تواصل فرق الإنقاذ المحلية والأجنبية في مدينة درنة وباقي المناطق المتضررة من الإعصار والفيضانات جهودها في البحث عن مفقودين وإخراج أحياء من وسط الركام، مع تأكيدات الصليب الأحمر بأنه لا يزال هناك أمل في العثور على ناجين في المناطق المنكوبة.

كما تواصلت جهود انتشال الجثث المتناثرة في الشوارع وفي البيوت المتأثرة بالفيضانات.

وأدّى تدفّق المياه ليلة الاثنين إلى انهيار سدّين في مناطق بأعلى درنة، مما تسبب بفيضان الوادي الذي يعبر المدينة، بصورة خاطفة بحسب ما أفاد سكان، موضحين أن المياه تدفقت بارتفاع عدة أمتار.

ويقول السكان إن مئات الجثث لا تزال مطمورة تحت أطنان الوحول والأنقاض المتراكمة.

وتخشى السلطات أن تكون الحصيلة البشرية فادحة، وسط خسائر هائلة في المدينة التي كان تعدادها 100 ألف نسمة قبل الكارثة.


مأساة وخسائر

وتكشف أعداد أكياس الجثث التي وزعت في المدينة عن حجم المأساة، وأفادت اللجنة الدولية للصليب الأحمر وحدها بتأمين 6 آلاف منها.

وقال المسؤول عن عمليات المساعدة لليبيا في الصليب الأحمر، تامر رمضان، اليوم الجمعة، إنه "لا يزال هناك أمل بالعثور على أحياء" بعد الفيضانات الكارثية التي ضربت هذا البلد وأسفرت عن سقوط آلاف القتلى والمفقودين في نهاية الأسبوع الماضي.

وامتنع المتحدث ذاته خلال مؤتمر صحفي عن إعطاء حصيلة بعدد القتلى مؤكدا أنها "لن تكون نهائية أو دقيقة".

وبحسب تصريحات المتحدث ذاته للجزيرة، فإن حجم الكارثة في مناطق الإعصار كبير جدا ويفوق قدرات الصليب الأحمر، مشيرا إلى الحاجة الملحة للدعم الدولي.

في غضون ذلك، ومع تصاعد أعداد القتلى والمفقودين، ارتفعت وتيرة المناشدات من داخل درنة والمناطق الأخرى طلبا لمزيد من الآليات والمعدات وفرق الإنقاذ والخدمات.


مساعدات ومعوقات

وقال مراسل الجزيرة في درنة، تامر الصمادي، إن الطريق من بنغازي إلى درنة كانت طويلة ومزدحمة بقوافل المساعدات، لجهات رسمية ومنظمات دولية ومتطوعين من الأهالي الذين هبوا لإغاثة المنكوبين من ضحايا الفيضانات.

وقال الصمادي إن الأحياء في المدينة متشابهة وهي مغطاة بالوحل والطين ومقطوعة عن بعضها البعض، في حين تتكدس المركبات المحطمة في كل مكان من المدينة.

وبيّن أن شبكات المياه والكهرباء والاتصالات تعاني من أضرار السيول المدمرة، التي أدت إلى تعطلها.

وقال الصمادي إن عددا من الناجين رووا للجزيرة روايات مفزعة بشأن ما حدث، مشيرا إلى أن آثار الصدمة لا تزال تخيّم على وجوه الأهالي، وإلى أن رائحة الموت تنتشر في كل مكان بالمدينة.

ولفت مراسل الجزيرة إلى أن الجهات الحكومية تتحدث عن نقص كبير في المساعدات وفي فرق الإنقاذ، لكنها تعمل بما لديها من إمكانيات.


عاصفة وضحايا

والأحد الماضي، اجتاحت عاصفة ناجمة عن الإعصار دانيال عدة مناطق شرقي ليبيا، أبرزها مدن درنة وبنغازي والبيضاء والمرج وسوسة، مخلفة أكثر من 6 آلاف قتيل وآلاف المفقودين، وفق ما أعلنه وكيل وزارة الصحة في حكومة الوحدة الوطنية سعد الدين عبد الوكيل قبل يومين.

