عربي21:
2025-03-10@08:13:56 GMT

السيسي يحارب أحد المواطنين

تاريخ النشر: 15th, September 2023 GMT

"أحد المواطنين" بات هذا هو العنوان العريض للأيام القليلة الماضية، النظام المصري بقيادة عبد الفتاح السيسي قرر شن حربا ضروسا ضد المرشح الرئاسي أحمد الطنطاوي، في محاولة لإرهابه وإيقاف ما يقوم به من مضايقة علنية للسيسي ونظامه.

السيسي يحارب الطنطاوي بكل ما أوتي من قوة، يذهب الرجل الى السيدة زينب فيرسلوا له أحد مخبريهم ليفتعل معه مشكلة، يحاول حضور مباراة مصر وإثيوبيا فيمنع من دخول الاستاد، يتضامن معه ضابط شرطة فيعتقلوه، يسانده محام فيحبسوه، يدعمه ناشط فيطاردوه، يؤيده سياسي على مواقع التواصل فيسبوه.



بدأ النظام بشن حملة أمنية لاعتقال مؤيدي الطنطاوي، حدث هذا مع ضابط الشرطة الذي كتب له تعليقا على صفحته الرسمية يعلن فيه تأييده كمرشح رئاسي ويطلب منه التعاون معه لو أصبح رئيسا للبلاد.

تواجد الطنطاوي القوي والمؤثر على مواقع التواصل الاجتماعي وارتفاع شعبيته بين أوساط النخب والشباب أثار حفيظة النظام بقيادة السيسي فوجه لجانه الالكترونية للهجوم عليه وإهانته، بل والتحريض ضده وضد أنصاره من خلال حملة الكترونية تستهدف اغتيال الرجل معنويا وبث الرعب وسط أنصاره عبر السباب والتهديد والاتهامات بالعمالة والانتماء للإخوان المسلمين
انتفضت قوات الأمن سريعا وتم اعتقال الضابط على الفور والتحقيق معه وحبسه خمسة عشر يوما على ذمة التحقيقات؛ بتهم تتعلق بانضمامه لجماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي.

تكرر الأمر مع اثنين من المحامين الداعمين لأحمد الطنطاوي، تم اعتقالهما على الفور أيضا وتوجيه اتهامات مشابهة، ما دفع الطنطاوي لإصدار بيان رسمي عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي اشتكى فيها من القبضة الأمنية التي تستهدف أنصاره ومؤيديه، داعيا أجهزة الدولة إلى التوقف عن محاولات تخويفه وإرهاب مؤيديه بهذه الأساليب الأمنية.

وزارة الداخلية المصرية ردت سريعا على بيان الطنطاوي واصفة إياه بأحد المواطنين الذي لديه حملة انتخابية ووصفت ادعاءاته بالكاذبة.

النظام لم يكتف بالحملة الأمنية وحسب، بل امتد الأمر إلى مدينة الإنتاج الإعلامي والتي شارك فيها عدد كبير من المذيعين والإعلاميين المقربين من السيسي للهجوم على طنطاوي ومنع ظهوره الإعلامي، وتوجيه الاتهامات المستمرة له بعلاقاته مع الإخوان المسلمين تارة وبعمالته للخارج تارة أخرى.

تواجد الطنطاوي القوي والمؤثر على مواقع التواصل الاجتماعي وارتفاع شعبيته بين أوساط النخب والشباب أثار حفيظة النظام بقيادة السيسي فوجه لجانه الالكترونية للهجوم عليه وإهانته، بل والتحريض ضده وضد أنصاره من خلال حملة الكترونية تستهدف اغتيال الرجل معنويا وبث الرعب وسط أنصاره عبر السباب والتهديد والاتهامات بالعمالة والانتماء للإخوان المسلمين.

الغريب في الأمر أن النظام الذي يمتلك القوة وأجهزة الدولة والإعلام أيضا حاول اختراق هاتف أحمد الطنطاوي والتجسس عليه من خلال تقنية المفترس، وهي تقنية إسرائيلية تمتلكها الحكومة المصرية منذ سنوات.

موقع مدى مصر نشر معلومات هامة نقلا عن تحقيق أجراه معمل سيتيزن لاب في جامعة تورنتو، وهو معمل مختص بتحليل ورصد محاولات القرصنة واختراق الهواتف الشخصية.

