شكلت اتفاقية أوسلو، التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية مع الاحتلال، فرصة كبيرة للأخير، لتنفيذ العديد من المخططات التي كان يواجه الكثير من العراقيل فيها سابقا، وخاصة على صعيد الاستيطان والتهام أراضي الضفة الغربية والقدس.

وتضخم عدد المستوطنات، والمستوطنين الوافدين إليها، منذ العاشر من أيلول/ سبتمبر 1993، لأغراض التغيير الديمغرافي، والاستيلاء على المزيد من أراضي القدس المحتلة والضفة الغربية، وإنهاء أي أمل للفلسطينيين، على مدى السنوات الثلاثين الماضية، في إنشاء دولة على ما تبقى من أرضهم.




ووفقا لإحصائيات منظمات حقوقية، فإن الضفة الغربية عند توقيع اتفاق أوسلو، كان يقطنها 110 آلاف مستوطن، ونحو 140 ألفا آخرين، في القدس المحتلة، في الجزء الشرقي منها.

وكان المستوطنون  يقطنون في 128 مستوطنة بالضفة، أما في القدس، فتركز الوجود الاستيطاني، في 12 حيا كبيرا، بني معظمها في السبعينيات والثمانينيات، مثل مستوطنات غيلو وراموت وبسغات زئيف.

في المقابل، يعيش في الضفة الغربية اليوم 465 ألف مستوطن، في 300 مستوطنة وبؤرة استيطانية، أما في القدس المحتلة، فارتفع العدد فيها إلى قرابة 230 ألف مستوطن، علاوة على 3 آلاف آخرين، يقيمون في الأحياء الفلسطينية في القدس القديمة.

وتركزت خطط الاحتلال لقضم الضفة الغربية والقدس المحتلة على 4 مستويات وهي كالتالي:

إنشاء تجمعات مستوطنين داخل الأحياء الفلسطينية في القدس المحتلة.

توسيع المستوطنات القائمة حاليا وبناء بؤر استيطانية لتضخيمها لاحقا.

شق الطرق الالتفافية، من أجل الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين، وربط المستوطنات بخطوط مؤمنة.

استيراد فئة اليهود المتدينين للسكن في المستوطنات في القدس والضفة.


التهام القدس المحتلة:

نشط الاحتلال منذ أوائل التسعينيات عقب توقيع اتفاق أوسلو، في تغيير طبيعة النشاط الاستيطاني، وأجريت توسيعات على الأحياء القائمة، في القدس المحتلة، مثل راموت ونيفي يعقوب وجيلو.

وتوسع الاحتلال، في الاستيلاء على منازل الفلسطينيين، في أحياء القدس القديمة، وابتكر ما يعرف بالاستيطان السياحي في القدس، بعد الانتفاضة الثانية، وأقام مشاريع، لتوسيع نشاطاته واجتذاب أعداد كبيرة من المستوطنين والزوار الإسرائيليين، لمواقع في محيط بلدة سلوان في القدس القديمة.

ووفقا لتقديرات، فقد كان عدد المستوطنين المتواجدين في الأحياء الفلسطينية، بمناطق شرق القدس، والحي الإسلامي، بالبلدة القديمة قرابة 800 مستوطن، لكن بعد 30 عاما على أوسلو بلغ عددهم قرابة 3 آلاف مستوطن، تمكنوا من مضاعفة عددهم، عبر عمليات تسريب العقارات والأراضي الفلسطينية خاصة في رأس العمود والشيخ جراح والحي الإسلامي وسلوان والبلدة القديمة.

تضخيم المستوطنات:

إبان توقيع اتفاق أوسلو، كان في الضفة الغربية، 128 مستوطنة، يبلغ عدد المستوطنين فيها 110 آلاف مستوطنين، ورغم قرار رئيس حكومة الاحتلال إسحق رابين، تجميد البناء الاستيطاني بسبب توقيع الاتفاق عام 1993، إلا أنه مع اغتياله وقدوم بنيامين نتنياهو إلى منصبه، تصاعد النشاط الاستيطاني في المستوطنات القائمة، وتذرع الاحتلال، بأن ما يجري ليس زيادة في مساحة المستوطنات على الأرض، لكن في المقابل كان المكون الديمغرافي يتضاعف العديد من المرات.