من جهته، أعلن الهلال الأحمر الليبي أن عدد المفقودين نتيجة السيول والفيضانات في مدينة درنة يتجاوز 10 آلاف شخص، وفق معطيات أولية.

وأسفرت السيول والفيضانات عن اختفاء أحياء، وانهيار جسور، ودمار واسع في شبكة الطرق لمدينة درنة وما جاورها، بينما تكثف فرق الإنقاذ المحلية والأجنبية جهودها للبحث عن ناجين وانتشال ودفن الجثث المتناثرة في المدينة.

ويحذر المسؤولون في المدينة من خطر تفشي الأمراض والأوبئة بسبب انتشار الجثث.

جثث في الشوارع لم يتم دفنها بعد (رويترز)

من جانبه، قال مراسل الجزيرة في درنة محمد البقالي، إن رائحة الموت تنبعث من المكان، بسبب عدم استخراج عدد من الجثث تحت الأنقاض.

وبيّن البقالي أن التركيز منكب الآن على العثور على ناجين رغم تضاؤل الآمال، بسبب حجم الكارثة وما خلفته، وبيّن أن هناك حديثا عن إنقاذ 500 شخص خلال الأيام الماضية بعضهم من فوق المنازل وآخرون من تحت الأنقاض.

وبحسب مراسل الجزيرة  فلا أحد لديه رقم دقيق بخصوص القتلى في درنة، وأكد أن المختصين يدقون ناقوس الخطر بشأن كارثة صحية وبيئية تهدد المدينة سببها الجثث التي لم يتم انتشالها بعد.


كارثة وتقديرات

واليوم الجمعة، أعلن مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث، أن حجم الكارثة في ليبيا الناتجة عن انهيار سدين وجسور بتأثير عاصفة وأمطار غزيرة، لا يزال مجهولا.

وقال متحدثا عن حجم الكارثة خلال مؤتمر صحافي في جنيف، "أعتقد أن المشكلة بالنسبة إلينا هي في تنسيق جهودنا مع الحكومة ومع السلطات الأخرى في شرق البلاد، ثم اكتشاف حجم الكارثة.

وأضاف "لم نتوصل إلى ذلك بعد، لا نعرف ذلك". وأضاف أن "مستوى الحاجات وعدد القتلى لا يزال مجهولا"، مشيرا إلى الحاجة الملحة إلى البحث عن جثث تحت الأنقاض.

وأرجع المسؤول الأممي وقوع هذه الكارثة إلى ما أسماه تصادم "المناخ بالإمكانيات"، وقال "في ليبيا، حيث لا يزال الوصول إلى درنة صعبا للغاية… هذه مأساة تصادم فيها المناخ مع الإمكانيات".

وبيّن أن مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة أرسل فريق تنسيق لمواجهة الكوارث يضم 15 شخصا تم نقلهم من المغرب الذي تعرض لزلزال الأسبوع الماضي.

وكانت الأمم المتحدة قد أطلقت يوم أمس، نداء عاجلا لتقديم 71 مليون دولار لتلبية احتياجات نحو 250 ألف شخص هم الأكثر تضررا جراء السيول في ليبيا.


تحذير من الدفن الجماعي

وحذرت الأمم المتحدة من الارتفاع المحتمل في الوفيات وفي معدلات الإصابة بالأمراض إذا لم يتم إرسال مساعدات ملائمة على الفور للمناطق المتضررة.

ويمكن أن يجري تحديث النداء العاجل بمجرد توافر معلومات إضافية.

وتأتي هذه التطورات بينما دعت منظمة الصحة العالمية ومنظمات إغاثة السلطات في ليبيا إلى التوقف عن دفن ضحايا الفيضانات في مقابر جماعية بعد أن أظهر تقرير للأمم المتحدة أن أكثر من ألف شخص دفنوا بهذه الطريقة حتى الآن منذ وقوع الكارثة.