أشار تحقيق سيتيزن لاب إلى أن هاتف الطنطاوي قد تم اختراقه بالفعل وكانت المرة الأولى في سبتمبر 2021، ولكن المعمل لم يتهم أي جهة حتى الآن بتنفيذ محاولات الاختراق تلك.

من خلال تقنية "Predator" تستطيع الأجهزة الأمنية في مصر مراقبة تحركات الطنطاوي بشكل كامل والتعرف على كلمات المرور السرية الخاصة بجميع التطبيقات الموجودة على هاتفه، كما يمنها أيضا قراءة الرسائل المشفرة في تطبيقات التواصل السرية وتسجيل المكالمات الواردة والصادرة عبر هاتفه المحمول.

أعلن السيسي الحرب على الطنطاوي وكل من اقترب منه ولو بكلمة، يظن الجنرال أنه يخيف الناس ويخيف الطنطاوي ويخيف الجميع.. يريد السيسي مشهدا عبثيا لا منافسة فيه ولا معارضة ولا انتقاد، فهو الرئيس وهو المرشح وهو المخلّص وهو الأمل والمستقبل
هكذا إذا، أعلن السيسي الحرب على الطنطاوي وكل من اقترب منه ولو بكلمة، يظن الجنرال أنه يخيف الناس ويخيف الطنطاوي ويخيف الجميع.. يريد السيسي مشهدا عبثيا لا منافسة فيه ولا معارضة ولا انتقاد، فهو الرئيس وهو المرشح وهو المخلّص وهو الأمل والمستقبل.

أحد المواطنين، هذا هو الاسم الجديد والوصف العبقري الذي أطلقه السيسي وأجهزته على أحمد الطنطاوي، ذكروها مرتين، مرة في بيان شركة تذكرتي المخابراتية تعليقا على منعه من دخول الاستاد، ومرة ثانية في بيان وزارة الداخلية المصرية تعليقا على اتهامات الطنطاوي للأجهزة الأمنية باستهدافه وأنصاره.

ظنوا بذلك أنهم أهانوه وحطوا من قدره ولكنهم خدموه من حيث لم يعلموا، فشرف المصري هو الانتماء لوطنه، وبرنامج المرشح الرئاسي هو الإحساس بأبناء وطنه، أحمد الطنطاوي هو "أحد المواطنين" الذي تحدى السيسي وقرر منافسته في انتخابات رئاسية، وكرر انتقاده في مناسبات مختلفة وطالبه بالرحيل على الهواء مباشرة.

السيسي لا يحارب أحمد الطنطاوي فقط ولا يحارب أحد المواطنين فقط، الجنرال على مدار عشر سنوات يحارب كل المواطنين في مصر.

twitter.com/osgaweesh

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المصري السيسي أحمد الطنطاوي مصر السيسي مرشحين تضييق أحمد الطنطاوي مقالات مقالات مقالات رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مواقع التواصل الاجتماعی على مواقع التواصل أحمد الطنطاوی أحد المواطنین من خلال

إقرأ أيضاً:

بن صهيون.. والد نتنياهو الذي غرس فيه كره العرب

لم يكن بن صهيون نتنياهو مجرد اسم في تاريخ عائلة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بل هو شخصية تحمل بين طياتها قرنًا من الزمان مملوءًا بالأفكار والمواقف التي لا تقل تطرفًا وإثارة عن سياسات ابنه الحالية.

ويبدو أن هذه الأفكار التي صاغتها تجربة حياة مفعمة بالمواقف الصدامية مع العالم العربي قد تسربت بوضوح إلى توجهات بنيامين نتنياهو، لتشارك في تشكيل مواقفه الحادة تجاه الفلسطينيين، والتي يتضح صداها في أفعاله وكلماته حتى اليوم.

فما الذي نعرفه عن بن صهيون نتنياهو؟ وكيف أثر على مسار الحركة الصهيونية؟ ولماذا كانت رؤيته للعرب دائمًا عدائية إلى هذا الحد؟

بن صهيون.. سيرة ذاتية

وُلِد بن صهيون ميليكوفسكي -الذي سيُعرف لاحقا باسم نتنياهو وتعني هبة الله- في وارسو عاصمة بولندا خلال فترة تقسيمها وخضوعها للسيطرة الروسية القيصرية في عام 1910.

