الخليج الجديد:
2025-01-31@20:11:23 GMT

الاستشراق في سياقه الأمريكي

تاريخ النشر: 15th, September 2023 GMT

الاستشراق في سياقه الأمريكي

الاستشراق في سياقه الأمريكي

أهم ما بقى من الاستشراق القديم كان موقف العداء الثقافى لذلك «الشرق».

لغة الاستشراق ومفرداته تفضحان خطابًا ينضح ليس فقط بالعنصرية بل ينطوى على تعبيرات موحية وشديدة الانحياز.

نقلت أمريكا الاستشراق من علم لغويات وعلوم الأديان قديمًا إلى فروع العلوم الاجتماعية. وهي حولت المستشرق إلى «خبير»!

فى طبعته الأمريكية لا يحتاج المستشرق لتعلم اللغة، بل يتدرب فى أحد فروع العلوم الاجتماعية ثم يقوم بتطبيق نظرياتها الغربية على الشرق والإسلام والمسلمين!

يرجع الباحثون الغربيون من المستشرقين فى فهم الشرق ومخاطبتهم المسؤولين والمواطنين الغربيين، لمصادر غربية لا شرقية، ثم يعتبرون ذلك «الحقيقة» الثابتة عن الإسلام والشرق وأهله!

يتحدث الطب النفسي عن المنظومة القيمية العربية: إن «فن الخداع له مكانة متقدمة» فى الثقافة الإسلامية ولا قيمة للوقت فيها، وأن «الرغبة فى الثأر ذات أولوية، وإلا تقع النفس فى شعور مدمر بالعار»

«تحليل سلوك العرب» بدوريات الطب النفسى يزعم أن «الموضوعية» بعيدة تمامًا عن «سلوك» العرب، هكذا بالجملة! وأن العرب لهم- كلهم- سلوك واحد لأنهم «عرب»، فهم ليسوا كالبشر بينهم تعددية!

* * *

عرضت فى مقالات سابقة أهم ما جاء فى كتاب «الاستشراق» لإدوارد سعيد، فقلت إن إسهامه الحقيقى كان فى نقده للمنهج الذى يستخدمه المستشرقون، وفى فضحه لتلك المنظومة الفكرية التى تعيد إنتاج نفسها بنفسها.

وبدءًا من هذا المقال ستتضح للقارئ العلاقة بين تراث «سعيد» الفكرى ووقائع تدنيس القرآن كأحد تجليات التحيز الأيديولوجى، وهى سابقة على الإسلاموفوبيا.

فـ«سعيد» يقول إن الاستشراق كفرع من فروع «العلم» صارت له قوة «ذات أبعاد ثلاثة»، الشرق والمستشرق والقارئ الغربى العادى.

بمعنى أن الباحثين الغربيين من المستشرقين يرجعون، فى فهم الشرق ومخاطبتهم للمسؤولين الغربيين وللمواطن الغربى العادى، لمصادر غربية لا شرقية، ثم يعتبرون ذلك هو «الحقيقة» الثابتة عن الإسلام والشرق وأهله!

ثم يطرح «سعيد» مفارقات دخول الولايات المتحدة ساحة الاستشراق باعتبارها الإمبراطورية التى حلت محل الإمبراطوريات القديمة، فازداد اهتمامها بدراسة الشرق الأوسط. وظل الاستشراق القديم كما هو من حيث النموذج المعرفى والمنهجى.

أما ما أضافته أمريكا فكان نقل الاستشراق من علم لغويات وعلوم الأديان قديمًا إلى فروع العلوم الاجتماعية. وهى حولت المستشرق إلى «خبير»!

وفى هذا السياق، غدا المستشرق، فى طبعته الأمريكية، ليس بحاجة لتعلم اللغة مثلًا، وإنما يتدرب فى أحد فروع العلوم الاجتماعية ثم يقوم بكل بساطة بتطبيق نظرياتها الغربية على المنطقة، وعلى الإسلام والمسلمين!

لكن أهم ما بقى من الاستشراق القديم كان موقف العداء الثقافى لذلك «الشرق».

