بغرامة باهظة.. بكين تستعد لمعاقبة من يرتدون ملابس تضر الصين
تاريخ النشر: 15th, September 2023 GMT
فيما يبدو أنه أحدث الحملات على حرية التعبير بالصين، تستعد السلطات ف بكين لاعتماد قانون جديد، يعاقب الأشخاص على ارتداء ملابس "تعتبر ضارة أو مؤذية لروح البلاد أو مشاعرها"، وفقا لتقرير نشره موقع "صوت أميركا".
وبحسب مشروع القانون، يجب دفع المخالفة خلال مدة تتراوح بين 5 و10 أيام، وتصل قيمتها إلى 5 آلاف يوان (687.
وكانت التأييد للقانون عبر مواقع التواصل الاجتماعي ضعيفا، بل أن بعضهم وصف مشروع القانون بـ"السخيف"، وأنه "تدخل مفرط في الشؤون الشخصية للناس".
ووفقاً للمادة "34-2" من مشروع القانون، الذي راجعته وأصدرته مؤخراً اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، فإنه يستهدف الأشخاص الذين "يرتدون الملابس أو الإكسسوارات أو الرموز، أو يجبرون آخرين على لبسها في الأماكن العامة، بما يضر ويؤذي روح الصين ومشاعرها".
وتعقيبا على ذلك، قال المحامي الصيني السابق المتخصص بحقوق الإنسان، تشين جيانغانغ، لإذاعة "صوت أميركا": "القانون الجديد يظهر أن الحزب الشيوعي يريد السيطرة حتى على ما نرتديه، نحن الأشخاص العاديون".
ماذا عن حرية التعبير؟ورأى عضو "مركز القلم الصيني" المستقل في مدينة قوانغتشو الجنوبية، شو لين، أنه "لا ينبغي تجريم ملابس الناس وإكسسواراتهم، ورفعها إلى مستوى الإضرار بروح الأمة الصينية ومشاعرها".
وأضاف: "ارتداء الملابس هو مسألة حرية شخصية تمامًا، حتى لو عبّر عن معنى معين.. يحق لكل إنسان أن يفصح عن رأيه".
من جانبه، نشر أستاذ القانون الجنائي بجامعة تسينغهوا، لاو دونغيان، على موقع "ويبو"، تدوينة أكد فيها "ضرورة عدم قمع مساحة الحرية الشخصية للأفراء، في ارتداء الملابس وتبادل الأحاديث اليومية".
وبدوره، قال المحامي السابق في مدينة قوانغتشو الجنوبية، ليو تشنغ تشينغ، إن "القوانين الصينية يتم سنها دائمًا وفقًا لرغبات الحزب الشيوعي الصيني، وعلى أساس احتياجات السياسة".
وأردف: "الحزب الشيوعي يفعل الآن ما يريد.. إنهم تعسفيون للغاية".
وربما تعود جذور هذا القانون الجديد إلى النزعة القومية المتنامية في الصين. وأشار محامي في بكين، رفض الكشف عن هويته، إلى "اعتقال امرأة في مدينة سوجو، شرقي البلاد، في 10 أغسطس 2022، لأنها كانت ترتدي ثوب الكيمونو الياباني، بسبب إعجابها بشخصية من سلسلة مانغا (قصص مصورة يابانية شهيرة)".
ورغم أن قصص المانغا وأفلام الأنمي الكرتونية والألعاب اليابانية تحظى بشعبية كبيرة في الصين، فإن الاستياء يتعمق بسبب رفض الحكومة اليابانية الاعتذار عن "جرائم الحرب" التي ارتكبت خلال الحروب الصينية اليابانية.
وانتشرت الصور ومقاطع الفيديو للمرأة التي ترتدي الكيمونو على نطاق واسع في وقت حساس، قرب ذكرى 15 أغسطس، الموافق لاستسلام اليابان المعلن في نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945.
"فسحة للفساد"وأظهرت مقاطع فيديو على الإنترنت، الشرطة المحلية وهي تصرخ في وجه الفتاة: "أنت صينية، لكنك ترتدي الكيمونو!"، وذلك قبل اعتقالها، للاشتباه بتهمة "افتعال المتاعب"، وهي إدانة ذات طابع غامض وفضفاض تستخدمها السلطات الصينية بشكل روتيني ضد المعارضين والصحفيين والنشطاء.