وكان والده ناثان ميليكوفسكي كاتبا وناشطا صهيونيا من بيلاروسيا، وقد شغل ناثان منصب حاخام، وجاب أوروبا والولايات المتحدة لإلقاء خطب تدعم الحركة الصهيونية التي آمن بها حتى النخاع.

وفي عام 1920 قرر ناثان الهجرة إلى فلسطين مصطحبا معه عائلته ضمن الموجة الكبرى للهجرة اليهودية. وبعد تنقلها بين مدينة يافا وتل أبيب وصفد، استقرت الأسرة أخيرا في القدس حيث التحق بن صهيون بمعهد ديفيد يلين للمعلمين والجامعة العبرية في القدس.

إعلان

وكان من الشائع بين المهاجرين الصهاينة في تلك الفترة تبنّي أسماء عبرية، فبدأ ناثان ميليكوفسكي الأب بتوقيع بعض مقالاته باسم "نتنياهو"، وهو الصيغة العبرية لاسمه الأول، واعتمد ابنه هذا الاسم ليكون اسم العائلة.

وفي عام 1944، تزوج الابن بن صهيون نتنياهو من تسيلا سيغال التي سيصفها ابنها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لاحقا بأنها "محور عائلتنا والسلطة النهائية فيها".

من اليسار إلى اليمين: بن صهيون نتنياهو وابناه بنيامين ويوناثان وزوجته تسيلا (الموقع الرسمي لبنيامين نتنياهو)

درس بن صهيون نتنياهو تاريخ العصور الوسطى في الجامعة العبرية بالقدس، وفي إبان دراسته انخرط في "حركة الصهيونية التصحيحية"، وهي حركة انفصلت عن التيار الصهيوني السائد، معتقدين أن هذا التيار الغالب كان أكثر تصالحية مع السلطات البريطانية الحاكمة لفلسطين آنئذ.

في المقابل، تبنّى التصحيحيون بزعامة زئيف جابتونسكي نهجا قوميا يهوديا أكثر تشددا، مخالفا للصهيونية العمالية اليسارية التي قادت إسرائيل في سنواتها الأولى، معتقدين أن حدود إسرائيل تمتد على كامل فلسطين التاريخية والأردن معا.

ولإيمانه بالعمل الصحفي والأكاديمي، شغل بن صهيون منصب محرر مشارك في المجلة العبرية المعروفة في ذلك الوقت "بيتار" بين عامي 1933 و1934، ثم أصبح رئيس تحرير صحيفة "ها ياردن" اليومية الصهيونية التصحيحية في القدس (1934-1935)، حتى أوقفت سلطات الانتداب البريطاني صدورها بين عامي 1935 و1940.

وفي عام 1939، قرر السفر إلى نيويورك للعمل سكرتيرا لزعيم الحركة الصهيونية التصحيحية جابوتنسكي الذي كان يسعى لحشد الدعم الأميركي لحركته الصهيونية القتالية الجديدة.

ومع وفاة جابوتنسكي في العام نفسه، تولّى بن صهيون نتنياهو منصب المدير التنفيذي للمنظمة الصهيونية الجديدة في أميركا التي كانت منافسا سياسيا أكثر تشددا للمنظمة الصهيونية الأميركية المعتدلة، واستمر في هذا الدور حتى عام 1948.

مع وفاة جابوتنسكي (يمين) تولّى بن صهيون نتنياهو منصب المدير التنفيذي للمنظمة الصهيونية الجديدة في أميركا (مواقع التواصل) سنوات التأرجح والنهاية

كان بن صهيون مؤمنا بفكرة "إسرائيل الكبرى"، وفي سبيلها عارض بشدة أي تنازلات إقليمية أو محلية، ولهذا السبب عندما أصدرت الأمم المتحدة خطة تقسيم فلسطين في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 1947، كان من بين الموقعين على عريضة ترفض الخطة، وخلال تلك الفترة كان ناشطا سياسيا في واشنطن العاصمة حيث عمل على التواصل مع أعضاء الكونغرس لدعم رؤيته الصهيونية المتشددة.

إعلان

وفي عام 1949، عاد إلى إسرائيل محاولا دخول الحياة السياسية، لكنه لم يحقق نجاحًا يُذكر نتيجة سيطرة الحركة الصهيونية التقليدية على مقاليد البلاد بزعامة ديفيد بن غوريون ممن كانوا يرون عصابات شتيرن والمؤمنين بأيديولوجية جابتونسكي خطرا يهدد دولتهم في ذلك الحين.

