فورين بوليسي: لا سلاح يكاسر التوازن في حرب أوكرانيا
تاريخ النشر: 15th, September 2023 GMT
أصبحت ألمانيا ثاني أكبر مساهم في المساعدات العسكرية لأوكرانيا بعد الولايات المتحدة. لكن بالنظر إلى النقاش الدائر في برلين، قد لا يدرك مراقبون هذا الواقع حسب فرانز-ستيفان غادي، الزميل أالول في القوة السيبرانية والصراع في المستقبل بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية.
إن شن حملة قتالية لتفكيك النظام العسكري الروسي بشكل منهجي في الجزء الخلفي من خط المواجهة أصعب بكثير مما يعتقد المعلقون.
My latest for @ForeignPolicy: Germany should deliver #Taurus cruise missiles if it is serious about helping Ukraine liberate its territories.
But a healthy dose of realism as to what they can accomplish is required. https://t.co/4E481Hjo8Q
كتب غادي في مجلة "فورين بوليسي" أن فكرة الطريق المختصر للانتصار تثير توقعات بنهاية سريعة للمذبحة والتي لا ترجح في أوكرانيا. بعد أكثر من 18 شهراً من حرب استنزاف طاحنة، يجب أن تكون معرفة أن لا أسلحة معجزة وأن لا بدائل لتقليل القوات الروسية بشكل بطيء ومنهجي. وثمة العديد من الأسباب التي تجعل فكرة الأسلحة التي تغير قواعد اللعبة، معيبة وخطيرة، فهي تهدد بتقويض الدعم العسكري طويل الأمد من الحكومات الغربية لأن توقعاتها بتأثير أسلحة معينة لم تتحقق. إن الجنود الأوكرانيين اكتسبوا سريعاً كفاءة في التعامل مع دبابات ليوبارد 2 وغيرها من المعدات الغربية الجديدة، ما دفع بعض المعلقين وصانعي السياسات إلى الاعتقاد بأنه سيترجَم تلقائياً إلى نجاح في ساحة المعركة.
ولم يكلفوا أنفسهم عناء التساؤل عما إذا كانت بضعة أشهر من التدريب على عدد محدود من المركبات ستكون كافية لتنفيذ هجوم معقد بالأسلحة المشتركة ضد تحصينات روسية معدة بشكل جيد. ويمكن لخيبة الأمل أن تولّد الخلاف بسرعة. تملأ الأجواء اتهامات تقول إن الأسلحة لم توف بالسرعة الكافية أو بأعداد كافية. وإذا صدر هذا الانتقاد عن أوكرانيين فسيشعر بعض صناع السياسات الغربيين بأن كييف "غير ممتنة".
عقيدة شبه أسطورية
إن الصواريخ البعيدة المدى مثل صاروخ توروس، معرضة بشكل خاص لمقولة تغيير قواعد اللعبة. ويتعزز التركيز على الصواريخ بعيدة المدى في المناقشة الغربية بسبب الوضع شبه الأسطوري لعقيدة المعركة الجوية البرية التي تتبناها المؤسسة العسكرية الأمريكية والتي طُورت لأول مرة في السبعينات، لهزيمة العدوان السوفياتي في أوروبا.
It is time to bury the game-changing weapons narrative and embrace a more realistic understanding of what individual weapon systems can and cannot accomplish, Franz-Stefan Gady writes. https://t.co/KuAKaPDD8X
— Foreign Policy (@ForeignPolicy) September 15, 2023ومن ضمن ما تدعو إليه هذه العقيدة، استخدام ضربات دقيقة بعيدة المدى لتدمير القوات السوفياتية، وعُقد القيادة والسيطرة ومستودعات الإمدادات، في عمق الخطوط الخلفية للقوات المتقدمة. يُعرف أيضاً تدمير أو تعطيل قيادة العدو وسيطرته ولوجستياته بعيداً من خط المواجهة باسم المعركة العميقة، وغالباً ما يُنظر إليها على أنها كانت الخلطة السرية للنجاح العسكري الغربي السريع، في العقود الأخيرة.