وخلال الاعتقال الذي دام أكثر من 5 ساعات، ألقيت محاضرة على المرأة، وجرى حذف صورها وهي ترتدي الكيمونو من حساباتها على منصات التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى إجبارها على كتابة تعهد بعدم فعل ذلك مرة أخرى، قبل مصادرة ملابس الكيمونو الخاص بها.
ووقتها، أيد بعض مستخدمي الإنترنت الشرطة، قائلين إن "الفتاة التي ترتدي الكيمونو تؤذي المشاعر الوطنية"، وهو ما دعمته وسائل الإعلام الصينية التي تديرها الدولة، بالقول: "هذه القضية تؤكد أن ما مررنا به كان مؤلماً للغاية، ولا ينم عن حساسية مفرطة".
ومنذ احتلال اليابان لإقليم منشوريا الصيني عام 1931، وحتى هزيمة الجيش الياباني، مات ما لا يقل عن 20 مليون صيني.
من جانبهم، أيّد مستخدمون آخرون حرية المرأة في ارتداء الملابس، معتبرين أن القانون "لم ينص على عدم جواز ارتداء الكيمونو، وأن ذلك لا يتعلق بأوقات وأماكن حساسة".
وتساءل أحدهم: "لماذا يعتبر ارتداء الكيمونو جريمة؟.. ألا ينبغي أن نمنع ارتداء البدلات الغربية باعتبار أن أسلافنا تعرضوا للاضطهاد من قبل الأوروبيين؟".
وعلى الرغم من أن الشرطة أعادت ثياب الكيمونو إلى المرأة في وقت لاحق، فإنها لم تعتذر.
وإذا أصبحت المسودة الجديدة قانونا، فمن المرجح أن تشكل تلك الحادثة انتهاكا للقوانين. وفي هذا المنحى قال شور: "إن تحديد ما يشكل انتهاكًا سيكون أمرًا أساسيًا، لمنع إساءة استخدام هذا القانون".
وقال: "يجب التعريف بشكل واضح ما يعتبر إيذاء للشعور الوطني، حتى لا يكون الأمر متروكًا لموظفي إنفاذ القانون لتحديده، لأن ذلك سيؤدي إلى إساءة استخدام السلطة، وفتح فسحة جديدة للفساد".
وكتب أستاذ القانون الجنائي بجامعة تسينغهوا، لاو دونغيان، على موقع "ويبو"، إن "إيذاء روح ومشاعر الأمة الصينية هو مفهوم ذو دلالات غامضة للغاية. وسيكون له تفسيرات مختلفة".
وأضاف في منشور آخر: "المعايير الغامضة تؤدي إلى إساءة استخدام السلطة، مما يخلق مساحة جديدة لنمو الفساد. وقد يؤدي إلى تكثيف الصراعات بين الشرطة والجمهور، مما يجلب مخاطر جديدة على الاستقرار الاجتماعي".
ونشر بعض مستخدمي الإنترنت، صورة على منصة إكس، المعروف سابقا باسم تويتر، تظهر الزعيم الصيني السابق دنغ شياو بينغ، وهو ينحني خلال زيارة لطوكيو عام 1978، كان الغرض منها طلب المساعدة الاقتصادية من الحكومة والشركات اليابانية الكبرى.
وجاء في تعليق تحت الصورة: "عذرا، ألم يؤذي مشاعر الأمة بذلك التصرف (الانحناء)؟.. هل جرت معاقبته؟".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الحزب الشیوعی الصینی
إقرأ أيضاً:
العباءة في رمضان.. من زيّ تقليدي إلى هوية رمضانية
في السنوات الأخيرة، ازداد إقبال النساء في الأسواق العربية على ارتداء العباءة خلال شهر رمضان، حيث باتت هذه القطعة التقليدية الفضفاضة، رمز العفة والوقار، سمة مميزة لشهر الصوم. ومع لمسات المصممين التي أضفت عليها طابعًا عصريًا وأنيقًا، أصبحت العباءة الخيار الأمثل للسيدات في أمسيات رمضان.
