قراءة في موقف تونس من زلزال المغرب وفيضانات ليبيا.. هل عززت الانقسام؟
تاريخ النشر: 15th, September 2023 GMT
أعلنت تونس وقوفها الكامل مع المغرب في معالجة تداعيات الزلزال المدمر وليبيا إثر كارثة السيول المأساوية، وأبدت استعدادها لإنجاد سلطات البلدين على مستوى الخبراء والمساعدات الإغاثية.
وأكدت الرئاسة التونسية في حينه وقوفها إلى جانب الشعبين المغربي والليبي في الكارثتين، إلا أن هذا الموقف وإن كان قد تمت ترجمته في الشأن الليبي إلى مساعدات عينية، فإنه في الشأن المغربي ظل خافتا.
منذ اليوم الأول لوقوع الزلزال في المغرب فجر يوم السبت الماضي أصدرت الرئاسة التونسية بيانا أكدت فيه أن "الشعب التونسي يتقاسم مع شقيقه المغربي الألم والأسى على إثر الزلزال المدمّر الذي جدّ يوم أمس وأسفر عن سقوط عدد من الموتى والجرحى".
وقال البيان: "تقف الجمهورية التونسية إلى جانب المملكة المغربية الشقيقة في هذه المحنة وتضع كل ما لديها من إمكانيات لمعاضدة جهود أشقائها، وتتقدم بأخلص عبارات التعازي لأهالي الضحايا، وتدعو المولى عز وجل بأن يسكنهم فسيح جنانه مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا. ويبتهل الشعب التونسي إلى الله تعالى بأن يمنّ على المصابين بالشفاء العاجل".
وأضاف البيان: "أذن رئيس الجمهورية بالتنسيق مع السلطات المغربية لتوجيه مساعدات عاجلة وإرسال فرق من الحماية المدنية لدعم جهود المملكة في البحث والإنقاذ. كما أذن بتيسير توجه وفد عن الهلال الأحمر التونسي للمساهمة في عمليات الإغاثة والإحاطة بالمصابين"، وفق البيان.
ويوم الإثنين الماضي وعلى إثر الإعصار "دانيال" الذي ضرب عدة مدن في الشرق الليبي، وأسفر عن مقتل الآلاف، أصدرت الرئاسة التونسية بيانا أعربت فيه عن تعازيها الخالصة للشعب الليبي الشقيق وتضامنها المطلق معه على إثر الخسائر البشرية والمادية الجسيمة التي لحقت به بسبب الفيضانات التي اجتاحت عدّة مناطق في ليبيا.
وقال البيان: "انطلاقا من روابط الأخوة الثابتة وايمانا بقيم التآزر والتعاضد ووحدة المصير بين الشعبين، أذن رئيس الجمهورية بالتنسيق العاجل مع السلطات الليبية لتقديم يد العون لتجاوز هذه المحنة من خلال تسخير الإمكانيات البشرية والمادية المناسبة ووضعها على ذمة الأشقاء في ليبيا من أجل المساهمة في مواجهة آثار الإعصار وتعزيز جهود البحث والإنقاذ وعلاج الجرحى".
وعقب ذلك تم الإعلان عن إرسال طائرات عسكرية محملة بالمساعدات المقدمة من الشعب التونسي إلى الشعب الليبي، وبالفعل وصلت تلك الطائرات إلى مطار بنينا في الشرق الليبي.
أنور الغربي مسؤول العلاقات الدولية السابق في الرئاسة التونسية، اعتبر في تصريحات خاصة لـ "عربي21"، أن الموقف التونسي في إسناد الشعبين المغربي والليبي كان ضعيفا، ولم يكن لا في مستوى تاريخ العلاقات التي تربط تونس بالبلدين المغرب وليبيا، ولا بحجم المأساة التي يعيشها البلدان المغاربيان.
وأرجع الغربي ضعف الموقف التونسي في إسناد المغرب وليبيا إلى عدة عوامل، أولها ويتعلق بالمغرب، التي مازالت تأخذ على السلطات التونسية انزلاقها وراء نزعات تقسيمية حين أقدمت على استقبال زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي الذي دُعي للمشاركة في القمة اليابانية الأفريقية للتنمية التي استضافتها العام الماضي، في خطوة استفزازية لم يكن لها أي مبرر..