ليس مفاجئاً إذاً أن يعاني العديد من المعلقين، خاصةً الذين خدموا في الجيوش الغربية خلال الثمانينات والتسعينات، لتسليط الضوء على حملة المعارك العميقة لأوكرانيا. ونتيجة لذلك، فإن الذخائر الموجهة بدقة مثل صواريخ توروس، إلى جانب أنظمة الصواريخ التكتيكية للجيش "أتاكمس" التي يبدو أن واشنطن على وشك تسليمها، تعتبر أصولاً مهمة لأوكرانيا. لا شيء من هذا يعني ضرورة منع حصول أوكرانيا على هذه الصواريخ، ولكن الأمر يتطلب جرعة صحية من الواقعية في ما يتصل بما يمكنها إنجازه.
واقعان مهمان
ثمة سببان رئيسيان وراء الشك في تأثير أنظمة توروس وأتاكمس المحدود على ساحة المعركة. أولاً، سبق تزويد القوات الأوكرانية بأنظمة مماثلة. وبالتالي، ستعمل صواريخ كروز الإضافية على تجديد ترسانة أوكرانيا، ولكنها لن توفر قدرة إضافية كبيرة تجبر القوات الروسية على التكيف معها.
ثانياً، كما رأى الكاتب بعد بحث ميداني في أوكرانيا خلال الصيف، قد يكون هناك سوء فهم أساسي من بعض المراقبين لما يمكن أن تحققه معركة عميقة. إن شن حملة قتالية لتفكيك النظام العسكري الروسي بشكل منهجي في الجزء الخلفي من خط المواجهة أصعب بكثير مما يعتقد المعلقون.
من المؤكد أن صواريخ توروس ستعمل على توسيع القدرات الأوكرانية الحالية. ويصل مدى الصاروخ الفعال إلى 500 كيلومتر وهو مصمم للاستخدام ضد أهداف محصنة أو مدفونة، بما فيها مخابئ القيادة، ومستودعات الذخيرة، والجسور ، ومراكز نقل رئيسية أخرى.
وحسب التقارير، يضم الصاروخ، رأساً حربيةً أقوى بقليل من الذخائر الموجهة الأخرى في ترسانة أوكرانيا، ما قد يجعله أكثر فعالية في تعطيل جسور مثل التي تربط شبه جزيرة القرم بالبر الرئيسي لأوكرانيا.
ومع ذلك، عيوب الصواريخ الأوكرانية، مثل الافتقار إلى قوة اختراق، مشكلة أقل بالمقارنة مع الاستهداف الدقيق وتجاوز أنظمة الدفاع الجوي الروسية. بالنظر إلى القيود المحتملة التي يفرضها الألمان على استخدام الصواريخ، فإن الميزة الرئيسية الوحيدة للصاروخ مقارنة مع الأسلحة المماثلة التي تستخدمها أوكرانيا، أي مداه الأطول، ستكون محدودة.
ماذا عن الكمية؟
السبب الآخر لعجز صواريخ توروس على تغيير قواعد اللعبة في أوكرانيا، استبعاد تقديم ألمانيا ما يكفي منها لإحداث فرق كبير. حسب التقارير وتقييمات غادي الخاصة، زودت بريطانيا وفرنسا أوكرانيا بما يتراوح بين 250 و 400 صاروخ كروز منذ مايو (أيار)، وأطلقت أوكرانيا ما بين 180 و 200 صاروخ منها.
من المحتمل أن تجدد ألمانيا الترسانة الأوكرانية بنحو 150 صاروخ كروز من طراز توروس، ستوفر لكييف ما يكفي من الذخيرة الموجهة بدقة لتمديد حملتها ضد الأهداف الروسية في الجزء الخلفي من خط المواجهة مدة شهرين آخرين. ورغم أن هذا قد يشكل أهمية كبيرة لأوكرانيا، لكنه لن أن يترك تأثيراً استراتيجياً كبيراً.
