الخليج الجديد:
2024-11-26@21:22:16 GMT

الاستشراق في سياقه الأمريكي

تاريخ النشر: 15th, September 2023 GMT

الاستشراق في سياقه الأمريكي

الاستشراق في سياقه الأمريكي

أهم ما بقى من الاستشراق القديم كان موقف العداء الثقافى لذلك «الشرق».

لغة الاستشراق ومفرداته تفضحان خطابًا ينضح ليس فقط بالعنصرية بل ينطوى على تعبيرات موحية وشديدة الانحياز.

نقلت أمريكا الاستشراق من علم لغويات وعلوم الأديان قديمًا إلى فروع العلوم الاجتماعية. وهي حولت المستشرق إلى «خبير»!

فى طبعته الأمريكية لا يحتاج المستشرق لتعلم اللغة، بل يتدرب فى أحد فروع العلوم الاجتماعية ثم يقوم بتطبيق نظرياتها الغربية على الشرق والإسلام والمسلمين!

يرجع الباحثون الغربيون من المستشرقين فى فهم الشرق ومخاطبتهم المسؤولين والمواطنين الغربيين، لمصادر غربية لا شرقية، ثم يعتبرون ذلك «الحقيقة» الثابتة عن الإسلام والشرق وأهله!

يتحدث الطب النفسي عن المنظومة القيمية العربية: إن «فن الخداع له مكانة متقدمة» فى الثقافة الإسلامية ولا قيمة للوقت فيها، وأن «الرغبة فى الثأر ذات أولوية، وإلا تقع النفس فى شعور مدمر بالعار»

«تحليل سلوك العرب» بدوريات الطب النفسى يزعم أن «الموضوعية» بعيدة تمامًا عن «سلوك» العرب، هكذا بالجملة! وأن العرب لهم- كلهم- سلوك واحد لأنهم «عرب»، فهم ليسوا كالبشر بينهم تعددية!

* * *

عرضت فى مقالات سابقة أهم ما جاء فى كتاب «الاستشراق» لإدوارد سعيد، فقلت إن إسهامه الحقيقى كان فى نقده للمنهج الذى يستخدمه المستشرقون، وفى فضحه لتلك المنظومة الفكرية التى تعيد إنتاج نفسها بنفسها.

وبدءًا من هذا المقال ستتضح للقارئ العلاقة بين تراث «سعيد» الفكرى ووقائع تدنيس القرآن كأحد تجليات التحيز الأيديولوجى، وهى سابقة على الإسلاموفوبيا.

فـ«سعيد» يقول إن الاستشراق كفرع من فروع «العلم» صارت له قوة «ذات أبعاد ثلاثة»، الشرق والمستشرق والقارئ الغربى العادى.

بمعنى أن الباحثين الغربيين من المستشرقين يرجعون، فى فهم الشرق ومخاطبتهم للمسؤولين الغربيين وللمواطن الغربى العادى، لمصادر غربية لا شرقية، ثم يعتبرون ذلك هو «الحقيقة» الثابتة عن الإسلام والشرق وأهله!

ثم يطرح «سعيد» مفارقات دخول الولايات المتحدة ساحة الاستشراق باعتبارها الإمبراطورية التى حلت محل الإمبراطوريات القديمة، فازداد اهتمامها بدراسة الشرق الأوسط. وظل الاستشراق القديم كما هو من حيث النموذج المعرفى والمنهجى.

أما ما أضافته أمريكا فكان نقل الاستشراق من علم لغويات وعلوم الأديان قديمًا إلى فروع العلوم الاجتماعية. وهى حولت المستشرق إلى «خبير»!

وفى هذا السياق، غدا المستشرق، فى طبعته الأمريكية، ليس بحاجة لتعلم اللغة مثلًا، وإنما يتدرب فى أحد فروع العلوم الاجتماعية ثم يقوم بكل بساطة بتطبيق نظرياتها الغربية على المنطقة، وعلى الإسلام والمسلمين!

