هذه آثار التهميش الميدانية في القدس منذ توقيع اتفاقية أوسلو
تاريخ النشر: 15th, September 2023 GMT
القدس المحتلة- أُدرجت قضية القدس بما لها من مركزية ضمن قضايا الحل النهائي، وهي القضايا التي لم يُبت بها منذ توقيع "اتفاقية أوسلو" في 13 سبتمبر/أيلول عام 1993، الأمر الذي أدى لتهميش المدينة، وأثّر عليها ميدانيا في مختلف قطاعات الحياة، هذا بالإضافة للآثار السياسية والاقتصادية والاجتماعية الكارثية للاتفاقية.
ورغم أن الاتفاقية جرى توقيعها في البيت الأبيض الأميركي، بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، وبموجبها أُنشئت السلطة الفلسطينية، فإن ذلك لم يُنعش المدينة كما كان متوقعا، بل زاد من مستوى تهميشها وضاعف من معاناتها.
السيطرة على المسجد الأقصىيوضح الباحث في شؤون القدس "زياد ابحيص" أن التوقيع كان يفرض الوصول إلى حلول فعالة جديدة تخرج من عباءة أوسلو تماما وتستعيد الصراع إلى أصله، المتمثل بإرادة صمود وتحرر في وجه الاحتلال.
ويسلط ابحيص، في حديثه للجزيرة نت، الضوء على آثار التهميش التي لُمست على الأرض في القدس، مستهلا حديثه عن المسجد الأقصى بالقول "إن التفاوض عليه كان أحد دوافع إذكاء التطلع الإسرائيلي للسيطرة على أجزاء منه من خلال مشروع "الفضاء التحتي" للسيطرة على ما تحت المسجد عام 1994″.
ونتجت عن الاتفاق محاولة فعلية لقضم المصلى المرواني، أفشلتها جهود الإعمار الشعبي، ثم بمشروع التقسيم الزماني عبر الاقتحامات بدءا من عام 2003، ثم بمشروع التقسيم المكاني في الزاوية الجنوبية الغربية للأقصى بين عامي 2008 و2013.
وأُلحق ذلك بمحاولة اقتطاع الساحة الشرقية وباب الرحمة بين عامي 2013 و2019، وأخيرا مشروع فرض الطقوس التوراتية في الأقصى، يأتي كل ذلك مع استمرار التنسيق الأمني وبقائه قائما، بغض النظر عن المدى الذي يذهب إليه هذا العدوان الوجودي.
تحولت ساحة باب العامود في القدس إلى نقطة مركزية لمحاولة إظهار من يسيطر على المدينة (الجزيرة)وعلى مدار مسار التهميش الطويل هذا، باتت القدس اليوم -وفقا للباحث ابحيص- بلا مرجعية سياسية أو شعبية، تخوض معركة صمودها منفردة، يطالها التنسيق الأمني لكن لا تطالها الميزانيات وسياسات الدعم، وتعتمد على الهبات العفوية لشبابها وأهلها في دفاعها الوجودي عن نفسها، وعلى ما يمكن أن يسندها من عمل مقاوم ودعم شعبي، في مشهد مختل لا يتناسب مع مركزيتها وطبيعة معركة التصفية التي يخوضها المحتل فيها.
تستمر اقتحامات المستوطنين الإسرائيليين للمسجد الأقصى بشكل يومي وبحماية من الشرطة الإسرائيلية (رويترز) "أسرلة" التعليموعلى صعيد التعليم تطرق الباحث ابحيص إلى مبادرة المجتمع المقدسي لرفض الضم الإسرائيلي من خلال لجنة المعلمين السرية، وتأسيس مدارس عامة موازية لتلك التي سيطر عليها الاحتلال عام 1967، وبات هذا القطاع -الذي تحول لاحقا إلى مدارس الأوقاف- يستوعب معظم طلبة القدس إلى جانب المدارس الخاصة، لكنه اليوم مع طول عمر إهماله ومحدودية رواتب معلميه هُمّش حتى بات يضم نحو 10% فقط من الطلبة مقابل 60% في مدارس المعارف الإسرائيلية، بينما يتوزع البقية على المظلات التعليمية الأخرى.
ومع مرور الوقت تصاعدت حدة الهجمة على قطاع التعليم في المدينة المقدسة، حتى صودق قبل أسابيع على الخطة الخمسية الجديدة التي حملت عنوان "تقليص الفجوات الاجتماعية والاقتصادية والتنمية الاقتصادية لشرقي القدس، 2024-2028″، بقرار حمل رقم (550).
وبلغت الميزانية المرصودة لتهويد قطاع التعليم في الخطة الجديدة 800 مليون شيكل (نحو 210 ملايين دولار أميركي)، تصب معظمها في إطار رفع عدد الطلبة الذين يتخرجون في المدارس بنظام "البجروت" الإسرائيلي، وتقديم الحوافز المادية والتربوية لرفع نسبة الطلبة المؤهلين للحصول على شهادة الثانوية العامة الإسرائيلية عالية الجودة، مع التركيز على اللغة العبرية للطلبة والمعلمين.
تحافظ "المدرسة النظامية" في بيت حنينا في القدس على تدريس المنهاج الفلسطيني الأصيل (الجزيرة) انقلاب في السكن والصحةوفي مجال الإسكان أشار ابحيص إلى أن المجتمع المقدسي خرج من الانتفاضة الأولى بحالة تحدٍّ شاملة؛ فبنى المنازل بدون ترخيص وتوسع فعليا على الأرض، وتحول عبر مسار أوسلو إلى حالة تبلغ فيها حالات الهدم الذاتي نحو 65% من حالات الهدم السنوية.
