مسؤول في حماس: حضورنا في معسكرات لبنان بالمرتبة الثانية بعد غزة
تاريخ النشر: 15th, September 2023 GMT
غزة- قال رئيس دائرة شؤون اللاجئين في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" محمد إبراهيم المدهون، إن قضية اللاجئين الفلسطينيين، تتعرض لما وصفها بالمؤامرة المتجددة التي تستهدف تصفيتها.
وتحدث المدهون، خلال حوار خاص بالجزيرة نت، عن تعاظم وجود حركة حماس التنظيمي شعبياً وسياسياً وعسكرياً داخل مخيمات لبنان للاجئين الفلسطينيين، مع وجود "حالة تنسيق كبيرة" مع حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) "للتصدي لما يحاك ضد المخيمات".
ويشير مراقبون إلى تنامٍ ملحوظ للدور الذي تلعبه حماس في مساعي ضبط الأمن والاستقرار في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بلبنان، وبرز هذا الدور خلال الأزمة الحالية التي يشهدها مخيم "عين الحلوة" أحد أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان والشتات.
وشهدت الآونة الأخيرة زيارات واتصالات مكثفة لرئيس مكتب حركة حماس السياسي إسماعيل هنية وقادتها مع أطراف فلسطينية ولبنانية من أجل نزع فتيل الأزمة، وعدم تدهور الأوضاع في مخيمات لبنان. وآخرها الزيارة الحالية لنائب رئيس الحركة في إقليم الخارج موسى أبو مرزوق.
وأسست حماس في العام 2000 بقرار من مؤسسها الشيخ أحمد ياسين "دائرة شؤون اللاجئين واللجان الشعبية"، وأصبحت اليوم جهة ذات أهمية فيما يخص قضايا اللاجئين، وتحديدا في غزة ومخيمات لبنان.
وهنا نص الحوار كاملا:
لنبدأ من لقاء أبو مرزوق بقيادة حركة فتح في مقر السفارة الفلسطينية ببيروت، ما دواعي هذا اللقاء ونتائجه؟حماس منفتحة بدرجة كبيرة على فتح وكل القوى والمكونات في لبنان، بما يحفظ أمن واستقرار معسكرات اللاجئين، وأود هنا أن أسجل أن وصف "معسكرات" أدق من "مخيمات" فيما يخص الحالة الفلسطينية، وهذا اسمها منذ تأسيسها عقب النكبة في العام 1948، وهو وصفها في البيانات الرسمية للأمم المتحدة، وهي كلمة تعكس أنها "مؤقتة لحين العودة" وتحمل روح التحدي وعدم الاستسلام للواقع.
تدرك حماس أن معسكرات اللاجئين تمثل عناوين لقضية شعب لاجئ مهجر، ومشاريع استهدافها لم تتوقف لضرب مشروع التحرير، وما يحدث في عين الحلوة ليس بعيدا عن ذلك، وجاءت زيارة القائد أبو مرزوق إلى لبنان ولقائه بقيادة فتح في إطار عملية التنسيق والعمل المشترك بين الحركتين لنزع فتيل الأزمة، رغم أن حماس ليست جزءا من الأحداث الدامية هناك.
جهود حماس لم تنقطع منذ اندلاع أزمة عين الحلوة، وقد تواصلت مع كل الأطراف، وما تسبب في تعميق هذه الأزمة وجود أطراف غير فلسطينية وأجندات متباينة ليست لصالح المعسكر، منها من يتبنى الفكر التكفيري، وهي مرحلة مررنا بها في غزة في محطة من المحطات، وتشكل خطراً على الفكر الإسلامي الوسطي وعلى المشروع الوطني التحرري بإثارة معارك بعيدا عن مركزية العداء مع الاحتلال، وقد صدر بيان مشترك عن حركتي حماس وفتح عقب اللقاء في مقر السفارة يحمل رؤية للحل وعودة الاستقرار لعين الحلوة.
ما حدود الدور الذي تلعبه حماس في مخيمات لبنان؟
معسكرات اللاجئين في لبنان هي الأكثر قرباً وشبهاً بغزة، وتتمتع حماس فيها بحضور تنظيمي سياسي وعسكري قوي، فضلاً عن محافظتها على درجة عالية من العلاقة والتنسيق مع فتح ومختلف المكونات والقوى الفلسطينية، وكذلك اللبنانية، فحماس تحرص على عدم فتح جبهات صراع مع أحد.