لكن أهم ما بقى من الاستشراق القديم كان موقف العداء الثقافى لذلك «الشرق».

بل يقول «سعيد» إن المفارقة كانت أن اللغة العربية فى بدايات النصف الثانى من القرن العشرين لم تكن تُدَرّس إلا فى الكليات والمعاهد العسكرية الأمريكية لأسباب استراتيجية، ثم امتد تدريسها خارجها قليلًا لأغراض تتعلق بإضفاء «هالة الخبير» على المستشرق لأنها تُمكّنه من فهم تلك الشعوب «المتخلفة»!

لكن مع صعود الحرب الباردة حدث التوسع فى دراسة اللغة العربية فى أمريكا والغرب، ولكن التوسع لم يكن بهدف فهم العالم العربى، ولكنه كان بغرض الدعاية لأمريكا وللغرب باللغة العربية.

وفى هذه النسخة الأمريكية من الاستشراق، حسب «سعيد»، لا مكان أصلًا للأدب العربى والإسلامى، على الإطلاق، مما يغذى نزع الإنسانية. فالمنطقة وأهلها مجرد إحصاءات واتجاهات!

وغياب الأدب كاشف، فى تقديرى المتواضع، لأن الأدب ينبع من خبرات إنسانية وحياتية تقوض «الصور الكاريكاتورية المرسومة» لنا. ويوجه «سعيد» نقدًا لاذعًا للاستشراق فى ادعائه الحياد والموضوعية، وتبنيه «الفكرة الساذجة بأن الإنسان لا يلعب على الإطلاق دورًا فى تحديد المادة العلمية وتشكيل عمليات المعرفة».

فلغة الاستشراق ومفرداته تفضحان خطابًا ينضح ليس فقط بالعنصرية وإنما ينطوى على تعبيرات موحية وشديدة الانحياز.

وهنا لجأ «سعيد» لكتابات «كيسنجر» التى تنطوى فى شرحها لثقافة العالم الغربى مقابل العالم الإسلامى على ثنائيات تفاضل بين الغرب الذى ينحو لـ«الدقة» و«النظام»، والعالم الإسلامى الذى يميل للعكس.

وحتى فى دوريات الطب النفسى كان الحديث عن «تحليل سلوك العرب» يزعم أن «الموضوعية» بعيدة تمامًا عن «سلوك» العرب، هكذا بالجملة! هذا ناهيك عن أن العرب لهم- كلهم- سلوك واحد لأنهم «عرب»، فهم ليسوا كباقى البشر بينهم تعددية!

وهو أعطى مثالًا لمقال نُشر فى السبعينيات (التى نُشر فيها كتاب سعيد) فى إحدى دوريات الطب النفسى «الأكاديمية»، يتحدث عن المنظومة القيمية العربية، فيقول صراحة إن «فن الخداع له مكانة متقدمة» فى الثقافة الإسلامية ولا قيمة للوقت فيها، فضلًا عن أن «الرغبة فى الثأر ذات أولوية، وإلا تقع النفس فى شعور مدمر بالعار»!.

*د. منار الشوربجي أستاذ العلوم السياسية، خبيرة في الشأن الأمريكي

المصدر | المصري اليوم

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: العنصرية أمريكا الاستشراق الخبير العرب الإسلام المسلمين الموضوعية اللغة العربية الطب النفسي الثقافة الإسلامية

إقرأ أيضاً:

لو ابنك عنيد.. 5 نصائح لتعديل سلوك الطفل خلال أسابيع

العناد سمة شائعة عند الأطفال، وهو غالبًا ما يعبّر عن رغبتهم في الاستقلالية أو رغبتهم في لفت الانتباه، ورغم أنه قد يكون محبطًا في بعض الأحيان لدى الأمهات، إلا أنه يمكن التعامل معه بشكل إيجابي إذا تم فهم أسبابه واستخدام أساليب تربوية صحيحة، ولو ابنك عنيد.. 5 نصائح لتعديل سلوك الطفل خلال أسابيع نقدمها لك في السطور التالية مما يعزز علاقاتك به ويسهم في تنمية سلوكه بشكل صحي ومتوازن، وفق موقع «houstonfamilymagazine».  

