جولة مفاوضات جديدة في أخطر مرحلة
تاريخ النشر: 15th, September 2023 GMT
يمانيون – متابعات
على وقع التحذيرات المتصاعدة من صنعاء واقتراب الفرصة الأخيرة من خط النهاية، حطّ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في مسقط قادماً من نيودلهي بعد قمة العشرين، في زيارة وصفت بـ “الخاصة”. ويبدو أن لها صلة بالملف اليمني، باعتبار ما تقوم به السلطنة من جهود وساطة لإنقاذ ما تبقّى من فرص السلام، فيما من المقرّر وفق مصادر سياسية مطلعة أن يتوجّه وفد عماني الخميس برفقة الوفد الوطني إلى صنعاء، تمهيداً لجولة مفاوضات مقبلة في إحدى العواصم الخليجية لم يعلن عنها حتى اللحظة.
وفي هذا الشأن كشفت مصادر على صلة بالمفاوضات أن الرياض طلبت من صنعاء تشكيل وفدها للجولة المقبلة، المحتمل أن تكون مباشرة بين صنعاء والرياض، فيما تجد حكومة المرتزقة نفسها خارج المعادلة التفاوضية تماماً، رغم حديثها عن ضرورة تشكيل وفد لها مكوّن من الفصائل المنقسمة والمتباينة.
هذا الحراك الدبلوماسي والسياسي يأتي عقب أيام من حديث صنعاء على لسان الرئيس المشّاط عن امتلاك أسلحة جديدة متطورة، تستطيع القوات المسلحة إطلاقها من أي نقطة في اليمن إلى أي نقطة في دول العدوان، وكشفه عن تجربة بحرية ناجحة أربكت حسابات القوات المعادية في البحر. ويبدو أن صبر صنعاء نفد، وأنها باتت ترى لزاماً تفعيل العمليات الاستراتيجية ما لم تصل المفاوضات إلى حلول عادلة للملفات الإنسانية، وفي مقدّمتها ملف الرواتب ورفع الحصار، وكل ما يتصل بالملفات الإنسانية.
وحتى لا نبقى في أرجوحة التفاوض من دون حسم للملفات الإنسانية منذ قرابة العام ونصف العام، يفترض أن تكون سلطنة عمان نجحت في إقناع ولي العهد السعودي بتنفيذ المحدّدات اللازمة للسلام، وتلك هي الضامن الحقيقي لعدم تجدّد دورة التصعيد، وإلا فإن صنعاء في حِلّ من أمرها لتفعيل معادلاتها الاستراتيجية الرادعة، وقد باتت تملك أسلحة متطورة ربما تكشف عن بعضها خلال الأسابيع القليلة المقبلة والحاسمة، وفق بعض التسريبات.
رسائل تحذيرية في البحر
بعيداً عن التسريبات، يبدو أن القوات المسلحة اليمنية نجحت في إيصال رسائلها عملياً إلى القوات المعادية في البحر، كرسائل تحذيرية تمهّد لما هو أكبر وأوسع وأشد إيلاماً، إن لم تحصل انفراجة في الملفات العالقة، وتتوقّف الأعمال العدائية من قبل تحالف العدوان.
وفي هذا السياق كشف الرئيس المشّاط خلال الأيام الماضية، من محافظة عمران، عن عملية نوعية نفّذتها القوات المسلحة بأحدث ما وصلت إليه القوة الصاروخية من تقنيات وقدرات. وهنا من المفيد الإشارة إلى بعض التجارب التي أجرتها القوات اليمنية على أسلحة لم يكشف عنها بعد، وحقّقت نجاحات مهمة.
وآخر تلك التجارب تمت في نهاية أغسطس المنصرم، وأربكت القوات المعادية في البحر، باستهداف السفينة الحربية الأميركيةUSS Indianapolis (LCS-17)) في البحر، بحسب ما أعلنه الرئيس المشّاط قبل أيام من محافظة عمران، وأضافت مصادر أنه تمّ إجبار السفينة الحربية الأميركية على الابتعاد عن المياه الإقليمية اليمنية بينما كانت ترافق سفينة حربية أخرى تتبع البحرية الإيطالية وتدعى (آي تي إس لويجي ريزو إف 595)، بحسب ما كشفه حساب (القوات البحرية المشتركة) في منصة إكس، وهي القوة البحرية التي أنشأتها وتقودها الولايات المتحدة في منطقة البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.
هذه التجربة التحذيرية ليست سوى رأس الجليد، وجزء من الوعيد اليمني، وربما قد نكون أمام عمليات مشابهة أكثر، أقسى، وأنكى ضد الدول التي تصرّ على مواصلة حصار اليمن، وتعميق معاناة اليمنيين.
