سلط الكاتب، ريتشارد شيريف، الضوء على أهمية إعادة إعمار المغرب بالنسبة للأمن الأوروبي والغربي، وساق عدة مبررات لما يراه ضرورة أن يكون الغرب في مقدمة الصفوف لمد يد العون إلى المغرب في محنته الحالية.

وذكر شيريف، في مقال نشره بصحيفة "فايننشال تايمز" وترجمه "الخليج الجديد"، أن الزلزال المروع، الذي شهده المغرب في الأيام القليلة الماضية، تسبب في مقتل 3 آلاف شخص، بخلاف الخسائر المادية التي ترتبت على الدمار الذي حل بالبلاد جراء هذه الكارثة الطبيعية، واصفا إياها بأنها "هائلة ولا يمكن التنبؤ بها".

وأضاف أن الزلزال "ألقى الضوء، في الوقت نفسه، على حقيقة أن قوى الغرب أمامها كوارث يمكن أن تفوق في حجمها الكارثة المغربية إذا تجاهلت هذه القوى كسب حلفاء إقليميين"، وهي الكوارث التي رجح شيريف أنه "يمكن التنبؤ بها".

واستشهد شيريف بالحرب في أوكرانيا لإثبات الدور الذي تلعبه الدولة المصنفة كحليف إقليمي لدول أوروبا والولايات المتحدة في تعزيز أمن قوى الغرب على مستوى العالم، واصفا أوكرانيا بأنها تحارب دفاعا عن "وجودها وعن قوى الغرب" في الوقت نفسه.

وفي هذا الإطار، شدد المقال على أهمية المغرب بين الشركاء الإقليميين الذي يرى شيريف أنه يجب أن يدركها الحلفاء الإقليميون الرئيسيون لأوروبا والولايات المتحدة، خاصة أن المغرب يقع في قارة تموج بالاضطرابات السياسية والعسكرية، أبرزها مسلسل الانقلابات العسكرية التي شهدتها منطقة غرب ووسط أفريقيا في الفترة الأخيرة.

وأضاف: "الحرب (في أوكرانيا) علمتنا أيضاً قوة غير مستغلة، وهي قوة الشراكات الاستراتيجية للتدخل في الأزمات والحفاظ على الأمن الإقليمي".

وتابع شيريف: "يجب أن يكون هدفنا المستقبلي تشكيل شراكات تتوقع الصراعات وتمنعها بدلاً من إجبارها على التراجع عن عتبة أوروبا. يجب علينا استخدام الاستخبارات التنبؤية والبصيرة الاستراتيجية لتحديد الأماكن التي يمكن أن يؤدي فيها عدم الاستقرار إلى الفوضى وتجهيز الحلفاء لاحتوائها".

 ودعا الكاتب إلى النظر إلى جنوب المغرب وشرقه أيضًا، وتحديدا منطقة الساحل الأفريقي، وهي واحدة من أكثر المناطق اضطرابًا على وجه الأرض، مؤكدا أنه "بدون استراتيجية استباقية طويلة الأمد تتعامل مع الحلفاء الإقليميين بجدية فإن الوضع سيتدهور".

اقرأ أيضاً

ارتفاع حصيلة ضحايا زلزال المغرب إلى 2946 وفاة و5674 إصابة

ومنذ التسعينيات، بينما كانت الحكومات الغربية تراهن بمستقبلها على السلام الدائم، عانت مجموعة كبيرة من الدول في جميع أنحاء أفريقيا، من غينيا إلى تشاد، من انقلابات متتالية، وكانت هذه الظروف مثالية لنمو التحالفات بين جماعات الجريمة المنظمة والتنظيمات الإرهابية، ومهربي البشر والسلع، والمتمردين الذين يسعون إلى تفكيك الدول ذات السيادة.

