الظروف الإقتصادية من الممكن تحديها والتغلب عليها إن كانت الأحوال الإجتماعية سليمة، فالمجتمع القوي المتماسك المتحاب هو المنتصر مهما تعاظمت الحروب والشدائد، وتحالفت القوى والظروف عليه، فالبحث عن ناظر وناظرة يكون لديهم بعد نظر ضرورة من ضرورات الحياة المدرسية السليمة.
لا يخف على أحد الظرف الاقتصادي المؤلم الذى تعانيه بلدنا المعشوق، وبالتالى يعانى منه كل مواطن يعيش على أرضنا الطاهرة، ورغم هذه المعاناة التى نشعرها جميعا إلا أن الأهالى يقتطعون من لحمهم الحى حتى يستطيعون تعليم أولادهم كما يتمنون، وهى ضغوط يتحملونها رغمًا عنهم ولا مفر منها، وبالقطع زادت المصروفات المدرسية، وأيضا أتوبيسات المدرسة والأدوات المدرسية، ولكن العجيب والغريب والوضع الشاذ هو أن يتفتق ذهن البعض لتغيير الزى المدرسى فى هذه الظروف القاسية!.
. فعادةً يستخدم أولياء
الأمور ملابس العام السابق، ويكتفون بجبر الناقص سواء ما بلى منه أو اختلفت مقاساته، كما يمكن أن يستخدموا ملابس أولادهم الكبار لمن هم أصغر منهم، وذلك لتخفيف الحمل الثقيل.. ولكن يأبى البعض التخفيف ويصعبون على الأهالى دخول المدارس بتغيير الزى، وإختراع زى جديد كل عام!.. والتعاقد مع شركات ومحلات بعينها يتم توفير الملابس المطلوبة فيها بتكاليف أكبر كثيرا من قيمة الخامات المستخدمة!.. على الرغم من أهمية تثبيت الزى وتميزه، كى يصبح مع الوقت سمة تميز طلاب كل مدرسة.. وهذا ما كانت تنتهجه المدارس العريقة، ولكن على ما يبدو أصبحت المصالح الشخصية هى الأساس، دون مراعاة الصالح العام أو مصلحة الصغار وذويهم!.. بالإضافة للطلبات المبالغ فيها تحت مسمى (سابالايز)
والتى تتطور وتزيد كل عام عن العام السابق، حتى أصبح أولياء الأمور يشعرون وكأنهم يجهزون أبنائهم للزواج وليس لدخول المدرسة!.. هذا العبء الإضافى لم تكن نسمع عنه فى طفولتنا، وكان أقصى ما يتحمله أولياء الأمور حينها تجليد الكراسات والأدوات المدرسية العادية، من كراسات وكشاكيل وأقلام وألوان وأدوات هندسية (برجل ومنقلة ومسطرة)، وكانت الأهالى تئن من الطلبات!..ولكن الآن نسمع العجب!.. ولا أعرف من أين أتت فكرة السابلايز ومن الذى أخترعها ليزيد عكننة أولياء الأمور بتكاليف لا يتحملونها!.. إلى جانب الجهد الشاق الذى يتكبدونه لتفسير معانى اللوازم المطلوبة فى قائمة الطلبات، والتى عادة ما تتكون من عدة صفحات، ثم جمعها من المكتبات والمراكز التجارية المختلفة!.. ولا أعلم ما معنى طلب كميات من الصابون والمناديل الورقية والمطهرات (كلور، وديتول، وكحول) من كل تلميذ؟!..ومنذ متى أصبحت نظافة المدرسة تقع على كاهل أولياء الأمور رغم ما يتحملونه من مصاريف باهظة فى بعض الأحيان؟!.. وحتى لو إفترضنا تحملهم لمصاريف إضافية للنظافة، فلماذا لا يتم جمع مبلغ بسيط من كل طالب تحت بند المساعدة فى شراء المنظفات وأدوات النظافة أو أن يحضر كل طالب فى حقيبته ما يلزمه سواء قطعة صابون صغيرة ومناديل وزجاجة كحول؟!.. لماذا الضغط الزائد على الأسر؟! ولماذا لم نسمع عن هذه التقاليع فى الأجيال السابقة والتى خرج منها الكثير والكثير من الشخصيات العظيمة التى نفخر بها من علماء وأطباء ومهندسين وكتاب وشعراء ورياضيين وفنانين؟!.. ما الذى يحدث فى مدارسنا؟! والتى تحولت فيها تسمية الناظر والناظرة إلى مدير ومديرة المدرسة، فكانت التسمية القديمة للدلالة على المتابعة الدقيقة لكل شؤون المدرسة؛ من متابعة للخدمة التعليمية التى تقدم إلى متابعة كل أحوال العاملين تحت قيادتهم، بجانب المتابعة الدقيقة للطلبة وأحوالهم العامة من تحصيل للعلوم الى جانب الاهتمام الدقيق بالحالة الصحية والنفسية.. أين ذهب الناظر والناظرة وأين التعامل بالحزم مع الحنية، والمتابعة مع مراعاة الظروف الاجتماعية وخلق جو من التعاون والتراحم والتآخي بين الجميع، لقد مرت أمامى هذا العام تجربة أليمة لإحدى الطالبات، والتى توفى والدها أثناء الامتحانات، ولنا