وصنعاء سبق أن أعلنت بأنها لا تشكّل تهديداً وخطراً على الملاحة الدولية في البحر الأحمر، وأن الذي يشكّل خطراً على الملاحة الدولية هو إجراءات العدوان الوحشية، والتهرّب من التزامات المرحلة، بما فيها الحصار وملف الرواتب والقضايا الإنسانية، التي يشكّل تعطيلها عامل تفجير لمرحلة خفض التصعيد.
وفي المعادلة فإن على السعودي أن يدرك بأن السلام في اليمن هو الممر الإجباري لأيّ طموح اقتصاديّ، وأنه لا يمكنه بناء سكك حديدية ومشاريع تنمية واستثمارية، وشراكات إقليمية وعالمية من دون ذلك.
المأمول من جولة المفاوضات الجديدة
نأمل أن تكون الزيارة وجولة المفاوضات المرتقبة في إحدى العواصم الخليجية فرصة لحلحة الملفات والتهيئة لما بعدها، لأن الاستقرار والأمن مصلحة مشتركة للجميع، وألا تبقى مرحلة خفض التصعيد بلا أفق واضح، وبلا زمن محدّد ومفتوحة على المجهول، وألّا تتحوّل إلى أمر واقع، مع استمرار الحصار، والعبث بجغرافية اليمن بكل أريحية، وتعزيز الحضور العسكري الأجنبي بدلاً من الانسحاب، وكأنّ اليمن بلد مشاع ومستباح.
على عكس ما كان يأمله البعض من أن تحالف العدوان بعد أن وصل إلى طريق مسدود وفشل في الخيار العسكري، لربما أكرهه الفشل المرير، وضرورات المرحلة اقتصادياً واستثمارياً، وطبيعة المتغيّرات الدولية، وفرضت عليه مقاربات جديدة تفضي إلى إحلال السلام في اليمن، لكنّ شيئاً من ذلك لم يتحقّق حتى اللحظة. فلا الثروة سخّرت لصالح المرتبات والخدمات، ولا ملف الأسرى تمّ حلّه، ولا دول العدوان أعادت الإعمار ورفعت الحصار، ولا القوات الأجنبية انسحبت من اليمن.
وتتنامى المخاوف من عدم جدية تحالف العدوان في حل هذه الملفات في الأمد المنظور، لأننا أمام عدو يريد أن يكسب بالدبلوماسية ما فشل في تحقيقه بالحرب المدمّرة، ويشجّعه على تجميد الملف اليمني وتجميد الحلول، جمود العمليات العسكرية الاستراتيجية باتجاه العمق الاستراتيجي والحيوي وعصب اقتصاده.
صنعاء: خيارات الضرورة
إذا لم يكتب للجولة المرتقبة النجاح، وبقيت المرحلة الراهنة على حالها من دون أي خطوات إيجابية، فمن المتوقّع، بل من المحسوم، أن القيادة وصلت إلى قناعة تامة بإنهاء مرحلة خفض التصعيد كخيار ضرورة. والسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي سبق وحسم الموقف، وقالها بكل وضوح في خطاب الخامس والعشرين من محرّم بذكرى استشهاد الإمام زيد، بأنه لا يمكن السكوت والقبول ببقاء المرحلة وتفعيل الخطة “باء”، في إشارة إلى استراتيجية التحالف الهادفة لـ “تفجير الوضع من الداخل”، في ظل انقطاع المرتبات، وتفاقم الوضع الإنساني والاقتصادي.
أما في حال أصرّ العدوان على هذه الاستراتيجية وفشلت الجهود مجدداً، أعتقد بأن السيد القائد سيحسم الموقف في ذكرى المولد النبوي خلال الأيام المقبلة، وربما يكون له موقف مختلف وأبعد مما جاء في خطاب محرّم، خصوصاً أن الوسيط العماني مُنح من الوقت ما فيه الكفاية، ودول العدوان هي الأخرى منحت من الوقت ما فيه الكفاية، والقادم مبشّر إن شاء الله بإنهاء وتبديد كل آمال تحالف العدوان ورهاناته على إسقاط اليمن من الداخل.
ونحن هناك لسنا من عشّاق الحرب ودعاتها، لكن لسنا من أنصار الانتظار السلبي إلى أن يحل الفأس في الرأس، ويجني العدوان ما يريده من بقاء هذه المرحلة الخطرة، ونحن في حالة علّ وعسى، وسوف وربما، فالحكمة ليست في الصمت ولا في الانتظار، بل في انتزاع حقوق الشعب واستحقاقاته بكل ما هو ممكن ومتاح من قوة، وما هو متاح وممكن فيه الكفاية لإعادة الأمور إلى نصابها.
وإذا أراد اليمنيون أن يسلموا من شر دول العدوان فعليهم العمل بالمثل الأميركي القائل: إذا أردت السلام فاحمل السلاح، إذا كنت تريد السلام فاحمل السلاح، إذا كان اليمنيون يريدون السلام فليتحدَّوا أميركا، وليرفعوا السلاح بوجهها ووجه أدواتها، ساعتئذ ستعدّل ومعها أدواتها في الإقليم مقارباتها ومنطقها من اليمن ومع اليمن.
