سجلت الصين انتعاشا اقتصاديا في أغسطس مع سلسلة مؤشرات فاقت التوقعات، غير أن بعض المحللين حذروا بأن هذا التفاؤل قد لا يدوم طويلا، رغم التدابير التي اتخذتها السلطات.

وسعيا لتحفيز النشاط في القوة الاقتصادية الثانية في العالم، ضاعفت بكين في الأسابيع الأخيرة التدابير المحددة الأهداف، غير أنها لا تزال تتمنع عن إقرار خطة إنعاش واسعة النطاق يدعو إليها خبراء الاقتصاد، خشية أن تزيد من ديونها.

وأقرّت الحكومة بصورة خاصة تسهيلات ضريبة للأسر والشركات بهدف دعم الاستهلاك.

وكانت الأسواق تتوقع أن تظهر انعكاسات التدابير التي أعلنت في الأسابيع الماضية على الاقتصاد.

وارتفعت مبيعات التجزئة، المؤشر الرئيسي لاستهلاك الأسر، بنسبة 4,6% في أغسطس بالمقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي، بحسب الأرقام الرسمية الصادرة الجمعة عن مكتب الإحصاءات الوطني.

وتعكس هذه البيانات وتيرة أسرع بكثير من يوليو والتي بلغت حينها نموا بـ 2,5 بالمئة، وأعلى كذلك من توقعات محللين استطلعتهم وكالة بلومبرغ عند 3 بالمئة.

ويعتبر هذا النمو الأكبر منذ مايو لهذا المؤشر الذي تراقبه الأسواق.

وضع صعب في القطاع العقاري

غير أن النشاط الاقتصادي لا يزال يعاني من تباطؤ الاقتصاد العالمي، الذي ينعكس على الطلب على المنتجات الصينية، وبالتالي على صادرات هذا البلد، كما أنه يتأثر مباشرة بالأزمة الحادة في القطاع العقاري.

وسعيا لتحفيز هذا القطاع، قامت عدة مدن كبرى مثل بكين وشنغهاي وكانتون، بخفض معاييرها من أجل الحصول على قرض لقاء رهن عقاري، كما سمحت للذين يشترون أول مسكن لهم بمعاودة التفاوض على نسب الفوائد على قروضهم.

غير أن هذه التدابير لم تفض إلى نتيجة حتى الآن إذ سجلت أسعار العقارات ارتفاعا إضافيا في أغسطس بوتيرة سنوية.

وبات هذا التراجع يطال 52 مدينة من أصل سبعين تشكل مجموعة مرجعية، بالمقارنة مع 49 في يوليو و38 في يونيو وفق أرقام مكتب الإحصاءات الوطني.

وخفضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، الخميس، نظرتها المستقبلية للقطاع العقاري الصيني من "مستقرة" إلى "سلبية"، معتبرة أن تدابير الدعم لن يكون لها سوى تأثير "قصير الأمد".

وتوقعت موديز تراجع المبيعات بحوالى 5 بالمئة خلال الأشهر الستة إلى الـ12 المقبلة.

ويعتبر القطاع العقاري دعامة أساسية للاقتصاد ولطالما شكل ربع إجمالي الناتج المحلي للصين.

بطالة في تراجع ظاهري

كذلك تسارع الإنتاج الصناعي بشدة في أغسطس محققا نموا بـ 4,5 بالمئة بوتيرة سنوية، وهي نسبة أعلى بكثير من يوليو والتي بلغت حينها 3,7 بالمئة، ومن توقعات محللين عند 3,9 بالمئة.

ونتيجة لذلك تراجعت نسبة البطالة بشكل طفيف الشهر الماضي في الصين لمجمل السكان في سن العمل مسجلة 5,2 بالمئة بحسب الأرقام الرسمية، التي لم تعد تذكر النسبة لشريحة ما بين 16 و24 عاما، بعدما سجلت بطالة الشباب رقما قياسا في يونيو بلغ 21,3 بالمئة.

