بعد أن باعت مصوغاتها الذهبية لم تجد عائشة س. وسيلة أمامها للحصول على حقن البوتوكس والفيلر إلا التقسيط عن طريق أحد البنوك الأردنية، سعيا وراء إخفاء تجاعيد وعيوب وجهها للحفاظ على ديمومة الشباب، بحسب وصفها.

وتقول عائشة (54 عاما)، التي تتقاضى راتبا تقاعديا من وظيفة حكومية سابقة لا يتجاوز 275 دينارا أردنيا (388 دولارا)، "غمرتني السعادة عندما وصلتني رسالة نصية من البنك تفيد بأنني أستطيع تقسيط فاتورتي في أحد مراكز التجميل ذات السمعة الجيدة مقابل سعر فائدة لا يتعدى الواحد بالمئة".



وتضيف أنها تحتاج إلى حوالي 450 دينارا كل أربعة أشهر للحصول على  حقن البوتوكس والفيلر  في عيادة الطبيب الذي اعتادت الذهاب إليه منذ سبع سنوات، لكنها لا تستطيع التوفير من راتبها التقاعدي الضئيل.

وتؤكد عائشة، وهي أم لأربع بنات وشاب، أنها لن تستطيع الاستغناء عن هذا الإجراء التجميلي الذي أصبح جزءا مهما من حاجاتها الضرورية ومتطلباتها الأساسية، وخاصة في زمن أصبح مقياس الجمال فيه هو الصور والفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي.

الرجال لا يتفهمون حاجات النساء؟

وتبين أن زوجها لن يتفهم أن تجميل وجهها أصبح من الحاجات الأساسية ولذلك لن يساعدها بمبلغ مادي للذهاب لعيادة التجميل، كما هو حال ابنها الذي يعمل في مجال تسويق السيارات، وتضيف: "لو أن ابنتي لديها وظيفة بالتأكيد سوف تساعدني ماديا، فنحن النساء نفهم حاجات بعضنا".

من جانبها اتفقت غادة ض. (48 عاما) مع إحدى شركات التمويل، التي تتعامل مع مركز التجميل الذي تذهب إليه، من أجل تقسيط المبلغ الذي تحتاجه للحصول على الفيلر والبوتوكس. وتقول غادة، وهي أم لطفلين، إن "مركز التجميل باتفاقه هذا مع شركة التمويل قدم خدمة كبيرة لي بالتسهيل علي وخاصة أنه ليس لدي راتب شهري أعتمد عليه".

وتشير إلى أنها تدخر من المال الذي تحصل عليه من زوجها كمصروف شهري، إلى جانب المبلغ الذي تحصل عليه في المناسبات كعيد الأم أو عيدي الفطر والأضحى لمساعدتها في تسديد دفعات التمويل.

ويبلغ سعر حقن البوتوكس والفيلر الجيدة ما بين 120 إلى 200 دينار وفقا للعيادة أو الطبيب أو المركز أو المادة المستخدمة.

صور "مفلترة" ومقاييس جمال افتراضية

وتقول الدكتورة حنين أبو نصار أخصائية أمراض الجلدية والتجميل لرويترز إن  تجميل الوجه باستخدام حقن البوتوكس والفيلر  أصبح ضرورة وأولوية لدى الأردنيات، ولم يعد الأمر رفاهية. وتضيف "لم تعد قاعدة ‘الذي ما معه لا يلزمه‘ مطبقة .. وخاصة أن معيار الجمال أصبح يقارن بصفحات مواقع التواصل الاجتماعي .. رغم أن الصور كلها مفلترة".

وتشير إلى أن السيدة أصبحت مستعدة  للمغامرة بتعابير وجهها واللجوء إلى مراكز أسعارها رخيصة  في سبيل الحصول على وسائل التجميل تلك والتخلص من علامات التقدم بالعمر.

وتضيف "تجميل الوجه بهذه المواد أصبح هوسا لدى النساء والعامل النفسي  وتقبل الذات يؤثر بشكل كبير على الإقبال على تلك الإجراءات".

من جانبه يوضح الخبير الاقتصادي سليم أبو الشعر في حديث لرويترز كيف تغيرت الحاجات لدى بعض الناس وبالتالي تغير نمط الإنفاق لديهم. ويقول إن "كل شخص لديه تفضيلات معينة فما أراه كماليا قد يراه شخص آخر ضروريا بالنسبة له ولا يستطيع الاستغناء عنه".