تحفيز الهجرة

وإزاء ذلك، ينوه شيريف إلى أن هذه الظروف تحفز الهجرة، خاصة مع وجود 4.2 مليون نازح عبر منطقة الساحل، بعضهم يقومون برحلة محفوفة بالمخاطر شمالاً ثم عبر البحر الأبيض المتوسط.

كما أن انتشار الشبكات الإجرامية يحول دون أي تطور يمكن أن يحسن الحياة بالمنطقة فيما يتعلق بالمرونة المناخية، والتجارة والتعليم، والإصلاح السياسي والمؤسسي، ومنح حق التصويت للنساء والأقليات الدينية والعرقية، وهي العوامل التي تحدد استقرار الساحل الأفريقي، بحسب شيريف.

وتابع: "كما تعلمنا من التجربة، لا يمكن تنصيب هذه العوامل من الخارج، وبالتأكيد ليس من قبل الحكومات الغربية. إن دعمنا المستمر ومشاركتنا الدبلوماسية أمر بالغ الأهمية، لكن لا يمكن أن يكون لهما أي وزن بدون شركاء لديهم مصلحة وصوت وموقع استراتيجي في المنطقة، ويمكنهم إحداث تغيير حقيقي ودائم".

اقرأ أيضاً

زلزال المغرب يضع فقاعة الملك محمد السادس في مرمي النيران

ومن هذا المنطلق، يؤكد شيريف أن "المغرب حليف يتمتع بموقع فريد"، مشددا على أن الغرب كان حريا به المشاركة في دعمه حتى قبل هذه كارثة الزلزال الرهيبة.

فباعتباره شريكًا في مجال الاستخبارات ومكافحة الإرهاب، فقد أوقف المغرب أكثر من 300 محاولة هجوم إرهابي منذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 في الولايات المتحدة الأمريكية، كما تمكن خلال السنوات الخمس الماضية من القضاء على أكثر من ألف شبكة للاتجار بالبشر ومنع ما يزيد عن 300 ألف شخص من الهجرة غير القانونية.

 وينوه شيريف، في هذا الصدد، إلى أن المغرب بلد متوسطي يقدر أهمية الإصلاح المدني والتنمية الاقتصادية، وله سجل في الترويج لكلاهما في جميع أنحاء القارة، كما توسط ملكه، محمد السادس، في النزاعات عبر منطقة الساحل، وساعد في التفاوض على أكثر من 100 اتفاق تعاون ونشر أكثر من 70 ألف جندي من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.

ويعد المغرب أيضًا ثاني أكبر مستثمر في التنمية الاقتصادية بالقارة الأفريقية، وضامنًا حاسمًا لأمنها الغذائي، ومن خلال العمل معه بشكل أوثق، "سيتعلم (الغرب) الكثير عن التعقيدات التي تعاني منها المنطقة" بحسب شيريف.

ويؤكد الكاتب: "يتعين علينا أن نظهر أننا نفهم أن مستقبل المنطقة لابد أن يصوغه أولئك الذين سيعيشونه. وترجع جذور فشل السياسة الأوروبية في منطقة الساحل إلى الفشل في الاعتراف بهذه الحقيقة".

ويرى شيريف أن هذا الفشل أوصل أوروبا إلى منعطف حرج، معلقا "إن الحاجة الحقيقية إلى التحرك بشكل أسرع وأكثر حسماً لتهدئة الأزمات، التي يجب أن يتم تخفيفها من خلال معرفة أن الإجراءات المتخذة دون الدعم والقيادة الإقليمية التي يقدمها حلفاؤنا لن تنجح أبداً".

ويخلص الكاتب إلى أن الحل يتمثل في "قبول الدروس التي تعلمناها من أزمة أوكرانيا، وأخيراً التعامل مع الأمن الأوروبي والعالمي باعتبارهما مترادفين"، مردفا: "نحن بحاجة إلى أصدقاء في أفريقيا بقدر ما يحتاجون إلينا".