غير أن متحدثا باسم مكتب الإحصاءات الوطني، فو لينغوي، أكد أن سوق العمل للشباب "تحسنت بصورة واضحة"، من دون أن يعلن أرقاما مفصلة للشهر الماضي.

وتحتسب نسبة البطالة في الصين للمناطق الحضرية فقط، ولا تعكس بالتالي سوى صورة مجتزأة للوضع العام.

على صعيد آخر، تباطأ الاستثمار في رأس المال الثابت إلى 3,2 بالمئة، بوتيرة سنوية خلال الأشهر الثماني الأولى من السنة.

وهذا رابع شهر على التوالي من التباطؤ في هذا المؤشر الذي يعكس الإنفاق في العقارات والبنى التحتية والتجهيزات والآليات، وهي قطاعات عوّلت الحكومة عليها في الماضي لتحفيز النشاط الاقتصادي.

حاجة ملحة

وسعيا لدعم الانتعاش الاقتصادي، خفض البنك المركزي الصيني مجددا، الخميس، نسبة فائدة مرجعية، في ثالث إجراء من نوعه خلال بضعة أسابيع.

وتم تخفيض نسبة الاحتياطي الإلزامي الذي يحدد حصة الودائع التي يفترض على المصارف إيداعها في البنك المركزي كإجراء احترازي، بمقدار 0,25 نقطة مئوية إلى حوالى 7,4 بالمئة.

ويفترض أن يسمح هذا الإجراء للمصارف بمنح المزيد من القروض بشروط أفضل.

وعلق خبر الاقتصاد تشيوي تشانغ من شركة "بينبوينت أسيت ماناجمنت"، أن هذا التخفيض "مؤشر مثير للاهتمام مفاده أن ثمة حاجة ملحة لتحفيز النمو"، من غير أن يستبعد اتخاذ تدابير أخرى "لإرساء الاستقرار بصورة مستديمة" على الصعيد الاقتصادي.

المصدر: سكاي نيوز عربية

كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات بكين الاقتصاد مبيعات التجزئة النشاط الاقتصادي بكين شنغهاي موديز القطاع العقاري الإنتاج الصناعي البطالة الإنفاق البنك المركزي الصيني الصين اقتصاد الصين الاقتصاد الصيني تباطؤ اقتصاد الصين نمو الاقتصاد الصيني بكين الاقتصاد مبيعات التجزئة النشاط الاقتصادي بكين شنغهاي موديز القطاع العقاري الإنتاج الصناعي البطالة الإنفاق البنك المركزي الصيني أخبار الصين فی أغسطس غیر أن

إقرأ أيضاً:

الصين ترد على ترامب برسوم جمركية بنسبة 34 بالمئة على السلع الأمريكية

فرضت الصين، الجمعة، رسوماً جمركية إضافية بنسبة 34 بالمئة على السلع الأمريكية، في خطوة تُعدّ من أشد فصول التصعيد في الحرب التجارية مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي أججت المخاوف من ركود اقتصادي عالمي وأثارت اضطراباً واسعاً في أسواق المال العالمية.  

وفي إطار المواجهة بين أكبر اقتصادين في العالم، أعلنت بكين كذلك عن فرض قيود على تصدير بعض المعادن النادرة، وتقدمت بشكوى رسمية إلى منظمة التجارة العالمية، في وقت تمسّك فيه ترامب بموقفه، مؤكداً عزمه على مواصلة السياسة التجارية الحالية.  

وأدرجت الصين 11 شركة أمريكية ضمن قائمة "الكيانات غير الموثوقة"، ما يمكّنها من فرض إجراءات عقابية عليها، لا سيما تلك المرتبطة بصفقات الأسلحة إلى تايوان، التي تعتبرها بكين جزءاً لا يتجزأ من أراضيها.  

وتأهبت دول أخرى للرد، من بينها كندا، بعد أن رفع ترامب هذا الأسبوع الرسوم الجمركية إلى أعلى مستوياتها منذ أكثر من مئة عام، ما أسفر عن تراجع حاد في الأسواق العالمية.  