ويمكن القول إن وجود حماس في معسكرات اللاجئين بلبنان هو على مستويين، الأول: التأييد الشعبي الذي اكتسبته من قيادتها للمقاومة في غزة، والثاني: حضور تنظيمي سياسي وعسكري، وربما لا نبالغ في حماس باعتبارنا هذه المعسكرات هي بالمرتبة الثانية بعد غزة من حيث القوة والحضور التنظيمي للحركة.
وقد كانت لي زيارة للبنان وشعرت كأنني في معسكرات غزة ورايات الحركة الخضراء ترفرف فوق المباني والمساجد، وهذه القوة تمنح الحركة القدرة على لعب دور رئيسي تشكل به ضمانة للأمن والاستقرار.
ماذا يُراد لمخيمات اللاجئين في لبنان في ظل تكرر أزماتها، وهي من الأشد فقراً وبؤساً من بين مخيمات الشتات؟معسكرات اللاجئين تعرضت على مدار العقود الثلاثة الماضية لمؤامرة حقيقية تستهدف تصفيتها، عبر دفع الشباب اللاجئين إلى الهجرة خارج لبنان، وهي مؤامرة تقودها أطراف رسمية وغير رسمية، والواقع المعيش داخل هذه المعسكرات يسهل عليها تنفيذ مخططاتها حيث القيود المفروضة على 73 مهنة ووظيفة ممنوعة على اللاجئ الفلسطيني، والقيود على البناء وعدم السماح حتى بالتمدد الرأسي لمواكبة الزيادة السكانية، فضلاً عن البنية التحتية المدمرة، والحواجز الأمنية على مداخل المعسكرات.
كل ذلك أوجد بيئة محتقنة داخلها، وهذا الاحتقان يطال كل مناحي الحياة بما فيها الجانب الأمني، ويتسبب في هجرة أعداد متزايدة من الشباب لخارج لبنان بحثاً عن فرص عمل لتأمين حياة أهاليهم.
لاجئون فلسطينيون من سكان مخيم عين الحلوة في لبنان (رويترز) وكيف لحماس أن تستغل تنامي قوتها في لبنان لحماية المخيمات والتصدي لمثل هذه المؤامرات؟حماس تولي هذا الملف اهتماماً خاصاً، وتدرك قيمة معسكرات اللاجئين في الداخل والشتات، ولذلك كان قرار الشيخ الشهيد أحمد ياسين في العام 2000 بتشكيل "دائرة شؤون اللاجئين واللجان الشعبية"، من أجل الاهتمام بتأمين حياة تليق باللاجئ حتى العودة إلى فلسطين التاريخية، وندرس حالياً تغيير اسم الدائرة إلى "دائرة العائدين واللجان الشعبية" استبشاراً بقرب التحرير والعودة.
كما أن حماس على تواصل دائم وتنسيق مستمر مع دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية، لما يحقق مصلحة اللاجئين، وكان لنا محطات مشتركة مهمة في هذا الصدد، سواء بالداخل أو الشتات، أبرزها اللجنة التي شكلناها لمواجهة اتفاق الإطار الخاص بتمويل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وفرض شروط على استئناف التمويل الأميركي للوكالة بعد انقطاعه لسنوات في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، كجزء من خطته المعروفة بـ "صفقة القرن" التي استهدفت تصفية الأونروا كعنوان لقضية اللاجئين.
هل ما تعانيه أونروا حاليا أزمة مالية أم سياسية؟هي أزمة سياسية وانعكاسها مالي، فتمويل الوكالة هو أحد أدوات الضغط السياسي من الولايات المتحدة واللوبي الصهيوني، والهدف منه القضاء على قضية اللاجئين عبر تصفية الأونروا، وإلحاق اللاجئين الفلسطينيين بالمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين كغيرهم من لاجئي العالم، وبالتالي القضاء على رمزية القضية الفلسطينية.
وتمارس الولايات المتحدة الضغط والابتزاز كونها المساهم الأكبر في الموازنة التشغيلية للأونروا بـ 360 مليون دولار من أصل حوالي 830 مليون دولار سنويا كمصاريف جارية. ومن هنا جاء فرض إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن اتفاق الإطار لاستئناف التمويل، الذي أصبح تمويلا بشروط سياسية.