تُعرف العباءة في البلدان العربية بأسماء عديدة، مثل الجلابة والجلابية، والعُمانية، والقُفطان، لكنها في الأساس تُعبّر عن لباس بسيط وفضفاض، غالبًا ما يكون لونه أسود، وترتديه النساء في شبه الجزيرة العربية، والشرق الأوسط، وشمال أفريقيا، بحيث يُعتبر مناسبًا للمناخ الصحراوي الحار في تلك المناطق.
تاريخ العباءة: من بلاد ما بين النهرين إلى الإسلاميُقال إن ظهور العباءة يعود إلى حوالى 4 آلاف عام في حضارات بلاد ما بين النهرين، فيما يرى آخرون أن لها جذورًا إسلامية ترتبط بمفاهيم دينية واجتماعية حول العفة، وستر الجسد، واحترام الذات. خاصة وأن ارتداء اللباس الفضفاض أمرٌ يحثّ عليه القرآن، حين يٌطلب من النساء المسلمات ارتداء "الجلباب"، وهو ثوب واسع يُشبه العباءة إلى حد ما.
ووفقًا للمؤرخين، كانت نساء الطبقات العليا من البدو الرحل في المملكة العربية السعودية أول من اعتمد ارتداء العباءة في الصحراء مع أوشحة لتغطية الرأس والوجه، وقد تميّزت بحواف عريضة مذهبة.
وبعد انتشارها في المدينة، أصبح العباءة جزءًا من الثقافة الخليجية، حيث تُصنفها دول مجلس التعاون الخليجي على أنها "قطعة من التراث الثقافي والديني" في البلاد.
وخلال السنوات الأخيرة، تألقت العباءة في عالم الموضة بعد أن شهدت تطورًا كبيرًا، حتى حجزت مكانها ضمن مجموعات ودور الأزياء العالمية، لاسيما في التسعينيات وبداية الألفية.
فبعد أن كانت تطغى عليها البساطة والألوان الداكنة، أصبحت تظهر بألوان زاهية وأقمشة متنوعة كالمخمل والدانتيل والساتان والحرير، مع زخارف وأحجار مزينة وقصات عصرية. ولم تزل، رغم ذلك، تحتفظ بنفحتها التراثية وشكلها المألوف الذي يضيف عليه كلّ بلد عربي لمسته الخاصة.
في الإمارات العربية المتحدة، مثلًا، تتجه النساء إلى ارتداء عباءات مُطرزة، تحتاج مهارات دقيقة في التزيين بالخرز والأحجار اللامعة، في حين أنها غالبًا ما تعبّر عن الثراء في المملكة العربية السعودية، الذي تحرص سيدات المجتمع على إبرازه من خلال الأقمشة الفاخرة والتصاميم الخاصة.
صيحة جديدة تتماشى مع الشهر الفضيلوخلال شهر رمضان، تحولت العباءة، وسط حرص الفنانات العربيات من مختلف الديانات على الظهور بإطلالة ساحرة، إلى سمة ولباس تقليدي، يجمع بين الأناقة ومراعاة الأجواء التعبدية.
وشيئًا فشيئًا، أصبح هذا الرداء أكثر انتشارًا بين كافة النساء العربيات، ويتداخل أيضًا مع هويتهن الثقافية، المشرقية والمغربية، وأصبحنا نرى ألوانًا جريئة وغير مألوفة، مثل الأحمر، والزهري، والأخضر، والأصفر، إضافة إلى عناصر جديدة مثل الريش، وهو ما جعله أكثر استحسانًا لدى الشابات، لكن في المقابل، هل ستتمكن العباءة من الحفاظ على قيمها التراثية وسط استمرار التطور والانتشار الكبير؟ أم أننا قد نرى في المستقبل قطعة "هجينة" لا تمتّ للعباءة بصلة؟
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية السلطات الأمريكية تعتقل الناشط محمود خليل قائد الحراك الطلابي المناصر لفلسطين في جامعة كولومبيا جباليا بين الدمار والحصار.. وغروب الشمس يرسم ملامح المعاناة مارك كارني سيصبح رئيس وزراء كندا المقبل خلفا لجاستن ترودو رمضانتقاليد وممارساتتصميمالسعوديةالخليجأزياء