قال الشيخ الدكتور بندر بليلة، إمام وخطيب المسجد الحرام،  إن من رحمته سبحانه بعباده فَتْحُ بابِ التوبة لهم، ومغفرةُ ذنوبِهم، وسَترُ عيوبِهم؛ إذْ حِلمُه سبق غضبَه، وعفوُه سبقَ مؤاخذتَه، ثم يُدخِلُهُم جنتَه برحمته لا بأعمالهم فحسْب.

جالب للرحمة 

واستشهد " بليلة " خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة، بما ورد  عن أبي هريرة رضي اللهُ عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لما قضى اللهُ الخلقَ كتب عنده فوق عرشه: إن رحمتي سَبَقتْ غضبي) وفي رواية: (غَلبتْ غضبي)، مشيرًا إلى أن أسعدَ الناسِ برحمة اللهِ مَن جانبَ المعاصي والمحرمات، وأقبل على الطاعات والقُرُبات.

ونبه إلى أن الاستغفارُ جالبٌ للرحمة، دافع للنِّقمة، فمَن رَحِم عبادَ اللهِ رحمهُ الله، وفي الحديث: (إنما يَرحمُ اللهُ مِن عباده الرحماء) من حديث أسامةَ بنِ زيدٍ رضي اللهُ عنه، منوهًا بأن الله سبحانه وتعالى وضعَ الرحمةَ بين عباده وبين الحيوان ليتراحموا، فما رحمةُ الأمُّ بأولادها.

وأضاف:  وما رحمةُ القلوبِ البشريةِ بالضعفاء، وما رحمةُ الطيرِ والوحشِ بعضها ببعض، إلا فيضُ رحمةٍ من رَحَمات الرحيم سبحانه جل وعلا، منوهًا بأن الله عز وجل قد غَمَرَ الخلقَ بفضله وأمطرهم بوابل السحائب، وعمَّهم بنَيله ولطف بهم عند النوائب.

 ودلل بما ورد عن أبي هريرة رضي اللهُ عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن لله مائةَ رحمة، أنزل منها رحمةً واحدةً بين الجن والإنس والبهائم والهوام، فبها يتعاطفون، وبها يتراحمون، وبها تَعطِفُ الوحشُ على ولدها، وأخَّرَ اللهُ تسعًا وتسعين رحمة، يرحمُ بها عبادَه يوم القيامة).

معرفةُ اللهِ

واستطرد : وقال ابنُ القيم رحمه الله: (وأنت لو تأملتَ العالمَ بعَينِ البصيرةِ لرأيتَه مُمتلئا بهذه الرحمةِ الواحدة، كامتلاء البحرِ بمائه، والجوِّ بهوائه)، مشيرًا إلى أن معرفةُ اللهِ سبحانه وتعالى أصلُ الدين، وسُلَّمُ اليقين، واللهُ سبحانه له من الأسماءِ أكرمُها، ومن الصفاتِ أعظمُها، ومن أسمائه سبحانه الرحمنُ والرحيم، ومِن صفاتِه الرحمة، وهي صفةُ كمالٍ لائقةٍ به سبحانه، لا نقصَ فيها بوجه من الوجوه.

وأفاد بأن رحمةَ ربِّنا سبحانه عامةٌ شاملة، عَمَّت الكونَ ومَن فيه، وآثارُ رحمته سبحانه ظاهرةٌ للعَيان، واضحةٌ للأنام، فبرحمته خلق الإنسان في أحسن تقويم، وسوَّى جِسمَه وأحيا روحَه، وأمدَّه بالعقل، وغَذَاه بالنِّعم  وبرحمته خَلَقَ الشمسَ والقمر، وجَعَل الليلَ والنهار، وبَسَط الأرض، وجعلها مِهادًا وفِراشًا وقرارا، وكِفاتًا للأحياء والأموات، وبرحمته سبحانه أرسلَ الرُّسُل، وأنزلَ الكتب؛ هُدىً للخَلْق بعد ضلالة، وتعليمًا بعد جَهالة، وتبصيرًا مِن عَمى، ورُشدًا مِن غَي.

 

 

 

 

 

 

 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: إمام و خطيب المسجد الحرام خطيب المسجد الحرام بليت خطبة الجمعة من المسجد الحرام

إقرأ أيضاً:

المفتي السابق يكشف حكم من يصوم ولا يصلى

أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية السابق، أن ترك الصلاة لا يجوز بحال من الأحوال، بل إن المسلم مأمور بأداء جميع العبادة التي فرضها الله سبحانه وتعالى، من صلاة وصيام وزكاة وحج وغيرها من العبادات.

وأشار مفتي الديار المصرية السابق، خلال تصريح، إلى قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة"، بمعنى أن المسلم يجب عليه الالتزام بكافة شرائع الإسلام، وألا يختار منها ما يشاء ويترك ما يشاء، فقد وقع في قول الله تعالى: "أفؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض" مما يعني أن التزام المسلم بكل عبادة فرضها الله واجب عليه.

وتحدث عن الشروط والأركان الخاصة بكل عبادة، مؤكدًا أنه إذا أدى المسلم عبادة واحدة بشكل صحيح، مثل الصوم، مع تركه للعبادات الأخرى، فإن صومه يكون صحيحًا من الناحية الشرعية، ولكنه يكون آثمًا بتركه لبقية العبادات، مضيفا أن المسلم الذي يصوم ولا يصلي قد يؤدي الصيام بشكل صحيح، لكن تركه للصلاة يعتبر معصية كبيرة، ويجب عليه أن يبادر بالتوبة إلى الله سبحانه وتعالى.

وأكد الدكتور شوقي أن المسلم الذي يجمع بين الصلاة والصوم يكون أجدر بالثواب والأجر، ويكون أقرب لقبول الله سبحانه وتعالى من المسلم الذي يترك الصلاة.

مقالات مشابهة

  • الدكتورة هبة النجار: الرزق ليس مالا فقط وإنما هناك نعم خفية
  • داعية إسلامية: الرزق ليس مالا فقط.. النعم الخفية لا تعد ولا تحصى
  • حكم الذكر عند الطواف بالكعبة بالأذكار المأثورة وغير المأثورة
  • علي جمعة: التجلي الإلهي يجعل الإنسان مستحضرًا لله في كل شيء
  • مرحب شهر الصوم.. جدول صلاتي التراويح والتهجد في المسجد الحرام خلال رمضان
  • تكليف الشيخ الدكتور صالح بن حميد شيخًا لأئمة المسجد الحرام
  • ذنوبي كثيرة هل يتوب الله علي؟.. الشيخ محمد كساب يجيب
  • المفتي السابق يكشف حكم من يصوم ولا يصلى
  • الشيخ محمد كساب يوجه رسالة عن التوبة والرجوع إلى الله: «لا تيأس»
  • أروع العبارات عن شهر رمضان