حذر علماء بيئة من أن كوكب الأرض أصبح خارج نطاق "العمل الآمن" بالنسبة للبشر، بسبب التلوث الذي يسببه الإنسان إلى جانب التأثيرات البشرية الأخرى.

ونشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لمحررها لشؤون البيئة، داميان كارينغتون، قال فيه إن العلماء حذروا من أن أنظمة دعم الحياة على الأرض تضررت بشدة لدرجة أن الكوكب أصبح "خارج نطاق العمل الآمن للبشرية".



ووجد تقييمهم أن ستة من أصل تسعة "حدود كوكبية" قد تم كسرها بسبب التلوث الذي يسببه الإنسان وتدمير العالم الطبيعي. وحدود الكواكب هي حدود الأنظمة العالمية الرئيسية، مثل المناخ والمياه وتنوع الحياة البرية، والتي إذا تجاوزتها فإن قدرتها على الحفاظ على كوكب صحي معرضة لخطر الفشل".

ما معنى انكسار "الحدود الكوكبية"؟

تعني الحدود المخترقة أن الأنظمة قد تم دفعها بعيدا عن الحالة الآمنة والمستقرة التي كانت موجودة منذ نهاية العصر الجليدي الأخير، قبل 10 آلاف عام، إلى بداية الثورة الصناعية.

ونشأت الحضارة الحديثة بأكملها في هذه الفترة الزمنية، والتي تسمى العصر الهولوسيني.

وقال الباحثون إن التقييم كان الأول من بين جميع حدود الكوكب التسعة ويمثل "أول فحص صحي علمي للكوكب بأكمله".

والحد الوحيد غير المهدد هو "طبقة الأوزون" في الغلاف الجوي، بعد أن أدت الإجراءات للتخلص التدريجي من المواد الكيميائية المدمرة في العقود الأخيرة إلى تقلص ثقب الأوزون.

وأوضح العلماء أن النتيجة "الأكثر إثارة للقلق" هي أن الحدود البيولوجية التي تغطي العالم الحي، كانت عند أو قريبة من أعلى مستوى للخطر. ويعد "العالم الحي" حيويا بشكل خاص للأرض لأنه يوفر المرونة من خلال تعويض بعض التغيرات الفيزيائية، على سبيل المثال، امتصاص الأشجار للتلوث بثاني أكسيد الكربون.

كما أشار العلماء إلى أن حدود الكواكب ليست نقاط تحول لا رجعة فيها يحدث بعدها تدهور مفاجئ وخطير، بل هي نقاط ترتفع بعدها بشكل كبير مخاطر حدوث تغييرات جوهرية في أنظمة دعم الحياة الفيزيائية والبيولوجية والكيميائية للأرض.

وكانت "حدود الكواكب" قد ابتكرت لأول مرة في عام 2009 وتم تحديثها في عام 2015، عندما أمكن تقييم سبعة فقط.

"الأرض.. مريض يعاني من ضغط الدم"

وقال البروفيسور يوهان روكستروم، مدير مركز ستوكهولم للمرونة آنذاك والذي قاد الفريق الذي طور إطار الحدود: "العلم والعالم بأسره قلقون حقا بشأن جميع الأحداث المناخية المتطرفة التي تضرب المجتمعات في جميع أنحاء الكوكب. ولكن ما يقلقنا أكثر هو العلامات المتزايدة على تضاؤل مرونة الكوكب".

وأضاف روكستروم، الذي يشغل الآن منصب المدير المشارك لمعهد بوتسدام لأبحاث تأثير المناخ في ألمانيا، أن هذا الفشل في المرونة يمكن أن يجعل تقييد ظاهرة الاحتباس الحراري إلى هدف المناخ البالغ 1.5 درجة مئوية مستحيلا ويمكن أن يجعل العالم أقرب إلى نقاط التحول الحقيقية. وقال العلماء في أيلول /سبتمبر إن العالم كان على شفا نقاط تحول كارثية متعددة.

وبدروها، علقت البروفيسور كاثرين ريتشاردسون، من جامعة كوبنهاغن التي قادت التحليل، بالقول: "نحن نعلم على وجه اليقين أن البشرية يمكن أن تزدهر في ظل الظروف التي كانت موجودة منذ 10 آلاف عام - لا نعرف أننا نستطيع أن نزدهر في ظل تغييرات كبيرة ودراماتيكية [و] تتزايد تأثيرات البشر على نظام الأرض ككل طيلة الوقت".