في المقابل، واصل بن صهيون نتنياهو نشاطه الأكاديمي، لكنه لم يتمكن من الانضمام إلى هيئة التدريس في الجامعة العبرية، ورغم ذلك ساعده أستاذه جوزيف كلاوسنر أستاذ الأدب العبري في الحصول على منصب محرر في "الموسوعة العبرية"، وبعد وفاة كلاوسنر تولّى بن صهيون رئاسة التحرير مع آخرين.

لاحقًا عاد إلى كلية دروبسي في فيلادلفيا حيث عمل أستاذًا للغة العبرية وآدابها ورئيسًا للقسم بين عامي 1957 و1966، ثم شغل منصب أستاذ التاريخ اليهودي في العصور الوسطى والأدب العبري من عام 1966 إلى 1968، ثم انتقل إلى جامعة دنفر ليعمل أستاذًا للدراسات العبرية (1968-1971)، قبل أن يعود إلى نيويورك لتولي تحرير موسوعة يهودية.

في النهاية، التحق بجامعة كورنيل حيث شغل منصب أستاذ الدراسات اليهودية ورئيس قسم اللغات السامية وآدابها من عام 1971 إلى 1975.

وعقب مقتل ابنه يوناتان خلال عملية عنتيبي لإنقاذ الرهائن عام 1976، قرر العودة مع عائلته إلى إسرائيل منخرطا في المجال الأكاديمي.

وعند وفاته عام 2012 عن عُمر ناهز 102 عاما، كان عضوًا في أكاديمية الفنون الجميلة وأستاذًا فخريًا في جامعة كورنيل.

جوزيف كلاوسنر كان بمنزلة مرشد لبن صهيون (الصندوق القومي اليهودي) بن صهيون وأستاذه جابوتنسكي

أُثر عن بن صهيون نتنياهو قوله في إحدى مقالاته إن "العرب واليهود مثل عنزتين التقتا على جسر ضيّق، إحداهما مضطرة إلى القفز في النهر، ولكنهما لا تريدان الموت. ولذلك فإنهما تنتطحان على الدوام، وتؤمنان بأن إحداهما ستُنهَك في نهاية المطاف وتستسلم، وعندئذ سيتقرر الأقوى الذي سيرغم الأضعف على القفز. إن القفز لليهود يعني ضياع الشعب اليهودي، أما بالنسبة إلى العرب فإن قفز عنزتهم يعني تضرر جزء يسير منهم".

إعلان

يكشف هذا الاقتباس عن تأثره الكبير بزعيم الحركة التصحيحية الصهيونية زئيف جابتونسكي الذي آمن به من قبل والد بن صهيون الحاخام ناتان ميلوكوفسكي ورآه رائد الحركة الصهيونية وموجّه بوصلتها نحو التعامل الجذري مع العرب.

كان يرى أن الأغلبية العظمى من العرب داخل إسرائيل سيختارون إبادة اليهود إذا سنحت لهم الفرصة. وهذا الاعتقاد دفعه منذ شبابه إلى تأييد فكرة ترحيل السكان العرب من فلسطين، وهي الفكرة التي ظل متمسكًا بها حتى أواخر حياته، إذ واصل التعبير عنها في مناسبات مختلفة.

ففي مقابلة له عام 2009 مع صحيفة معاريف الإسرائيلية، عبّر عن آرائه تجاه الصراع العربي الإسرائيلي بقوله إن "النزعة إلى الصراع هي جوهر فكر العرب، إنهم أعداء بطبيعتهم، فشخصيتهم لن تسمح بالتنازل، وبغض النظر عن المقاومة التي سيواجهونها أو الثمن الذي سيدفعونه، فإن وجودهم يعني حربا دائمة".

وربما هذا الموقف الجذري من بن صهيون وآرائه المتطرفة تجاه العرب جعلت العديد من المحللين يتوقعون أن ابنه بنيامين نتنياهو كان غير قادر على التوقيع على اتفاق سلام شامل مع جيران إسرائيل العرب ما دام والده كان لا يزال على قيد الحياة.

ورغم أن نتنياهو نفسه نفى هذه الفرضية بشكل قاطع واصفًا إياها بأنها "هراء"، بحسب ما نقلته صحيفة هيرالد، فإن مواقفه وسياساته على الأرض، ولا سيما في غزة، تعكس تبنيًا واضحًا للنهج المتشدد ذاته الذي اشتهر به والده.

