القدس المحتلة- أُدرجت قضية القدس بما لها من مركزية ضمن قضايا الحل النهائي، وهي القضايا التي لم يُبت بها منذ توقيع "اتفاقية أوسلو" في 13 سبتمبر/أيلول عام 1993، الأمر الذي أدى لتهميش المدينة، وأثّر عليها ميدانيا في مختلف قطاعات الحياة، هذا بالإضافة للآثار السياسية والاقتصادية والاجتماعية الكارثية للاتفاقية.

ورغم أن الاتفاقية جرى توقيعها في البيت الأبيض الأميركي، بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، وبموجبها أُنشئت السلطة الفلسطينية، فإن ذلك لم يُنعش المدينة كما كان متوقعا، بل زاد من مستوى تهميشها وضاعف من معاناتها.

السيطرة على المسجد الأقصى

يوضح الباحث في شؤون القدس "زياد ابحيص" أن التوقيع كان يفرض الوصول إلى حلول فعالة جديدة تخرج من عباءة أوسلو تماما وتستعيد الصراع إلى أصله، المتمثل بإرادة صمود وتحرر في وجه الاحتلال.

ويسلط ابحيص، في حديثه للجزيرة نت، الضوء على آثار التهميش التي لُمست على الأرض في القدس، مستهلا حديثه عن المسجد الأقصى بالقول "إن التفاوض عليه كان أحد دوافع إذكاء التطلع الإسرائيلي للسيطرة على أجزاء منه من خلال مشروع "الفضاء التحتي" للسيطرة على ما تحت المسجد عام 1994″.

ونتجت عن الاتفاق محاولة فعلية لقضم المصلى المرواني، أفشلتها جهود الإعمار الشعبي، ثم بمشروع التقسيم الزماني عبر الاقتحامات بدءا من عام 2003، ثم بمشروع التقسيم المكاني في الزاوية الجنوبية الغربية للأقصى بين عامي 2008 و2013.

وأُلحق ذلك بمحاولة اقتطاع الساحة الشرقية وباب الرحمة بين عامي 2013 و2019، وأخيرا مشروع فرض الطقوس التوراتية في الأقصى، يأتي كل ذلك مع استمرار التنسيق الأمني وبقائه قائما، بغض النظر عن المدى الذي يذهب إليه هذا العدوان الوجودي.

تحولت ‎⁨ساحة باب العامود في القدس إلى نقطة مركزية لمحاولة إظهار من يسيطر على المدينة (الجزيرة)

وعلى مدار مسار التهميش الطويل هذا، باتت القدس اليوم -وفقا للباحث ابحيص- بلا مرجعية سياسية أو شعبية، تخوض معركة صمودها منفردة، يطالها التنسيق الأمني لكن لا تطالها الميزانيات وسياسات الدعم، وتعتمد على الهبات العفوية لشبابها وأهلها في دفاعها الوجودي عن نفسها، وعلى ما يمكن أن يسندها من عمل مقاوم ودعم شعبي، في مشهد مختل لا يتناسب مع مركزيتها وطبيعة معركة التصفية التي يخوضها المحتل فيها.

تستمر اقتحامات المستوطنين الإسرائيليين للمسجد الأقصى بشكل يومي وبحماية من الشرطة الإسرائيلية (رويترز) "أسرلة" التعليم

وعلى صعيد التعليم تطرق الباحث ابحيص إلى مبادرة المجتمع المقدسي لرفض الضم الإسرائيلي من خلال لجنة المعلمين السرية، وتأسيس مدارس عامة موازية لتلك التي سيطر عليها الاحتلال عام 1967، وبات هذا القطاع -الذي تحول لاحقا إلى مدارس الأوقاف- يستوعب معظم طلبة القدس إلى جانب المدارس الخاصة، لكنه اليوم مع طول عمر إهماله ومحدودية رواتب معلميه هُمّش حتى بات يضم نحو 10% فقط من الطلبة مقابل 60% في مدارس المعارف الإسرائيلية، بينما يتوزع البقية على المظلات التعليمية الأخرى.

ومع مرور الوقت تصاعدت حدة الهجمة على قطاع التعليم في المدينة المقدسة، حتى صودق قبل أسابيع على الخطة الخمسية الجديدة التي حملت عنوان "تقليص الفجوات الاجتماعية والاقتصادية والتنمية الاقتصادية لشرقي القدس، 2024-2028″، بقرار حمل رقم (550).

وبلغت الميزانية المرصودة لتهويد قطاع التعليم في الخطة الجديدة 800 مليون شيكل (نحو 210 ملايين دولار أميركي)، تصب معظمها في إطار رفع عدد الطلبة الذين يتخرجون في المدارس بنظام "البجروت" الإسرائيلي، وتقديم الحوافز المادية والتربوية لرفع نسبة الطلبة المؤهلين للحصول على شهادة الثانوية العامة الإسرائيلية عالية الجودة، مع التركيز على اللغة العبرية للطلبة والمعلمين.

تحافظ "المدرسة النظامية" في بيت حنينا في القدس على تدريس المنهاج الفلسطيني الأصيل (الجزيرة) انقلاب في السكن والصحة

وفي مجال الإسكان أشار ابحيص إلى أن المجتمع المقدسي خرج من الانتفاضة الأولى بحالة تحدٍّ شاملة؛ فبنى المنازل بدون ترخيص وتوسع فعليا على الأرض، وتحول عبر مسار أوسلو إلى حالة تبلغ فيها حالات الهدم الذاتي نحو 65% من حالات الهدم السنوية.

