هل تهدد إزالة المقابر بشطب القاهرة التاريخية من قائمة اليونسكو؟
تاريخ النشر: 15th, September 2023 GMT
أذكت زيادة وتيرة إزالة العديد من المقابر والمباني بالقاهرة القديمة، بدعوى تطوير البنية التحتية في تلك المنطقة، المخاوف من خروج المدينة التاريخية من قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، ونقلها إلى قائمة التراث المعرض للخطر.
وتسعى العديد من الدول حول العالم إدراج بعض المواقع على قائمة التراث العالمي، فيما فيما يواجه عدد من المواقع احتمال خفض تصنيفها في اجتماع لجنة التراث العالمي الدوري في الفترة من 10 إلى 25 أيلول/ سبتمبر الجاري في العاصمة السعودية الرياض.
ويعد إدراج المواقع الأثرية والتاريخية على قائمة المواقع "المهددة" خطوة أولى نحو استبعادها من قائمة التراث العالمي والتي تضم 1157 موقعا بينها 900 موقع ثقافي، و218 موقعا طبيعيا، و39 موقعا طبيعيا وثقافيا مشتركا.
ونجحت جهود مصر في ضم منطقة القاهرة التاريخية إلى قائمة التراث العالمي لليونسكو في عام 1979، وتغطي نحو 32 كيلومترا مربعا على الضفة الشرقية لنهر النيل، وتضم المنطقة نحو 537 مبنى أثريا مسجلا في التراث العالمي إلى جانب عدد آخر من المواقع في محافظات متفرقة.
زمن ومكان القاهرة التاريخية
يعود إلى عصور مختلفة حيث تأسست القاهرة، على يد القائد العسكري جوهر الصقلي في عهد الخليفة الفاطمي المعز لدين الله في عام 969م وضمت العواصم القديمة المجاورة منذ الفتح الإسلامي مثل الفسطاط التي تأسست في عهد الخليفة عمر بن الخطاب عام 641م.
وكانت مصر تلقت في وقت سابق خطابا رسميا من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" يهدد بخروج القاهرة التاريخية من المناطق المسجلة لديها ضمن قائمة مناطق التراث العالمي بسبب التعدي والإهمال.
تعتبر القاهرة التاريخية سجلا تاريخيا بمنازلها وأسبلتها ومساجدها ومآذنها ووكالاتها ودروبها وأسواقها التي تمتد لأكثر من بيت وسبيل ومسجد ووكالة جزءا من تاريخ امتد لأكثر من ألف عام بداية من الفاطميين مرورا بالعصر الأيوبي والمملوكي والعثماني في نسيج عمراني بديع ومتجانس لا يحاكيه مكان آخر حول العالم.
تواصل السلطات المصرية تنفيذ مخططها من خلال عمليات الهدم والإزالة لمناطق "القرافة" الشهيرة و المعروفة بمقابر "المماليك"، و"السيدة نفيسة"، و"الإمام الشافعي"، و"السيدة عائشة"، والتي وصفتها صحيفة "التايمز"، بأنها "واحدة من أروع مقابر العالم".
وقال أستاذ الآثار بجامعة القاهرة، أحمد بدران، إن "مصر لديها 7 مواقع مسجلة في قائمة التراث العالمي لليونسكو وهي القاهرة التاريخية، أهرامات الجيزة إلى دهشور، وطيبة ومقابرها وتمثل حضارة مصر القديمة، وآثار النوبة مثل من أبو سمبل إلى جزيرة فيلة، وسانت كاترين بسيناء، دير أبو مينا بالإسكندرية، وأخيرا وادي الحيتان بالصحراء الغربية بالفيوم".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "كان هناك تعامل سابق بين القاهرة و اليونسكو بشأن المواقع الأثرية المعرضة للخطر في موقعين اثنين في حكومة عاطف عبيد ما بين عامي 1999 و2004 أثناء إنشاء الطريق الدائري حول الجيزة وهددت اليونسكو برفع الموقع من قائمتها فاضطرت الحكومة إلى تغيير مسار الطريق رغم أهميته القصوى، أما الموقع الثاني كان دير أبو مينا عندما ارتفعت المياه الجوفية بشكل يهدد الأثر بشكل كامل ولا تزال أعمال الترميم جارية".
