سلط السفير الأمريكي لدى البحرين في الفترة من 2007 إلى 2011، آدم إيريلي، الضوء على الاتفاقية الاستراتيجية الجديدة بين البلدين، واصفا إياها بأنها "مجرد البداية لمنطقة الخليج".

وذكر إيريلي، في تحليل نشره بموقع مؤسسة "المجلس الأطلسي" البحثية وترجمه "الخليج الجديد"، أن توقيع الاتفاقية فاجأ العديد من المراقبين، فبينما كانت كل الأنظار تركز على الملحمة المستمرة للصفقة الأمريكية السعودية الإسرائيلية المحتملة، كانت واشنطن والمنامة تتفاوضان بهدوء حول تعزيز التزام الولايات المتحدة تجاه المنطقة، ما سيكون له عواقب بعيدة المدى على منطقة الخليج وخارجها.

وأضاف أن البحرين والعديد من جيرانها يرغبون في التزام دفاعي أمريكي من جانب، وفي ثبات هذا الالتزام من جانب آخر، مشيرا إلى أن بعض الحلفاء العرب يرون واشنطن حليفا متقلبا، "إذ ربما تمطرك إدارة اليوم باهتمام شديد، بينما تعاملك خليفتها وكأنك منبوذ".

ويكمن هذا التفاوت في توقعات القادة الخليجيين في منطق لتفكير الكثيرين من صناع القرار في واشنطن، مفاده أن دول الخليج العربية تحتاج إلى الولايات المتحدة، بأسلحتها وقواتها وتقنياتها، أكثر مما تحتاج إليها الولايات المتحدة، وهو ما يصفه إيريلي بأنه "منطق معيب". بل إن إيريلي يرى في الاتفاق الأمريكي البحريني الأخير "اعترافا ضمنيا من الولايات المتحدة بأن هذا المنطق لم يعد قائما".

ففي الاتفاقية، الملزمة قانونًا، تلتزم الولايات المتحدة بـ "التشاور وتقديم المساعدة إذا واجهت البحرين تهديدًا أمنيًا وشيكًا"، وهو تعهد أمني لم تقدمه الولايات المتحدة لدولة عربية من قبل.

وكما أوضح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، فإن الاتفاقية ستعمل أيضًا على "تعزيز التنسيق بين قواتنا المسلحة وتكامل قدراتنا الاستخباراتية"، ولذا فإن الذين يؤكدون على أن الاتفاقية لا ترقى إلى مستوى الضمانة الأمنية على غرار المادة الخامسة من ميثاق حلف شمال الأطلسي (الناتو)، يخطئون الفهم، حسب تقدير إيريلي.

 وأوضح السفير الأمريكي السابق لدى البحرين بأن الاتفاقية تشتمل على معيار جديد، ملزم ولا يمكن التراجع عنه، وسيكون بمثابة "إطار وأساس لجميع الاتفاقيات المستقبلية مع القوى الإقليمية الأخرى".

لماذا البحرين ولماذا الآن؟

وبدأ قادة البحرين محادثات حول هذه الصفقة منذ أكثر من عام، وكانت حكومة المملكة الخليجية الصغيرة ترغب منذ فترة طويلة في الارتقاء بعلاقتها التاريخية الوثيقة مع الولايات المتحدة إلى مستوى أعلى.

وكانت البحرين آنذاك الدولة الأولى في المنطقة التي تستضيف قاعدة عسكرية أمريكية كبرى على أراضيها (القيادة المركزية للقوات البحرية)؛ وأول من وقع اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة؛ وأول من تم منحه وضع الحليف الرئيسي من خارج الناتو.

ومع ذلك، فإن مجموعة من التهديدات المتطورة في المنطقة وضغوط العولمة جعلت من تنظيم شراكة أكثر قوة ضرورة بالنسبة للمنامة، وأعطتها اتفاقيات إبراهيم زخماً إضافياً.

اقرأ أيضاً

ولي عهد البحرين يصل واشنطن ويوقع اتفاقية أمنية مع بلينكن (صور)

وهنا يشير إيريلي إلى أن التعاون السريع والشامل بين إسرائيل ودول الخليج العربية خلق واقعا استراتيجيا جديدا أنتج فرصا وإمكانيات جديدة، وكانت البحرين عازمة على اغتنام هذه الفرص.

وخلال الحملة الانتخابية لبايدن عام 2020، كتب جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي المستقبلي آنذاك وكبير المفاوضين في صفقة الاتفاقية مع البحرين اليوم، لمجلة فورين أفيرز: "بقدر ما تغيرت مصالح الولايات المتحدة بالشرق الأوسط، فإن هذا لا يعني أنها تستطيع، أو ينبغي لها أن تترك المنطقة على الفور. وبدلاً من ذلك، ينبغي لها أن تقود بالدبلوماسية إلى تحديد الظروف التي ستسمح بتخفيضات مستدامة لوجودها العسكري، مع حماية المصالح المهمة في المنطقة، والتي لا تزال مهمة للولايات المتحدة وستظل مهمة لسنوات قادمة".

