خطيب المسجد الحرام : معرفة الله أصل الدين وسُلّم اليقين
تاريخ النشر: 15th, September 2023 GMT
قال الشيخ الدكتور بندر بليلة، إمام وخطيب المسجد الحرام، إن معرفةُ اللهِ سبحانه وتعالى أصلُ الدين، وسُلَّمُ اليقين، واللهُ سبحانه له من الأسماءِ أكرمُها، ومن الصفاتِ أعظمُها.
أصل الدينوأوضح " بليلة " خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أن من أسمائه سبحانه الرحمنُ والرحيم، ومِن صفاتِه الرحمة، وهي صفةُ كمالٍ لائقةٍ به سبحانه، لا نقصَ فيها بوجه من الوجوه، منوهًا بأن رحمةَ ربِّنا سبحانه عامةٌ شاملة، عَمَّت الكونَ ومَن فيه، وآثارُ رحمته سبحانه ظاهرةٌ للعَيان، واضحةٌ للأنام.
وأضاف أن برحمته خلق الإنسان في أحسن تقويم، وسوَّى جِسمَه وأحيا روحَه، وأمدَّه بالعقل، وغَذَاه بالنِّعم ، وبرحمته خَلَقَ الشمسَ والقمر، وجَعَل الليلَ والنهار، وبَسَط الأرض، وجعلها مِهادًا وفِراشًا وقرارا، وكِفاتًا للأحياء والأموات، مشيرًا إلى أنه عز وجل قد غَمَرَ الخلقَ بفضله وأمطرهم بوابل السحائب، وعمَّهم بنَيله ولطف بهم عند النوائب.
وأشار إلى أنه برحمته عز وجل أرسلَ الرُّسُل، وأنزلَ الكتب؛ هُدىً للخَلْق بعد ضلالة، وتعليمًا بعد جَهالة، وتبصيرًا مِن عَمى، ورُشدًا مِن غَي، و من دلائل رحمةِ الله سبحانه: إنشاءُ السحاب، وإنزالُ الغيث، وإحياءُ الأرضِ بعد موتها، فمنها يأكلُ الخلقُ ويقتاتون ويدَّخرون، وقد وضعَ الله عز وجل الرحمةَ بين عباده وبين الحيوان ليتراحموا، فما رحمةُ الأمُّ بأولادها، وما رحمةُ القلوبِ البشريةِ بالضعفاء، وما رحمةُ الطيرِ والوحشِ بعضها ببعض، إلا فيضُ رحمةٍ من رَحَمات الرحيم سبحانه.
من رحمات الرحيمواستشهد بما ورد عن أبي هريرة رضي اللهُ عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن لله مائةَ رحمة، أنزل منها رحمةً واحدةً بين الجن والإنس والبهائم والهوام، فبها يتعاطفون، وبها يتراحمون، وبها تَعطِفُ الوحشُ على ولدها، وأخَّرَ اللهُ تسعًا وتسعين رحمة، يرحمُ بها عبادَه يوم القيامة) ، وقال ابنُ القيم رحمه الله: (وأنت لو تأملتَ العالمَ بعَينِ البصيرةِ لرأيتَه مُمتلئا بهذه الرحمةِ الواحدة، كامتلاء البحرِ بمائه، والجوِّ بهوائه).