حتى الكميات الأكبر، سواء كانت من طراز توروس بمفردها أو بالاشتراك مع أتاكمس، لن تضمن تأثيراً يغير قواعد اللعبة. كما أشار المحللان في الشؤون العسكرية مايكل كوفمان، وروب لي، إلى أن شن معركة عميقة ناجحة أصعب بكثير مما يعتقده معظم المعلقين. من الصعب جداً اعتراض خطوط الإمداد أو الاستهداف الديناميكي أو إنشاء سيطرة نارية في العمق الخلفي دون تفوق جوي.
ولإطلاق حملة قتالية عميقة أكثر منهجية، ستحتاج أوكرانيا إلى معلومات استخبارية متواصلة، وقدرات مراقبة واستطلاع أفضل، مثل الأقمار الصناعية والمركبات الجوية غير المأهولة، لتحديد وتتبع الأهداف الروسية. وبالنظر إلى التدابير الروسية المضادة الفعالة، مثل التشويش الكهرومغناطيسي للطائرات دون طيار، وافتقار أوكرانيا إلى منصات استطلاع متطورة وغياب سيطرتها على الأجواء، تشكل التغطية المستمرة للعمق الروسي اقتراحاً صعباً.
التقليل من القدرات الروسية
يبدو أيضاً أن الأمل في تغيير صواريخ توروس وأتاكمس قواعد اللعبة يتجاهل التكيف الروسي المنهجي منذ إدخال قاذفات الصواريخ المتعددة من طراز هيمارس في صيف 2022. عززت القوات الروسية مراكز القيادة والسيطرة ونوّعت شبكة إمدادها ولم تعد تعتمد على مستودعات كبيرة وضعيفة للذخيرة، بالقرب من خط المواجهة.
وحتى لو كانت أوكرانيا قادرة على استخدام صواريخ بعيدة المدى بشكل أكثر منهجية وبكميات أكبر، فمن غير الواضح مدى فاعلية مثل هذه الحملة ضد عدو راسخ يتمتع بدفاع جوي وصاروخي متطور وقدرات حربية إلكترونية قوية.
أخيراً، يبدو أن بعض المعلقين يبالغون في تقدير كمية الإمدادات التي يحتاجها الروس لصد أو تأخير الهجمات الأوكرانية على خط المواجهة. صحيح أن الخدمات اللوجستية الروسية تتعرض لضغوط متزايدة، كما يتضح من انخفاض وتيرة نيران المدفعية بالإضافة إلى الصعوبات في تناوب القوات، من وإلى مواقع الخطوط الأمامية، لكن القوات الروسية لا تزال قادرة على شن هجمات مضادة وإطلاق نيران البطاريات المضادة، ومواصلة القصف المدفعي الثابت نسبياً في مواجهة الهجمات الأوكرانية.
الحقيقة المرة
باختصار لا يجب توقع تأثير مفاجئ ومدمر على المجهود الحربي بفعل صواريخ إضافية دقيقة، حتى لو كانت مسلحة برأس حربية أكثر قوة وبمدى أطول، مثل نظام أتاكمس. بدل ذلك، ستكون هذه الأنظمة بمثابة رصيد إضافي لمساعدة أوكرانيا على استنزاف بطيء لقدرة روسيا على شن هذه الحرب.
والحقيقة المرة حسب الكاتب هي أنه لا طرق مختصرة للانتصار باستخدام أسلحة محددة أو عقيدة المعركة العميقة. كلما أسرع المراقبون في الاعتراف بهذا الواقع البسيط، كلما قلّت احتمالات خيبة الأمل والاحتكاك بين أوكرانيا وشركائها، وزاد احتمال نجاح كييف من الحصول على القدرات والموارد التي تحتاجها لمواجهة العدوان الروسي في حرب يرجح أن تطول.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني الحرب الأوكرانية القوات الروسیة قواعد اللعبة صواریخ توروس من طراز
إقرأ أيضاً:
القوات الروسية تسيطر على عدة بلدات في دونيتسك
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أعلنت وزارة الدفاع الروسية، اليوم /الجمعة/، أن القوات الروسية تمكنت من السيطرة على بلدة نوفوفاسيليفكا في دونيتسك.