ورفع بنك "جيه. بي. مورغان" من احتمالات دخول الاقتصاد العالمي في حالة ركود إلى 60 بالمئة بحلول نهاية العام، مقارنة بـ 40 بالمئة سابقاً، بينما تكبدت وول ستريت خسائر فادحة بعد الإعلان عن الخطوة الصينية، متأثرة بفقدان أكثر من 2.4 تريليون دولار من القيمة السوقية للأسهم المدرجة.  


وتراجعت أسهم كبرى شركات التكنولوجيا، ليتكبد مؤشر ناسداك خسارة حادة بنسبة 3.69 بالمئة، ويفقد بذلك 20 بالمئة من قيمته مقارنة بأعلى مستوى سجّله في كانون الأول/ديسمبر الماضي، بينما تراجعت أسهم شركتي "أبل" و"إنفيديا" بنسب 4.7 بالمئة و3.4 بالمئة على التوالي.  

وفيما قلل فريق ترامب من شأن تداعيات ما وصفه بـ"تعديل في الأسواق"، أكّد الرئيس الأمريكي في منشور على وسائل التواصل أن الوقت الحالي هو "الأنسب للثراء"، مبدياً انفتاحه على التفاوض مع الصين في ملف تطبيق "تيك توك"، مقابل تخفيف الرسوم المفروضة على السلع الصينية.  

وفي طوكيو، اعتبر رئيس الوزراء الياباني أن الرسوم الأمريكية خلقت "أزمة وطنية"، بينما سجّلت البورصة اليابانية أسوأ أداء أسبوعي لها منذ سنوات.  

من جانبه، رأى رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول أن الرسوم "فاجأت الأسواق" وأدت إلى تفاقم التضخم وزيادة الغموض الذي يواجهه الاقتصاد الأمريكي.  

ويتوقع أن تؤدي الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة إلى ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية داخل الولايات المتحدة، بما في ذلك الإلكترونيات والأحذية والملابس، حيث رجّحت تقارير أن يصل سعر هاتف آيفون الفاخر إلى نحو 2300 دولار في حال نقلت "أبل" العبء إلى المستهلك.  
 
ورداً على الرسوم الأمريكية التي بلغت 54 بالمئة على الواردات الصينية، تواجه الصين أيضاً رسوماً مماثلة، فيما يهدد الاتحاد الأوروبي برفع الرسوم إلى 20 بالمئة على صادراته إلى الولايات المتحدة.  

ويصرّ ترامب على أن هذه الإجراءات تهدف إلى معالجة العجز التجاري، وخلق وظائف في قطاع التصنيع، وفتح الأسواق العالمية أمام الصادرات الأمريكية، رغم إقرار المسؤولين بأن تحقيق تلك الأهداف سيستغرق وقتاً.

مقالات مشابهة

  • الصين تضيف 11 شركة أمريكية إلى قائمة الكيانات غير الموثوق بها
  • الصين ترد على ترامب برسوم جمركية بنسبة 34 بالمئة على السلع الأمريكية
  • الصين ترد على التعريفات الجمركية الأمريكية
  • ماذا تعرف عن محور موراج الذي يفصل رفح عن خانيونس؟
  • الخزانة الأمريكية: روسيا وبيلاروسيا ليستا على قائمة الدول التي ستتأثر بالرسوم الجمركية 
  • استطلاع يكشف عن نتائج مفاجئة.. هل يمنح السوريون الفرصة كاملة للشرع؟
  • لماذا غابت روسيا عن قائمة الدول التي شملتها الرسوم الجمركية الأمريكية؟
  • استطلاع يكشف.. نسبة تأييد ترامب تتراجع إلى 43%
  • اقتصاد السعودية على المحك.. هل تؤثر أزمة النفط في رؤية 2030؟
  • الذهب يلمع مع تصاعد المخاوف من تداعيات الرسوم الجمركية