بل يقول «سعيد» إن المفارقة كانت أن اللغة العربية فى بدايات النصف الثانى من القرن العشرين لم تكن تُدَرّس إلا فى الكليات والمعاهد العسكرية الأمريكية لأسباب استراتيجية، ثم امتد تدريسها خارجها قليلًا لأغراض تتعلق بإضفاء «هالة الخبير» على المستشرق لأنها تُمكّنه من فهم تلك الشعوب «المتخلفة»!

لكن مع صعود الحرب الباردة حدث التوسع فى دراسة اللغة العربية فى أمريكا والغرب، ولكن التوسع لم يكن بهدف فهم العالم العربى، ولكنه كان بغرض الدعاية لأمريكا وللغرب باللغة العربية.

وفى هذه النسخة الأمريكية من الاستشراق، حسب «سعيد»، لا مكان أصلًا للأدب العربى والإسلامى، على الإطلاق، مما يغذى نزع الإنسانية. فالمنطقة وأهلها مجرد إحصاءات واتجاهات!

وغياب الأدب كاشف، فى تقديرى المتواضع، لأن الأدب ينبع من خبرات إنسانية وحياتية تقوض «الصور الكاريكاتورية المرسومة» لنا. ويوجه «سعيد» نقدًا لاذعًا للاستشراق فى ادعائه الحياد والموضوعية، وتبنيه «الفكرة الساذجة بأن الإنسان لا يلعب على الإطلاق دورًا فى تحديد المادة العلمية وتشكيل عمليات المعرفة».

فلغة الاستشراق ومفرداته تفضحان خطابًا ينضح ليس فقط بالعنصرية وإنما ينطوى على تعبيرات موحية وشديدة الانحياز.

وهنا لجأ «سعيد» لكتابات «كيسنجر» التى تنطوى فى شرحها لثقافة العالم الغربى مقابل العالم الإسلامى على ثنائيات تفاضل بين الغرب الذى ينحو لـ«الدقة» و«النظام»، والعالم الإسلامى الذى يميل للعكس.

وحتى فى دوريات الطب النفسى كان الحديث عن «تحليل سلوك العرب» يزعم أن «الموضوعية» بعيدة تمامًا عن «سلوك» العرب، هكذا بالجملة! هذا ناهيك عن أن العرب لهم- كلهم- سلوك واحد لأنهم «عرب»، فهم ليسوا كباقى البشر بينهم تعددية!

وهو أعطى مثالًا لمقال نُشر فى السبعينيات (التى نُشر فيها كتاب سعيد) فى إحدى دوريات الطب النفسى «الأكاديمية»، يتحدث عن المنظومة القيمية العربية، فيقول صراحة إن «فن الخداع له مكانة متقدمة» فى الثقافة الإسلامية ولا قيمة للوقت فيها، فضلًا عن أن «الرغبة فى الثأر ذات أولوية، وإلا تقع النفس فى شعور مدمر بالعار»!.

*د. منار الشوربجي أستاذ العلوم السياسية، خبيرة في الشأن الأمريكي

المصدر | المصري اليوم

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: العنصرية أمريكا الاستشراق الخبير العرب الإسلام المسلمين الموضوعية اللغة العربية الطب النفسي الثقافة الإسلامية

إقرأ أيضاً:

وزير الرياضة يشهد احتفالية إعلان بغداد عاصمة الثقافة الرياضية العربية للعام ٢٠٢٥

شهد الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، ورئيس المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الشباب والرياضة العرب، احتفالية إعلان بغداد عاصمة الثقافة الرياضية العربية للعام ٢٠٢٥، وذلك بحضور المهندس حيّان عبدالغني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير النفط في جمهورية العراق، والسفيرة الدكتورة/ هيفاء أبو غزالة الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، رئيس قطاع الشئون الاجتماعية، والدكتور أحمد المبرقع وزير الشباب والرياضة العراقي، ولفيف من وزراء الشباب والرياضة العرب، والإعلامي أشرف محمود رئيس الاتحاد العربي للثقافة الرياضية.