اقرأ أيضاً

حدادا على ضحايا الزلزال.. جمهور المغرب يهز فرنسا بقراءة الفاتحة (فيديو)

المصدر | ريتشارد شيريف/فايننشال تايمز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: المغرب زلزال المغرب أوروبا الغرب أوكرانيا منطقة الساحل أکثر من یمکن أن

إقرأ أيضاً:

الحرب على غزة وتجديد الإمبريالية

ارتبط مصطلح الإمبريالية بمراحل التحرر الوطني ومقاومة الاستعمار، وظل اليسار الراديكالي يستعمله حتى الآن. لم تعد الإمبريالية شائعة في الخطاب السياسي العربي، لذا فإننا نحتاج إلى تذكير القارئ بمدلولها.

الإمبريالية هي سياسة تهدف إلى توسيع نطاق حكم دولة ما على حساب دول أخرى وشعوبها، وذلك بغرض زيادة نفوذها السياسي والاقتصادي والعسكري والثقافي.

ارتبطت الإمبريالية تاريخيًا بنشأة وصعود الدولة القومية الأوروبية والصراع فيما بينها، لكن ما نشهده في عالم اليوم، ومنذ عقد من السنين، هو إعادة تشكيل المنافسة على المصالح الاقتصادية والجيوسياسية (والتعاون بشأنها) باعتبارها منافسة بين "دول حضارية" لا قومية.

اللافت أن الإمبريالية تعود سيرتها الأولى، وتستعيد تقاليد الغزو المباشر واحتلال الأراضي، وطرد أو تهجير السكان، كما يجري في أوكرانيا الآن، وكما يتطلع ترامب لضم بنما وغرينلاند. أما غزة فالمطروح لها ليس ضمها لإسرائيل وبناء المستوطنات من جديد، ولكن تهجير سكانها واحتلال أرضها بالاستثمارات العقارية.

لكن ما المقصود بالدولة الحضارية التي تحل بالتدريج محل الدولة القومية التي نشأت منذ معاهدة وستفاليا (1648)؟ وما موقع الحرب على غزة من إعادة تشكيل طبيعة الصراعات العالمية؟

إعلان هجوم دولة الحضارة

في تقديري، إن الدولة الحضارية لها سمات أربع تميزها عن الدولة القومية التي بدأت بنظام وستفاليا:

1- تجاوز مفهوم الدولة القومية

وهو المفهوم الذي فصل الهوية الثقافية عن السياسة، والمصالح عن القيم، أو لنقلْ إنه صنع هوية جديدة، قوامها المواطنة. أساس الصراع في الدولة القومية هو الأفكار السياسية والمصالح الوطنية والقومية، وليس الاختلافات الدينية أو الثقافية.

مفهوم الدولة الحضارية يتأسس– كما يرى ماسيس وزير الدولة البرتغالي للشؤون الأوروبية سابقًا – على: "أن الدول القومية اختراع غربي، وهي بطبيعة الحال عرضة للتأثير الغربي. أما الحضارات فهي بديل للغرب".

إن إدارة مودي، من خلال التأكيد على أن الهند حضارة، تحيل المعارضة – المؤتمر الوطني الهندي – إلى قوة غربية عازمة على قياس نجاح الهند بمقياس نظام أجنبي.

والواقع أن أفكار العلمانية والعالمية، التي كانت سمة لصيقة تاريخيًا بحزب المؤتمر الوطني الهندي، يُنظر إليها الآن باعتبارها واردات ثقافية يتعين على الهند أن تحرر نفسها منها.

المشاريع العسكرية والسياسية التركية في جنوب القوقاز والشرق الأوسط لها صدى تاريخي، فهي دليل على عظمة تركيا، وتُظهر أن تركيا ستكون حيثما يقول الرئيس رجب طيب أردوغان إنها يجب أن تكون.

