في الذكرى الـ20.. مؤتمر في قطر يرصد تداعيات الغزو الأميركي للعراق
تاريخ النشر: 15th, September 2023 GMT
الدوحةـ رغم مرور أكثر من عقدين على الغزو الأميركي للعراق عام 2003، لا تزال تداعيات هذا الغزو محسوسة وتعكس تأثيرا عميقا على الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية للعراق.
وفي محاولة لرصد النتائج والآثار المترتبة على هذا الغزو، نظمت جامعة جورجتاون في قطر مؤتمرا بعنوان "غزو العراق: تأملات إقليمية" في الفترة من 14 إلى 16 سبتمبر/ أيلول الجاري، لمناقشة تداعيات الغزو الأميركي وتقديم المسارات المحتملة لمستقبل البلاد.
ويهدف المؤتمر إلى مناقشة الحلول والمبادرات المشتركة لمواجهة التداعيات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية العميقة للصراع على مستوى الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية.
ويشارك في المؤتمر عدد كبير من القادة المؤثرين في تشكيل الرأي العام في العراق، أبرزهم الرئيس العراق السابق برهم صالح، بالإضافة إلى باحثين دوليين وصحفيين إلى جانب مشاركة سفيري الولايات المتحدة وبريطانيا في دولة قطر.
برهم صالح أكد أن العراق بحاجة إلى إصلاح جذري وعقد سياسي ودستوري جديد (الجزيرة) الحرب ليست الخيار الأمثلوفي كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، قال الرئيس العراقي السابق برهم صالح إن "من المؤكد أن الحرب ليست الخيار الأمثل، وكذلك الأمر بالنسبة للكثير من العراقيين الذين ناضلوا دون كلل لعقود من الزمن من أجل الإطاحة بنظام الدكتاتورية، إلا أن تحقيق ذلك عبر الاستعانة بقوى خارجية لم يكن حتما خيارا محبذا أو مفضلا بالنسبة لهم".
لكن صالح اعتبر أن الحرب كانت بمثابة "فرصة" لتحرير الكثير من العراقيين من الدكتاتورية، ومن كابوس الاستبداد الذي طال أمده، ورأى أنه بعد سقوط نظام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين أتيحت للعراق الفرصة لتضميد جراحه وتشكيل مسار جديد قوامه التعايش والأمن.
وأشار إلى أنه رغم الفرصة التي أتاحها الإطاحة بالنظام السابق في العراق للتعافي والبناء، فإن التوقعات لم تتحقق بالكامل، بسبب تدخلات مباشرة وغير مباشرة من بعض الدول في الشأن العراقي، وبالتالي لم يحقق العراق التوقعات في عملية الانتقال السياسي التي أعقبت الغزو الأميركي.
ونوه إلى أن العراق لا يزال يعاني من مشاكل عميقة ومتجذرة تمتد لعقود من الإخفاق السياسي والحكومي، موضحا أن هذه المشاكل تتمثل في الجمود السياسي، والخلافات الدستورية، والتوترات العرقية والدينية، وسوء الحكم، والفساد المستشري.
ولفت صالح إلى أن العراق ما زال يواجه مشكلات عميقة جراء الدكتاتورية التي عاشها إلى جانب ما شهده من توترات عرقية وطائفية أعقبت الغزو، مؤكدا أن بلاده بحاجة إلى إصلاح جذري وعقد سياسي واجتماعي ودستوري جديد يقوم على مراجعة موضوعية لأخطاء الماضي وتجاربه ويعيد صياغة العلاقة بين الحكومة والشعب ويأخذ بعين الاعتبار الدروس خلال العشرين سنة الماضية.
وتطرق الرئيس العراقي السابق إلى التحديات التي تواجهها بلاده، ومن أبرزها التغيرات المناخية، إذ أشار إلى أن العراق واحد من بين 5 بلدان يهددها خطر التغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة والتصحر وتآكل اليابسة، وهو الأمر الذي سيؤثر سلبا على مستقبل العراقيين.
جانب من حضور الجلسة الافتتاحية للمؤتمر (الجزيرة) العلاقة مع دول الجوارودعا صالح إلى ضرورة إعادة هيكلة الاقتصاد المعتمد بشكل رئيسي على عائدات النفط وتنويع مصادر الدخل، معتبرا أن الاعتماد الشديد على النفط كمورد رئيسي للإيرادات، يعد أمرا خطيرا وغير مستدام، فزيادة تراجع الطلب على النفط وتحول العالم نحو الطاقة النظيفة سيتسبب في تراجع تدريجي لإيرادات الاقتصاد العراقي على المدى الطويل.
وتحدث الرئيس العراقي عن علاقة بلاده بدول الجوار، إذ رأى أن العراق لم يعد يشكل مصدر تهديد لجيرانه بل يسعى للاندماج في المنطقة ويقود شراكات مع دول الجوار المختلفة، مرحبا في الوقت نفسه بالمسار الجديد الذي تشهده العلاقات بين السعودية وإيران اللتين تعدان من أبرز جيران العراق.
من جهته، علق عميد جامعة جورجتاون في قطر صفوان المصري على الوضع الصعب الذي واجهته العائلات والمدن العراقية بسبب الغزو والاحتلال، قائلا "خلال العقدين الماضيين، من الصعب أن نجد مدينة أو عائلة عراقية لم يلحقها الخراب بسبب الغزو والاحتلال الذي تلاه".
وأوضح المصري، في كلمته بالجلسة الافتتاحية، أن المؤتمر سيناقش تأثير الغزو على العراقيين والمنطقة بشكل عام، وسيدرس تداعياته على السياسة العالمية والسياسة الخارجية الأميركية تجاه المنطقة، كما أشار إلى تغير المواقف في المنطقة وخارجها تجاه الولايات المتحدة بعد الغزو.
