عربي21:
2025-04-26@11:27:37 GMT

سوريا الطاردة لأبنائها.. جاذبة لمن؟

تاريخ النشر: 15th, September 2023 GMT

إذا صحت التقارير الواردة من لبنان بأن أكثر من 1200 سوري يعبرون الحدود السورية إلى لبنان، فضلا عن أعداد كبيرة تخرج عن طريق المعابر الرسمية (المطارات السورية)، بالتوازي مع خروج أعداد أخرى عن طريق مناطق سيطرة الإدارة الذاتية الكردية وإدلب، فهذا يعني أن سوريا تفرغ من سكانها الباقين، أو ربما من جيل كان صغيرا أثناء الحرب، وعندما كبر ها هو يشد الرحال إلى أركان الدنيا الأربع هربا من مأساة ما زالت مفتوحة على أفق كوارث عديدة.



لم يحصل في التاريخ البشري أن بلدا ما هجره نصف سكانه، فيما النصف الآخر يدق يوميا أبواب الهجرة، لدرجة أن الحديث عن الهجرة يشغل السوريين أكثر من أي شيء آخر، ما يعني أن كل الكلام عن السلام والاستقرار في سوريا، والمشاريع العربية لإعادة تأهيل النظام وسواها، ليست سوى محاولة لنثر السكّر على الموت، في بلاد أصبحت طاردة لأهلها، وربما بعد وصولهم إلى قناعة بأن لا مستقبل جيدا تخبئه بلاد تحكمها عصابات، وأن مشاريع إسقاط هذه العصابات تراجعت نهائيا، فيما أقصى المطروح حاليا استرضاء نظام الأسد لاستقبال ألف لاجئ، والتخفيف من وتيرة إرسال شحنات المخدرات للعالم الخارجي.

في فترات سابقة، جرى الحديث عن عمليات استبدال للسوريين، عبر المجيء بأناس آخرين، وفي الأغلب أتباع إيران، للحلول مكان أبناء البلد، وربما اشتغلت إيران بالفعل على هذه الاستراتيجية، لكن يبدو أنها في طريقها للفشل، فسوريا الطاردة لأبنائها لن تستطيع جذب الآخرين، لأن الأسباب التي طردت أولئك هي التي تقف حائلا أمام جذب الآخرين، حتى لو كانوا من الفقراء والمعدمين في باكستان وأفغانستان
لم يعد الحلم ممكنا في سوريا، فالجائع والبردان والمرعوب لا يملك رفاهية الأحلام، ولا يلام من لم يحصل حتى على العيش على الكفاف عن التفكير بمخارج لهذا الوضع المغلق من كل الجهات، فيما تتحكم به سلطة فاجرة، تصدّع رأسه صباح مساء بأهزوجة نصرها الذي حققته في مواجهة أكثر من مئة دولة! وتطلب منه عند كل حاجز الهتاف بالروح والدم للقائد الفذ والعبقري الذي حقّق هذا الإنجاز المذهل للسوريين!

تحطمت في سوريا البنية التحتية التي يمكن للمجتمع أن يمارس حياته وفعالياته فوقها، ليست الكهرباء وخطوط الهاتف والطرقات فقط، بل الشبكات الاجتماعية التي تحطمت بالكامل، العلاقات التي يبنيها الإنسان طوال عمره، مع جاره وصاحب البقالة والجزار وبائع الخضار، مع رجل الدين ومختار الحي والطبيب والصيدلاني، مع سائق الحافلة ومدرّس الأبناء، ومع عامل الكهرباء والتمديدات الصحية وصانع المفاتيح، هذه العلاقات، على بساطتها كانت تمثل رأس مال رمزيا وقيمة مضافة لهؤلاء، تحطمت مع جدران البيوت وخراب الشوارع والأحياء.

وفي تلك الأحياء، استطاعت جماعات سورية كبيرة تدبّر أمور معاشها عبر المشاريع والورش الصغيرة، غالبا في المنازل ويعمل بها أفراد الأسرة الواحدة، وكان كل مشروع، من مئات الآلاف هذه المشاريع المنتشرة في حلب ودمشق وحمص وغيرها، يُخرج الطبيب والمعلم والبنّاء والبقال، وفي الأرياف، كان من لديه بقرتان أو بضع دجاجات أو أرض يزرعها، يضع نفسه على سكة الحالمين بصناعة مستقبل أفضل لأولاده، كانت ماكينة لصنع الحياة، تعطلت اليوم.