حماس ومعها كل هيئات تمثيل اللاجئين في القوى والمكونات الفلسطينية ترى أن تحرر أونروا من هذه الضغوط يستوجب توفر موازنة خاصة بها من الأمم المتحدة أسوة بباقي المنظمات الأممية، وأن يكون التفويض الممنوح لها دائما إلى حين عودة اللاجئين وليس مسقوفا بـ3 سنوات تتطلب التجديد بالتصويت، بمعنى أننا نريد أن نرفع السيف عن رقبة الوكالة.
ما مستوى تواصلكم مع أونروا لمعالجة قضايا اللاجئين؟
نحن على تواصل لا ينقطع، وأونروا ترى أن حماس من خلال إدارتها لغزة تساهم في تذليل العقبات، وقد جاء تشكيل "اللجنة المشتركة للاجئين" المؤلفة من القوى السياسية واتحاد أولياء الأمور واتحاد موظفي أونروا، كإسناد للوكالة وُجهة تمثل اللاجئين في معسكرات غزة، ونحن حريصون على عودة حركة فتح لهذه اللجنة بعد نحو عامين من تجميد عضويتها جراء خلاف على حدث ليس من اختصاص اللجنة.
وتدرس حماس حالياً توفير غطاء قانوني للجنة المشتركة اللاجئين، وهناك لائحة في منظمة التحرير تنظم عمل اللجان الشعبية، وليس لدينا مانع من اعتمادها لتكون الناظم لعمل اللجنة في المعسكرات، من دون أن يخل ذلك بمسؤولية أونروا، ومن شأن عودة فتح للجنة، ونجاح تجربتها في غزة، أن يتم تعميمها على معسكرات اللاجئين في الضفة الغربية، ومعسكرات الشتات.
تواجه مخيمات اللاجئين في غزة أزمات مركبة، هل لديكم خطة للنهوض بواقعها المتردي؟هذه الأزمات ليست منفصلة عن أزمات غزة العامة جراء الحصار الخانق، وما يزيد من حدتها هي الأزمة المالية التي تعاني منها أونروا منذ سنوات، وأدت إلى تراجع حاد في كثير من الخدمات المقدمة للاجئين الذين يمثلون نحو 75% من مجمل سكان القطاع.
حماس تبذل جهوداً كبيرة لمعالجة أزمات غزة، ولكن الواقع أكبر من قدرات وإمكانيات الحركة، التي تبقى محاولاتها "تسكينية" وفق الإمكانيات المتاحة لها.
جانب من مخيم خان يونس للاجئين الفلسطينيين أحد 8 مخيمات بقطاع غزة (الجزيرة) أحد إفرازات هذه الأزمات وتداعياتها كان اندفاع الشباب نحو الهجرة، أليس كذلك؟لا شك أن الحياة قاسية في غزة، واستمرار الحصار وقيود الاحتلال لسنوات طويلة نشأ معها جيل من الشباب له حقوق يطالب بها وتطلعات يسعى إليها، وحماس لا تستطيع توفير سبل الحياة والوظيفة لهذه الأعداد الكبيرة من الشباب، رغم تفكيرها الدائم في الحلول وتواصلها مع دول الإقليم لتوفير فرص عمل آمنة للشباب سواء عبرها أو عبر السلطة الفلسطينية، إضافة إلى تشجيع الشباب للعمل عن بعد، ودعمها للمشاريع الصغيرة، وتوفير فرص عمل مؤقتة، بما يعزز الأمل في نفوسهم.
ووفق الأرقام الرسمية فإن هجرة الشباب من غزة لا تشكل ظاهرة، وأعداد العائدين إلى غزة أكبر من الخارجين منها، وهذه الهجرة ليست الأكبر على مستوى دول الإقليم، وسفر الكثير منهم بهدف الدراسة أو العمل وليست الهجرة بالمفهوم المتعارف عليه.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: اللاجئین الفلسطینیین للاجئین الفلسطینیین مخیمات لبنان اللاجئین فی عین الحلوة فی معسکرات فی لبنان حماس فی فی غزة
إقرأ أيضاً:
إعمار غزة أولاً ثم المصالحة الفلسطينية ثانياً
عمت مظاهر الفرح شوارع غزة مع سريان اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل بشكل رسمي، لكن مع بدء تقدم عدد من الأسر النازحة نحو الشمال واكتشاف حجم الدمار، بدأت التساؤلات تُطرح حول مستقبل القطاع.