وقالت إنه "يمكن اعتبار الأرض كمريض يعاني من ارتفاع شديد في ضغط الدم"، موضحة أن "هذا لا يشير إلى نوبة قلبية معينة، لكنه يزيد من خطر الإصابة بشكل كبير".

متى بدأ اختراق الحدود الكوكبية؟

وأشار التقييم، الذي نُشر في مجلة "Science Advances" واستند إلى 2000 دراسة، إلى أن العديد من حدود الكواكب قد تم تجاوزها منذ فترة طويلة. وقال الباحثون إن حدود سلامة المحيط الحيوي، والتي تشمل الأداء الصحي للنظم البيئية، قد تم كسرها في أواخر القرن التاسع عشر، حيث أدى تدمير العالم الطبيعي إلى تدمير الحياة البرية. نفس الدمار، وخاصة إزالة الغابات، يعني أن حدود استخدام الأراضي قد تم كسرها في القرن الماضي.

وتلفت النماذج المناخية إلى أنه تم تجاوز الحدود الآمنة لتغير المناخ في أواخر الثمانينيات. بالنسبة للمياه العذبة، وأظهر مقياس جديد يشمل مياه البحيرات والأنهار وفي التربة، أن هذه الحدود قد تم تجاوزها في أوائل القرن العشرين.


والحدود الأخرى هي تدفق النيتروجين والفوسفور في البيئة. وتعتبر هذه العناصر حيوية للحياة، لكن الاستخدام المفرط للأسمدة يعني أن العديد من المياه ملوثة بشدة بهذه العناصر المغذية، ما قد يؤدي إلى تكاثر الطحالب ونشوء مناطق ميتة في المحيطات. ووفقا لبيانات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، تتم إضافة ثلاثة أضعاف المستوى الآمن من النيتروجين إلى الحقول كل عام.

وتبين أن حدود التلوث الاصطناعي، مثل المبيدات الحشرية والمواد البلاستيكية والنفايات النووية، قد تم تجاوزها من خلال دراسة أجريت عام 2022.

وقام التحليل الذي قادته ريتشاردسون بتقييم تلوث الهواء لأول مرة، ما يؤثر على نمو النباتات والأمطار الموسمية. ووجدت أن تلوث الهواء قد تجاوز حدود الكوكب في بعض المناطق مثل جنوب آسيا والصين، ولكن ليس على مستوى العالم بعد. كما تم تقييم تحمض المحيطات على أنه يزداد سوءا ويقترب من تجاوز الحدود الآمنة.

"خارج النطاق الآمن للبشر"

وقال العلماء: "يجد هذا التحديث أن ستة من الحدود التسعة قد تم انتهاكها، ما يشير إلى أن الأرض الآن خارج نطاق العمل الآمن للبشرية".

وقال روكستروم: "إذا كنت ترغب في تحقيق الأمن والازدهار والمساواة للبشرية على الأرض، عليك العودة إلى الفضاء الآمن، ونحن لا نرى هذا التقدم حاليا في العالم".

ويعتبر التخلص التدريجي من حرق الوقود الأحفوري وإنهاء الزراعة المدمرة إجراءات أساسية المطلوبة.

ويتم تعيين حدود الكواكب باستخدام مقاييس محددة، مثل مستوى ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي كمؤشر لتغير المناخ.

وتتمتع أنظمة الأرض بالمرونة تجاه مستوى معين من التغيير، لذلك تم تعيين معظم الحدود عند مستوى أعلى من ذلك الذي استمر على مدى العشرة آلاف عام الماضية. على سبيل المثال، كان معدل ثاني أكسيد الكربون عند 280 جزءا في المليون حتى الثورة الصناعية، لكن الحد الأقصى للكوكب تم تحديده عند 350 جزءا في المليون.

وقال البروفيسور سايمون لويس، من جامعة" UCL" في لندن: "هذا تحديث قاتم بشكل لافت للنظر لصورة مثيرة للقلق بالفعل. إن الكوكب يدخل حالة جديدة وأقل استقرارا بكثير".

