هل يجب دلك الجسد في الغُسل من الجنابة؟ سؤال أجابت عنه دار الإفتاء المصرية من خلال موقعها الرسمي، حيث يستحب ذلك ولا يجب، ويكفي وصول الماء إلى جميع أجزاء البشرة.

دلك أعضاء الجسد أثناء الغسل من الجنابة

وقالت الإفتاء إن دلك أعضاء الجسد أثناء الغسل من الجنابة سنةٌ وليس فرضًا على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة، وهو المفتى به؛ فعنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له: «فَإِذَا وَجَدْتَ الْمَاءَ فَأَمِسَّهُ جِلْدَكَ، فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ» أخرجه أبو داود في "سننه"، ووجه الدلالة فيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يأمره بزيادة على أن يمس جلده بالماء، ولو كان التدليك فرضًا لأمره به.

وعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي امْرَأَةٌ أَشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِي، فَأَنْقُضُهُ لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ؟ قَالَ: «لا، إِنَّمَا يَكْفِيكِ أَنْ تَحْثِي عَلَى رَأْسِكِ ثَلاثَ حَثَيَاتٍ، ثُمَّ تُفِيضِينَ عَلَيْكِ الْمَاءَ فَتَطْهُرِينَ» أخرجه مسلم في "صحيحه".

قال الإمام النووي في "المجموع" (2/ 185، ط. دار الفكر): [مَذْهَبُنَا أَنَّ دَلْكَ الأَعْضَاءِ فِي الْغُسْلِ وَفِي الْوُضُوءِ سُنَّةٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، فَلَوْ أَفَاضَ الْمَاءَ عَلَيْهِ فَوَصَلَ بِهِ وَلَمْ يَمَسَّهُ بِيَدَيْهِ أَوْ انْغَمَسَ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ أَوْ وَقَفَ تَحْتَ مِيزَابٍ أَوْ تَحْتَ الْمَطَرِ نَاوِيًا فَوَصَلَ شَعْرَهُ وَبَشَرَهُ أَجْزَأَهُ وُضُوءُهُ وَغُسْلُهُ، وَبِهِ قَالَ الْعُلَمَاءُ كَافَّةً إلا مَالِكًا وَالْمُزَنِيَّ فَإِنَّهُمَا شَرَطَاهُ فِي صِحَّةِ الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ] اهـ.

هل يشترط غسل الرأس عند التطهر من الجنابة.. أمين الإفتاء يجيب شروط ماء الاغتسال من الجنابة.. تعرف عليها حكم الوضوء قبل النوم للجنب

وفي جواب سائل يقول: في أحد الأيام نمت وأنا على جنابة، فسألت أحد أصدقائي؛ لعله يكون قد سمع في ذلك شيئًا من العلماء، فقال لي: كان يجب عليك الوضوء قبل النوم؟ فهل يجب على الجنب أن يتوضأ إذا أراد النوم؟، قالت الإفتاء ينبغي على المسلم إذا ما حصلت له جنابة أن يُسَارع إلى الطهارة والاغتسال منها ما استطاع إلى ذلك سبيلًا. فإذا أراد النوم قبل الاغتسال فيُستحبّ له الوضوء قبل النوم.

والجنابة لغة: البُعد؛ ضد القُرب، وجنَّب الشيء، وتَجانبه، واجتنبه أي: بعد عنه، يُقال: أجنب الرجل؛ أي: أصابته الجنابة، وإنما قيل له: جُنُب؛ لأنه نُهي أن يقرب مواضع الصلاة ما لم يتطهر، فتجنَّبها وأجنَب عنها، أي: تَنحَّى عنها، وشرعًا: أمر معنوي يقوم بالبدن يمنع صحة الصلاة حيث لا مُرَخِّص.

فإذا ما حصلت الجنابة فينبغي المسارعة إلى الطهارة منها ما استطاع الجنب إلى ذلك سبيلًا.