لو ابنك عنيد.. 5 نصائح لتعديل سلوك الطفل خلال أسابيع

بعض الأمهات يعانين مع الصغار وبشكل خاص العند، وفيما يلي «لو ابنك عنيد» 5 نصائح لتعديل سلوك الطفل خلال أسابيع قليلة بشكل متوازن يحسن من سلوكه:

1- التحدث معه والاستماع باهتمام

الدكتورة صفاء محمود حمودة، أستاذ مساعد الطب النفسي بجامعة الأزهر، قالت إن أفضل طريقة من الـ 5 نصائح لتعديل سلوك الطفل خلال أسابيع هي تخصيص الأم وقتًا للتحدث مع الطفل ومحاولة فهم سبب عناده، «يجب أن تستمعي الأم لرأي الطفل دون مقاطعة، وتظهري له أنها تقدرين مشاعره، وهذا التواصل يعزز الثقة ويجعله أكثر استعدادًا لتقبل نصائحها».

2- وضع قواعد واضحة ومحددة

الأطفال بحاجة إلى حدود واضحة يعرفون ما يُسمح به وما يُمنع، وفي الـ 5 نصائح لتعديل سلوك الطفل خلال أسابيع، نصيحة بوضع قواعد للصغار: «تأكدي من شرح القواعد بطريقة بسيطة ومفهومة مع توضيح العواقب الإيجابية والسلبية»، كوني ثابتة في تطبيق القواعد لتجنب التشوش.

3- تعزيز السلوك الإيجابي بالمكافآت

وخلال تعديل سلوك الطفل العنيد ركزي على السلوكيات الجيدة وشجعيه عليها من خلال المكافآت البسيطة مثل كلمات الثناء أو منح وقت إضافي للعب، عندما يشعر بأن جهوده تُقدّر، سيكون أكثر حماسًا لتكرار السلوك الجيد.

4- تجنب العقاب القاسي أو الصراخ

العقاب الشديد قد يزيد من عناد الطفل ويؤثر سلبًا على نفسيته، وبدلاً من الصراخ، استخدمي طريقة العواقب الطبيعية، مثل تقليل وقت اللعب أو حرمانه من مشاهدة التلفاز عند السلوك السيئ.

5- القدوة الجيدة والسلوك الهادئ

الأطفال يتعلمون من خلال تقليد والديهم، لذا كوني قدوة في كيفية التعامل مع المواقف بهدوء وحكمة، إذا كنتِ هادئة في التعامل معه، سيتعلم منهجية التعامل مع المشكلات دون عناد أو انفعال.

مقالات مشابهة

  • محمد المزروعي ووزير الدفاع الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط يبحثان التعاون
  • مصادرتوضح لـCNN سبب زيارة المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط إلى السعودية
  • رئيس البرلمان العربي: الجامعة العربية بيت العرب ورمز وحدتهم 
  • رئيس البرلمان العربي: الجامعة العربية رمز وحدة العرب
  • “حماية اللغة العربية ضرورة”… ورشة تفاعلية في كلية الآداب بجامعة دمشق
  • الجامعة العربية تدين محاولات الكيان الإسرائيلي توسيع ممارساته العدوانية وتؤكد دعم العراق
  • السفير العكلوك: مجلس الجامعة العربية يستنكر الفيتو الأمريكي ويؤكد على تنفيذ مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت
  • لو ابنك عنيد.. 5 نصائح لتعديل سلوك الطفل خلال أسابيع
  • العكلوك : مجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين يستنكر الفيتو الأمريكي ويؤكد على تنفيذ مذكرتي إعتقال نتنياهو وغالانت
  • واشنطن بين رئيسين.. سياسة بايدن تترك الشرق الأوسط مشتعلًا.. ولا أمل في السلام الأمريكي