حيلة البؤر الاستيطانية:

وجد الاحتلال في نصوص اتفاق أوسلو، التي تمنع بناء مستوطنات جديدة، وتحظر أي تغيير للواقع على الأرض، فرصة في ابتكار شكل جديد من الاستيطان، كان أشبه بخدعة، وهو إقامة بؤر استيطانية، وهي مستوطنات تقام دون موافقة حكومة الاحتلال، ودون مخططات رسمية، يترك أمر إنشائها لمجموعات من المستوطنين المتطرفين، ليستولوا على أراضي فلسطينية، ثم تحضر قوات كبيرة للاحتلال وتوفر لهم الحماية ضد محاولات الفلسطينيين إزالتها.

ووفقا لإحصاءات، فإن المستوطنين بدعم سلطات الاحتلال، أقاموا 200 بؤرة استيطانية منذ العام 1993، وتقوم سلطات الاحتلال حاليا، بجهود كبيرة، من أجل إضفاء "صفة شرعية"، على  هذه البؤر، وبأثر رجعي، ويبلغ عددها اليوم في الضفة الغربية قرابة 155 بؤرة.

إحلال ديمغرافي

وجد الاحتلال في المجتمع الحريدي،  عاملا مهما لإحداث تحولات ديمغرافية في القدس المحتلة، والضفة الغربية، وسمح بعمليات تدفق هائلة من اليهود الارثوذكس، إلى المستوطنات الموجودة، والتي قام بتوسعتها لاستيعابهم.

ولجأ الاحتلال، لتخصيص مستوطنات لليهود الأرثوذكس، وخاصة في محيط القدس المحتلة ووسط الضفة الغربية، وباتت مستوطنتا موديعين عيليت، وبيتار عيليت، أكبر تجمعين حاليا، لخنق المنطقة، والاستيلاء عليها.



ووفقا للإحصاءات، فإن مستوطني بيتار عيليت، إبان توقيع اتفاق أوسلو، كان يبلغ عددهم، 5 آلاف مستوطن، لكن لم تكن موديعين عيليت أنشئت بعد، أما اليوم بعد 30 عاما، على أوسلو، فإن العدد تضخم ليصل إلى 150 ألفا في المستوطنتين.

ويبلغ عدد سكان مستوطنة موديعين عيليت 82 ألف مستوطن، أما بيتار عيليت، فيبلغ التعداد 63 ألف مستوطنين، وتضمان اليهود الحريديم من الطائفة الأرثوذكسية المتطرفة.

التهام الأرض بالطرق الالتفافية:

شكلت اتفاقية أوسلو، فرصة للاحتلال، من أجل إنشاء ما يعرف بالطرق الالتفافية، حول مدن الضفة الغربية الرئيسية، بذريعة انسحاب قواتهم منها، والبحث عن ممرات لتحرك القوات بعيدا عن المناطق التي تديرها السلطة بالكامل، وفقا للاتفاق، والتي تعرف بمناطق "أ".

وأنشئت طرق التفافية عديدة، وطويلة، حول مدن بيت لحم ونابلس والخليل ورام الله، ومن أبرز الطرق الالتفافية التي افتتحت عام 1996، طريق الأنفاق، والرابط بين مستوطنتي غوش عتصيون وإفرات بالقدس المحتلة، أسفل قرية بيت جالات.

وأنشأ الاحتلال، 13 طريقا التفافيا بين الخليل ورام الله، وتم توسيع شارع 60 بالقدس المحتلة، وغيرها الكثير من الطرق، لتصل إلى نحو 100 كيلومتر التهم الاحتلال من خلال مساحات واسعة من أراضي الفلسطينيين.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية أوسلو الفلسطينية الاحتلال المستوطنات فلسطين مستوطنات الاحتلال أوسلو سياسة سياسة سياسة تغطيات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی القدس المحتلة الضفة الغربیة

إقرأ أيضاً:

أين يذهب المهجرون من مخيمات شمال الضفة الغربية؟

 

طولكرم- على تلة وقفت أم محمد (50 عاماً) تراقب جرافات الاحتلال الاسرائيلي تهدم منزلها ومنازل أقاربها في مخيم نور شمس بمدينة طولكرم شمال الضفة الغربية. وتقول إنها لم تستطع إلا القدوم إلى المكان لتعرف مصير منزلها الذي هجرت منه قسراً منذ بداية الحملة العسكرية الإسرائيلية في مخيمات طولكرم أوائل فبراير/شباط الماضي.