الميادين / علي ظافر
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: تحالف العدوان فی البحر
إقرأ أيضاً:
اليوم الـ435 للعدوان على غزة | مفاوضات دولية لإرساء هدنة
يستمر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، لليوم الـ435 على التوالي، حيث قصفت قوات الاحتلال الإسرائيلي، منازل فلسطينية، فيما أعلنت مصادر طبية، ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 44 ألفا و875 شخصا، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، منذ بدء العدوان في السابع من أكتوبر 2023.
العدوان الإسرائيلي على قطاع غزةوفي هذا الصدد، يقول الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، إن المفاوضات والتحركات التي تقوم بها القاهرة وتشكيل لجنة الإسناد المجتمعي، تهدف لتحريك المشهد الراكد وعدم إعطاء فرصة للاحتلال بالتذرع بعدم وجود تمثيل فلسطيني.
وأضاف فهمي- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن القاهرة تتحرك بمسئولية قومية كبيرة لتوصيل المساعدات الإنسانية، ولإيجاد سلطة تمثل الشعب الفلسطيني على الأرض.
ومن جانبه، قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جاك سوليفان، إنه بلاده قريبة من التوصل إلى صفقة في غزة خاصة بعد التطورات الأخيرة بالمنطقة، وأضاف أن كل الخيارات مطروحة على الطاولة لضمان ألا تحصل إيران على السلاح النووي.
واستمر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، أمس الجمعة، لليوم الـ435 على التوالي، حيث قصفت قوات الاحتلال منازل فلسطينية، فيما أعلنت مصادر طبية ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 44 ألفا و875 شخصا، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، منذ بدء العدوان في السابع من أكتوبر 2023.
أبو مازن: الهدنة في قطاع غزة تتطلب تفاوضا مع السلطة الفلسطينيةالاحتلال ينسف عددا من المباني السكنية في النصيرات وسط قطاع غزةحصيلة الإصابات على قطاع غزةوأضافت المصادر ذاتها، أن حصيلة الإصابات ارتفعت إلى 106 آلاف و454 جريحًا، منذ بدء العدوان، في حين لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض.
وأفادت وسائل إعلام فلسطينية، بأن طيران الاحتلال الإسرائيلي نفذ غارة عنيفة على حي الكرامة شمال غربي مدينة غزة شمالي القطاع.
وشددت على سقوط شهداء ومصابين في قصف لقوات الاحتلال الإسرائيلي استهدف مدرسة تؤوي نازحين في شارع يافا شمال شرقي مدينة غزة، الإضافة إلى نسف عدد من المباني السكنية في النصيرات وسط قطاع غزة، وبيت لاهيا.
وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، قصف أهداف بمدينة غزة بزعم تبعيتها لمسلحين كانوا يخططون لتنفيذ عمليات ضد قواته في القطاع.
وفي السياق نفسه، استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم، "جيك سوليفان" مستشار الأمن القومي الأمريكي و"بريت ماكجورك" منسق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمجلس الأمن القومي الأمريكي، بحضور الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، وحسن رشاد رئيس المخابرات العامة، والسفيرة الأمريكية بالقاهرة "هيرو مصطفى جارج".
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية أن اللقاء تناول مستجدات الأوضاع الإقليمية، حيث تم استعراض جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة، حيث شدد الرئيس على أهمية التحرك العاجل لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، خاصةً مع دخول فصل الشتاء، وتم التأكيد على حل الدولتين باعتباره الضمان الأساسي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.
ومن جانبه، أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، اليوم السبت، أن التفاوض على الهدنة في لبنان تم عبر وساطة أمريكية فرنسية، بينما الهدنة في قطاع غزة تتطلب تفاوضا مع السلطة الفلسطينية.
وقال الرئيس الفلسطيني، خلال حوار مع وسائل إعلام إيطالية: "لا نريد الانتقام من الحكومة الإسرائيلية، بل استخدام الوسائل السياسية والدبلوماسية والقانونية ونحترم قرارات المحاكم".
وأوضح عباس أنه ناقش مع الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب قضية إنهاء الحرب والتوصل لسلام دائم بمشاركة السعودية.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، لعائلات الرهائن الذين ما زالوا في الأسر بقطاع غزة، أمس الجمعة، إن المفاوضات جارية، وإن هناك فرصة أكبر من أي وقت مضى للتوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن.
حماس: هناك فرصة لإعلان وقف إطلاق النار في غزة قبل تنصيب ترامبوزير الصحة: جهود عربية حثيثة لتوفير الرعاية الصحية لأهالي غزة