2- انتفاء القيم العالمية

وهي القيم التي كان جوهرها بعد الحرب الثانية، هو النظام الليبرالي الغربي. يقول المدافعون عن الدولة الحضارية: "إن البحث عن القيم العالمية قد انتهى، وإننا جميعًا يجب أن نقبل أننا نتحدث فقط نيابة عن أنفسنا ومجتمعاتنا".

تقاوم روسيا فلاديمير بوتين والصين شي جين بينغ المطالبات العالمية للنظام العالمي الليبرالي. وهذا الرفض، بدوره، يدفع الغرب أيضًا إلى تصور وجوده في العالم من منظور حضاري.

يناشد بوتين الروس ألا يتبعوا أغنية الغرب المتمثلة في التعبير الفردي عن الذات، بل أن يساعدوا بدلًا من ذلك في جعل روسيا عظيمة مرة أخرى.

إعلان

ويتحدّث الرئيس الصيني بنبرة مماثلة عن مشروع الصين العظيم للتجديد الوطنيّ، والذي يحتفل بالثقافة الصينية باعتبارها متميزة عن الفردية الغربية. أما الرئيس التركي فيرفض القيم الغربية فيما يخصُّ قضايا المرأة، ويدعم الأسرة الطبيعية.

حاول البعض أن يصوّر الحرب على الإرهاب – التي بدأت عام 2001، وكان مسرحها العالم الإسلامي، أو ما أطلق عليه الشرق الأوسط الكبير- باعتبارها صراعًا حضاريًا بين الغرب والإسلام، إلا أنه سرعان ما تم التراجع عن هذا الوصف. نُظر إليها باعتبارها نشرًا لقيم الديمقراطية.

بذل جورج دبليو بوش قصارى جهده مرارًا وتكرارًا للتأكيد على أن الحرب العالمية ضد الإرهاب وتغيير النظام في العراق تتم وفقًا لشروط نهاية التاريخ – أي هيمنة النظام الليبرالي، وليس منطق صراع الحضارات – كما أعلن هنتنغتون.

صرّح بوش الابن (2001- 2009) قائلًا: "عندما يتعلق الأمر بالحقوق والاحتياجات المشتركة للرجال والنساء، فلا يوجد صراع بين الحضارات"، كما قال: "إن متطلبات الحرية تنطبق بالكامل على أفريقيا وأميركا اللاتينية والعالم الإسلامي بأسره. إن شعوب الدول الإسلامية تريد وتستحق نفس الحريات والفرص التي يتمتع بها الناس في كل دولة. وينبغي لحكوماتها أن تستمع إلى آمالها".

حملت الحرب على الإرهاب – بالتأكيد – أبعادًا ثقافية؛ إلا أن جوهرها كان صراعًا تُختبر فيه القوى الدولية المختلفة توازنات القوة فيما بينها في ظلّ امتزاج شديد للمصالح والتغيرات الجيوسياسية بالأبعاد الثقافية والقيمية للصراع.

منذ 11 سبتمبر/ أيلول؛ استخدمت واشنطن قوتها لإضعاف القيود المفروضة على استخدام القوة. أدت الحرب على الإرهاب بعد عام 2001 إلى تآكل النزعة الدولية، حيث استخدمت الولايات المتحدة تفوقها لإرغام الدول أو إقناعها أو تملقها للانضمام إلى حملاتها العسكرية، مع القليل من الاهتمام بكيفية إلحاق تصرفات واشنطن الضرر بالعلاقات الأميركية مع العالم غير الغربي.

إعلان

منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2009 على الأقل، أصبحت القوى الصاعدة في الجنوب العالمي، وهي مجموعة من البلدان التي يمكن تعريفها تقريبًا على أنها "تلك البلدان التي تعتقد أن النظام القائم على القواعد هراء"، صريحة بشكل متزايد في إحباطها بشأن النفاق في قلب النظام العالمي.