ويرى أبو الشعر أن "استسهال موضوع الاقتراض واللجوء إلى الأقساط البنكية في كل الاحتياجات أمر خطير وقد تحدث أزمة ائتمانية وتعثر لدى العديد من المواطنين". ويشير إلى أن "التقسيط كان يقتصر في السابق على الضروريات للأشخاص مثل شراء منزل أو سيارة أو حتى الأدوات الكهربائية، إلا أن الناس أصبحوا ضعفاء أمام التسهيلات البنكية وأصبحوا يقسطوا حتى أمور الرفاهية".

المصدر: أخبارنا

إقرأ أيضاً:

رفع الحد الأدنى للأجور. هل أصبح غاية وطنية؟

 

 

 

د. محمد بن عوض المشيخي **

 

عبر منصة ملتقى "معًا نتقدَّم" في يومه الثاني والأخير وتحديدًا بتاريخ 27 فبراير، كنتُ من الذين بكروا بالحضور لكي أحجز مكانًا بالقُرب من المتحدثين عن واحدٍ من أهم التحديات التي تواجه المجتمع العُماني، وهو ملف الباحثين عن عمل؛ إذ كان عنوان الجلسة الحوارية "مستقبل المهن والوظائف".

كانت الأنظار- وخاصة الضيوف- في ذلك الصباح الهادئ المُفعم بالأمل والحركة تتجه للفريق الحكومي الذي يتكوَّن من وزير العمل ووكيلي وزارته الذين خَصَّصت لهم اللجنة المنظمة للملتقى ساعة ونصف الساعة للاستماع والرد على الحضور، الذين جاءوا من مختلف ولايات السلطنة، وبالفعل كان طموح المواطنين الاطلاع على ما يَسُرُّهم من الأخبار المُفرِحة التي طال انتظارها، والمتعلقة بتقديم حلول مبتكرة من خارج الصندوق؛ تتمثل في إيجاد فرص عمل مناسبة للتوظيف المباشر للشباب، خاصة الذين قضوا سنوات طويلة في الانتظار وتجاوزت أعمار بعضهم الأربعين سنة، بينما عيون أخرى من تلك الجموع التي تزامن وصولها مع ساعات الشروق الأولى نحو قاعة مركز عُمان للمؤتمرات والمعارض، وهي تُعبِّر عن ابتهاجها ورضائها عن حُسن التنظيم من الأمانة العامة لمجلس الوزراء، والتي نجحت في جمع تلك الأطراف على أرضية صلبة لا تنقصها الصراحة والشفافية، وقد كان حوارًا وطنيًا غير مسبوق في نسخته الثالثة.

لا شك أنَّ ما سرَّنا جميعًا من هؤلاء المسؤولين عن مستقبل سوق الوظائف في هذا البلد العزيز، هو الكشف عن دراستين تُطبخان على نارٍ هادئة في دهاليز الوزارة والمؤسسات الحكومية والأهلية التي لها علاقة مباشرة بذلك الملف المُتشعِّب والصعب. الدراسة الأولى تتمحور حول إمكانية منح الباحثين عن عمل راتبًا شهريًا مؤقتًا من صندوق الحماية الاجتماعية، أسوة بغيرهم من الفئات المُحتاجة التي كفلها قانون الحماية الاجتماعية، لكونهم في أمسِّ الحاجة لتلك المساعدة، حتى يحصلوا على الوظيفة، ولم تكن هذه الفكرة بجديدة؛ بل طالبنا- عبر هذه النافذة- غير مرة بعدم تطويف الباحثين عن عمل من الوظيفة والمنفعة معًا؛ فالفقر كُفرٌ، والحرمان ظُلمٌ يقتل الأمل في نفوس المحتاجين، وقد يجعل من بعضهم أدوات في يد أعداء الوطن الذين هم بالمرصاد للعبث بأمن واستقرار هذا البلد العزيز، الذي ينعم بالنهضة المُتجدِّدة وما تحمله من خيرات وإنجازات شامخة تُعانق عنان السماء. وقد يقع هؤلاء الشباب ممن لم يجد وظيفة ضحية التضليل عبر استخدامه في الإساءة إلى عُمان ورموزها الأجلاء من خلال أساليب دعائية رخيصة ونشر الفتن عبر المنصات الرقمية بقصد التقليل من جهود أجهزة الدولة المُختلفة.