وقد استحب فقهاء الشافعية والحنابلة للجنب أن يتوضأ ويغسل فرجه إذا أراد النوم أو الطعام أو معاودة الجماع، وعليه يستحب للجنب أن يتوضأ إذا أراد أن يشرع في أي عمل وهو جنب؛ قال العلامة الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" (2/ 156، ط. دار الفكر): [قال أصحابنا: ويكره للجنب أن ينام حتى يتوضأ، ويستحب إذا أراد أن يأكل أو يشرب أو يطأ من وطئها أولًا، أو غيرها أن يتوضأ وضوءه للصلاة ويغسل فرجه في كل هذه الأحوال.. نص عليه الشافعي في "البويطي"، واتفق عليه الأصحاب] اهـ.


وقال العلامة المرداوي الحنبلي في "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف" (1/ 260، ط. دار إحياء التراث العربي): [ويستحب للجنب إذا أراد النوم، أو الأكل، أو الوطء ثانيًا أن يغسل فرجه ويتوضأ] اهـ.

والأخبار الواردة في ذلك كثيرة؛ منها ما رواه الإمام البخاري عن أبي سلمة رضي الله عنه أنه قال: سَأَلْتُ عَائِشَةَ: أَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم يَرْقُدُ وَهوَ جُنُبٌ؟ قَالَتْ: "نَعَمْ، وَيَتَوَضَّأُ"، وما رواه الإمام مسلم عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم إِذَا كَانَ جُنُبًا فَأَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَنَامَ، تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ".

وعلَّلوا لاستحبابهم الوضوء أيضًا بقولهم: إنه يؤثر في حدث الجنب فيزيل الجنابة عن أعضاء الوضوء؛ قال العلامة الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" (2/ 156، ط. دار الفكر): [وهذا الذي قلناه وقاله المصنف والأصحاب: (إن الوضوء يؤثر في حدث الجنب ويزيله عن أعضاء الوضوء) هو الصحيح الذي قطع به الجمهور، وخالف فيه إمام الحرمين فقال: (لا يرتفع شيء من الحدث حتى تكمل الطهارة)] اهـ.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الجنابة الغسل من الجنابة الإفتاء الصلاة صلى الله علیه وآله وسلم رضی الله عنه من الجنابة

إقرأ أيضاً:

لذا لزم التنويه: عن المعتقل وما فيه

"تفقدُ قيمتَها الأشياء مع الوقتِ، التكرار الرتيبِ، مع ملاحقةِ كلّ احتمالٍ للتمسّكِ، وسحقِ كلّ محاولةٍ للاستعادةِ.. ولو في المخيّلة!

يفقدُ جدواهُ سعي العدمِ ذاكَ، بلا يدٍ على الضفّةِ الأُخرى تستحثُّ السعيَ، بلا أعين تتلهّفُ الدنوّ، وبلا ضمّةٍ يُرجِفُها بردُ الانتظار.

ومحاولاتُ التخليقِ الافتراضيّ أذاها محقّقٌ.. لن تتطوّرَ (نموّا وذبولا).. للخيالِ حدوده هنا، لن تبقى (ينهشُها احتياجٌ لا يشبعُ).. للزهدِ حدوده هنا، ولن تموتَ (ستقتُلنا رفاتُها بداخلِنا؛ تبعا).. للتخلّي -أيضا- حدوده هنا.

ومظنّةُ اعتيادُ الرحيلِ، ثبتُ خطأها بالتجربةِ.. كأنّها الأولى كلّ مرّةٍ.. كأنّه الوحيدُ كلّ راحلٍ".

* * *
ليست السيطرة على الجسد (امتلاكه؟) هي أخطر آثار السجن، ولعلّ غياب إدراكِ هذا ومظنّة أنّ الجسد هو كلّ حيّز سيطرته، ما يدفع البعض للتخلّص من هذا الجسد تخليصا له من هذا الحيز: سأهزمه وإن لم أنتصر
فكّرتُ في الانتحار كثيرا وأنا معتقل، ووقفتُ غيرَ مرّةٍ على حافة العدم، لكنّي لم أقفز؛ بدا التراجع عنه مناقضا لطبائع الأمور في حالٍ كهذا (السجنُ يقتل، والسجّانُ قاتلٌ بالضرورة)، لا علاقة لهذا بإيمانك ولا صلابتك، لعلّه الصبر أو الوعي بدرجةٍ ما (لستُ متأكّدا).

