفوذ العسكري والاقتصادي الواسع في سوريا، الذي يشمل قواعد عسكرية، وميليشيات محلية تابعة، وتعاوناً سياسياً طويل الأمد، وهو ما يجعل أي تقليص لهذا النفوذ يتطلب قرارات استراتيجية صعبة قد لا يمتلك النظام السوري القدرة أو الإرادة على اتخاذها.
في الاتجاه ذاته، يشكك الباحث المختص بالشأن الإيراني مصطفى النعيمي، بقدرة النظام السوري، ويقول لـ"عربي21": "حتى روسيا لم تستطع ضبط الميليشيات الإيرانية، بدلالة وجود الأخيرة بمحاذاة الحدود السورية مع الأردن ومع الجولان المحتل، رغم تعهد موسكو سابقاً بإبعاد المجموعات الإيرانية عن الحدود لمسافة عشرات الكيلومترات".
ووفق النعيمي، فإن انخرط النظام في مخطط تحجيم إيران في سوريا، يعني فتح باب الاغتيالات التي قد تستهدف شخصيات من ضمن دائرته الضيقة، وخاصة أن طهران حددت دور النظام بدعم "محور المقاومة" سياسياً.
النظام متمسك بتحالفه مع إيران
وبالبناء على ما سبق، يستبعد النعيمي أن يكون لدى النظام أي توجه حقيقي للانفكاك عن إيران، التي ربطت الدولة السورية بعشرات الاتفاقيات الاقتصادية والتعليمية والسياسية، ويلفت إلى "انتشار الميليشيات الموالية لإيران في مختلف مناطق سوريا".
على النسق ذاته يؤكد نبيل العتوم، أن النظام السوري يعتمد بشكل كبير على الدعم الإيراني، خاصة بعد سنوات الحرب التي أضعفت بنيته التحتية وعلاقاته الدولية، ويقول: "إيران كانت من الداعمين الأساسيين للنظام السوري، وفقدان هذا الدعم أو تضييقه قد يشكل تهديدا للنظام في ظل عدم وجود بديل قوي، ومن هنا، قد يكون النظام متمسكا بالحفاظ على علاقاته مع إيران"، ويستدرك: "لكن ربما يقبل بتقليص محدود لبعض الأنشطة الإيرانية بهدف تعزيز علاقاته مع الدول العربية وتحقيق بعض الانفتاح الدولي".
بهذا المعنى لا يستبعد العتوم أن يفرض النظام رقابة أو بعض القيود على الأنشطة العسكرية الإيرانية، أو الحد من حرية حركة الميليشيات التابعة لإيران في المناطق الاستراتيجية، مضيفاً: "قد تكون هناك أيضاً إجراءات محدودة ضد المنشآت الإيرانية، وذلك بالتنسيق مع الأطراف العربية والدولية لتقديم بدائل اقتصادية، ولكن دون القطيعة الكاملة مع إيران".
ويكمل قائلاً: "بالعموم تظل هذه الاستراتيجية معقدة، إذ تتطلب توافقات داخلية وإقليمية دقيقة، نظراً لتشابك المصالح السياسية والاقتصادية في سوريا، والواقع أن النظام قد يتخذ خطوات بسيطة، ولكن من غير المرجح أن يكون بمقدوره تحجيم النفوذ الإيراني بشكل كامل".
مصلحة مضاعفة
من جهته، يتحدث الكاتب والباحث بالشأن الإيراني عمار جلو، عن "مصلحة مضاعفة" للنظام في تقليص النفوذ الإيراني في سوريا، ويقول لـ"عربي21": إن "النظام ممتعض من وجود هذا العدد الكبير من الميليشيات الإيرانية في مناطق سيطرته، وخصوصاً أنها تسبب الحرج الدبلوماسي والسياسي له، لجهة استهدافها من الاحتلال ومن الولايات المتحدة".
واعتبر أن التقليل من وجود الميليشيات غير المنضبطة يخدم النظام كذلك لجهة المطالب العربية، المتعلقة بتجارة وتهريب المخدرات.
أما بخصوص قدرة النظام على تحجيم الميليشيات، يقول جلو إن النظام يستطيع بكل تأكيد ذلك، فهو بالحد الأدنى يستطيع تسريب المعلومات عن وجودها ونشاطها في سوريا، وكذلك يستطيع أن يطالب إيران بعد شكرها على مساندتها له في "الحرب"، بسحب وجودها العسكري.
من جهة أخرى، لا يمكن إغفال قدرة النظام السوري في مجال المناورة السياسية، بحيث يمكن أن يُظهر النظام استجابة للخطة "الأمريكية- الإسرائيلية"، لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية، من دون أن ينفذ المطلوب منه، كما هو الحال مع المطالب العربية منه، قبل إعادته إلى جامعة الدول العربية، وفق قراءات أخرى.
يذكر أن بعض الأوساط الإيرانية كانت قد عبرت عن غضبها، من مواقف النظام السوري "الخجولة" من التصعيد الحالي الذي تشهده المنطقة.