لم تقدم السرديات الروسية والصينية المضادة للغرب سوى المفردات لدول الجنوب العالمي لوصف ما شعرت به منذ فترة طويلة: أن النظام القائم على القواعد كان مجرد غطاء أخلاقي للقوة والسيطرة والمصالح الغربية.

3-صعود الدولة الحضارية

وباعتبارها مرتبطة بحضارة، فإن الدولة لديها مهمة أساسية تتمثل في حماية تقاليد ثقافية محددة. ويشمل نطاقها جميع المناطق التي تهيمن عليها تلك الثقافة.

الدولة الحضارية منظمة حول الثقافة وليس السياسة أو الحدود. إن دولة بحضارة ما، تقع على عاتقها المهمة الأساسية المتمثلة في حماية تقاليد ثقافية محددة، وبالنسبة لدولة حضارية، فإن الروابط الثقافية قد تكون أكثر أهمية من مجرّد الوضع القانوني للمواطنة.

انطلقت الولايات المتحدة في معظم حروبها من مقولات وأهداف ذات صبغة ثقافية لا لبس فيها؛ كنشر القيم الديمقراطية (الأميركية)، أو نشر الثقافة الرأسمالية، ولكنها كانت تحرص على أن تطرح هذه الشعارات كأهداف محايدة ومنافع عامة، وليس كتبريرات ثقافية تناسب بعض الشعوب فيما تتعارض مع أخرى.

الجديد مع عالم ترامب، ووفق مشروع 2025 الذي يعد منفيستو حكمه، فإن المطلوب هو استعادة روح أميركا التي قامت على عدد من الأسس أهمها: إحياء التقاليد اليهودية المسيحية – استعادة الأسرة الطبيعية المكونة من ذكر وأنثى باعتبارها محور الحياة الأميركية، والدفاع عن سيادة الأمة وحدودها ومواردها ضد التهديدات العالمية.

كان ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014 بمثابة قطيعة صريحة، ورفض ظاهري لإحدى الركائز الأساسية للنظام الدولي الليبرالي، ألا وهي أن حدود الدول القومية لا ينبغي إعادة رسمها بالقوة.

إعلان

ومن اللافت للنظر أن بوتين برر تحرّكه على أسس "حضارية" صريحة، بحجة أن شبه جزيرة القرم كانت دائمًا جزءًا من "العالم الروسي". لكن اللافت في هذا الصدد أن روسيا الأرثوذكسية ضد أوكرانيا الأرثوذكسية أيضًا، وليس ضد تركيا المسلمة، كما جرى تاريخيًا، وهذا يعني أننا لسنا بخطوط صدع ثقافية أو دينية جامدة، كما قال صاحب مقولة صراع الحضارات.

وعلى نحو مماثل، كانت إزاحة ناريندرا مودي وحزب بهاراتيا جاناتا لحزب المؤتمر التعددي في عام 2014 في إطار أيديولوجية الهندوتفا، التي قدمت الهند كدولة حضارية قائمة على الديانة الهندوسية (بغض النظر عن مئات الملايين من الهنود غير الهندوس).

ظهر شي كزعيم أعلى مهتم بشكل متزايد بالمواجهة الأيديولوجية المباشرة مع الغرب، ومتطلع لوحدة الأراضي الصينية- كما جرى في هونغ كونغ، وما يسعى إليه في تايوان.

في فبراير/ شباط 2025، انضم حزب الليكود الحاكم في إسرائيل، بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو – كعضو مراقب – إلى التحالف اليميني المتطرف: الشراكة من أجل أوروبا (Partnership for Europe).

برزت الأحزاب اليمينية المتطرفة كثالث أكبر مجموعة سياسية في الانتخابات البرلمانية الأوروبية في يونيو/ حزيران 2024. بموجب هذا المنطق الجديد، سيصبح اليهود والأوروبيون ضحايا "للإسلام الفاشي" الصاعد، مما يؤدي إلى تشكيل تحالف جديد بين إسرائيل واليمين المتطرف في أوروبا لمواجهة هذه التهديدات المزعومة.