وتابع: "إن مفهوم حدود الكواكب هو محاولة ضخمة لتبسيط العالم، لكنه ربما يكون مبسطا جدا بحيث لا يمكن استخدامه في إدارة الأرض عمليا. على سبيل المثال، فإن الأضرار والمعاناة الناجمة عن الحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى 1.6 درجة مئوية باستخدام سياسات مؤيدة للتنمية والاستثمارات الكبرى في التكيف مع تغير المناخ ستكون أقل بكثير من الأضرار والمعاناة الناجمة عن الحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية ولكن القيام بذلك باستخدام سياسات تساعد الأغنياء وتتجاهل الفقراء. لكن هذا المفهوم يعمل كمثل يقوده العلم في عصرنا".


وقد فحص تقييم ذو صلة، نُشر في شهر أيار /مايو الماضي، حدود الكواكب جنبا إلى جنب مع قضايا العدالة الاجتماعية، ووجد أن ستة من "حدود نظام الأرض" الثمانية هذه قد تم تجاوزها.

وقال الباحثون إن هناك حاجة إلى مزيد من البيانات لتعميق فهم الوضع الحالي، بالإضافة إلى مزيد من الأبحاث حول كيف تتفاعل تجاوزات حدود الكواكب مع بعضها البعض. وأضافوا ن أنظمة الأرض قد دخلت في حالة من عدم التوازن، ونتيجة لذلك، ظلت "الظروف البيئية العالمية النهائية" غير مؤكدة.

كما انطلقت مبادرة منفصلة في تموز /يوليو لتحديد نهاية العصر الهولوسيني وبداية عصر جديد تهيمن عليه الأنشطة البشرية، حيث اختار العلماء بحيرة كندية كموقع لتمثيل بداية الأنثروبوسين "حقبة التأثير البشري".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة بيئة الأرض المناخ بيئة المناخ الأرض التغيرات المناخية تغطيات سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إلى أن

إقرأ أيضاً:

اختراق طبي يعد بالقضاء على "أشد الأمراض عدوى في العالم" إلى الأبد

حقق العلماء تقدما كبيرا في معركتهم ضد مرض الحصبة، وذلك من خلال تطوير لقاحات جديدة تعد بالقضاء على المرض إلى الأبد.

اكتشف علماء أمريكيون كيف يمكن للجسم المضاد المعدل (أجسام مضادة تدافع عن الخلايا ضد العوامل الممرضة أو الجزيئات المعدية عبر تعديل أي تأثير حيوي تحمله، وتُفقد هذه الجسيمات قدرتها على العدوى أو الإمراض) أن يمنع الفيروس شديد العدوى.

إقرأ المزيد حقنة مرتين في السنة تثبت فعاليتها ضد فيروس نقص المناعة البشرية

وأوضحوا أنه عندما يلتقي فيروس الحصبة بخلية بشرية، تتضح الآلية الفيروسية لتكشف عن الأجزاء الرئيسية التي تسمح له بدمج نفسه في غشاء الخلية المضيفة. وبمجرد اكتمال عملية الاندماج، تصبح الخلية البشرية "هالكة" وتنتمي إلى الفيروس.

وعمل العلماء في معهد لا جولا لعلم المناعة (LJI) في كاليفورنيا على تطوير لقاحات وعلاجات جديدة ضد الحصبة توقف عملية الدمج هذه.

ومن المعروف أن الحصبة مرض شديد العدوى ينتقل عبر الهواء، وهو يصيب الأطفال أكثر من غيرهم. وعلى الرغم من الجهود المكثفة المبذولة في مجال اللقاحات، ما يزال الفيروس يشكل تهديدا صحيا كبيرا.

وتسببت الحصبة في وفاة نحو 136 ألف شخص حول العالم في عام 2022، وكان معظم الضحايا من الأطفال دون سن الخامسة الذين لم يتلقوا التطعيم نهائيا أو لم يتلقوا التطعيم الكافي.

وقالت البروفيسورة سافير: "تتسبب الحصبة في وفيات الأطفال أكثر من أي مرض آخر يمكن الوقاية منه باللقاحات، كما أنها واحدة من أكثر الفيروسات المعدية المعروفة".

وأضاف الدكتور زيلا: "اللقاح الحالي يعمل بشكل جيد، لكن لا يمكن أن تتناوله الحوامل أو أولئك الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة".

ولا يوجد علاج محدد للحصبة، لذلك يبحث العلماء عن أجسام مضادة لاستخدامها كعلاج طارئ للوقاية من المرض الشديد.

إقرأ المزيد دراسة: عقار شائع لإنقاص الوزن يخفف من أعراض مرض قاتل

واستخدم فريق العلماء مؤخرا تقنية تصوير تسمى المجهر الإلكتروني بالتبريد لإعطاء صورة مفصلة عن كيفية قيام الجسم المضاد القوي بتحييد الفيروس قبل أن يكمل عملية الاندماج.