بن صهيون كان من المؤيدين المتحمسين لفكرة ترحيل السكان العرب من فلسطين (الفرنسية)

ولكن يجب أن نعود إلى جابتونسكي لنرى كيف أقنع الثلاثي الجد والأب والحفيد من عائلة نتنياهو بهذه الأفكار التي كانت تعكس سخطه الواضح على الحركة الصهيونية التقليدية وسعيها لخداع العرب في فلسطين عبر المفاوضات وإظهار نواياها كأنها بريئة من أي نية للاستيلاء على الأرض، وضرورة التعامل بصورة جذرية عنيفة.

فقد جاءت مقالاته وأفكاره لتوضح جوهر الصراع، وكشف الطبيعة الاستعمارية الاستيطانية للحركة الصهيونية، إذ كتب "يمكننا أن نقول للعرب ما نشاء عن براءة أهدافنا، ونتفنن في استخدام العبارات المنمقة، ونغلفها بالكلمات المعسولة لجعلها مستساغة، لكنهم يدركون تماما ما نريده، كما ندرك نحن ما لا يريدونه. إنهم يشعرون تجاه فلسطين بالحب الغريزي نفسه الذي شعر به الأزتيك القدامى تجاه المكسيك القديمة".

إعلان

كان جابوتنسكي يرى أن الحركة الصهيونية تهدُر وقتها في المفاوضات، بدلا من التركيز على بناء قوة عسكرية رادعة تحمي المستوطنين. فكتب "كل الشعوب الأصلية في العالم تقاوم المستعمرين طالما بقي لديهم أدنى أمل في التخلص منهم".

وأضاف "لا يهم كيف نصوغ أهدافنا الاستعمارية، سواء كانت بعبارات هرتزل أو السير هربرت صموئيل، فالاستعمار يحمل تفسيره الوحيد الممكن، الواضح كضوء النهار، لكل يهودي بسيط ولكل عربي بسيط. فالمستعمرات لا يمكن أن يكون لها إلا هدف واحد، ولا يمكن لعرب فلسطين أن يقبلوا بهذا الهدف".

وبناء على ذلك شدد جابوتنسكي على أن نجاح المشروع الصهيوني واستقراره لن يتحقق إلا عبر إنشاء "قوة مستقلة عن السكان الأصليين، خلف جدار حديدي لا يستطيعون اختراقه. هذه هي سياستنا العربية".

وأمام هذه الأيديولوجية آمن بن صهيون نتنياهو إيمانا مطلقا بما آمن به أستاذه جابوتنسكي حول الصراع مع العرب، إذ كان جابوتنسكي يرى أن موقف العرب متصلب للغاية، ولا يمكن تسويته أو التوصل إلى اتفاق معهم، خلافا لما اعتقده التيار الصهيوني السائد، ومن ثم لم يعتمد التيار التصحيحي الدبلوماسية إلا بالقدر الذي يسمح بتمرير عمليات التهجير والقتل بحق الفلسطينيين.

وقد صرّح جابوتنسكي بأن "90% من الصهيونية تقوم على أعمال الاستيطان العنيفة من قتل وتهجير، في حين أن 10% فقط منها تتعلق بالسياسة".

جابوتنسكي: نجاح المشروع الصهيوني لن يتحقق إلا عبر إنشاء "قوة مستقلة عن السكان الأصليين خلف جدار حديدي (غيتي)

وفي مقال نشرته صحيفة هآرتس العبرية عام 2018 بعنوان "كيف تبنى والد نتنياهو وجهة النظر القائلة بأن العرب همج؟" استعرض فيه الكاتب المسيرة الفكرية المتطرفة لبن صهيون تجاه العرب والفلسطينيين، إذ أشار المقال إلى أن بن صهيون استلهم هذه الأفكار من المؤرخ جوزيف كلاوسنر أستاذ الأدب العبري والمحرر الرئيسي للموسوعة العبرية، الذي كان مرشده الفكري.

إعلان

وقد اعتنق بن صهيون بشكل كامل وجهة نظر كلاوسنر التي تصف العرب بأنهم "أمة من نصف الهمج" يجب التعامل معهم بالقوة والحسم، بحسب المقال الذي أشار إلى أن بن صهيون أعاد تبنّي هذه الأوصاف والسياسات وحولها إلى ركيزة أساسية لفكره، مما رسخ مواقفه العدائية تجاه العرب بشكل أكبر.

