البوابة نيوز:
2024-07-01@19:03:28 GMT

الأحزاب والحوار الوطني

تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT

 

لا ديمقراطية بدون أحزاب ولا أحزاب بدون تعددية.. ولذلك أقر الدستور المعدل عام ٢٠١٩ وجود أحزاب. ففى المادة الخامسة يقر الدستور بالتعددية الحزبية والسياسية والتداول السلمى للسلطة. كما جاء بالمادة ٧٤ الحق فى تكوين الأحزاب بالإخطار حسب القانون على ألا تقام أحزاب على أساس ديني أو طائفي أو جغرافي.. إلخ. ويكون الحق لكل مواطن أن يختار الحزب الذى يتوافق مع موقفه السياسي ويحقق مصالحه.

 

نعم بدأت إرهاصات التجربة الحزبية المصرية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. ولكن كانت التجربة منقولة ومستنسخة من التجارب الحزبية الأوروبية بعد النقلة النوعية التي أحدثتها الحملة الفرنسية. وبالطبع لم تكن الحياة السياسية المصرية حينها قد تهيأت لممارسة الحياة الحزبية بالصورة السياسية الواجبة، لأننا لانستطيع أن نفصل بين الحياة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية بعاداتها وتقاليدها وبين الحياة السياسية التي لم تعرف غير الخضوع المطلق للحاكم تحت أى مسمى. وكان ذلك نتاج حياة مصرية قديمة تأثرت بموروث يعلى الحاكم ويقدسه إضافة إلى كل الحملات الاستعمارية المستبدة التى كانت تؤكد هذا المسار. لذا وجدنا التجربة الحزبية تعتمد على الفرد وتقدس الزعامة الشخصية بعيدًا عن أى مفهوم حزبى أو سياسى يعتمد على برنامج ورؤية سياسية وحزبية تمثل مصالح الجماهير. وللأسف استمر الوضع طوال الوقت يعتمد على الزعامات الشخصية مع بعض التغيرات الشكلية التى لم تغير أى مضمون. وكان نتيجة ذلك ولأسباب أخرى تخص رؤية كل نظام سياسى للحياة الحزبية بين المنع والمنح الذى لم يتجاوز الدور الديكورى فى كل الأحوال. ولذا نجد هذا العدد من الأحزاب التى لا يعرفها أحد ولا هى تعرف أصلًا هويتها السياسية التى تتطابق مع برنامجها الحزبى الذى تم صياغته من متخصصين بالأجر حتى يمكن تمرير الموافقة على الحزب. فطبيعى هنا أن تنفصل هذه الأحزاب عن الشارع السياسي ناهيك عن تلخيص أدوارها فى نفاق السلطة (لا نقول تأييد السلطة) أملًا فى الحصول على بعض المقاعد التشريعية الشئ الذى لا يفيد السلطة ولا يفيد تلك الأحزاب ففقدت دستورية وقانونية تواجدها. هنا وعلى كل الأحوال وبعد حالة استقرار الدولة وبعد عودة الأمن وبعد الفوضى التى شاهدناها ودفعنا ثمنها جميعا. وبعد إسقاط الجماعة وبعد المحاصرة الأمنية للإرهاب الأسود (فالمحاصرة الفكرية لازالت تحتاج إلى الكثير والكثير) لابد من أن نعيد الحياة للممارسة والمشاركة السياسية وعلى كل المستويات وبالطبع فى إطار الدستور والقانون. ولذا كانت قضية الأحزاب هى من القضايا المهمة التى طرحت على مائدة الحوار الوطنى.

مع العلم أن مناقشة الحياة الحزبية والسياسية لا يجب أن تنفصل عن الجوانب الاجتماعية والثقافية وكل الموروث كنوع من توصيف الواقع توصيفًا سليمًا حتى يمكن أن نضع الحلول السليمة التى تتوافق معنا بعيدًا عن نقل الشعارات والمقولات المستوردة التى لا تتوافق مع واقعنا السياسى والاجتماعى. عمليا لا تستقيم الأمور مع وجود هذا العدد من الأحزاب الورقية التى جاءت مع الصدفة فى ظل أحداث يناير، فلابد من عملية دمج حقيقية تركز على التوجهات السياسية الحقيقية فى الواقع المصرى. كما يجب إعطاء الفرصة للأحزاب الحقيقية للتواجد فى الشارع ومع الجماهير. وذلك لزيادة الوعى بأهمية المشاركة السياسية فبدون تلك المشاركة لا حياة سياسية حقيقية وهذا يعنى الوطن والمواطن والنظام السياسى فى المقام الأول. لابد أن يشمل النظام الانتخابى إجراء الانتخابات بالطريقة  النسبية إلتى تجعل كل طرف مستحقًا للأصوات الحاصل عليها.