وقال مسؤول في برنامج الطوارئ الصحية التابع لمنظمة الصحة في بيان مشترك مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر "نحث السلطات في المناطق المنكوبة بالمأساة على عدم التسرع في عمليات الدفن الجماعي".

ودعا البيان إلى تحسين إدارة عمليات الدفن لتكون في مقابر فردية محددة وموثقة بشكل جيد قائلا إن عمليات الدفن المتسرعة يمكن أن تؤدي إلى مشكلات نفسية طويلة الأمد لذوي الضحايا بالإضافة إلى مشاكل اجتماعية وقانونية.

وذكر تقرير للأمم المتحدة نشر -أمس الخميس- أن أكثر من ألف جثة في درنة وما يزيد عن 100 جثة في البيضاء دفنت في مقابر جماعية.

مقبرة جماعية لضحايا الفيضانات (رويترز) مساعدات دولية

وفي سياق متصل بالمساعدات الدولية، أعلن سفير روسيا لدى ليبيا، أيدار أجانين، أن موسكو تعتزم إرسال طائرات مساعدات إلى المناطق المتضررة من الفيضانات.

وبيّن أن هذه المساعدات تشمل فرق الإنقاذ والأطباء، بالإضافة إلى اللوازم المادية، من معدات ضرورية وبطانيات وخيام، مشيرا إلى أن المرحلة العملية تبدأ اليوم، وإلى أن الجانب الليبي يتعاون مع نظيره الروسي بشكل كامل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: للأمم المتحدة مراسل الجزیرة الصلیب الأحمر حجم الکارثة فرق الإنقاذ فی المدینة مشیرا إلى فی لیبیا لا یزال فی درنة إلى أن

إقرأ أيضاً:

أمريكا توقف مساهماتها المالية في منظمة التجارة العالمية

 

 

جنيف- رويترز

أفادت ثلاثة مصادر تجارية لرويترز بأن الولايات المتحدة أوقفت مساهماتها في منظمة التجارة العالمية، في الوقت الذي تُكثف فيه إدارة الرئيس دونالد ترامب جهودها لخفض الإنفاق الحكومي.

وتنسحب إدارة ترامب من دعم مؤسسات عالمية مشيرة إلى أن الدعم يتعارض مع سياساتها الاقتصادية القائمة على مبدأ "أمريكا أولا". وتخطط للانسحاب من بعضها، مثل منظمة الصحة العالمية، كما خفضت مساهماتها في مؤسسات أخرى في إطار مراجعة شاملة للإنفاق الاتحادي.

وتأثرت منظمة التجارة بالفعل بقرار أمريكي في 2019، خلال ولاية ترامب الأولى، بمنع تعيين قضاة جدد في أعلى محكمة استئناف بها، مما أدى إلى تعطل نظامها الرئيسي لتسوية النزاعات جزئيا. وكانت واشنطن قد اتهمت هيئة الاستئناف التابعة لمنظمة التجارة بتجاوز صلاحياتها في النزاعات التجارية.

وبلغت الميزانية السنوية للمنظمة، التي تتخذ من جنيف مقرا لها، 205 ملايين فرنك سويسري (232.06 مليون دولار) في 2024. وكان من المقرر أن تساهم الولايات المتحدة بنحو 11 بالمئة من هذه الميزانية بناء على نظام رسوم يتناسب مع حصتها في التجارة العالمية، وذلك وفقا لوثائق عامة لمنظمة التجارة العالمية.

وقال مصدران مطلعان إن مندوبا أمريكيا أبلغ اجتماعا للمنظمة بشأن الميزانية في الرابع من مارس آذار بأن مدفوعات واشنطن لميزانيتي 2024 و2025 مُعلقة ريثما تُراجع مساهماتها في المنظمات الدولية وأنه سيُبلغ المنظمة بالنتيجة، لكن لم يحدد تاريخا.