أما فيما يتعلق بالقاهرة التاريخية، فأوضح بدران أنه "على مدار العشرين عاما الماضية تغيرت معالم القاهرة التاريخية وتم نزع مساحات واسعة من الجبانات القديمة لحساب إنشاء الطرق وتوسعتها أو ما يسمى بمدينة الموتى التي وردت في كتب الرحالة والمستشرقين والمؤرخين، والحاصل الآن هو أن وسائل التواصل الاجتماعي أعطت زخما كبيرا للقضية وأحدثت صدى كبيرا على مستوى مصر والعالم ومع استمرار الحكومة في إصدار قرارات الإزالة، رغم تشكيل لجنة بتوجيهات رئاسية وبالتالي فوضع القاهرة التاريخية قد يظل مهددا".
وبشأن ما الذي تخسره مصر من خروج القاهرة التاريخية من قائمة التراث العالمي ونقلها إلى قائمة التراث المعرض للخطر، بين أستاذ الآثار، أن "استمرار وجودها في قائمة التراث يوفر لها الحماية والدعم الدوليين في السلم والحرب، ولن تكون على قوائم المزارات السياحية، وسوف تفقد قوة قوانين اليونسكو التي تتمتع بها مثل تلك المواقع على القائمة".
مدينة الموتى
ويرجع تاريخ مدينة الموتى -التي تمتد على مسافة 12 كيلومترا وتغطي مساحة تبلغ حوالي ألف هكتار- إلى الفتح الإسلامي لمصر، وهناك ترقد شخصيات إسلامية بارزة وشهيرة والعديد من رموز السياسة المصرية ومشاهير الأدب والفن وغيره في العصر الحديث.
دفعت عمليات الهدم والإزالة لإفساح المجال أمام الطرق والكباري الجديدة بدعوى ربط القاهرة القديمة بالطرق الرئيسية، جمعية المعماريين المصريين بالمطالبة بإنقاذ منطقة مقابر (جبّانات) القاهرة التاريخية من "أعمال الهدم التخريبية".
ووصفت ما يجري بأنه "تدمير شامل لم تشهده خلال 14 قرنًا، ولا خلال أي من فترات الاحتلال الأجنبي"، ونبهت إلى القيمة التراثية للمنطقة المدرجة في قائمة التراث العالمي.
اعتبر الباحث والمتخصص في الآثار، الدكتور حسين دقيل، أن "ما يجري من أعمال هدم وإزالة سواء للمقابر والجبانات والمباني القديمة أو ذات الطراز المعماري المتميز أو الواقعة ضمن نطاق القاهرة التاريخية أو ما تعرف بمدينة الموتى يؤثر بشكل سلبي على احتمال خفض تصنيف المدينة التاريخية خاصة أن كل المدينة مصنفة على أنها موقع واحد".
مضيفا لـ"عربي21": أنه "من شروط المواقع الأثرية المدرجة على مواقع التراث أن تحافظ الدولة على الموقع المدرج سواء من خلال تأمينه وترميمه أو يتم شطبه من قائمة اليونسكو"، مشيرا إلى أن "الحكومة تتحمل مسؤولية عدم تسجيل الكثير من المواقع التراثية في سجلات وزارة الآثار وتعتريها بيروقراطية حكومية مملة إضافة إلى تكلفة مادية وكوادر بشرية لا تتوفر للوزارة والجهات المعنية".