ما يزال ثمة بصيص أمل في أن يتوقف نزيف الهجرة من سوريا، وتعود البلاد جاذبة لأهلها بعد أن ينزاح الكابوس الثلاثي عن صدرها، الأسد وإيران وروسيا، رغم أن موازين القوى لا ترجح مثل هذا الأمل اليوم، إلا أن انتفاضات مثلما يحصل في السويداء اليوم، وتململا كما هو حاصل في مناطق الساحل السوري، قد تفتح كوة في جدار اليأس، ذلك أن مثل هذه الديناميكيات عندما تبدأ لا أحد يستطيع معرفة إلى أين ستصل
تم تدمير هذه الشبكات وتحطيم الديناميكيات المولّدة لها بمنهجية وتخطيط عميق، الهدف منها ألا تعاود هذه البيئات صناعة وإنتاج الأحلام، لأنه تبين أن في هذا خطرا على السلطة، فقد خرجت من ورشات المنازل ومن المزارع أصوات تطالب بالحرية والعدالة والمساواة، ما يجعل من استمرارها إشكالية معقّدة، لذا فالأفضل أن يهيم أبناء هذه البيئات على وجوههم، نازحين ولاجئين، وأن يدركوا أن لا بدائل أخرى أمامهم سوى الركوع والجوع.

في فترات سابقة، جرى الحديث عن عمليات استبدال للسوريين، عبر المجيء بأناس آخرين، وفي الأغلب أتباع إيران، للحلول مكان أبناء البلد، وربما اشتغلت إيران بالفعل على هذه الاستراتيجية، لكن يبدو أنها في طريقها للفشل، فسوريا الطاردة لأبنائها لن تستطيع جذب الآخرين، لأن الأسباب التي طردت أولئك هي التي تقف حائلا أمام جذب الآخرين، حتى لو كانوا من الفقراء والمعدمين في باكستان وأفغانستان.

لكن، وبالرغم من كل هذا الأسى، ما يزال ثمة بصيص أمل في أن يتوقف نزيف الهجرة من سوريا، وتعود البلاد جاذبة لأهلها بعد أن ينزاح الكابوس الثلاثي عن صدرها، الأسد وإيران وروسيا، رغم أن موازين القوى لا ترجح مثل هذا الأمل اليوم، إلا أن انتفاضات مثلما يحصل في السويداء اليوم، وتململا كما هو حاصل في مناطق الساحل السوري، قد تفتح كوة في جدار اليأس، ذلك أن مثل هذه الديناميكيات عندما تبدأ لا أحد يستطيع معرفة إلى أين ستصل، وخاصة إذا أحرق أصحابها مراكب الهجرة.. والرجوع لحضن الاستبداد.

twitter.com/ghazidahman1

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا نازحين سوريا لاجئين تهجير نازحين مقالات مقالات مقالات أفكار رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

أحمد الوسيمي لـ وفد فيتنام: لدينا بنية تحتية وتشريعية جاذبة للاستثمار الأجنبي

استقبل أحمد الوسيمي عضو مجلس إدارة غرفة القاهرة التجارية نيابه عن ايمن العشري رئيس الغرفة وفد فيتنامي لبحث سبل جديدة لزيادة العلاقات الاقتصادية الثنائية.

غرفة القاهرة وسفارة باكستان تُنظمان ملتقى أعمال مشترك لبحث سبل تعزيز التعاون الاقتصاديتعاون بين غرفتي القاهرة وفرنسا لزيادة التبادل التجاري والاستثماري المشتركوفد بورصة سلع إسبرطة التركية يزور غرفة القاهرة لبحث زيادة التبادل التجاريغرفة القاهرة تبحث مع رئيس شعبة الأدوات الصحية توطين الصناعة وزيادة الصادرات

وتأتي هذه المباحثات في إطار تكثيف جهود غرفة القاهرة لزيادة التبادل التجاري والاستثماري المصري الخارجي وفتح أسواق تصديرية جديدة للمنتجات المصرية لزيادة الصادرات في القطاعات المختلفة.

وبحث"الوسيمي" مع الوفد الفيتنامي سبل التعاون في مجال التكييف والتبريد كونة رئيسا لشعبة أجهزة التكييف والتبريد بغرفة القاهرة.

