انهيار المناخ كحافزٍ لتحييد الصراعات الجيوسياسية

تقارير متخصصة تؤكِّد أن السنة الحالية هي الأكثر سخونة منذ أُنشئ سجل درجات الحرارة في العالم.

أفريقيا هي الأكثر تأثراً بتقلّبات المناخ، لذلك علت الأصوات مستحثةً زيادةَ التمويل لمساعدتها على التصدّي لـ«الخسائر والأضرار» التي سيُنشأ صندوق خاص بها.

لم تكد بلدان تفرغ من إطفاء الحرائق حتى دهمتها السيولُ، ولا شك في أن المكافحة تتطلب الكثير من موارد الحكومات المعنيّة خلال الكوارث وما بعدها.

حتى الحروب والصراعات، التي لا تغيب عن الأجندات، تكاد تصبح ثانوية أمام الخطر الذي باتت تمثّله الطبيعة كنتيجة للأخطار التي تعرّضت لها على أيدي بعض البشر.

لعل ارتفاع الحرارة بشمال الأرض يشكّل حافزاً على العمل باعتباره ظاهرة «غير مسبوقة» ودليل على أن تغيّر المناخ لم يعد احتمالاً متوقّعاً بل واقعاً يتسارع نحو الأسوأ.

* * *

يتطلّع معظم دول العالم إلى أن يكون مؤتمر المناخ في دبي «كوب 28» فاصلاً في الجدل المستمر منذ حوالي ثلاثة عقود حول سبل مواجهة التغيّر المناخي.

كل المبادرات المطلوبة دُرست ونُوقشت عاماً بعد آخر وأصبحت معروفة ومثبتة في جدول الأعمال، لكن ينقصها التوافق، ومن ثمَّ القرار، ثم الالتزام خصوصاً من جانب الدول الصناعية الكبرى المسؤولة عن 80 في المئة من الانبعاثات التي أساءت إلى الطبيعة وتسبّبت باحترار بات ملموساً جداً.

فالأمين العام للأمم المتحدة حذّر في القمة الأفريقية الأولى للمناخ في نيروبي من أن «انهيار المناخ قد بدأ بوتيرة أسرع من القدرة على مواجهتها»، وهناك تقارير متخصصة سبقته أو واكبته مؤكِّدةً أن السنة الحالية هي الأكثر سخونة منذ أُنشئ سجل درجات الحرارة في العالم.

انتهى الصيف بحرائقه التي التهمت آلاف الهكتارات من الغابات، وبفيضاناته وأعاصيره التي قتلت عشرات الأشخاص وأتلفت مساحات واسعة من العمران والزرع.

لم يكد بعض البلدان يفرغ من إطفاء الحرائق حتى دهمته السيولُ، ولا شك في أن عمليات المكافحة تتطلب الكثير من موارد الحكومات المعنيّة خلال الكوارث وما بعدها، لذا تبرز الحاجة إلى الاستثمار في المبادرات الوقائية الاستباقية، على غرار ما سعت وتسعى إليه مؤتمرات المناخ، لكن بطء «الاعتراف بالمناخ على حقيقته»، وفقاً للمبعوث الأميركي للمناخ جون كيري، بات مكلِّفاً جداً للحياة والحضارة البشريتين.

ولعل ارتفاع الحرارة في الجزء الشمالي من الأرض يشكّل حافزاً على العمل، باعتباره ظاهرة «غير مسبوقة» صنّفها الخبراء دليلاً على أن تغيّر المناخ لم يعد احتمالاً متوقّعاً بل واقعاً يصعب تجاهله، وهو يتسارع نحو الأسوأ.

كل فعاليات هذا الخريف، من قمة نيروبي إلى قمة العشرين إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة إلى مؤتمر «كوب 28»، تتمحور حول المناخ.