وقالت البروفيسورة إيريكا أولمان سافير من معهد لا جولا لعلم المناعة: "الأمر المثير في هذه الدراسة هو أننا رصدنا لقطات لعملية الاندماج أثناء العمل. إن سلسلة الصور تشبه كتابا مطويا حيث نرى لقطات طوال عملية نشر بروتين الاندماج، ولكن بعد ذلك نرى الجسم المضاد يربطه ببعضه البعض قبل أن يتمكن من إكمال المرحلة الأخيرة في عملية الاندماج".

وتابعت: "نعتقد أن الأجسام المضادة الأخرى ضد الفيروسات الأخرى ستفعل الشيء نفسه ولكن لم يتم تصويرها بهذه الطريقة من قبل".

ويقول فريق البحث إن اكتشافهم "الواعد" الذي نُشر في مجلة Science، قد يكون مهما خارج نطاق الحصبة لأنه مجرد عضو واحد في عائلة فيروسات Paramyxovirus الأكبر، والتي تشمل أيضا فيروس "نيباه" القاتل.

وقال المؤلف الأول للدراسة، الدكتور داود زيلا، باحث ما بعد الدكتوراه في معهد لا جولا لعلم المناعة: "ما تعلمناه عن عملية الاندماج يمكن أن يكون ذا صلة طبيا بفيروسات نيباه وفيروسات نظير الإنفلونزا البشرية وفيروس هيندرا. وجميعها فيروسات ذات قدرة وبائية".

إقرأ المزيد مركز غاماليا: اللقاح الروسي المضاد للسل لن يبقيه رفيقا للبشرية

ولفهم كيفية اندماج فيروس الحصبة مع الخلايا بشكل أفضل، لجأ فريق البحث إلى جسم مضاد يسمى mAb 77. ووجدوا أن mAb 77 يستهدف بروتين الاندماج السكري الخاص بالحصبة، وهو جزء من الآلية الفيروسية التي تستخدمها الحصبة لدخول الخلايا البشرية، عبر عملية متخصصة تسمى الاندماج.

وقام العلماء بالتحقيق بدقة في كيفية مكافحة الجسم المضاد للفيروس. ووجدوا أن mAb 77 يوقف الفيروس في منتصف عملية الاندماج.

والآن بعد أن عرفوا كيفية عمل mAb 77، يأمل فريق البحث أن يتم استخدام الجسم المضاد كجزء من "كوكتيل" علاجي لحماية الأشخاص من الحصبة أو لعلاج المرضى المصابين بعدوى الحصبة النشطة.

وفي تجربة متابعة، أظهرت النتائج أن mAb 77 يوفر حماية "كبيرة" ضد الحصبة في نماذج فئران مصابة بفيروس الحصبة.

ويسعى الفريق الآن إلى دراسة الأجسام المضادة المختلفة ضد الحصبة، حيث يقول الدكتور زيلا: "نود إيقاف الاندماج في مراحل مختلفة من العملية والبحث عن فرص علاجية أخرى".

المصدر: ذي صن

مقالات مشابهة

  • الدفاع البيلاروسية: نظام كييف ينشر عدداً كبيراً من الجنود والمعدات على حدودنا
  • نظام كييف ينشر عددا كبيرا من الجنود على حدود بيلاروس
  • بيلاروس تكشف عن وجود "فيلق المتطوعين الروسي" على الحدود مع أوكرانيا
  • اختراق طبي يعد بالقضاء على "أشد الأمراض عدوى في العالم" إلى الأبد
  • عاجل.. «بايدن»: لن نغير سياستنا بشأن الهجرة وسنؤمن حدود أمريكا
  • علماء أوروبيون يكشفون سبب ارتفاع ‭‬الحرارة خلال الحج.. وتحذير للسعودية
  • باستخدام خلايا البشرية.. الثورة التكنولوجية تنجح بجعل روبوت يبتسم بشكل طبيعي
  • فعالية ثقافية في حجة بالذكرى السنوية لرحيل العالم الرباني بدر الدين الحوثي
  • حجة.. فعالية ثقافية بالذكرى السنوية لرحيل العالم الرباني بدر الدين الحوثي
  • علماء يحذرون: توهجات شمسية شديدة تصل الى نسبة 80% قد تضرب الأرض