كما سبقنا إلى تلك الفكرة، عبر مناشدة صادقة لأعضاء مجلس الشورى في الفترتين التاسعة والعاشرة الحالية، لكي تشمل هؤلاء الشباب، والذين قضوا سنوات طويلة في سبيل العلم، وأن يحصلوا على منفعة من صندوق الحماية الاجتماعية الذي من بين أهدافه القضاء على الفقر وتحقيق الرفاهية والرخاء لجميع أفراد المجتمع العُماني دون تمييز، فقد خَصَّصت الحكومة الرشيدة وقائدها المفدى مئات الملايين من الريالات العُمانية لتحقيق تلك الغايات الوطنية النبيلة، لكن هناك من جانبه الصوب وزعم أنَّ دول المنطقة لا تقدم مساعدات للعاطلين فيها؛ إذ لا يُدرك هؤلاء المسؤولين أن السلطنة عبر تاريخها الطويل لا تُقلِّد الآخرين، كما إن فترة انتظار فرص العمل في تلك الدول قصيرة ولا تشبه بأيِّ حال من الأحوال ظروف المجتمع العُماني.

أما البشرى الثانية التي كشف عنها وكيل العمل للعمل؛ فتتمثل في دراسة أخرى تتعلق برفع الحد الأدنى لأجور العُمانيين العاملين في القطاع الخاص؛ حيث إن الحد الأدنى المطبق حاليًا لم يكن موفقًا، ويعود إلى عام 2020 ويخدم بالدرجة الأولى أصحاب الشركات، ولا ينصف بأي حال من الأحوال العامل العُماني الذي تكالبت عليه كل الأطراف، التي يُفترض منها أن تكون قراراتها متوازنة وعادلة. كما إن الحد الأدنى القائم حاليًا يُقلل من أهمية الشهادات العلمية ويثبط الاجتهاد في ميدان العلم؛ لعدم وجود حافز مادي يُقابل الشهادة الأكاديمية؛ إذ يقضي الوضع الحالي بفرض حد أدنى للأجور بغض النظر عن الشهادات العلمية، ويكتفي بـ325 ريالًا حدًا أدنى للراتب الشهري فقط. ولعل ما قاله رئيس الاتحاد العام لعُمال سلطنة عُمان في ذلك الوقت حول القرار، خير دليل على أن إدارة ملف الباحثين عن عمل تسودها الضبابية؛ إذ قال "إن الاتحاد تفاجأ مثل الآخرين بقرار إلغاء الحد الأدنى للأجور المرتبط بالشهادة والصادر من قبل وزارة العمل، موضحًا أن القرار يمس شريحة كبيرة من العمال، وكان من المفترض أن يأتي القرار بمشاركة ثلاثية من قبل أطراف الإنتاج الثلاثة، مؤكدا على أنه لن يخدم العمال".

وفي الختام.. حان الوقت لرفع الحد الأدنى لأجور العُمانيين إلى 500 ريال عُماني بدلًا من 325 ريالًا، كما وجب وضع حد أدنى كذلك لرواتب حملة الشهادات الجامعية بحيث تكون 700 ريال عُماني، وقبل ذلك كله نتمنى اعتماد منفعة الباحثين عن عمل بأسرع وقت مُمكن؛ لكي ينعم المجتمع العُماني بمختلف شرائحه بمظلة الحماية الاجتماعية التي أوجدها قائد هذا البلد للجميع دون استثناء.

** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • إحنا معانا ذات الجمال النرويجي .. رامز جلال يغازل ريم مصطفى
  • أول رد من الزاملي على اتهامات سعد قيس: البعض أصبح يتحسس من أي عتب
  • هدى الإتربي: مقدمتش فن.. و معرفش ليه سموني قنبلة الجيل
  • «الثلث الجلي».. الحرف إشراقة جمال
  • رغم الحرب .. الاقبال على عمليات التجميل في اليمن
  • تونس.. قانون الصكوك البنكية الجديد يلقي بثقله على النمو الاقتصادي
  • أكذب من تيك توك!
  • مختص‬⁩:النساء أكثر حضورًا من الرجال في عيادات التجميل بنسبة 80%..فيديو
  • رفع الحد الأدنى للأجور. هل أصبح غاية وطنية؟
  • خبير استراتيجي : اليمن أصبح قوة إقليمية لايستهان له