لكنّي شاهدتُ "أ س" بعد أن صفعه مخبر العنبر، في معتقل طرة، وقد قطع شرايين معصمه وابتلع شريطا دوائيا فور إعادته للزنزانة، لعجزه عن تحمّل الإهانة أو ردّها، وقبلها بسنين كنتُ في ذات عربة القطار/الزنزانة مع سجينٍ لا أعرفه وقد قطع خصيتيه أمامنا بعد أن عذّبه المخبرون وأهانوه وهو مقيّد، وألقاها في وجههم ثم سقط وسط بركة دمه.

ليست السيطرة على الجسد (امتلاكه؟) هي أخطر آثار السجن، ولعلّ غياب إدراكِ هذا ومظنّة أنّ الجسد هو كلّ حيّز سيطرته، ما يدفع البعض للتخلّص من هذا الجسد تخليصا له من هذا الحيز: سأهزمه وإن لم أنتصر، أو كما قلتُ لنفسي حينها: "سأخرج من هنا ولو جثمانا".

ليس قنوطا بالضرورة، إنّما رفضٌ للانحسار القسريّ في "بينٍ" لا يليق، "إذا كانت هذه هي الحياة، فلن أستمرّ"، اضطرار في غياب الاختيارات بيدِ القاتل/السجّان، لا يفزعني وأنا أعيد النظر إليه الآن، كما لا أشفق على نفسي فيه حتى، فقط أفكّر: لماذا لم أنتحر رغم كلّ ما جرى؟ لماذا لا ينتحر المعتقلون؟

* * *

"فالتعذيبُ إذن يلعبُ وظيفة قانونيّة وسياسيّة، إنّه احتفال من أجل إعادة إقرار السيادة بعد جرحها لحظة" (ميشيل فوكو، المراقبة والمعاقبة).

في أولى المرّات تركوني بعد تعذيبٍ لثلاثة أيّام عندما بكيت، كان هذا هو الغرض، والتحدّي في المقابل، لكنّي لم أصمد إلا لثلاثة أيّام ثم خذلني ذهني وجسدي، أو لعلّي منحتهم الأمر لا واعيا لتنتهي المعاناة؛ لم أسامح نفسي على هذا الخروج، رغم فعل تمرّدٍ قمتُ به ردّا لإهانة، أو ربّما لأمنح نفسي العذر، لكن ظللتُ أعتبره خروجا مذلّا لسنين.

في الثانية، بعد عودتي من فلسطين مطلع 2009م، وتحديدا عند وصولي سجن ترحيلات الخليفة في القاهرة، وشوشَ ضابطٌ يرافقُ الترحيلة مأمور السجن وهو يناوله ملفّي، فقال المأمور"انت جيت يا.. أمّك" واندفع سيل وسخ هادر عليّ.

علّقوني خلفيّا في سقفٍ حديديّ، وبدأوا حفل تعذيبٍ. تكرّر في كلّ محطّةٍ وقفتُ فيها من رفح وصولا إلى سجن الأبعاديّة على اختلاف أماكن الاحتجاز وجهات تبعيّتها، وكان الغرضُ أيضا أن أبكي وأطلب العفو (هكذا قال مأمور قسم الترحيلات، والذي شارك بنفسه في التعذيب).