تتجلى هذه النظرة المتطرفة في مقالات بن صهيون التي نشرها بصحيفة ها ياردن التصحيحية التي كان يحررها حتى وفاة والده عام 1935، ففي مقال بتاريخ 6 أغسطس/آب 1934 وصف بن صهيون العرب بأنهم "همج شبه متوحشين"، قائلًا "كما كان همج جزيرة العرب يطاردون اللاجئين اليهود من إسبانيا على منحدرات الجزائر في القرن الخامس عشر، فهم الآن يطاردون اللاجئين من جحيم الشتات عند بوابات الوطن".

وفي مقال آخر بعنوان "الاستيطان الريفي والاستيطان الحضري" نُشر في ديسمبر/كانون الأول 1934، قارن بن صهيون أرض إسرائيل بأميركا، وشبّه اليهود بمواطني الولايات المتحدة، بينما قارن العرب بالهنود الحمر، وقال في مقاله "إن غزو الأرض هو أحد أول وأهم المشاريع في كل استعمار".

وأضاف بنزعة تطهير عرقي واضحة "يجب أن نعلم أن الدولة ليست مجرد مفهوم حسابي لعدد السكان، بل مفهوم جغرافي كذلك، ذلك أن أبناء العِرق الأنغلو-ساكسوني، الذي كان في صراع دائم مع الهنود الحمر، لم يكتفوا بتأسيس المدن الكبرى مثل نيويورك وسان فرانسيسكو على شواطئ المحيطين اللذين يحدان الولايات المتحدة. بل سعوا أيضا لضمان الطريق بين هاتين المدينتين.. لو تركَ غُزاة أميركا الأراضي في يد الهنود، لكان هناك الآن في أحسن الأحوال بعض المدن الأوروبية في الولايات المتحدة وكان البلد كله سيأهله ملايين من الهنود الحمر!".

يظهر تأثير بن صهيون نتنياهو في ابنه رئيس الوزراء الإسرائيلي اليميني بنيامين نتنياهو واضحا لا ريبة فيه، ففي 16 ديسمبر/كانون الأول 2023، وبعد ما يقارب 17 عامًا من توليه رئاسة الحكومة بشكل متقطع، سيقف بنيامين أمام الشعب الإسرائيلي متفاخرا بمواقفه المتشددة تجاه القضية الفلسطينية قائلا بكل وضوح "كنت أنا العقبة أمام إقامة دولة فلسطينية"، بينما كان اليسار الإسرائيلي يسعى، بشكل أو بآخر، إلى تقديم تنازلات قد تؤدي إلى حل سياسي وإنهاء النزاع".

إعلان

ذلك هو بن صهيون نتنياهو والد رئيس الوزراء الحالي الذي يدعو علانية إلى تطهير غزة وتهجير أهلها، والتغيير العميق في الشرق الأوسط، لا يقول صراحة إنه يؤمن بمبادئ الحركة الصهيونية التصحيحية التي آمن بها والده من قبل، ولكنه على أرض الواقع يسعى لتحقيق هذه الأحلام!

مقالات مشابهة

  • يتزوج 8 سيدات ويهرب بأموالهن
  • سانا تستطلع آراء عدد من المواطنين حول الوضع في مدينة اللاذقية بعد بسط الأمن والاستقرار والتصدي لفلول النظام البائد
  • بن صهيون.. والد نتنياهو الذي غرس فيه كره العرب
  • الداخلية تلغي جميع بلاغات منع السفر الصادرة بحق المواطنين السوريين زمن النظام البائد
  • الإساءة للوطن ووجوبية الدفاع عنه
  • وول ستريت جورنال: ترامب يقلب النظام العالمي الذي بنته أميركا رأسا على عقب
  • يحارب السرطان ويحسن وظائف المخ.. 8 فوائد صحية مدهشة للبنجر
  • لقطات من مشفى بانياس الوطني بعد التخريب الذي طاله جراء ممارسات فلول النظام البائد يوم أمس
  • مشفى بانياس الوطني في ريف طرطوس بعد تمشيطه من قبل قوات وزارة الدفاع والأمن العام، وتظهر في الصور آثار التخريب الذي طال بعض أقسام المبنى جراء ممارسات فلول النظام البائد يوم أمس.
  • السيسي يؤكد الدور المحوري الذي تقوم به القوات المسلحة المصرية في حماية الوطن