وأكد مصدر تجاري ثالث رواية المصدرين، وقال إن منظمة التجارة تدرس "خطة بديلة" في حال توقف التمويل لفترة طويلة، دون الخوض في تفاصيل.

وطلبت المصادر الثلاثة عدم نشر أسمائها نظرا لأن اجتماع الميزانية كان خاصا ولم يُعلن رسميا عن توقف التمويل الأمريكي. ولم يُرد البيت الأبيض حتى الآن على طلبات للتعليق.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن ترامب وقع الشهر الماضي أمرا تنفيذيا يوجه وزير الخارجية ماركو روبيو بإعادة النظر بشأن جميع المنظمات الدولية التي لدى الولايات المتحدة عضوية فيها خلال 180 يوما "لتحديد ما إذا كانت تتعارض مع المصالح الأمريكية". وأضاف "يخضع تمويل منظمة التجارة العالمية، إلى جانب منظمات دولية أخرى، للمراجعة حاليا".

وقال مسؤول من مكتب الممثل التجاري الأمريكي اليوم الجمعة إن وزير الخارجية يجري "مراجعة عامة لتمويل الولايات المتحدة لجميع المنظمات الدولية.... مكتب الممثل التجاري الأمريكي ينسق مع وزارة الخارجية فيما يتعلق بمنظمة التجارة العالمية".

وقال إسماعيل ديانج المتحدث باسم منظمة التجارة إن مساهمات الولايات المتحدة كانت في طريقها، لكنها "علقت بسبب توقف جميع المدفوعات للوكالات الدولية".

وأضاف "بشكل عام، يمكن للمتأخرات أن تؤثر على القدرة التشغيلية لأمانة منظمة التجارة العالمية. لكن الأمانة تواصل إدارة مواردها بحكمة، ولديها خطط جاهزة لتمكينها من العمل في ظل القيود المالية التي تفرضها أي متأخرات".

وحتى نهاية ديسمبر 2024، بلغت متأخرات الولايات المتحدة 22.7 مليون فرنك سويسري (25.70 مليون دولار)، وفقا لوثيقة لمنظمة التجارة العالمية حصلت عليها رويترز، مصنفة أنها "سرية" بتاريخ 21 فبراير.

وبموجب قواعد منظمة التجارة العالمية، يخضع أي عضو يتخلف عن سداد مستحقاته لأكثر من عام "لإجراءات إدارية"، وهي سلسلة من الخطوات العقابية التي تزداد صرامة كلما طالت مدة عدم سداد الرسوم.

وأكد اثنان من المصادر التجارية لرويترز أن تصنيف الولايات المتحدة الآن يجعل ممثليها غير قادرين على رئاسة هيئات المنظمة أو استلام وثائق رسمية.

ولم يتسن لرويترز التأكد بعد مما إذا كانت المنظمة تطبق هذه الإجراءات بالفعل على الولايات المتحدة.

مقالات مشابهة

  • حماس تدعو كل من يستطيع حمل السلاح إلى التحرك ردا على خطة ترامب لغزة
  • الغويل: ليبيا تستحق منا أن نحافظ على ثرواتها
  • 24 شهيدا صبيحة العيد
  • في ميانمار..رائحة الجثث المتحللة تنتشر في شوارع ثاني أكبر مدن البلاد
  • طقس معتدل وأمطار متفرقة متوقعة شمال ليبيا.. وتحذيرات من رياح مثيرة للأتربة
  • ترامب لا يستبعد استخدام القوة العسكرية لضم غرينلاند
  • زلزال «ميانمار وتايلاند».. حصيلة جديدة للضحايا وفرق الإنقاذ تواصل العمل للعثور على ناجين
  • القائد العام : درنة تنهض من جديد وتتحول إلى رمز للحياة والأمل
  • أمريكا توقف مساهماتها المالية في منظمة التجارة العالمية
  • الأمم المتحدة تطالب بإنهاء "المعاناة المروعة" في أوكرانيا