وبدورها تؤكد رئيس كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني في البرلمان العراقي آلاء طالباني أنه رغم مرور 20 عاما على الغزو، فلا يزال العراق يعاني الكثير من الإخفاقات سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي.
طالباني تعدد المشكلات التي واجهت العراق بعد الغزو (الجزيرة) دستور جديدوتقول طالباني، في تصريح للجزيرة نت، إن العراق حاول إعادة الإعمار بعد سنوات من الحروب ثم الغزو والاحتلال الأميركي، لكن رافق ذلك عديد من المشكلات والمعوقات، مشيرة إلى أن أبرز هذه العقبات هو الصعود الكبير للجماعات المسلحة مثل "القاعدة" و"تنظيم الدولة" وغيرها وما استلزم ذلك من جهود ونفقات لمجابهتها، إضافة إلى خطر "الطائفية" التي أثرت على النسيج المجتمعي للعراقيين وأودت بحياة الآلاف ولا تزال آثارها قائمة حتى الآن.
كما تشير إلى أن العراق خلال العقدين الماضيين، افتقد وجود سياسة واضحة تجاه دول الجوار والإقليم، مؤكدة أنه آن الأوان لاتباع سياسات أفضل ووضع سياسة إستراتيجية واضحة للتعامل مع جيران العراق ودول المنطقة في ظل وجود انقسام بين المكونات العراقية حول التعامل مع دول بعينها.
وفي ما يتعلق بالوضع الداخلي، ترى طالباني أنه يجب إعادة النظر في الدستور الذي يحكم العراق منذ عام 2005 وأنه حان الوقت لمراجعته وتعديله بما يتماشى مع المتغيرات التي يشهدها المجتمع.
وبشأن العلاقة مع الولايات المتحدة بعد مرور عقدين على غزو العراق، تقول رئيس كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني في البرلمان العراقي إن الولايات المتحدة ظلت دولة محتلة للعراق لمدة سنوات حتى نجحت بغداد في إخراج القوات الأميركية عام 2011 واستعادة سيادتها، والمجموعات الموجودة الآن هي لتقديم الدعم والاستشارة فقط وهذا كان باتفاق، مؤكدة أن العلاقة بين الدولتين طبيعية رغم بعض التدخلات من جانب واشنطن في الشأن العراقي.
وعقب الجلسة الافتتاحية للمؤتمر عقد نقاش بعنوان "حرب العراق والدبلوماسية العالمية" شارك به سفير الولايات المتحدة لدى قطر تيمي ديفيس، وسفير المملكة المتحدة بالدوحة جوناثان ويلكس.
وخلال النقاش دافع سفيرا الولايات المتحدة وبريطانيا عن قرار بلديهما بغزو العراق، معتبرين أن قرار الحرب كان من أجل مساعدة العراقيين على التخلص من الاستبداد.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الرئیس العراقی الرئیس العراق إلى أن العراق دول الجوار
إقرأ أيضاً:
مسؤول أممي يحذر من تداعيات تفكيك الأونروا على مصير ملايين اللاجئين في فلسطين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
حذر المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا) فيليب لازاريني، من أن تفكيك الوكالة، في غياب بديل قابل للتطبيق، سيحرم الأطفال الفلسطينيين من التعليم في المستقبل المنظور، ويؤدي إلى أثار سلبية بشأن مصير ملايين اللاجئين والنازحين في غزة.
وذكر مركز إعلام الأمم المتحدة، أن هذا التحذير الأممي يأتي في أعقاب مصادقة البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) مؤخرا على قانونين يحظران عمل وكالة الأونروا في إسرائيل (وبالتالي في الأرض الفلسطينية المحتلة) ويمنعان المسؤولين الإسرائيليين من أي اتصال بالوكالة، وقد أبلغت إسرائيل رسميا الأمم المتحدة اليوم بانسحابها من اتفاق عام 1967 الذي ينظم علاقاتها مع الأونروا.
وقال المفوض العام للوكالة - في منشور على موقع "إكس" - إن الأونروا هي الوكالة الأممية الوحيدة التي تقدم التعليم مباشرة في مدارس الأمم المتحدة، التي تعد نظام التعليم الوحيد في المنطقة الذي يتضمن برنامجا لحقوق الإنسان ويتبع معايير الأمم المتحدة وقيمها".
وأشار "لازاريني" إلى أنه حتى أكتوبر من العام الماضي، وفرت الأونروا التعليم لأكثر من 300 ألف صبي وفتاة في غزة، أي ما يعادل نصف مجموع أطفال المدارس، الذين يخسرون الآن عامهم الدراسي الثاني.
وحذر "لازاريني" من "أن الأطفال بدون التعليم سينزلقون إلى براثن اليأس والفقر والتطرف، وبدون تعليم، سيقع الأطفال فريسة للاستغلال، بما في ذلك الانضمام إلى الجماعات المسلحة، وبدون تعلم، ستبقى هذه المنطقة غير مستقرة ومتقلبة، وبدون الأونروا، سيبقى مصير ملايين الأشخاص على المحك".
وشدد مفوض الأونروا على "أنه بدلا من التركيز على حظر الأونروا أو إيجاد بدائل، يجب أن يكون التركيز على التوصل إلى اتفاق لإنهاء هذا الصراع"، مشيرا إلى أن ذلك هو السبيل الوحيد لإعطاء الأولوية للعودة إلى المدرسة لمئات الآلاف من الأطفال الذين يعيشون حاليا بين الأنقاض، قائلا "حان الوقت لإعطاء الأولوية للأطفال ومستقبلهم".