وتضيف المواطنة أن الاحتلال، في البداية، أحرق منزلها بشكل كامل، وبقي واقفا، وكانت تطمح أن يعاد ترميمه في حال عادت إلى المخيم. وتستطرد "لكن اليوم تهدمه الجرافات، مما يعني أنه لم يعد لي مكان أعود إليه".

وعلى التلة ذاتها، كان عدد من الأهالي يراقبون هدم المنازل وتوسيع الشوارع في حارات المخيم، وكلهم ممن نزحوا عن المخيم قبل 40 يوماً.

نازحون يتفقدون منازلهم من على تلة أعلى مخيم طولكرم (الجزيرة) تهجير ونزوح

وهجرت قوات الاحتلال الإسرائيلي قرابة 24 ألف مواطن من مخيمات طولكرم ونور شمس في مدينة طولكرم، وقد توزعوا على مراكز للإيواء في المدينة والضواحي والأحياء القريبة منها.

ويواصل جنود الاحتلال الاسرائيلي تهجير سكان وأهالي مخيمات مدينة طولكرم. وقد أجبر الاحتلال أهالي حارة المربعة في مخيم طولكرم على النزوح بشكل جماعي، أمس السبت.

قوات الاحتلال تجبر الأهالي على الخروج من منازلهم في حارة المربعة بمخيم طولكرم#الجزيرة #فيديو pic.twitter.com/F95RJXah9T

— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) March 15, 2025

وقالت مصادر محلية إن الاحتلال أجبر 50 عائلة على مغادرة منازلها، وأحرق منازل في حارة المنشية في نور شمس.

إعلان

وقد قدمت لجنة خدمات مخيم طولكرم شققا سكنية بمساحات صغيرة للنازحين من المخيم في حي ذنابة، بعد استئجارها وتسكين النازحين فيها.

وبأحد هذه المنازل في حي ذنابة كانت سماح صلاحات تحاول ترتيب أغراضها الشخصية فور انتقالها، بعد أسابيع من نزوحها إلى منزل أقاربها في مدينة طولكرم. وتقول إنها استلمت البيت فارغا بشكل كامل، فلا تتوفر فيه حتى الأغطية "لا أغطية ولا ملابس ولا أدوات طهي، ولا ثلاجة، فلم نأخذ من أثاث منزلنا قشة واحدة".  

وعن الأسر التي هجرت من بيوتها من دون السماح لها بنقل أغراضها، تقول سماح إن "الوضع بالغ الصعوبة" خاصة في شهر رمضان.

نازحون من مخيمي نور شمس وطولكرم لجؤوا لمدرسة قيد الإنشاء في ضاحية ذنابة قرب مخيم طولكرم (الجزيرة) دعم قليل

وبحسب لجنة خدمات مخيم نور شمس فإن قرابة 11 ألفا و325 مواطنا نزحوا من المخيم إلى 5 مراكز إيواء، يتوزعون بين قاعة وجمعيات ومدرسة وجمعية اتحاد نسائي، في كل من عنبتا وكفر اللبد وذنابة.

وتهتم اللجنة الشعبية لخدمات مخيم نور شمس بتقديم المساعدات للنازحين من خلال الداعمين لها من أهل الخير والمتبرعين، بالإضافة للتجار وبعض المؤسسات والجمعيات الدولية الداعمة، حسب نهاد شاويش رئيس مجلس خدمات اللجنة.

وتحدث شاويش، للجزيرة نت، عن ضآلة دعم الأونروا في هذه الكارثة الإنسانية، كما وصفها. وقال "لم نتلق أي دعم أو مساعدة من الأونروا في هذه المأساة المستمرة حتى يومنا هذا في المخيمين، وذلك يعود للهجمة الاسرائيلية الشرسة عليها، والتضييقات التي أقرتها حكومة الاحتلال على عمل وكالة الغوث في الضفة الغربية".

وأضاف أن الناس يحاولون في العادة اللجوء إلى أقاربهم، خاصة مع ارتفاع إيجار الشقق السكنية، وعدم تمكن كثير من النازحين من دفع إيجارات المنازل.

ويشكو النازحون من بعض مشاهد الاستغلال التي حصلت معهم حيث ارتفعت إيجارات المنازل من 800 شيكل للشقق الصغيرة الى ألفي شيكل شهرياً.