حتى الحروب والصراعات، التي لا تغيب عن الأجندات، تكاد تصبح ثانوية أمام الخطر الذي باتت تمثّله الطبيعة كنتيجة للأخطار التي تعرّضت لها على أيدي بعض البشر. في نيروبي كان هناك تشديد على أن أفريقيا هي الأكثر تأثراً بتقلّبات المناخ، لذلك علت الأصوات مستحثةً زيادةَ التمويل لمساعدتها على التصدّي لـ«الخسائر والأضرار» التي سيُنشأ صندوق خاص بها.

وكان هناك تأكيد على أن الطاقة الخضراء، المتجددة النظيفة، هي البديل والأمل والرهان على المستقبل. لكن العديد من المختصّين يلفتون إلى أن العالَم يواجه الآن هذا «المستقبل» الذي يخشاه وما يزال «البديل» بعيد المنال، ولا أحد يستطيع القول متى يصبح «الأمل» حقيقة. بين أهداف قمة العشرين أن تُضاعِف قدرات الطاقة المتجددة ثلاث مرات عمّا هي عليه حالياً.

ويُفترض أن يمثّل هذا الهدف تقدماً ولو متأخراً في السباق الذي بدأ مع الطبيعة والزمن، لكن العبرة بالتنفيذ، إذ أظهرت التجاربُ مع كل مراجعة تلكؤاً في تطبيق الأهداف المحددة.

وربما جاء التحذير الأهم على لسان «فاتح بيرول»، رئيس الوكالة الدولية للطاقة، إذ دعا الولايات المتحدة والصين إلى «وضع توتراتهما الجيوسياسية والاقتصادية جانباً خلال قمة كوب 28»، لأن الصراعات تجعل التعاون أكثر صعوبة ولا تنهي البطء الشديد في الحدّ من ارتفاع حرارة الأرض، وبالتالي لجعل الطاقة النظيفة «قضية مركزية» للعالم.

*عبد الوهاب بدرخان كاتب صحفي لبناني

المصدر | الاتحاد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: المناخ كوارث حرائق أعاصير سيول فيضانات الصين الولايات المتحدة الحروب والصراعات التغير المناخي الطاقة الخضراء هی الأکثر ر المناخ على أن

إقرأ أيضاً:

حل لغز سبب انقراض الحيوانات الضخمة قبل 50 ألف سنة!

أثار سبب انقراض الماموث الصوفي، وحيوان الكسلان العملاق، وأنواع أخرى من الحيوانات الضخمة آكلة النباتات، منذ نحو 50 ألف عام، حيرة العلماء لفترة طويلة.

وجادل بعض علماء الحفريات وعلماء الأحياء وغيرهم بأن أحداث تغير المناخ الجذرية خلال العصرين الجليديين الماضيين كانت مسؤولة عن انقراض هذه المخلوقات الضخمة، لكن دراسة جديدة ركزت على مسبب مختلف، وهو البشر.

إقرأ المزيد المغرب.. اكتشاف مخلوق "استثنائي" من عصور ما قبل التاريخ

وتوصلت مراجعة شاملة تجمع بين بيانات المناخ القديم، وعينات الحمض النووي المحفوظة، والأدلة الأثرية، وأكثر من ذلك، إلى أن "الافتراس البشري" من الصيادين وجامعي الثمار الأوائل هو التفسير الأكثر دعما بجميع الأدلة المتاحة.

وخلص الفريق في دراستهم الجديدة إلى أن "هناك دعما قويا وتراكميا للضغوط المباشرة وغير المباشرة من البشر المعاصرين سلوكيا".

وقال العلماء إن البشر كانوا "المحرك الرئيسي" وراء انقراض هذه الأنواع.

ويشير العلماء إلى الحيوانات الكبيرة التي تُعرف بأنها أي شيء يزيد وزنه عن 45 كغ، باسم "الحيوانات الضخمة". وقد تسببت معدلات انقراضها الأعلى من المتوسط ​​في العصور الحديثة في إثارة القلق والانبهار.