صبحي: اختيار بغداد عاصمة للثقافة الرياضية العربية للعام ٢٠٢٥، هو اختيار صادف أهله، فهي مدينة الشعراء والحكماء والأدباء
 
 

وخلال كلمته، قال وزير الشباب والرياضة:"إنه لمن دواعي سروري أن أكون معكم في هذه اللحظة التاريخية التي تجتمع فيها أسرة وزارات الشباب والرياضة العرب على أرض الرافدين العراق وفي عاصمتها العزيزة بغداد صاحبة الاسم الضارب في جذور التاريخ، فهي مدينة السلام، ومدينة الأبواب الأربعة التي تستقبل زائريها بالحب والحفاوة، مدينة الشعراء والحكماء والأدباء، والتي تمكنت بما قدمته من خدمة للعلم من خلال مدارسها التاريخية، أن تحفر اسمها في كتب التاريخ جنباً إلى جنب مع منارات العالم". 
 
وأضاف :"إن لبغداد مكانة عظيمة في تاريخ العرب اذ كانت مقر حكم الدولة العباسية، في حقبة تاريخية شهدت امجاداً عربية، وها نحن اليوم نجتمع معاً لنحتفل ببغداد عاصمة للثقافة الرياضية العربية للعام ٢٠٢٥، وهو اختيار صادف أهله، كما هو حال هذه الجائزة التي يرعاها مجلس وزراء الشباب والرياضة العرب منذ تقديم فكرتها من قبل الاتحاد العربي للثقافة الرياضية وانطلاق نسختها الأولى في إمارة الشارقة في العام2022، وكانت الجزائر عاصمة النسخة الثانية في العام ٢٠٢٣، وبعدها الاقصر في عام ، وها نحن مع النسخة الرابعة في بغداد ٢٠٢٥".
 
أكد الدكتور أشرف صبحي على أن جائزة الثقافة الرياضية العربية وسيلة مهمة للتأكيد على الهوية العربية وحفظ تراثها الثقافي، والتأكيد على قدرة الرياضة والثقافة في تحقيق التنمية المستدامة للمدن. 
 
وقدم رئيس المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الشباب والرياضة العرب التهنئة لبغداد وللشباب العربي الذي يشارك في أنشطة فعالياتها، متمنياً لهم طيب الإقامة والاستمتاع بالحضارة العراقية ومد جسور التواصل مع أشقاءهم، فالثقافة جسر شيده المثقفون والحكماء ليلتقي عليه البشر ويحدث التكامل الذي يفيد البشرية. 
 
 وفي ختام كلمته، قال وزير الشباب والرياضة:"أتوجه بالشكر الجزيل لأخي معالي الدكتور أحمد المبرقع وزير الشباب والرياضة بجمهورية العراق على ما وجدناه من حسن استقبال وكرم ضيافة ليس غريبين عن العراق وأهلها، متمنياً لأمتنا العربية أن تنعم بالأمن والأمان".
 
ومن المقرر أن يترأس الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة غداً الجمعه أعمال الدورة الـ48 لمجلس وزراء الشباب والرياضة العرب.

جدير بالذكر أن الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة ورئيس المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الشباب والرياضة العرب قد ترأس اجتماع الدورة (71) للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الشباب والرياضة العرب، صباح اليوم، عقب وصوله للعاصمة العراقية بغداد.

مقالات مشابهة

  • وفد رفيع من الجامعة العربية يتابع استعدادات العراق لقمة القادة والزعماء العرب
  • اجتماعات مكثفة لوزير الخارجية غدا مع عدد من نظرائه العرب وأمين عام الجامعة العربية
  • تولسي غابارد: الغزو الأمريكي للعراق استند إلى الأكاذيب
  • مستشار للرئيس الأمريكي: ترامب بصدد وضع حد للنفوذ الإيراني في الشرق الأوسط
  • بغداد تتوج عاصمة للثقافة الرياضية العربية 2025 بحضور وزراء الشباب والرياضة العرب
  • وزير الشباب يشهد احتفالية إعلان بغداد عاصمة الثقافة الرياضية العربية للعام ٢٠٢٥
  • وزير الشباب يشهد احتفالية إعلان بغداد عاصمة الثقافة الرياضية العربية
  • وزير الرياضة يشهد احتفالية إعلان بغداد عاصمة الثقافة الرياضية العربية للعام ٢٠٢٥
  • الاهلي يتجاهل "امح" فاكهة مشجعيه .. ماعلاقة ريهام سعيد ؟
  • جامعة برج العرب التكنولوجية تبحث سبل التعاون مع الغرفة الألمانية العربية للصناعة والتجارة