ويستطرد ابحيص في تفسير ذلك قائلا "أنتج هذا العزل والتهميش انقلابا في الوعي المقدسي، وتحول من تحدي الاحتلال اعتمادا على اتصاله بعمقه القريب في الضفة الغربية، إلى شعور بأن بلدية الاحتلال قدر لا فرار منه، فتكون النتيجة أن يضطر أبناؤه لهدم بيوتهم بأيديهم حتى لا تترتب عليهم أضرار أكبر".

مستشفى "المطلع" في جبل الزيتون أحد أكبر مستشفيات القدس، يقدم خدماته لمرضى السرطان والكلى (الجزيرة)

كما كانت القدس تمثل العاصمة الصحية والاستشفائية لفلسطين، لكن مع بناء الجدار العازل انخفض الإشغال في مستشفياتها إلى ما دون 40%، مما جعلها عاجزة عن الاستمرار، فتوجهت إلى التعاقد مع صناديق المرضى الإسرائيلية، فبات المريض والطبيب المقدسيان لا يستطيعان التعامل معا إلا عبر صناديق التأمين الصحي الإسرائيلية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی القدس

إقرأ أيضاً:

توقيع اتفاقية تعاون ثلاثية بين الرعاية الصحية وروش للحلول التشخيصية والأدوية

شهد الدكتور أحمد السبكي، رئيس الهيئة العامة للرعاية الصحية والمشرف العام على مشروع التأمين الصحي الشامل، والدكتور رونالد لافاتار، الرئيس التنفيذي للاتحاد الدولي للمستشفيات، والدكتورة ليلى كنعان، المدير العام لشركة روش للحلول التشخيصية بمصر وشمال أفريقيا، توقيع اتفاقية تعاون ثلاثية بين الهيئة العامة للرعاية الصحية وروش للحلول التشخيصية وروش للأدوية، وذلك خلال فعاليات الملتقى السنوي الخامس للهيئة العامة للرعاية الصحية.

الرعاية الصحية تكرم أسرة الطفلة "ديما ما" الفلسطينية وتعلن الفائزين بجوائز التميز 2024 الرعاية الصحية وشركة «تاكيدا مصر» يعلنان خطوات إنشاء أول مركز تميز للأورام

وقع الاتفاقية عن الهيئة العامة للرعاية الصحية، الدكتور أمير التلواني، المدير التنفيذي للهيئة، وعن شركة روش للحلول التشخيصية، المهندس معتز ناصف، المدير التنفيذي لشركة روش للحلول التشخيصية بمصر وشمال أفريقيا، نيابةً عن الدكتورة ليلى كنعان، المدير العام للشركة. 

كما وقع الاتفاقية عن شركة روش للأدوية، الدكتور زياد الأحول، رئيس قطاع الشؤون الحكومية والسياسات الصحية ودعم الأسواق.

وأكد الدكتور أحمد السبكي، رئيس الهيئة العامة للرعاية الصحية، أن توقيع هذه الاتفاقية يمثل خطوة فارقة نحو تسريع تطبيق التكنولوجيا الحديثة في مجال الرعاية الصحية بمصر، بما ينعكس إيجابًا على جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين. وأشار إلى أن تعزيز التعاون مع شركاء عالميين مثل روش للحلول التشخيصية وروش للأدوية يعكس التزام الهيئة بتحقيق التميز في تقديم خدمات الرعاية الصحية، وصولًا إلى تحقيق الأهداف الاستراتيجية لرؤية مصر 2030.

وأضاف السبكي أن هذه الشراكة الثلاثية ستسهم بشكل كبير في تطوير منهجية الباثولوجيا الرقمية وتعزيز حوكمة البيانات، مما يدعم قدرة الهيئة على اتخاذ قرارات صحية دقيقة تستند إلى أحدث التقنيات العالمية، ويعزز مكانة مصر كوجهة رائدة في تقديم الخدمات الصحية على المستوى الإقليمي والدولي.

من جانبها، أعربت الدكتورة ليلى كنعان، المدير العام لشركة روش للحلول التشخيصية بمصر وشمال أفريقيا، عن سعادتها بالتعاون مع الهيئة العامة للرعاية الصحية في هذه المبادرة الاستراتيجية. 

وأكدت أن روش ملتزمة بتقديم أحدث الحلول التكنولوجية لدعم تطوير النظام الصحي في مصر. وأشارت إلى أن الاتفاقية تعكس رؤية مشتركة لتحقيق تحول نوعي في قطاع الرعاية الصحية من خلال تعزيز الابتكار والاعتماد على التكنولوجيا لتحسين النتائج الصحية للمرضى.

تجدر الإشارة إلى أن الملتقى السنوي الخامس للهيئة العامة للرعاية الصحية انعقد تحت رعاية الأستاذ الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، وتحت شعار "نحو العالمية في تقديم خدمات الرعاية الصحية"، في العاصمة الإدارية الجديدة.
 

مقالات مشابهة

  • توقيع اتفاقية تعاون ثلاثية بين الرعاية الصحية وروش للحلول التشخيصية والأدوية
  • عشرات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى
  • الزاوية اللؤلؤية.. قبلة المبعدين عن المسجد الأقصى
  • رئيس الدولة: الإمارات تتطلع إلى توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة مع الفلبين
  • توقيع اتفاقية تعاون بين مكتبة الإسكندرية ومفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين
  • توقيع اتفاقية تعاون بين مكتبة الإسكندرية وهيئة قضايا الدولة
  • مستوطنون يقتحمون الأقصى وسط إجراءات مشددة
  • 62 ألف مستوطن اقتحموا المسجد الأقصى منذ أكتوبر 2023
  • 62 ألف مستوطن اقتحموا الأقصى منذ 7 أكتوبر 2023
  • توقيع اتفاقية جديدة بين اليمن والسعودية .. ووكالة رسمية تكشف تفاصيلها