ونبه إلى أن من رحمته سبحانه بعباده فَتْحُ بابِ التوبة لهم، ومغفرةُ ذنوبِهم، وسَترُ عيوبِهم؛ إذْ حِلمُه سبق غضبَه، وعفوُه سبقَ مؤاخذتَه، ثم يُدخِلُهُم جنتَه برحمته لا بأعمالهم فحسْب، لما ورد عن أبي هريرة رضي اللهُ عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لما قضى اللهُ الخلقَ كتب عنده فوق عرشه: إن رحمتي سَبَقتْ غضبي) وفي رواية: (غَلبتْ غضبي)، مشيرًا إلى أن أسعدَ الناسِ برحمة اللهِ مَن جانبَ المعاصي والمحرمات، وأقبل على الطاعات والقُرُبات، والاستغفارُ جالبٌ للرحمة، دافع للنِّقمة، فمَن رَحِم عبادَ اللهِ رحمهُ الله، وفي الحديث: (إنما يَرحمُ اللهُ مِن عباده الرحماء) من حديث أسامةَ بنِ زيدٍ رضي اللهُ عنه.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: خطيب المسجد الحرام إمام وخطيب المسجد الحرام بليلة أصل الدين معرفة الله خطبة الجمعة من المسجد الحرام إلى أن
إقرأ أيضاً:
"السلام مع النفس والمجتمع".. ضمن فعاليات الأسبوع الثقافي بأوقاف الفيوم
نظمت مديرية الأوقاف بالفيوم برئاسة الدكتور محمود الشيمي وكيل الوزارة، فعاليات اليوم الثاني من الأسبوع الثقافي والمنفذة بعدد (17) مسجدًا، بعنوان: "السلام مع النفس والمجتمع".
يأتي هذا في إطار دور وزارة الأوقاف المصرية ومديرية أوقاف الفيوم العلمي لتحقيق مقاصد الشريعة وتقديم خطاب ديني وسطي رشيد، وتوعية رواد المساجد.
جاء ذلك تنفيذا لتوجيهات الدكتور أسامه السيد الأزهري وزير الأوقاف، وتحت إشراف الدكتور محمود الشيمي، مدير أوقاف الفيوم، وبحضور نخبة من كبار القراء والأئمة والعلماء المميزين، وجمع غفير من رواد المساجد.
وخلال هذه اللقاءات أكد العلماء أن الإسلام دين السلام، ونبينا (صلى الله عليه وسلم) هو نبي السلام، وتحية الإسلام والمسلمين في الدنيا والآخرة هي السلام، والجنة إنما هي دار السلام، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى في شأن عباده المؤمنين في الجنة: ”لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ”، وتحية أهل الجنة في الجنة السلام، حيث يقول الحق سبحانه: “دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ”، وتحية الملائكة لهم فيها سلام، حيث يقول الحق سبحانه: ”وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّار”، ويقول سبحانه: ”وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا”، ويقول سبحانه: “تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا”، وقد سمى ربنا (عز وجل) نفسه باسم السلام، فقال سبحانه: “هُوَ اللهُ الَّذِى لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ“.
وأوضح العلماء، أن الحق سبحانه وتعالى نهانا أن نسيئ الظن بمن يلقى إلينا السلام، فقال (عز وجل): “وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا”.
العلماء: السلام الحقيقي يقتضي أن يكون الإنسان في سلام مع نفسهوأشار العلماء إلى أن السلام الحقيقى يقتضي أن يكون الإنسان في سلام مع نفسه، مع أصدقائه، مع جيرانه، مع النبات والحيوان والجماد مع الكون كله، ألم يقل النبي (صلى الله عليه وسلم): ”الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَـهُ النَّاسُ عَلَى دِمَـائِهِـمْ وَأَمْوَالِهِمْ”، وسئل (صلى الله عليه وسلم) أَيُّ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ؟ قَالَ: "مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ"، وقال: "وَاللهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللهِ لاَ يُؤْمِنُ، وَاللهِ لاَ يُؤْمِنُ، قِيلَ: وَمَنْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ الَّذِى لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ"، وزاد الإمام أحمد: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا بَوَائِقُهُ؟ قَالَ: "شَرُّهُ"، ولما سئل (صلى الله عليه وسلم) عن امـرأة صـوامـة قوامـة إلا أنها تؤذى جيرانها، فقيـل له: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ فُلاَنَةً تَقُومُ اللَّيْلَ، وَتَصُومُ النَّهَارَ، وَتَفْعَلُ، وَتَصَّدَّقُ، وَتُؤْذِى جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا؟ فَقَالَ (صلى الله عليه وسلم): "لاَ خَيْرَ فِيهَا، هِيَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ".