الحرية والتغيير في السودان تُحذر طرفي النزاع من تشكيل حكومتين
تاريخ النشر: 15th, September 2023 GMT
بعد التصريحات التي أطلقها قائد قوات الدعم السريع في السودان وأثارت موجه قلق واسعة، لتلويحه بتشكيل حكومة موازية للحكومة الحالية التابعة للجيش، حذرت قوى الحرية والتغيير، اليوم الجمعة، طرفي الصراع في السودان من مغبة تشكيل حكومتين في المناطق التي يسيطران عليها، قائلة إن ذلك قد يؤدي إلى تفتيت البلاد.
. وشبح التقسيم يطل في السودان
وجاء تحذير قوى الحرية والتغيير، التي توارت وراء غبار المعارك المندلعة في السودان منذ أشهر، خلال بيان قالت إنه "مهم".
وجاء في البيان:
نتابع في قوى الحرية والتغيير بقلق بالغ المؤشرات التي تتصاعد بتلويح طرفي الحرب بتكوين حكومة في مواقع سيطرتهما، وهو أمر خطير للغاية سيترتب عليه تفتيت البلاد وتقسيمها.
إن قوى الحرية والتغيير تؤكد وانطلاقا من موقفها التاريخي والوطني رفضها التام لهذا الاتجاه الذي يبذر بذور تفتيت وحدة السودان، ويعمق الصراع ويوسع دائرة الحرب تمهيدا لتحويلها لحرب أهلية شاملة.
قالت إنها سنتخذ عددا من الخطوات للتصدي لمخططات تقسيم البلاد والعمل من أجل إيقافها، وعلى رأسها التواصل المباشر والفوري مع القوات المسلحة والدعم السريع بغرض حثهما على تجنب أي خطوات حالية أو مستقبلية تُفضي لتمزيق البلاد.
وكان قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو المعروف أيضا بـ"حميدتي"، مساء الخميس، من احتمال تقسيم السودان، ملمحا إلى إمكانية تشكيل حكومة جديدة في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع.
وجاء حديث دقلو في تسجيل صوتي نشره على منصة "إكس" (تويتر سابقا)، وجهه إلى الشعب السوداني والمجتمع الإقليمي والدولي.
وقال إن "قيام حكومة حرب في بورتسودان يعني الاتجاه نحو سيناريوهات حدثت في دول أخرى، بوجود طرفين يسيطران على مناطق مختلفة في بلد واحد ونحن لا نرغب في هذا السيناريو".
وأضاف أنه في حال قيام قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، بتشكيل حكومة بورتسودان، فسيشرع "فورا في مشاورات واسعة لتشكيل سلطة حقيقية في مناطق سيطرتنا وتكون عاصمتها هي العاصمة الوطنية الخرطوم".
وكان مسؤول كبير بمجلس السيادة السوداني، الذي يرأسه البرهان، قال الشهر الماضي إن هناك حاجة إلى حكومة انتقالية.
يشار إلى أنه بينما تنتشر قوات الدعم السريع في المناطق السكنية بجميع أنحاء العاصمة الخرطوم وفي بحري وأم درمان المجاورتين، يسيطر الجيش على مناطق واسعة في الشمال وبورتسودان وغيرها.
وتفجر القتال بين القوتين العسكريتين في 15 أبريل، بعد تصاعد التوتر بشأن دمج قواتهما في إطار انتقال جديد نحو الديمقراطية، وتشكيل حكومة مدنية.
وبينما أطلقت عدة دول جهود وساطة، لم ينجح أي منها في وقف القتال.
لمزيد من الأخبار العالمية اضغط هنا:
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: السودان قوى الحرية والتغيير تشكيل حكومتين الدعم السريع الجيش السودانى قوى الحریة والتغییر قوات الدعم السریع فی السودان
إقرأ أيضاً:
قراءة تحليلية فيما ورد في الدستور الإنتقالي لجمهورية السودان 2025
الحلقة (الثانية)
إن أهم ما ورد في الباب الأول لدستور السودان الانتقالي في مادته السابعة الفقرة الثانية تحت عنوان المبادئ فوق الدستورية والدستور حيث تم تعريف هذه المبادئ ب ( هي مجموعة المبادئ والقواعد والقيم الأساسية الدائمة والملزمة والمحصنة التي يمنع إلغائها أو تعديلها أو مخالفتها بأي إجراء أيا كان وتشمل العلمانية والديمقراطية التعددية الخ ... )
ما يهمنا هنا ذكر العلمانية صراحة كأول مرة ينص عليها في دستور من دساتير السودان منذ الاستقلال ، فالتساءل المطروح لماذا نص الدستور الإنتقالي على مبدأ العلمانية ؟
نحن نعلم أن السبب الرئيسي في إنفصال جنوب السودان هو إصرار حزب المؤتمر الوطني الحاكم في تطبيق الشريعة الإسلامية ليس من أجل الدين ولكن رغبة في الإنفراد بحكم شمال السودان ( راجع ما ورد على لسان غازي صلاح الدين في تسريبات ويكيليكس ) فكان إصرارهم تطبيق الشريعة في عموم السودان رغم التباين الديني والتعدد الثقافي الذي يزخر به البلاد فجاء الخيار في نصوص اتفاقية السلام الشامل ( نيفاشا ) بين تطبيق الشريعة أو حق تقرير المصير لجنوب السودان ، فأختار شعب الجنوب الإنفصال لما رأؤوه إستحالة التعايش في دولة لا تساوي بين مواطنيها في الشأن العام .