إعلان

ويؤكد شاويش أن حجم ما تم تقديمه للنازحين لا يتعدى 10%؜ من المطلوب، وأن ما يصل من دعم للجنة الخدمات، من طرود غذائية وملابس وأغطية ومفارش، يوزع بالنسبة والتناسب حسب أماكن وجود النازحين.

وأخبر المتحدث ذاته عن تغطية قرابة 2500 طرد سحور للنازحين، أمس السبت، عن طريق دعم مقدم من جمعيات خارجية. واستطرد أن الوضع الاقتصادي في طولكرم منهك وصعب وأن وضع التجار في الفترة الأخيرة يشهد معيقات، ولا يوجد من يدعم هؤلاء النازحين.

ويرى أن تدخل الحكومة ضئيل جداً سواء في دعم النازحين أو حتى آلية توزيعهم ووضع الخطط المستقبلية لهم. وعبر أبو شاويش عن ذلك بقوله إن الحكومة للأسف لم تقم بدور واضح وحقيقي وإنها لا تعي إلى أين تتجه الأمور.

وهذه الحالة حالياً موجودة في 3 مخيمات هي جنين وطولكرم ونورشمس كما "نرى بشكل واضح تخبط الحكومة في تشكيل لجان دعم ولجان تبرعات وغيره، وإذا امتدت هذه الحالة لمخيمات أخرى فالواضح أن الحكومة ستضيع" كما يقول.

الأعداد في ارتفاع

وفي مخيم جنين للاجئين، ارتفع عدد النازحين منه إلى قرابة 21 ألف مواطن منذ بدء عمليات التهجير في يناير/كانون الثاني الماضي. وبحسب رئيس بلدية جنين محمد جرار فإن ما نسبته 25%؜ من سكان المدينة من فئة النازحين، وهو ما يعني ضغطاً كبيراً على الوضع الاقتصادي والخدماتي في المحافظة بشكل عام.

وقال جرار -في تصريح صحفي- إن العدوان الإسرائيلي على جنين أدى لأضرار جسيمة تمثلت بشكل أساسي في ارتفاع نسبة البطالة وتراجع في الاقتصاد.

وأضاف أنه على الرغم من حالة التضافر التي شهدتها المحافظة في دعم النازحين، فإن المطلوب أكبر بكثير مما قدم، لأن حجم الكارثة كبير جداً ونسبة النازحين في ازدياد.

وتوزع النازحون من مخيم جنين، الذي يشهد عمليات تجريف وتوسيع في الشوارع والأحياء، وتغيير معالمه الجغرافية منذ 55 يوماً، على مركزين للإيواء في المدينة هما: جمعية الكفيف والمركز الكوري، بواقع 4200  في حين نزح قرابة 4700 مواطن إلى بلدة برقين غرب المدينة.

وتوزع الباقي على قرى جنوب جنين مثل قباطية وبير الباشا وعرابة وجبع. وانتقل عدد من النازحين، يقدر عددهم بـ6 آلاف، إلى مساكن الجامعة العربية الأميركية بعد استئجارها لهم من لجنة خدمات المخيم.

إعلان

وبحسب بلدية جنين، فإن النازحين يتلقون المساعدات بشكل أساسي من جمعيات دولية وأجنبية تسعى البلدية للتنسيق معها بشكل مستمر من خلال لجان مساعدة شكلت منذ اليوم الأول للاقتحام الإسرائيلي.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة: سياسة الاستيطان في الضفة جريمة حرب
  • تقرير أممي: سلطات الاحتلال تكثّف عمليات الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة
  • تقرير للأمم المتحدة: هناك توسع كبير للمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية
  • الملك الأردني يحذر من استمرار التصعيد الصهيوني في الضفة الغربية المحتلة
  • مقررة أممية تُحذّر من تطهير عرقي في الضفة الغربية المحتلة
  • إصابة فلسطينيين بالرصاص في مواجهات مع الاحتلال بالضفة
  • أين يذهب المهجرون من مخيمات شمال الضفة الغربية؟
  • عشرات المستوطنين يقتحمون الأقصى
  • مستوطنون يقتحمون باحات المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائيلي
  • كيف رمضان بدون الأقصى؟ سؤال ينكأ جراح فلسطينيي الضفة