وبعد عامين ونصف من ولايته، أصبح بايدن مقدرا، بشكل كامل، ليس فقط لمركزية الخليج بالنسبة للمصالح الأمريكية، بل للحاجة إلى قدر أكبر من المعاملة بالمثل أيضًا، حسب تقدير إيريلي.

فسحب القوات الأمريكية من أفغانستان عام 2021، والخلافات مع المملكة العربية السعودية بشأن إنتاج النفط في أكتوبر/تشرين الأول 2022، وفشل المفاوضات النووية مع إيران، والمنافسة المتزايدة مع الصين، كلها عوامل رسخت قناعة صناع القرار الأمريكيين بأهمية عدم اعتبار شراكة الخليج أمرا مفروغا منه، وأدت إلى حملة لإضفاء الطابع الرسمي على العلاقات مع تلك الدول.

أهمية استراتيجية خاصة

وفي السياق، يرى إيريلي أن اختيار الولايات المتحدة للبحرين كأول شريك إقليمي لإضفاء هذا الطابع الرسمي "لا ينبغي أن يكون مفاجئًا"، إذ "لا تقدم أي من دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى مزيجاً مماثلاً من الأهمية الاستراتيجية" لواشنطن.

فمن الناحية الاستراتيجية، تعد البحرين العقدة المركزية للوجود البحري الدولي الذي يؤمن أهم نقاط الاختناق في العالم، وهي أيضًا الدولة التي تطالب إيران بأراضيها تاريخيا، وتوجه له طهران بعضًا من جهودها الأكثر عدوانية لزعزعة استقرارها.

كما أن رأس تنورة، أكبر محطة لتصدير النفط في السعودية، تبعد عن ساحل البحرين أقل من 40 ميلاً، وتمثل مراكز المنطقة الشرقية المجاورة في الدمام والخبر والجبيل مجتمعة الغالبية العظمى من إجمالي الطاقة الإنتاجية للنفط والبتروكيماويات في السعودية.

ومع مرور ما يقدر بنحو 9.7 مليون مركبة تجارية سنويًا، يعد جسر الملك فهد، الواصل بين السعودية والبحرين، واحدًا من أكثر المعابر الحدودية البرية ازدحامًا في الشرق الأوسط.

ومن الناحية السياسية، تقف البحرين في موقف رباعي مع الولايات المتحدة بشأن القضايا ذات الأهمية القصوى لواشنطن، وكانت دائمًا حليفًا ثابتًا وموثوقًا يمكن للولايات المتحدة الاعتماد عليه، ولم تثبت السنوات القليلة الماضية أي استثناء لهذا الوضع، بحسب إيريلي.

فخلافاً لبعض جيرانها، لم تقم المنامة بإظهار قدرتها على التحوط في رهاناتها من خلال التقرب من الصين أو عقد صفقات مع روسيا.

ويتوقع إيريلي أن تحذو دول عربية أخرى حذو البحرين، إما من خلال التوقيع على اتفاقية شبيهة أو من خلال التفاوض على اتفاقيات منفصلة من شأنها البناء على سابقتها.

وفي كلتا الحالتين، فإن البحرين، كما فعلت في كثير من الأحيان، قادت الطريق من خلال إظهار ما يمكن أن يحققه "الخيال والتصميم" للدول الأخرى، حسب تعبير إيريلي.

اقرأ أيضاً

اتفاقية تسمح لأسر العسكريين الأمريكيين بالعمل خارج القاعدة في البحرين

المصدر | آدم إيريلي/المجلس الأطلسي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: البحرين الولايات المتحدة جيك سوليفان الناتو الولایات المتحدة من خلال

إقرأ أيضاً:

عيدروس الزبيدي تحت الإقامة الجبرية السعودية من جديد.. هذا ما حدث اليوم

رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي (وكالات)

أقدمت المملكة العربية السعودية، الأربعاء، 20 تشرين الثاني، 2024، على إعادة وضع رئيس المجلس الانتقالي، سلطة الامر الواقع جنوب اليمن، تحت الإقامة الجبرية.

وذكرت مصادر في المجلس الانتقالي أن السفير السعودي زار  في وقت سابق اليوم الزبيدي في مقر اقامته بالعاصمة السعودية وابلغه بضرورة الالتزام بقواعد وسلوك العمل الدبلوماسي والتي تتضمن اللقاء مع سفراء أجانب  بحضور رئيس المجلس الرئاسي.

اقرأ أيضاً أخ يوجه لشقيقته 21 طعنة قاتلة.. بسبب التيك توك 20 نوفمبر، 2024 السلطات السعودية تعلن ضبط 3 يمنيين في نجران.. لقيامهم بهذا الأمر 20 نوفمبر، 2024

هذا واعتبرت المصادر الرسالة التي حملها السفير ال جابر تضمنت قطع اتصالات الزبيدي بسفراء الأجانب او عقد اية لقاءات تضر بالسلطة الموالية للتحالف.