أقنعتُ نفسي أنّها لحظة طارئة، ولم أدرك أن الطارئ ممتدٌّ بطول العمر سوى حين التفتُّ لمرور 18 سنة منذئذٍ، ولم يعبر الطارئ أو ينتهِ (الحياةُ هي تلك اللحظة الطارئة/القاسية، على ما يبدو)، لكنّ الذهن لا يدركُ هذا ولا يستوعبه بمجرّد التفكير فيه، فقد انحشرتُ هناك ولم أخرج بعد، والسجّان (على باب الزنزانة، أو في قصر الحكم) واحدةٌ من غاياته ألا يخرج أحدٌ من هناك سوى مقبورا تحت الأرض أو في ذاته
كان الضربُ مؤلما، وكُسِرَ كوعي بضربة منه وما زالت به إعاقة. ولم يكن ثمّة حيلة أستخدمها كي لا أبكي وأصرخ طالبا الرحمة، في الوقت ذاته كنتُ قررتُ بالفعل ألا أكرر ما حدث في التعذيب السابق: لن أبكي أو أطلب الرحمة ولو متّ معلّقا هكذا، واهتديتُ ساعتئذٍ لأن أبدل الصراخ بالشتم والبكاء بالضحك، وفعلتُ كما أردتُ تماما، ظللتُ أضحك وأغني وأشتم حتى جنّ جنونهم وفقدوا الأمل فأوقفوا التعذيب وأنزلوني ثم رموا بي إلى الحجز مكسّر العظام، حرفيّا، غير قادرٍ حتى على التنفّس من فرط الوجع.

* * *

من هناك بدأ الخلل يتسلل إلى الـ"System" في نفسي، أو لعلّها كانت لحظة التجلّي لا الحدوث، أقنعتُ نفسي أنّها لحظة طارئة، ولم أدرك أن الطارئ ممتدٌّ بطول العمر سوى حين التفتُّ لمرور 18 سنة منذئذٍ، ولم يعبر الطارئ أو ينتهِ (الحياةُ هي تلك اللحظة الطارئة/القاسية، على ما يبدو)، لكنّ الذهن لا يدركُ هذا ولا يستوعبه بمجرّد التفكير فيه، فقد انحشرتُ هناك ولم أخرج بعد، والسجّان (على باب الزنزانة، أو في قصر الحكم) واحدةٌ من غاياته ألا يخرج أحدٌ من هناك سوى مقبورا تحت الأرض أو في ذاته.

* * *

"فادِحةٌ تلكَ اللحظةَ التي ندركُ فيها أننا لم نكن شجعانَ كفاية لنمضي قدما، ولا جبناءَ كفاية لنرتدّ على أعقابنا.

بئيسٌ ذلكَ الأملُ الخدّاعُ الذي يتناوبُنا، لا يحضرُ تماما لننفجر.. لا يغيبُ مطلقا لنسقطَ دفعة واحدة، فقط يستنزِفُنا.. يبعثرُ ذرّات وجودِنا على جانبي المسارِ كأثرٍ عارض.

لم تهيّئنا -حتى- أسوأُ الكوابيسِ لتلكَ "الماضويّة القسريّة" و"الجنديّة الاضطرارية في معركةِ الأزلِ"، لم تهيّئنا لـذلك المسخُ الذي حاولَ الانسلاخَ من تاريخِهِ، فانحشرَ في برزخِ البينِ؛ لا دودة ظلّ، ولا فراشة أصبح!".

مقالات مشابهة

  • قصة هجرة إبراهيم عليه السلام ومعجزة ماء زمزم
  • الطبق الذي كان يفضله الرسول عليه الصلاة والسلام
  • هل تأخير الاغتسال من الجنابة في رمضان إلى بعد الفجر يبطل الصيام؟
  • عادات خاطئة بوجبة السحور قد تسبب تعب للصائم.. جمال شعبان يحذر
  • دعاء اليوم الثاني من رمضان.. تعرف عليه
  • أمين الفتوى لمن يقضي نهار رمضان نائمًا: «صيامك مقبول»
  • موعد سحور ثاني يوم رمضان.. تعرف عليه
  • الإفتاء: صيام من ينام طول النهار ويستيقظ قبل المغرب صحيح ولكن بشرط
  • لذا لزم التنويه: عن المعتقل وما فيه
  • الشغل بدل الدفع.. قانون جديد يلزم المحكوم عليهم بعمل للمنفعة العامة