ويتساءل الفلسطينيون في غزة عن مدى التزام المجتمع الدولي بدعمهم لتجاوز آثار الحرب، حيث لم يتبقَ في القطاع ما يكفي من مدارس، ومستشفيات، ومنازل، وسط مخاوف من إمكانية استئناف إسرائيل الحرب على القطاع تحت ذرائع مختلفة.وكان الجزء الشمالي من القطاع قبل الحرب، المركز النابض للحياة، نظراً لتطور بنيته التحتية وتواجد أغلب المؤسسات الحكومية والخدماتية فيه، وأظهرت الصور التي تناقلتها الوكالات الإعلامية العالمية صدمة المواطنين الفلسطينيين العائدين إلى الشمال من حجم الدمار الهائل الذي أصاب البنية التحتية والمباني نتيجة الضربات الإسرائيلية.
كما كشفت صور تم نشرها حجم الدمار الذي طال المستشفيات الثلاثة المتواجدة شمال القطاع، لا سيما مستشفى "كمال عدوان" الذي تعرض للحرق بشكل كامل، وقدَّر تحليل أجراه مركز الأقمار الاصطناعية التابع للأمم المتحدة أن أكثر من 69% من جميع المباني في غزة قد تضررت جراء الحرب التي استمرت 15 شهراً.
وبحسب وكالة الأونروا، فإن إعادة إعمار قطاع غزة وإعادة النازحين إلى منازلهم ستستغرق سنوات طويلة وتكلفة باهظة.
ووفقاً لتقرير نشرته وكالة "بلومبيرغ" قبل أشهر، فإن تكلفة إعادة إعمار غزة قد تتجاوز 80 مليار دولار، بالإضافة إلى 700 مليون دولار لإزالة 42 مليون طن من الأنقاض التي خلفتها الحرب.
وتصطدم آمال الغزيين باستعادة روتين حياتهم الطبيعية بتهديدات إسرائيلية باستئناف الحرب في أي وقت إذا لم تلتزم حركة حماس بشروط الاتفاق الموقع، فقد صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في وقت سابق أن الجيش الإسرائيلي مستعد لاستئناف العمليات العسكرية في غزة "إذا تطلب الأمر ذلك"، مشدداً على أن الهدف الرئيسي لا يزال إعادة الأسرى وتدمير بنية حماس.
وأوضح نتانياهو أن الرئيسين الأمريكيين، جو بايدن ودونالد ترامب، منحاه "دعماً كاملاً" لتحقيق هذه الأهداف.
ويزداد القلق داخل القطاع من احتمال أن يمنح ترامب حكومة نتانياهو الضوء الأخضر لإعادة مهاجمة القطاع في حال انهيار الاتفاق الحالي، بعد أن نجحت حركة حماس في استغلال الفرصة لتوقيع هذا الاتفاق قبل تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحكم رسمياً، لتجنب سيناريوهات مستقبلية أكثر تعقيداً.
وهناك شبه إجماع لدى الفلسطينيين على ضرورة التهدئة خلال الفترة المقبلة، والدفع باتجاه إعادة إعمار ما تم تدميره، لتثبيت وجود المواطنين الفلسطينيين على أرضهم.
وبحسب هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني، يبلغ عدد الأسرى الفلسطينيين داخل إسرائيل أكثر من 10,400 أسير، بينهم 600 محكوم بالمؤبد.
أخيراً وليس آخراً، تنفس الشعب الفلسطيني الصعداء بعد مرارة حرب هي الأشرس في تاريخه، وأصبحت الفرصة سانحة لكي تضمد غزة جراحها. فهل ستستغل حماس وفتح هذه اللحظة التاريخية لإبرام مصالحة بينهما، على أمل الاستفادة من الفرص القادمة في عهد إدارة الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب؟ الواقع يشير إلى أنه لا بديل عن سرعة إعادة الحياة إلى قطاع غزة عبر جهود إعادة الإعمار، ثم تنفيذ المصالحة الفلسطينية في أقرب وقت ممكن. فهل ستتخذ حماس وفتح هذه الخطوة؟ هذا ما ستجيب عليه الأيام القليلة القادمة.