إن موافقة المجموعات السياسية والعسكرية التي وقعت على دستور السودان الانتقالي 2025 على مبدأ العلمانية كأحد المبادئ فوق الدستورية المحصنة من الٱلغاء ، كانوا حريصين بأن لا يضحوا بأي شبر من أرض الوطن بسبب دغمسات أهل الهوس الديني كما وصفها الرئس المعزول عمر البشير والذي قال ( أن ما تم تطبيقه شريعة مدغمسة ) ، أضف إلي ذلك الممارسات الكارثية بإسم الاسلام أثناء حكم المؤتمر الوطني طيلة الثلاثين عاما وفق إعترافات الٱسلاميين أنفسهم والتي لا تمت إلي صحيح الإسلام بصلة .
السؤال الثاني ما هو الضرر من تطبيق مبدأ العلمانية في السودان المتنوع والمتعدد ليشارك كل طوائف وشعوب السودان في إدارة شؤون البلاد بمساواة ومواطنة كاملة دون فرض أي طرف أيديولوجيته على طرف آخر مختلف دينيا وثقافيا وهذا الطرف له الحق الاصيل في تراب هذا الوطن ؟ وما الفائدة من التقسيم والتضحية بوحدة البلاد ومواردها من أجل إرضاء مجموعة مهووسة تم تجربتها ثلاثون عاما عجافا وأسقطهم الشعب بكلمة واحدة .
إنه لعين العقل أن أختار عقلاء السياسة السودانيين في نيروبي وحدة البلاد وازالوا كل مسببات التقسيم مستقبلا .
أما كلمتنا في العلمانية كمبدأ وهي كلمة ومن وحي الممارسات الدولية فلها مفاهيم ومعاني متعددة ومرنة وهناك اختلافات كبيرة بين الدول في تطبيق العلمانية فمنها المتطرفة ومنها المرنة وهناك نماذج متعددة فعلمانية فرنسا تختلف عن الولايات المتحدة وكذلك بريطانيا وعلمانية نيجيريا تختلف عن نموذج السنغال ذات الأغلبية المسلمة أضف إلي ذلك علمانية تركية وماليزيا واندونيسيا ، فهناك براح في الاختيار بما يتلائم وظروفنا التاريخية والثقافية ، وبالتالي ليس الأمر جامدا يتعارض مع عقائد وقيم السودانيين إذا أحسنوا الاختيار .
خاتمة :
إن تضمين مبدأ العلمانية كإحدى المبادئ فوق الدستورية في دستور السودان الانتقالي 2025 يعكس تحولًا جوهريًا في الفكر السياسي السوداني، ويؤكد رغبة الموقعين على هذا الدستور في بناء دولة تقوم على أسس المواطنة والمساواة، بعيدًا عن الإقصاء والتمييز الديني أو الثقافي. فالتجارب السابقة أثبتت أن استخدام الدين كأداة للحكم أدى إلى تقسيم البلاد وإقصاء فئات واسعة من المجتمع، وهو ما يسعى هذا الدستور لتجاوزه .
إن اعتماد العلمانية لا يعني استيراد نموذج واحد جامد ، بل يمكن تكييفها بما يتناسب مع الواقع السوداني المتعدد ثقافيًا ودينيًا ، كما أثبتت تجارب دول أخرى ذات أغلبية مسلمة . فالهدف الأسمى يظل تحقيق وحدة السودان واستقراره ، وضمان مشاركة جميع مكوناته في إدارة شؤونه دون تمييز. وبذلك ، فإن خيار العلمانية لا يجب أن يُنظر إليه كتهديد ، بل كوسيلة لحماية التنوع وضمان مستقبل أكثر عدلًا وانسجامًا للبلاد .
مها طبيق
18/مارس/2025
hafchee@gmail.com