وقام سفينينغ، الذي يقود مركز الديناميكيات البيئية في المحيط الحيوي الجديد (ECONOVO) التابع لمؤسسة البحوث الوطنية الدنماركية بجامعة آرهوس، بإدارة فريق من سبعة باحثين آخرين ساعدوا في تجميع الدراسة الجديدة.

وقد ساعدت مجموعة مثيرة للاهتمام من القطع الأثرية والأدلة المادية من السجل الأثري في تعزيز استنتاجاتهم التي نشرتها مجلة Cambridge Prisms: Extinction.

إقرأ المزيد أداة بيولوجية قوية لمكافحة تغير المناخ!

وتشير الفخاخ القديمة، التي صممها بشر ما قبل التاريخ لاصطياد الحيوانات الكبيرة جدا، بالإضافة إلى تحليلات العظام البشرية وبقايا البروتين على الرماح، إلى أن أسلافنا كانوا يصطادون ويأكلون بعضا من أكبر الثدييات الموجودة حولنا.

وكشف سفينينغ: "هناك نمط مهم آخر يجادل ضد دور المناخ وهو أن انقراض الحيوانات الضخمة الأخيرة ضرب بنفس القدر في المناطق المستقرة مناخيا كما هو الحال في المناطق غير المستقرة".

ولكن في حين أن تعرض المنطقة لتغير المناخ لم يلعب أي دور في هذه الانقراضات، إلا أن فريق سفينينغ ووجد أن الهجرة الوافدة للصيادين البشريين لعبت دورا.

ويُظهر السجل الأحفوري أن هذه الأنواع الكبيرة انقرضت في أوقات مختلفة جدا وبسرعات متفاوتة إلى حد كبير، حيث انخفض عدد بعضها بسرعة كبيرة والبعض الآخر بشكل تدريجي، وفي بعض الحالات خلال 10 آلاف عام أو أكثر.

والقليل من هذه الانقراضات تتطابق جيدا مع السجلات المناخية من هذه الفترة الزمنية، المعروفة باسم العصر الرباعي المتأخر، والذي يشمل نهاية عصر البليستوسين، والعصرين الجليديين الماضيين، وفجر عصر الهولوسين قبل 11700 عام.

لكن العديد من هذه الانقراضات كانت مرتبطة بظهور الإنسان الحديث.

وأشار سفينينغ إلى أن "البشر المعاصرين الأوائل كانوا صيادين فعالين حتى لأكبر أنواع الحيوانات، وكان لديهم بوضوح القدرة على تقليل أعداد الحيوانات الكبيرة".

مضيفا: "كانت هذه الحيوانات الكبيرة معرضة بشكل خاص للاستغلال المفرط لأنها تتمتع بفترات حمل طويلة، وتنتج عددا قليلا جدا من النسل في المرة الواحدة، وتستغرق سنوات عديدة للوصول إلى مرحلة النضج الجنسي".

المصدر: ديلي ميل

 

مقالات مشابهة

  • 4 عمليات في أربعة بحار.. اليمن يثبت حدود التغييرات الجيوسياسية لـ طوفان الأقصى
  • حل لغز سبب انقراض الحيوانات الضخمة قبل 50 ألف سنة!
  • «مركز المناخ»: ارتفاع قياسي في الحرارة بدءًا من اليوم حتى السبت المقبل
  • 4 عمليات في 4 بحار.. اليمن يثبت حدود التغييرات الجيوسياسية لـ “طوفان الأقصى”
  • الكرز المغربي.. هل يختفي بسبب تغيّر المناخ؟
  • بعد ارتفاع أسعاره.. منتجو زيت الزيتون يضاعفون جهودهم لمواجهة تأثيرات تغير المناخ
  • فيروس عملاق قد يحمي البشرية من الغرق بسبب تغير المناخ.. العلماء في حيرة
  • تجار الموت.. صادرات الاحتلال من الأسلحة تغذي الصراعات الدموية في العالم
  • أسعار زيت الزيتون في ارتفاع بسبب تغير المناخ مع بطء في العثور على حلول
  • مخاوف من تأثير تغير المناخ على إنتاج الزيتون في إسبانيا