نشرت وكالة "بلومبيرغ" مقالا للمحلل الألماني، أندرياس كلوث، تساءل في عن مكانة الولايات المتحدة، معتبرا أن تراجع الهيمنة الأمريكية على النظام العالمي في السنوات الأخيرة، بالتزامن مع صعود قوى أخرى في مقدمتها الصين، سيكون له عواقب وخيمة على التفاعلات السياسية والسلم والحرب في العالم.

وطرح المحلل الألماني في مقاله مجموعة تساؤلات تتعلق بتراجع الدور الأمريكي، وما إذا كانت الولايات المتحدة قد سئمت من الدفاع عن النظام العالمي القائم على القواعد والقوانين، وما إذا كان العالم يسمح بتدهور مكانة الولايات المتحدة، أم عليه تشجيع استمرار التفوّق الأمريكي؟

ورأى أن مصطلح "الهيمنة" يتجاوز قدرة دولة ما على الدفاع عن دولة أخرى، لأنها تعني القدرة على وضع قواعد النظام وتطبيقها، ومن ذلك التحكم في تدفق الأموال، إلى حركة التجارة والملاحة، ضمن ما يعرف باسم "المصالح العامة".



وأشار الكاتب إلى نظرية المؤرخ الاقتصادي الأمريكي تشارلز كيندلبرغ، في مجال العلاقات الدولية التي ترى أن العالم يحتاج إلى قوة مهيمنة للمحافظة على هذه القواعد، وتحقيق النظام والاستقرار بشكل عام، معتبرا أن اختفاء القوة المهيمنة يعيد العالم إلى حالته الأولى، وهي الفوضى، لأن العالم، على عكس أي دولة، لا توجد فيه حكومة واحدة تحتكر شرعية استخدام القوة.

واعتبر الكاتب أن تطبيق النظرية السابقة جعلت العالم مستقرا في عهد الهيمنة البريطانية، عندما كانت المملكة المتحدة تدير المؤسسات النقدية مثل معيار الذهب، وتحافظ على طرق التجارة العالمية مفتوحة باستخدام قوتها البحرية، لكن ذلك لا يعني لضرورة أنه كان عصر النعيم بخاصة بالنسبة للشعوب التي كانت بريطانيا تحتل بلادها، على الرغم من أن الهيمنة البريطانية جعلت الأمر أكثر نظاماً مما كان سيصبح عليه بدون وجودها.



ولفت إلى أن النظام العالمي المنقوص بعد الحرب العالمية الأولى فتح الباب أمام الفوضى عندما تآكلت هيمنة بريطانيا، في حين لم تكن الولايات المتحدة راغبة بعد في ممارسة دور القوة المهيمنة.

ونبه إلى أن الولايات المتحدة تحركت بسرعة لإعادة الاستقرار داخل العالم الرأسمالي بعد الحرب العالمية الثانية، حيث أطلقت مؤسسات مثل صندوق النقد والبنك الدوليين والأحلاف الدفاعية مثل حلف شمال الأطلسي "ناتو"، ما جعلها تقود العالم ضمن ما بات يعرف بمصطلح "السلام الأمريكي"، المقتبس من المصطلح القديم المعروف باسم "السلام الروماني"، الذي يعود إلى عصر هيمنة الإمبراطورية الرومانية القديمة على العالم.

وأكد أن هناك مخاوف من لحظة انتهاء دور أمريكا كقائد للعالم، معتبرا أن التراجع الأمريكي يعود إلى "التمدد الإمبراطوري" المفرط، أو لانكماش نصيب أمريكا من الاقتصاد العالمي، وغير ذلك.

ورأى أن "التقارير عن نهاية الهيمنة الأمريكية مبالغ فيها بصورة كبيرة"، محذرا من التسرع في استبعاد الهيمنة الأمريكية.

وبحسب الكاتب، فإن المفكرين الواقعيين يرون أن الاستقرار العالمي يحتاج إلى وجود توازن للقوة، وليس للهيمنة، في حين ما زال الليبراليون المؤمنون بالنظام الدولي يعتقدون أن الدول تستطيع التعاون في غياب قوة مهيمنة. لكن في المقابل هناك الماركسيون الذين لديهم نظريتهم الخاصة في الهيمنة.



وتساءل الكاتب عن ما إذا كان العالم سيكون أفضل إذا وجدت قوة مهيمنة جديدة، معتبرا أن الصين هي الدولة الوحيدة المرشحة لتحل مكان الولايات المتحدة نظرا إلى ضوء المتطلبات الاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية والنووية للدولة المهيمنة.

وأضاف: من المستبعد أن يختار أي شعب خارج حدود الصين الحزب الشيوعي الصيني ليقود النظام الدولي وفقاً لقواعده.

وبحسب الكاتب فإن العالم لن يكون أفضل إذا لم توجد فيه قوة مهيمنة على الإطلاق، لأنه يتوقع العودة إلى حالة الفوضى، وليس إلى حالة تعدد الأقطاب كما يقول البعض.