من الطبيعى أن تكون هناك أحزاب موالية وأخرى معارضة على أن يكون هذا على أرضية سياسية تعتمد على برنامج ورؤية كل حزب. هنا ليس بالضرورة أن يظل المؤيد أو المعارض هكذا طوال الوقت ولكن تتحدد الأمور حسب كل قرار الذى يجب أن يكون فى صالح الوطن والمواطن. الأهم وحتى لا أطيل: لا أعلم ماهو المبرر السياسى الذى لا يتوافق مع الدستور (المادة ٧٤) فى الإبقاء على أحزاب دينية تعتمد على رفض الآخر الدينى ولا أقول الآخر السياسى. فهل الحزب الذى يعتبر غير المسلم ليس له الحق فى المواطنة والمشاركة هو حزب دينى أن حزب سياسى؟. ناهيك عن تلك الممارسات التى تحقر من المرأة فتستبدل صورتها بوردة وهذه المرأة مرشحة ستنوب عن الشعب!.. الأمر مهم ويحتاج الكثير من الحوار والمصارحة التى تهدف إلى سلامة الوطن حتى يمكننا جميعًا وفى كل الأحوال مواجهة تلك التحديات التى تتزايد على مدار الساعة داخليًا وخارجيًا. حمى الله مصر وشعبها العظيم.

*كاتب سياسى وبرلمانى سابق

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: أحزاب التعددية الحزبية

إقرأ أيضاً:

المساندة الشعبية

عندما تنتفض الشعوب لا يمكن أن يقف أمامها عائق، والدليل على ذلك ثورة 30 يونيو، التى سطر خلالها المصريون ملحمة خالدة للحفاظ على هوية الوطن، وغيروا مجرى أحداث التاريخ المصرى الحديث والمعاصر، وكتبوا بأحرف من نور مسار ميلاد جديد من مسارات العمل الوطنى الخالص.

كان استرداد الدولة المصرية من الجماعة الإرهابية طريقاً محفوفاَ بالمخاطر، اقتحمه الرئيس السيسى مدعوماً بمساندة شعبية قوية لإنقاذ وطن من الانهيار، والتصدى لمخططات الزج به فى طريق الفوضى.

وحفرت الأيام الممتدة من 30 يونيو إلى 3 يوليو عام 2013، أحداثها فى التاريخ لما حملته من دلالات ومعانٍ بعد إنقاذ مصر من حكم جماعة سرية متطرفة تتاجر بالدين وبالوطن، فغرقت البلاد فى حالة من التخبط والانهيار السياسى فى ظل حكمها لافتقارها لأى رؤية مستقبلية لإنقاذ الأوضاع المتدهورة.

إن مشهد 30 يونيو الذى شاركت فيه كل فئات الشعب المصرى بنزولهم إلى الميادين والشوارع للمطالبة بإسقاط حكم المرشد تحول إلى طوق نجاة أنقذ مصر والمنطقة العربية من مصير فوضوى محتوم، واتخذت الدولة المصرية خلال السنوات الماضية العديد من الخطوات الجادة فى سبيل إصلاح وإعادة بناء الوطن مرة أخرى بعد سنوات الدمار للقضاء على آثار سنوات الفوضى التى عاصرناها من خلال العمل على تحقيق الاستقرار السياسى.

لم يكن الحراك الاجتماعى الإيجابى أن يتم دون الحماية التى وفرها الجيش المصرى للشعب الذى وقف بجانبه وحمى ظهره عندما استمع إلى مطالبه بتدخله.

ستظل ثورة 30يونيو رمزاً لقوة الإرادة الشعبية والوقوف بقوة أمام المخططات الإرهابية التى كانت تحاك وتهدد مصر والمنطقة بأسرها، كما كشفت الوعى الذى يتمتع به المصريون ونضجهم الفكرى والسياسى، كما أظهرت الثورة شجاعة قائد وطنى عظيم هو الرئيس عبدالفتاح السيسى، وستظل هذه الثورة عنواناً للإرادة المصرية القوية التى لا تقهر، وترسخ لقاعدة أزلية هى أن مصر محفوظة بعناية الله وسواعد أبنائها الأبطال منذ فجر التاريخ حتى الرئيس السيسى الذى أنقذ الوطن فى أحلك الظروف التاريخية، لأنه قائد وطنى شجاع انحاز لصوت الشعب وتحمل عواقب القرار ببسالة لينتقل بمصر من حالة اللادولة والفوضى إلى استعادة دورها الطبيعى فى محيطها.

مقالات مشابهة

  • «دُفعة المراوح وتخفيف الأحمال»
  • المساندة الشعبية
  • رئيس حزب الريادة: الحكومة المرتقبة مهمتها الحرص على بناء الإنسان المصري
  • رئيس حزب الجيل: ثورة 30 يونيو يوم خالد في تاريخ الشعب المصري
  • «حوارات على حافة الأزمة» يكشف أسرار الحياة السياسية في مصر من 2011 حتى 2013
  • في ذكرى يوم عظيم
  • المناظرة «راكبة جمل»!
  • تعليم قوص: مبادرتنا "رد الجميل" زارت 50 مشروعا قوميا لـ "حياة كريمة" بقرى المركز
  • 30 يونيو.. ثورة الإنجازات والحوار الوطنى أبرز مكاسبها
  • للتاريخ.. ليس كل ما يعرف يُقال