وأضاف: "لقد اعتادت تونس على الحياد في الخلاف المغربي ـ الجزائري، وحتى في ملف الصحراء كانت تونس محايدة وراء موقف الأمم المتحدة، لكن منذ الانقلاب تغيرت السياسات وغدت تدار من غرف مظلمة وبأدوات لا تراعي لا الأعراف الديبلوماسية التي رسختها الديبلوماسية التونسية على مدى عقود الاستقلال، ولا حتى مصالح تونس التي تعيش ظروفا اقتصادية صعبة تحتاج فيها إلى صداقة الجميع، وضمن هذا التحول يمكن قراءة امتناع تونس عن التصويت على قرار مجلس الأمن القاضي بالتمديد لبعثة المينورسو العاملة في الصحراء في تشرين أول / أكتوبر 2021".
وذكر أن البيان الرئاسي التونسي المتعلق بالمغرب كان خطابا دينيا وليس سياسيا ولا ديبلوماسيا، مما يؤكد استمرار فتور العلاقات بين البلدين.
وأشار الغربي إلى أن المؤلم أن تونس لم تفقد فقط علاقتها مع المغرب، التي لازالت فاترة، وإنما أيضا حتى مكانتها التاريخية في العلاقة مع ليبيا تراجعت بشكل كبير، وذلك بسبب الارتباك الذي تعيشه الديبوماسية التونسية، وعدم قدرتها على التعامل بمنطق الجوار التاريخي مع ليبيا أولا، ثم بمنطق المصالح التي تربط البلدين منذ قرون طويلة".
ولفت الغربي الانتباه بخصوص البيان الرئاسي المتعلق بليبيا، وما إذا كانت المساعدات التي ذهبت إلى الليبيين تمت بالتنسيق مع حكومة الوحدة الوطنية أم أن تونس دخلت مرة أخرى في الانقسام الليبي في حين أن الأثصل فيها أن تكون محايدة، كما قال.
وتابع: "هناك إشارة مهمة في البيانين الرئاسيين بخصوص زلزال المغرب وفيضانات ليبيا، وتتصل بتأخر البيان الرئاسي المتعلق بالمغرب إلى ما بعد العديد من المواقف الدولية الأخرى، بينما جاء مستعجلا في الشأن الليبي، وهو ما يشير إلى العلاقات التي تربط الرئاسة التونسية باللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، على خلاف العلاقات بينها وبين حكومة الوحدة الوطنية في الغرب".
وأضاف: "في كل الأحوال الاستقرار الداخلي القائم على الإيمان بالديمقراطية وعلوية القانون، والتوافق بين مختلف مكونات المجتمع هي صمام الأمان، ليس فقط في التنمية الداخلية، وإنما أيضا في نجدة دول الجوار التي تستحق كل الدعم"، وفق تعبيره.
وفي الرباط رأى الكاتب والإعلامي المغربي نورالدين لشهب، في حديث مع "عربي21"، أن الموقف التونسي الضعيف من الزلزال في المغرب مفهوم، بسبب إكراهات السياسة والاقتصاد الذي تعيشه تونس.
وقال: "تونس واضح أنها تتبع مصالحها مع جارتها الجزائر ودول الخليج وفرنسا المعنية بإجهاض الانتقال الديمقراطي في تونس والمنطقة العربية بشكل عام.. وفي هذا الإطار يمكن تفهم هذا الموقف، وهذا ليس تبريرا".
وأكد لشهب أن "المشكل الأساسي في المنطقة هو الخلاف بين الجزائر والمغرب، ومتى ما انصلح هذا الخلاف فإن بقية الدول المغاربية ستعود إلى طبيعتها في علاقتها بالمغرب وبقضايا المنطقة"، وفق تعبيره.
والجمعة، ضرب زلزال بلغت قوته 7 درجات على مقياس ريختر عدة مدن مغربية كبرى مثل العاصمة الرباط والدار البيضاء ومكناس وفاس ومراكش (شمال)، وأغادير وتارودانت (وسط).
وحسب أحدث بيانات وزارة الداخلية المغربية، أسفر الزلزال عن 2946 حالة وفاة و5674 إصابة، إضافة لدمار مادي كبير.