واعتبر أن رغبة الولايات المتحدة في مواصلة دورها المهيمن على شؤون العالم، ربما تتضح بعد الانتخابات الرئاسية المقررة في العام المقبل، مشيرا إلى أن الحدث السياسي الأبرز سيشهد انقساماً بين رؤيتين متعارضتين بالنسبة للعلاقات الدولية.

وتابع: "الرؤية الأولى يجسدها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وأمثاله، وهي رؤية انعزالية وقومية، في حين يجسد الرؤية الثانية الرئيس جو بايدن، أو أي مرشح مشابه، وهي رؤية أممية وواقعية، وتدعو للانخراط مع العالم".

ورأى الكاتب أن مستقبل القيادة الأمريكية للعالم، ربما يعتمد في نهاية الأمر، على الموارد، ومسارات القوى المنافسة، والمواقف تجاه القوة الأمريكية في أنحاء العالم، وعوامل أخرى. لكن قبل كل ذلك؛ سيعتمد الأمر على الأمريكيين أنفسهم الذين سيدلون بأصواتهم بشأنه.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة الصين امريكا الصين أوروبا الناتو صحافة صحافة صحافة تغطيات سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة النظام العالمی قوة مهیمنة

إقرأ أيضاً:

الإدارة الأمريكية تتعمد إخفاء الأرقام الحقيقة... واشنطن تغرق إسرائيل بالمساعدات العسكرية تعرف على ابسط الأرقام

 

قدمت الولايات المتحدة مساعدات عسكرية قياسية تقدر بأكثر من 17.9 مليار دولار منذ بدء الحرب في غزة وما تلاها من تصاعد للصراع في الشرق الأوسط، وفقاً لتقرير صادر عن مشروع «تكلفة الحرب» في جامعة براون، صدر في ذكرى هجوم «حماس» على إسرائيل.

ويقول الباحثون، وفقاً لموقع «تايمز أوف إسرائيل»، إن الولايات المتحدة أنفقت أيضاً 4.86 مليار دولار إضافية على العمليات العسكرية الأميركية المتزايدة في المنطقة منذ هجمات 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتشمل هذه التكاليف الحملة العسكرية التي تقودها البحرية الأميركية للحد من هجمات جماعة «الحوثي» في اليمن على السفن التجارية، التي تدعي الجماعة أنها تنفذها دعماً لغزة.

وحسبت هذه التكاليف ليندا جي. بيلمس، أستاذة في كلية «جون إف كيندي» بجامعة هارفارد، والتي تعمل على تقدير تكاليف حروب الولايات المتحدة منذ هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، وتعمل إلى جانب الباحثين ويليام دي. هارتونغ وستيفن سيملر.

كانت معظم الأسلحة الأميركية التي تم تسليمها لإسرائيل خلال السنة الماضية عبارة عن ذخائر، بعضها قذائف مدفعية، بالإضافة إلى قنابل خارقة للتحصينات بوزن 2000 رطل وقنابل موجهة بدقة.

ووفقاً لللدراسة، أنفق نحو 4 مليارات دولار لتجديد نظامي «القبة الحديدية» و«مقلاع داود» للدفاع الجوي الصاروخي في إسرائيل، وكذلك وقود الطائرات.

وتؤكد الدراسة أنه على عكس المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا الموثقة، كان من المستحيل الحصول على تفاصيل كاملة بشأن ما أرسلته الولايات المتحدة إلى إسرائيل منذ 7 أكتوبر الماضي، لذا فإن رقم الـ17.9 مليار دولار للعام هو رقم جزئي.

وأشارت الدراسة إلى «جهود إدارة بايدن لإخفاء المبالغ الكاملة للمساعدات وأنواع الأسلحة من خلال التلاعب البيروقراطي»

 

مقالات مشابهة

  • الإدارة الأمريكية تتعمد إخفاء الأرقام الحقيقة... واشنطن تغرق إسرائيل بالمساعدات العسكرية تعرف على ابسط الأرقام
  • وزير الخارجية يلتقي سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية لدى البلاد
  • الولايات المتحدة الأمريكية تقدم عرضا لإسرائيل مقابل الامتناع عن مهاجمة أهداف معينة في إيران
  • الولايات المتحدة: الضغط العسكري قد يمكن الدبلوماسية لكن له مخاطر
  • هاريس: الولايات المتحدة ستواصل الضغط لوقف الحرب بغزة
  • محافظ الأحساء يستقبل نائب سفير الولايات المتحدة الأمريكية لدى المملكة
  • حربا غزة ولبنان تسرعان تصدع النظام العالمي بقيادة أمريكا
  • كيف ينعكس التوتر في الشرق الأوسط على الولايات المتحدة مع اقتراب الانتخابات؟
  • كيف تنعكس التوترات في الشرق الأوسط على الولايات المتحدة مع اقتراب الانتخابات؟
  • ما الذي تنوي الولايات المتحدة فعله في الشرق الأوسط مع زيادة التوتر؟