4- دور الدولة الجديدة

إن التعريف الحقيقي للدولة الحضارية، هو تعزيز أسلوب حياة واحد والدفاع عنه في مواجهة كلّ البدائل.

كانت المشكلة في العولمة الغربية مزدوجة، على حد قول رئيس تحرير مجلة NOEME:

أولًا، بدت القيم الغربية في نظر العديد من الناس الذين يعيشون في آسيا أو أفريقيا مجرد بديل واحد بين بدائل أخرى عديدة. وكان الوعد بالحفاظ على أساليب الحياة التقليدية في مجتمع ليبرالي مجرد وهْم قاتل. إعلان

فإذا استوردت تركيا أو الصين أو روسيا المجموعة الكاملة من القيم والقواعد الغربية، فإن مجتمعاتها سرعان ما ستصبح نسخًا طبق الأصل من الغرب وتفقد استقلالها الثقافي.

ورغم أن هذه العملية كانت تُعد الثمن الضروري للتحول إلى مجتمع حديث، فإنه في الآونة الأخيرة، تزايدت الشكوك حول ما إذا كان من الضروري حقًا تقليد الدول الغربية من أجل اكتساب كل فوائد المجتمع الحديث.

وكانت هناك صعوبة ثانية: إذ لا تزال القيم والمعايير الغربية في حاجة إلى تفسير وتنفيذ، وكانت الدول الأكثر قوة في الغرب تستولي على هذه المهمة على الدوام.

في ظلال الدولة الحضارية؛ فإن العالمية هي أيديولوجية الغرب لمواجهة الثقافات الأخرى. وبطبيعة الحال، فإن كل شخص خارج الغرب، كما زعم هنتنغتون، ينبغي له أن ينظر إلى فكرة العالم الواحد باعتبارها تهديدًا. وحينئذ فلماذا يمتنع الآخرون عن فعل الشيء نفسه؟ ولماذا يمتنعون عن بناء دولة حول مفهومهم الخاص للحياة الطيبة، دولة تدعمها حضارة كاملة؟

في هذا العالم، تتسم الحضارات المختلفة بأنها عالمية في الممارسة العملية؛ إن لم تكن في الطموح، وقد تتنافس فيما بينها على القوة العالمية، ولكنها تنتمي جميعها إلى مشهد سياسي واقتصادي مشترك ومتكامل على نحو متزايد، وهو ما من شأنه أن يغير طبيعة صراعات المستقبل، وهو ما يستحق المتابعة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • لبنان يتمسك بلجنة عسكرية تقنية لتثبيت الحدود.. أورتاغوس: لا إعادة إعمار قبل نزع السلاح
  • الحرب على غزة وتجديد الإمبريالية
  • أكثر من 6.77 مليون درهم لدعم 29 مهرجاناً سينمائيا وتظاهرة عبر المغرب
  • ما هو سلاح الردع الذي يُمكن لأوروبا استخدامه في مواجهة رسوم ترامب؟
  • ارتفاع حصيلة ضحايا زلزال ميانمار إلى أكثر من 8200 قتيل ومصاب
  • "البيجيدي" يطلب وزير التجارة إلى البرلمان بهدف تحديد تأثير رسوم ترامب التي بقيت في حدها الأدنى على صادرات المغرب
  • عاجل | السيد القائد: العدو الإسرائيلي استأنف الإجرام منذ أكثر من نصف شهر بذات الوحشية والعدوانية التي كان عليها لمدة 15 شهرا
  • المغرب..استثمار أكثر من 50 مليار سنتيم لإعادة استعمال المياه العادمة في الفلاحة
  • أكثر من نصف الألمان يؤيدون إعادة الطاقة النووية
  • ليبيا.. إنقاذ 62 مصريا من الغرق خلال محاولة هجرة غير شرعية لأوروبا