وأكد الباحث في الآثار "أن المجلس الأعلى للآثار هو المنوط به تسجيل الآثار كونه أقدم هيئة معنية بالآثار، وهناك تقصير كبير جدا في عدم تسجيل الكثير من الجبانات التي تم أو جاري هدمها على ضمن قائمة المباني التراثية والأثرية رغم أن الكثير منها تتوافر فيها الشروط اللازمة، وهو ما يعني أن هناك ضعف و قصور وإهمال للقيام بالأدوار المنوطة بها ويؤكد عدم وجود وعي تام بأهمية تلك الأماكن التراثية والتاريخية القديمة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية التراث العالمي مصر اليونسكو الهدم مصر هدم اليونسكو تراث عالمي سياسة سياسة سياسة تغطيات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قائمة التراث العالمی القاهرة التاریخیة من من قائمة
إقرأ أيضاً:
لتطوير رؤية التعليم العالي.. جامعة أسوان تقدم مشروع دمج كليتي السياحة والفنادق مع كلية الآثار
أعلن الدكتور لؤي سعد الدين نصرت، القائم بأعمال رئيس الجامعة، عن إطلاق مقترح دمج كلية السياحة والفنادق (قيد الإنشاء) مع كلية الآثار تحت مسمى "كلية السياحة والآثار". يهدف هذا المشروع الطموح إلى إنشاء كلية عصرية تقدم برامج تعليمية متكاملة تلبي احتياجات سوق العمل المحلي والعالمي، وتعزز من ترشيد الإنفاق وتطوير التعليم العالي.
وأوضح الدكتور لؤي سعد الدين نصرت، أن المشروع يعكس التوجه نحو تطوير كلية حديثة تركز على دراسة وإدارة التراث الثقافي بجانب السياحة المستدامة. ويستند المقترح إلى استغلال فرصة وجود كلية السياحة في مراحلها الأولى لتطوير هيكل تعليمي يتماشى مع أحدث الاتجاهات الأكاديمية.
وأضاف "نصرت" أن الدمج يعد خطوة هامة لتحسين استغلال الموارد وترشيد النفقات الحكومية، ويعكس استجابة لحاجة ماسة لمواجهة انخفاض أعداد الملتحقين بكلية الآثار. كما يهدف المشروع إلى سد الفجوة بين الخريجين ومتطلبات سوق العمل المتغيرة باستمرار.
من جانبه، أشار الدكتور أيمن صلاح، عميد كلية الآثار، إلى أن المشروع سيعزز من التكامل بين السياحة والآثار، ويتيح للطلاب دراسة مجالات متعددة مثل الإرشاد السياحي، إدارة الفنادق، والحفاظ على التراث الثقافي، بما يفتح أمامهم فرص عمل جديدة ومتنوعة.
وتشمل الخطة التنفيذية للمشروع ثلاث مراحل رئيسية للتخطيط منها تشكيل لجنة علمية متخصصة لتحديد المناهج وآليات الدمج، وضمان توافق البرامج مع المعايير الأكاديمية، مع التنفيذ تجهيز البنية التحتية وتدريب الكوادر الأكاديمية، مع إطلاق حملات تعريفية بالكلية الجديدة، مع التقييم والتطوير: مراجعة أداء البرامج واستقبال التغذية الراجعة من الطلاب وأصحاب العمل لضمان تحديث المناهج.
كما تتضمن الكلية الجديدة ثلاث أقسام رئيسية، قسم الآثار والإرشاد السياحي، لإعداد مرشدين سياحيين متخصصين في السياحة الثقافية، قسم الدراسات السياحية وإدارة التراث الثقافي والعالمي، لدراسة العلاقة بين إدارة التراث وتطوير السياحة المستدامة.
قسم إدارة الفنادق، لتخريج كوادر قادرة على إدارة الفنادق وفق المعايير العالمية، من المتوقع أن يسهم هذا المشروع في تحسين جودة التعليم الأكاديمي وربطه بالتنمية المستدامة.
كما سيوفر فرص عمل جديدة للخريجين في مجالات متعددة، ويدعم الاقتصاد الوطني من خلال تعزيز قطاع السياحة الثقافية والحفاظ على التراث. إن دمج كلية السياحة والفنادق مع كلية الآثار يمثل خطوة جريئة نحو تحقيق رؤية مصر 2030، ويعكس التزام جامعة أسوان بتطوير منظومة التعليم العالي لتواكب التحديات العالمية.