ويستطرد ابحيص في تفسير ذلك قائلا "أنتج هذا العزل والتهميش انقلابا في الوعي المقدسي، وتحول من تحدي الاحتلال اعتمادا على اتصاله بعمقه القريب في الضفة الغربية، إلى شعور بأن بلدية الاحتلال قدر لا فرار منه، فتكون النتيجة أن يضطر أبناؤه لهدم بيوتهم بأيديهم حتى لا تترتب عليهم أضرار أكبر".
مستشفى "المطلع" في جبل الزيتون أحد أكبر مستشفيات القدس، يقدم خدماته لمرضى السرطان والكلى (الجزيرة)كما كانت القدس تمثل العاصمة الصحية والاستشفائية لفلسطين، لكن مع بناء الجدار العازل انخفض الإشغال في مستشفياتها إلى ما دون 40%، مما جعلها عاجزة عن الاستمرار، فتوجهت إلى التعاقد مع صناديق المرضى الإسرائيلية، فبات المريض والطبيب المقدسيان لا يستطيعان التعامل معا إلا عبر صناديق التأمين الصحي الإسرائيلية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی القدس
إقرأ أيضاً:
مدبولي يشهد توقيع اتفاقية تعاون بين المالية والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار
شهد رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، اليوم الاربعاء، مراسم توقيع اتفاقية تعاون بين وزارة المالية، والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية «EBRD»، والتي تأتي بمبادرة للوحدة المركزية للمشاركة مع القطاع الخاص بوزارة المالية لإنشاء «حساب مصر» لتمويل دراسات الجدوى ومستشاري الطرح لمشروعات «المشاركة مع القطاع الخاص» برأس مال ١٠ ملايين يورو، على نحو يسهم في دعم جهود الدولة المصرية الهادفة لتمكين القطاع الخاص وتعزيز نمو أنشطته ومساهماته في الاقتصاد المصري.
وقع اتفاقية التعاون أحمد كجوك، وزير المالية، والدكتور مارك ديفيس، المدير الإقليمي لمنطقة جنوب وشرق المتوسط بالبنك الأوروبي لإعادة الاعمار والتنمية.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي أن هذه الاتفاقية تسهم في توفير الدعم اللازم لتعظيم مشاركة القطاع الخاص المصري والأجنبي في مشروعات البنية الأساسية والمرافق والخدمات العامة، وفق أولويات الدولة المصرية.
من جانبه، أوضح وزير المالية أحمد كجوك، أن إنشاء «حساب مصر» بالبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية «EBRD»، يساعد في توفير التمويلات المحفزة لتدفق استثمارات القطاع الخاص المحلي والأجنبي في مصر، حيث يسهم في إتاحة دراسة وطرح عدة مشروعات بنظام «المشاركة مع القطاع الخاص» في نفس الوقت، ويضمن سرعة التعاقد مع الاستشاريين الدوليين والوطنيين لمشروعات «المشاركة مع القطاع الخاص» خلال مدة لا تتجاوز ٦ أسابيع، كما يحقق خفض مدة الحصول على تمويل دراسات الجدوى لمشروعات «المشاركة مع القطاع الخاص» من شركاء التنمية من سنة إلى شهرين فقط.
وأعرب وزير المالية، عن تقديره لجهود «الوحدة المركزية للمشاركة مع القطاع الخاص» والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية «EBRD» في وضع هذه المبادرة حيز التنفيذ من أجل توفير التمويلات الإنمائية اللازمة لدفع المسار المصري نحو توسيع نطاق مشروعات المشاركة مع القطاع الخاص «P.P.P» وزيادة دور واستثمارات ومساهمات القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، على نحو يضمن تحقيق معدلات نمو مرتفعة ومستدامة ترتكز على الأنشطة الإنتاجية والتصديرية وتعزز تنافسية الاقتصاد المصري.
وأوضح كجوك أنه تم خلال عام ٢٠٢٤، توقيع ١٠ مشروعات بنظام «المشاركة مع القطاع الخاص» بتكلفة استثمارية إجمالية بنحو ١٩، ٨ مليار جنيه في قطاعات: تحويل المخلفات الصلبة، والموانئ الجافة، والصرف الصحي، ومحطات المحولات، وشبكات توزيع الكهرباء، والتعليم الفني، ومستودعات السلع الاستراتيجية، مشيرًا إلى أن هناك ٩ مشروعات أخرى جديدة تحت الطرح بتكلفة استثمارية بنحو ٥٣، ٩ مليار جنيه في قطاعات: محطات المحولات، وشبكات توزيع الكهرباء، ومحطة تحلية المياه، ومعالجة الصرف الصحي، والمدارس الفنية والمدارس المتميزة للغات، ومراكز الخدمات.
وأضاف الوزير، أن هناك ١٠ مشروعات أخرى يجري إعدادها للطرح، بعد موافقة اللجنة العليا لشئون المشاركة مع القطاع الخاص، بتكلفة استثمارية بنحو ٣٧ مليار جنيه في قطاعات: محطات المحولات، وشبكات توزيع الكهرباء، والصرف الصناعي، لافتًا إلى أن مشروعات «المشاركة مع القطاع الخاص» تخلق مسارًا جيدًا لتحقيق النمو في مختلف الأنشطة الاقتصادية والإسهام الفعال في تحقيق التنمية المستدامة الشاملة.
اقرأ أيضاًمدبولي يؤكد استمرار الحكومة في تعظيم عائد الأصول المملوكة للدولة لتحقيق التنمية
مدبولي: حريصون على متابعة الخطوات التنفيذية للمجموعة الوزارية لريادة الأعمال
مدبولي يتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات بمجلس الوزراء