وقد تجاوبت الرباط مع عروض دولية لمساعدتها منها القادمة من المملكة المتحدة وإسبانيا وقطر والإمارات العربية المتحدة، بينما اعتذرت عن قبول أخرى كتلك التي عرضتها فرنسا والجزائر.
والأحد الماضي، اجتاح الإعصار المتوسطي "دانيال" عدة مناطق شرقي ليبيا أبرزها مدن بنغازي والبيضاء والمرج بالإضافة إلى سوسة ودرنة، وخلف آلاف الضحايا والمفقودين والمشردين في أسوأ كارثة تشهدها ليبيا في تاريخها المعاصر..
وعرفت ليبيا تضامنا دوليا كبيرا من مختلف دول العالم..
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية تونس المغرب ليبيا تصريحات ليبيا تصريحات المغرب تونس تضامن سياسة سياسة سياسة تغطيات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الرئاسة التونسیة
إقرأ أيضاً:
وقفة لجبهة الخلاص التونسية تطالب بالإفراج عن المعتقلين بقضية التآمر
نظمت جبهة الخلاص الوطني المعارضة في تونس -اليوم الثلاثاء- وقفة أمام محكمة التعقيب بالعاصمة للمطالبة بالإفراج عن قياديين معارضين يقبعون في السجون منذ نحو عامين في إطار ما يعرف بقضية "التآمر على أمن الدولة".
ودعت جبهة الخلاص إلى تنظيم هذا الاحتجاج بينما تنظر محكمة التعقيب (التمييز) اليوم في لائحة الاتهام لعشرات المعارضين المتهمين في هذه القضية وبينهم قياديون في الجبهة.
وشارك في الوقفة رئيس جبهة الخلاص أحمد نجيب الشابي وأعضاء آخرون في هذا التجمع الذي يضم عدة أحزاب وحركات من أبرزها حركة النهضة.
ورفع المشاركون صور المعتقلين ورددوا هتافات تطالب بالإفراج عنهم وتعتبر أنهم سجنوا على يد قضاة خاضعين للسلطة.
وفي كلمة ألقاها خلال الوقفة، طالب الشابي بوقف ما وصفها بالمحاكمات الجائرة للمعارضين، وقال إن الظلم لا يؤسس لاستقرار سياسي.
من جهته، قال رياض الشعيبي، المستشار السياسي لرئيس حركة النهضة راشد الغنوشي إن هناك 50 متهما في القضية بين موقوفين وآخرين في حالة سراح، منهم من ألحقوا بالقضية بعد سنة إثر اعتقالهم في قضية أخرى بموجب المرسوم 54.
وأضاف الشعيبي أنه بعد نحو عامين من الاعتقال تم نشر لائحة الاتهام ضد المعتقلين، وأضاف أن محكمة التعقيب تنظر في جدية التهم، معتبرا أنها الفرصة الأخيرة ليستعيد القضاء استقلاليته.
إعلانوبين المعتقلين في ما يعرف بقضية التآمر القيادي في جبهة الخلاص جوهر بن مبارك، والأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي، والقيادي السابق في حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي، والأمين العام سابقا لحزب التيار الديمقراطي غازي الشوّاشي، والقيادي السابق في حزب التكتل خيّام التركي، ورئيس ديوان الرئاسة سابقا رضا بلحاج.
وبحسب هيئة الدفاع عن المعارضين المعتقلين، كان يفترض الإفراج عن جزء منهم مساء الخميس في أبريل/نيسان الماضي باعتبار أن فترة التوقيف القانونية تدوم 6 أشهر مع إمكانية التمديد لفترتين أخريين، كل واحدة 4 أشهر، وفق القانون.
وتقول جبهة الخلاص الوطني إن المعتقلين في هذه القضية سجنوا بناء على "وشايات كيدية" لإجرائهم مشاورات لبحث الأوضاع الناجمة عن "انقلاب" 25 يوليو/تموز 2021، في إشارة إلى الإجراءات الاستثنائية التي أعلنها حينها الرئيس قيس سعيّد وأتاحت له الاستيلاء على كل السلطات بعد حل الحكومة والبرلمان.
كما تقول المعارضة إنه لم يتم استجواب المعتقلين طيلة هذه الفترة سوى مرة واحدة، ولم تتوافر أي أدلة تدينهم.