واستعرض أحمد الوسيمي، خلال اللقاء الفرض الاستثمارية والتجارية المتنوعة المتاحة في مصر والدعم الكبير للاستثمار والمستثمرين من القيادة السياسية المصرية على رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي وهو ما يتيح فرصة كبيرة أمام المستثمرين والصناع الفيتنام لدخول السوق المصري.

وأشار الوسيمي، إلى الإجراءات والحوافز التي تقوم بها الحكومة المصرية وأهمية الرخصة الذهبية لتسهيل دعم الاستثمار والصناعات المختلفة خاصة في ظل المبادرة الرئاسية ( توطين الصناعة المصرية) في القطاعات المختلفة فضلا عن المحفزات والإجراءات التسهيلية في مختلف المجالات.

ودعا الوسيمي، الجانب الفيتنامي للاستفادة من التشريعات والإصلاحات الاقتصادية المصرية ودخول السوق المصري والاستفادة من حجمه الكبير وكذلك الاستفتادة من الموقع المتميز لمصر كونها بوابة لدخول أسواق خارجية كثيرة منها اسواق عربية وافريقية وأوروبية.

وأشار الوسيمي، إلى أن المساندة الكبيرة التي يقدمها ايمن العشري رئيس غرفة القاهرة من أجل تنمية العلاقات الاقتصادية المصرية الخارجية في المجالات المختلفة مؤكدا علي أهمية توفير بيانات الفرص الاستثمارية والتجارية في البلدين حتي يتسني لرجال الأعمال مناقشة سبل تعزيز التعاون المشترك.

 وأكد الوسيمي، أن غرفة القاهرة بالتنسيق مع الجهات المصرية المعنية تقوم بتوفير البيانات والمعلومات عن الفرص الاستثمارية والتجارية والحوافز الحكومية لوضعها أمام الوفود وزائري الغرفة .

 وتكون الوفود الفيتنامي من ( نجوين مينه فونغ – رئيسة إدارة تنمية السوق الدولي ، وزارة الصناعة والتجارة الفيتنامية قسم غرب آسيا وأفريقيا -  فام هواي لينه نائبة رئيس إدارة تنمية السوق الدولية ، وزارة الصناعة والتجارة الفيتنامية قسم غرب آسيا وأفريقيا - نجوين دوي هونغ رئيس المكتب التجاري الفيتنامي في مصر ، سفارة فيتنام في القاهرة -  دونغ نجوين ثانه – نائب رئيس شركة هاست -  نغا المكتب التجاري الفيتنامي في القاهر- السيدة / لي ثي نغا مسؤولة المكتب التجاري الفيتنامي في مصر – سفارة فيتنام بالقاهرة و يارا رفعت ).

ويرتب الجانب الفيتنامي حاليا لتنظيم لقاء بين أصحاب الشركات المصرية و الفيتنامية بالقاهرة خلال شهر يوليو القادم يتخلله لقاءات ثنائية بين الجانبين لبحث سبل تعاون في قطاعات متعددة منها مجالات " الإلكترونيات والأجهزة المنزلية والكهربائية"
 

طباعة شارك أحمد الوسيمي غرفة القاهرة التجارية ايمن العشري

مقالات مشابهة

  • «نواف العنيزي»: مصر بها بيئة استثمار جاذبة إقليميًا وعالميًا
  • نواف العنيزي: مصر بها بيئة استثمار جاذبة إقليميًا وعالميًا
  • أحمد الوسيمي لـ وفد فيتنام: لدينا بنية تحتية وتشريعية جاذبة للاستثمار الأجنبي
  • وزير المالية: الأسواق الناشئة توفر فرصًا جاذبة للاستثمار وستسهم بـ65% من نمو الاقتصاد العالمي
  • الكشف عن الأهداف التي طالها القصف الأمريكي في صنعاء اليوم
  • "القصيم الصحي" يحصل على الاعتماد البرامجي لزمالة طب العناية الحرجة
  • لبنان يحصل على قرض من البنك الدولي بـ250 مليون دولار
  • هل أصبح التمويل الإسلامي بغرب أفريقيا وجهة جاذبة للمستثمرين؟
  • الشرع يكشف للإعلام الأمريكي عن الاطراف التي سوف تتضرر في حال وقعت في سوريا أي فوضى
  • المرشح النائم يحصل على 3 أصوات في انتخابات أصيلة