يشار إلى أن زيارة ال جابر للزبيدي جاءت عقب لقاءات  مكثفة عقدها الزبيدي مع سفراء الصين وروسيا إضافة إلى كوريا والامارات.

ويركز الزبيدي من خلال اللقاءات عقد صفقات بعيدا عن سلطة الرئاسي الموالية للسعودية ابرزها فيما يتعلق بدعم فصائله  الموالية للإمارات لتامين الملاحة في البحر الأحمر الذي يعد بمثابة منفذ سعودي مهم لتسويق النفط.

ويحاول من خلال هذه اللقاءات المناورة في وجه السعودية التي تضغط عليه لتفكيك فصائله والتحول إلى حزب سياسي إضافة إلى توريد عائدات المحافظات التابعة له إلى حساب بالبنك المركزي بعدن وتحت اشراف حكومة بن مبارك.

قرار السعودية وضع الزبيدي تحت الإقامة الجبرية يكشف عن مخاوف من التحركات التي بدأ يقودها الانتقالي في عدن وتهدف للإطاحة بالسلطة الموالية لها جنوب اليمن.

Tagsالرياض السعودية المجلس الانتقالي اليمن صنعاء عدن عيدروس الزبيديمساحة نت20 نوفمبر، 2024 Facebook X LinkedIn Tumblr Pinterest Reddit Telegram Share via Email Print اقرأ أيضاً موعد أذان الفجر والمغرب في العاصمة صنعاء اليوم الاثنين.. وقت الإمساك11 مارس، 2024 المعلق الرياضي حفيظ دراجي يهاجم القمة العربية في الرياض.. "ساوت بين الضحية والجلاد"11 نوفمبر، 2023 ورد الآن: انهيار كبير للريال اليمني خلال التعاملات المسائية في عدن اليوم25 يناير، 2024 الأرصاد يتوقع هطول أمطار غزيرة على 10 محافظات يمنية في الساعات القادمة8 أبريل، 2024Check Also Close أخبار اليمن الريال اليمني يختتم تعاملات الأسبوع بسعر مختلف مساء الجمعة.. آخر تحديث 8 نوفمبر، 2024أخر الأخبار عيدروس الزبيدي تحت الإقامة الجبرية السعودية من جديد.. هذا ما حدث اليوم 20 نوفمبر، 2024 وفاة أحد أبرز نجوم برنامج "أراب آيدول" في ظروف غامضة.. تفاصيل 20 نوفمبر، 2024 أخ يوجه لشقيقته 21 طعنة قاتلة.. بسبب التيك توك 20 نوفمبر، 2024الأكثر شعبية السعودية تتخلى عن "الشرعية" وتعقد صفقة مع الحوثيين وتحسم الجدل بشأن التصعيد في اليمن 14 نوفمبر، 2024 أول إجراء أمريكي ـ أوروبي بعد هجوم روسي واسع على العاصمة الأوكرانية 20 نوفمبر، 2024التصنيفاتأخبار الخليجأخبار السعوديةأخبار اليمنأخرىتقنيةصحةفن ومشاهيرفيديومقالاتمنوعاتFacebookXTelegramصفحاتأرشيفالأكثر مشاهدةالرئيسيةتواصل معناسياسة الخصوصيةعالممن نحن جميع الحقوق محفوظة 2024FacebookXTelegram Facebook X WhatsApp Telegram Back to top button Close البحث عن: FacebookXTelegram Close Search for

مقالات مشابهة

  • القومى للمراة بأسوان يتابع سلسلة جلسات الدوار للتوعية المجتمعية "ضمن مبادرة بداية "
  • الخارجية الروسية: "فيتو" الولايات المتحدة يعقّد مساعي السلام في غزة
  • مدرب الخليج السعودي يكشف مصير محمد شريف.. وإمكانية انتقال صلاح إلى السعودية
  • الولايات المتحدة تقرر نشر قوات أمريكية في اليمن بناء على طلب دولة خليجية!!
  • الولايات المتحدة: إسرائيل تحقق أهدافها وتقترب من نهاية حربها مع حزب الله
  • تقرير أمني: الولايات المتحدة لن تتوصل إلى اتفاقيات جديدة لنزع السلاح في المستقبل القريب
  • حماس ترحب باقتراح مصري ولا صفقة إلا بعد انتهاء الحرب على غزة
  • رئيس نادي الشباب: صفقة متعب الحربي الأغلى في تاريخ الرياضة السعودية
  • ترامب يرشّح ماثيو ويتيكر لمنصب سفير أمريكا لدى حلف شمال الأطلسي
  • عيدروس الزبيدي تحت الإقامة الجبرية السعودية من جديد.. هذا ما حدث اليوم