أن نتخيل ما تحمله تلك المصيبة من زلزال يهز الأسرة ويقلبها رأسًا على عقب!.. فكانت الطالبة تطلب تأجيل بعض الامتحانات التى تتطلب جهدًا ووقتًا زائدًا، وذلك وفقا للقوانين المتبعة فى هذه المؤسسة التعليمية، إلا أن المدير الذى لا يجيد سوى الأوامر! لم يترفق بها أو يشعر بمعاناتها وألمها، وبدلًا من أن يساعدها أو يحاول تيسير الأمور لها، وضع عراقيل أمامها، وأغرقها بأمور روتينية كان يمكن تفاديها!.. مما أدى إلى إنهيار الطالبة بتحميلها ما يفوق طاقتها، فى هذه الظروف القهرية!.. وهو ما يذكرنى بالنقيض لتلك المعاملة وذلك فى أحد الأفلام العظيمة فى تاريخنا السينمائى وهو فيلم (الست الناظرة) بطولة العظماء رحمهم الله سعاد حسني وشكرى سرحان والناظرة زهرة العلا وزوجها محمود ذو الفقار والأب عماد حمدى وزوجة الأب القاسية زوزو نبيل.. والفيلم قصة وحوار المبدع محمد على أحمد ومن إخراج القدير أحمد ضياء الدين.. هذا الفيلم يجب أن يدرس لكل من يقع عليه الاختيار لإدارة مدرسة ليعرف معنى ناظر المدرسة ودوره الحقيقى الذى يساعد على خلق أجيال سوية تتحمل المسؤولية وتنهض ببلدها وتعينه وقت الشدائد.. الظروف الإقتصادية من الممكن تحديها والتغلب عليها إن كانت الأحوال الإجتماعية سليمة، فالمجتمع القوى المتماسك المتحاب هو المنتصر مهما تعاظمت الحروب والشدائد، وتحالفت القوى والظروف عليه، فالبحث عن ناظر وناظرة يكون لديهم بعد نظر ضرورة من ضرورات الحياة المدرسية السليمة.
*أستاذة بأكاديمية الفنون
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية:
أولیاء الأمور
إقرأ أيضاً:
روشتة متكاملة لمكافحة ظاهرة التنمر المدرسي
قدم الدكتور عاصم حجازي، أستاذ علم النفس التربوي بجامعة القاهرة، روشتة متكاملة لمكافحة ظاهرة التنمر بين الطلاب في المدارس.
بعد انتحار طالبة| نصائح أسرية للقضاء على ظاهرة التنمر
جاء ذلك بعد واقعة انتحار طالبة بالإسكندرية بالقفز من الطابق الثامن من شرفة منزلها بسبب تعرضها للتنمر من زميلاتها في المدرسة.
وآثارت الواقعة مخاوف أولياء الأمور من احتمالية تعرض أبنائهم لظاهرة التنمر في المدارس دون معرفتهم، ما أشعرهم بالخوف والقلق حيال أبنائهم.
ونوه الخبير التربوي بأن مكافحة التنمر المدرسي هي مسؤولية مشتركة بين المدرسة وأولياء الأمور والطلاب، ويجب مواجهة هذه المشكلة بعدة صور.
صور مواجهة التنمر المدرسي التوعية والتوجيه: يجب أن تقوم المدرسة بدورها في توعية الطلاب أولا وتعريفهم بمظاهر التنمر وأشكاله وكيفية اكتشافه والتصرف الصحيح حينما يتعرض التلميذ للتنمر.ينبغي توعية أولياء الأمور أيضا بكيفية ملاحظة أبنائهم واكتشاف ما إذا كانوا قد تعرضوا للتنمر أم لا وكيفية التصرف حينما يقع الابن فريسة للتنمر.يجب إرشاد المعلمين إلى طرق اكتشاف ومعالجة التنمر.توضيح قواعد الانضباط المدرسي وإعلانها بشكل مناسب للطلاب وتطبيق لائحة الانضباط المدرسي بكل حزم.تشجيع الطلاب على التعاون والعمل الجماعي من خلال الأنشطة التي تلبي رغباتهم واهتماماتهم المختلفة.تشجيع التواصل الفعال بين الطلاب ومعلميهم وبينهم وبين إدارة المدرسة وبينهم وبين أنفسهم وتشجيعهم على الإبلاغ عن أي سلوك تنمر يتعرضون له .تعزيز تفرد الطلاب وتحفيزهم على إنجازاتهم المختلفة و التأكيد على أهمية الاختلاف بين الطلاب لتحقيق التكامل.تعزيز ثقة الطلاب في أنفسهم من خلال التركيز على جوانبهم الإيجابية وإبرازها حتى يستطيعوا مواجهة التنمر.تقديم الدعم النفسي والاجتماعي اللازم لضحايا التنمر من خلال الأخصائي النفسي بالمدرسة.
وأقدمت الطالبة ريناد عادل، التي لم تتجاوز 11 عامًا، والمقيدة بالصف السادس الابتدائي، على إنهاء حياتها بإلقاء نفسها من الطابق الثامن بمنزلها في الإسكندرية.
وتعرضت الطفلة ريناد لموجة من التنمر القاسي من قبل بعض زميلاتها في المدرسة، بسبب إدراج اسمها ضمن قائمة الطالبات اللاتي لم يسددن المصروفات الدراسية.