وقالت الوزارة - في بيان أوردته وكالة "سبوتنيك" الروسية - "في الفترة من 25 إلى 31 يناير، نفذت القوات الروسية، 8 ضربات جماعية باستخدام أسلحة عالية الدقة وعبر هجمات بطائرات مسيرة، ما أسفر عن تدمير منشآت البنية التحتية للغاز والطاقة الحيوية، التي تضمن تشغيل الجيش الأوكراني، فضلًا عن مرافق المجمع الصناعي العسكري في أوكرانيا".
وأوضح البيان أنه نتيجة الضربات "تضررت مستودعات الأسلحة والبنية التحتية للمطارات العسكرية ومخازن التجميع ومواقع تخزين الطائرات المسيرة الهجومية ونقاط الانتشار المؤقتة للقوات المسلحة الأوكرانية".
وأضاف أنه على مدار الأسبوع، واصلت وحدات من قوات مجموعة "الشمال" الروسية، استهداف تشكيلات القوات المسلحة الأوكرانية في مقاطعة كورسك، وتم السيطرة على بلدة نيكولاييفو- داريينو، وألحقت الغارات الجوية والطائرات المسيرة ونيران المدفعية أضرارًا بالقوى البشرية والمعدات والدبابات والمركبات الآلية الثقيلة التابعة للقوات المسلحة الأوكرانية.
وأشار البيان إلى أنه خلال الأسبوع تمكن قوات "الشمال" في اتجاه خاركوف باستهداف وحدات من المشاة وألوية الهجوم التابعة للقوات المسلحة الأوكرانية، وعلى مدار أسبوع، بلغت خسائر القوات الأوكرانية في منطقة مسؤولية مجموعة القوات الشمال 2200 عسكري، و9 دبابات، و57 مركبة مدرعة قتالية، وتم تدمير 144 مركبة و22 مدفعا ميدانيا و13 محطة حرب إلكترونية وتسعة مستودعات ذخيرة ميدانية.
وقالت الدفاع الروسية إن وحدات من قوات مجموعة "المركز" الروسية، قامت بالسيطرة على بلدات زيلنويي ونوفوليزافيتوفكا ونوفوفاسيليفكا في دونيتسك، وواصلت التقدم في أعماق دفاعات القوات الأوكرانية، واستهدفت القوى البشرية والمعدات التابعة للقوات المسلحة الأوكرانية، في مناطق عدة في دونيتسك، وفقدت القوات المسلحة الأوكرانية ما يصل إلى 4 آلاف عسكري، وعددا من المركبات القتالية، وناقلات جند مدرعة، وعددا من المدافع.
وأضافت أنه نتيجة العمليات التي قامت بها وحدات من مجموعة قوات "الغرب"، تم السيطرة على قرية دفوريتشنايا في مقاطعة خاركوف. وتم استهداف القوات المسلحة الأوكرانية التي خسرت أكثر من 2425عسكريًا، وعددا من المدافع الميدانية، ودبابتين و22 مركبة قتالية مدرعة، و6 محطات حرب إلكترونية و11 مستودع ذخيرة.
وأشار البيان إلى أن وحدات من مجموعة "الجنوب" حسنت من مواقعها التكتيكية واستهدفت القوى البشرية والمعدات التابعة للقوات المسلحة الأوكرانية في عدة مناطق في دونيتسك وخسرت القوات المسلحة الأوكرانية ما يصل إلى 1445 وعددا من المدافع، وتم تدمير ثلاث محطات حرب إلكترونية و11 مستودع ذخيرة.
وقالت الدفاع الروسية إنه نتيجة العمليات التي قامت بها وحدات من مجموعة قوات "الشرق"، تم السيطرة على قرية فيليكا نوفوسولكا في دونيتسك. واستهدفت القوى البشرية التابعة للقوات المسلحة الأوكرانية التي خسرت أكثر من 1015 عسكريًا وأربع دبابات ومركبتين مدرعتين قتاليتين و16 سيارة وعددا من المدافع.
وأضافت أنه على مدار أسبوع، أسقطت أنظمة الدفاع الجوي الروسية قنبلتين جويتين موجهتين من طراز "هامر"، و31 صاروخًا طراز "هيمارس"، و592 طائرة دون طيار، فيما استسلم 43 جنديًا أوكرانيًا على خط التماس.