رغم العوائق.. الممر الاقتصادي بين الهند وأوروبا سيكافح للوصول إلى أهدافه
تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT
سيكافح الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، من أجل أن يصبح قناة اتصال اقتصادية مهمة، حتى وإن هناك العديد من العوائق في طريقه.
هكذا يتحدث تحليل نشره موقع "جيوبوليتيكال فيوتشرز"، وترجمه "الخليج الجديد"، عن ممر الاتصال المعلن عنه في نهاية الأسبوع الماضي، في قمة مجموعة العشرين، التي وقعت خلالها الولايات المتحدة والهند والسعودية ودول أخرى، مذكرة تفاهم لإنشاء شبكة من الطرق البحرية والسكك الحديدية، التي تربط شبه القارة الهندية بأوروبا عبر الشرق الأوسط.
التفاصيل نادرة، لكن الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا سيتكون من خطوط السكك الحديدية والموانئ البحرية التي تربط الهند وأوروبا عبر الإمارات والسعودية والأردن وإسرائيل.
بالإضافة إلى تقليل أوقات عبور البضائع، من المتوقع أن يشمل المشروع بنية تحتية لإنتاج ونقل الهيدروجين الأخضر وكابلًا تحت البحر لتعزيز الاتصالات ونقل البيانات.
أما الجانب الأكثر إثارة للاهتمام في الممر جاء من نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي جون فاينر، الذي قال إنه لم يكن مجرد مشروع للبنية التحتية، بل تم استلهامه من استراتيجية الولايات المتحدة المتمثلة في "خفض درجة الحرارة" في الشرق الأوسط، والتي كانت تاريخيًا "مصدر صافي للاضطرابات وانعدام الأمن".
ويبدو أن تحالف الولايات المتحدة المتزايد مع الهند يمكّن واشنطن من ربط أربع كتل أرضية رئيسية (أوروبا والشرق الأوسط وجنوب آسيا وشرق آسيا) من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادئ.
اقرأ أيضاً
جيمس تاون: إيران تسعى لإفساد الممر الاقتصادي بين الهند والغرب
ويشبه هذا الاستراتيجية البريطانية خلال ذروة تلك الإمبراطورية، عندما نظرت إنجلترا إلى الشرق الأوسط باعتباره تقاطعاً حاسماً بينها وبين حيازتها الاستعمارية للهند.
وخلال القرنين التاسع عشر والعشرين، ظل العالم العربي يمثل تحديًا استراتيجيًا للمملكة المتحدة.
ويصدق هذا على الولايات المتحدة في القرن الحادي والعشرين، وباعتباره العنصر الأكثر عدم استقرارًا في الممر المخطط له، سيكون الشرق الأوسط هو النقطة المحورية.
لذلك، حسب التحليل، ليس من المستغرب أن يتجاوز الممر المتصور النقاط الساخنة الرئيسية في المنطقة، مثل اليمن والعراق وسوريا ولبنان، والتي تشكل معًا مجال نفوذ إيران.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن بلاد الشام، على الرغم من كونها قطعة أساسية من العقارات الجيوسياسية بين شبه الجزيرة العربية والقارة الأوروبية، تعاني من حالة من الفوضى، وخاصة بعد الحرب الأهلية السورية.
وهذا من شأنه أن يفسر أيضًا سبب عدم كون تركيا، التي تعد الجسر البري بين الشرق الأوسط وأوروبا، جزءًا من الممر.
اقرأ أيضاً
الممر الاقتصادي.. الهند وأمريكا تبحران في تيارات الخليج ضد رياح الصين
كما تعد مصر المستبعد الرئيسي الآخر، وذلك على الأرجح بسبب مشاكلها الاقتصادية، التي تتفاقم على الرغم من عدة مليارات من الدولارات من المساعدات المالية من دول الخليج العربية الغنية بالطاقة خلال السنوات العشر الماضية من حكم الرئيس عبدالفتاح السيسي.
وتعد السعودية، المكون الأساسي المشروع، خاصة أنها تشهد في عهد ولي العهد والحاكم الفعلي الأمير محمد بن سلمان ثورة اجتماعية واقتصادية.
وتسعى خارطة الطريق الطموحة لرؤية 2030 التي وضعها بن سلمان إلى تحويل البلاد من مملكة محافظة دينياً للغاية وتعتمد بشكل كبير على صادرات النفط الخام إلى دولة حديثة ذات اقتصاد متنوع ومتكامل بعمق مع بقية العالم.
وتتمتع السعودية مع الإمارات بعلاقات جيواقتصادية وثيقة بشكل متزايد مع الهند، ولذلك، فإن هذا المشروع يتماشى إلى حد كبير مع ضرورات الرياض.
ومع ذلك، فإن الممر المعلن عنه حديثًا به نقطة اختناق رئيسية، فالأردن يقع على الحدود مع العراق وسوريا والأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، وتحتل بيئة استراتيجية غير مستقرة إلى حد كبير.
وستحتاج البنية التحتية في الأردن أيضًا إلى تطوير جدي، خاصة بالنظر إلى الاقتصاد الضعيف في البلاد، والذي يثقل كاهله استضافة أكثر من مليون لاجئ سوري.
اقرأ أيضاً
الممر الاقتصادي.. الهند تدخل على خط صراع الصين وأمريكا
ولكن ربما يكون العامل الأكثر أهمية هو قرب البلاد من الضفة الغربية، حيث أدى انهيار السلطة الفلسطينية والعدد المتزايد من المستوطنات اليهودية إلى خلق وضع غير مستقر.
ويأتي مشروع الممر أيضًا في الوقت الذي تضغط فيه إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على السعودية وإسرائيل لإقامة علاقات رسمية.
وقد اتفقت واشنطن والرياض بالفعل على المعايير العامة لمثل هذه الصفقة.
ومن مصلحة السعوديين تطبيع العلاقات مع الإسرائيليين، لكنهم لا يستطيعون القيام بذلك على حساب تجاهل القضية الفلسطينية.
وفي الأسبوعين الماضيين، أشارت السلطة الفلسطينية إلى استعدادها للقبول بتنازلات إقليمية متواضعة من إسرائيل في الضفة الغربية.
وفي الوقت نفسه، يتواصل السعوديون مع الفلسطينيين بشأن المساعدة المالية.
وسيكون دمج الضفة الغربية في المشروع وسيلة للسعوديين لإقامة علاقات مع إسرائيل مع تطوير الممر أيضًا.
اقرأ أيضاً
الممر الاقتصادي.. أمريكا تدفع بالهند لتقويض نفوذ الصين في الخليج
وتقع الأراضي الفلسطينية بين العاصمة الأردنية عمان ومدينة حيفا الساحلية الإسرائيلية، حيث يبدأ الجزء البحري الثاني من الممر الرحلة عبر البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا الشرقية.
وبطبيعة الحال، سيكون هذا مشروعاً ضخماً وسيعتمد على مستوى غير متوقع من السلام النسبي بين الإسرائيليين والفلسطينيين في الضفة الغربية.
ووفق التحليل، فحتى لو تجاوز المسار الضفة الغربية، فإن تزايد عدم الاستقرار السياسي والاستقطاب داخل إسرائيل يمثل مخاطرة خاصة به.
ويعد المشروع جزء من مبادرة أطلق عليها الشراكة من أجل الاستثمار في البنية التحتية العالمية، حيث سيساعد الممر في تعزيز التجارة ونقل موارد الطاقة وتطوير الاتصال الرقمي.
ويعد المشروع من المبادرات الأساسية التي يقودها البيت الأبيض في الشرق الأوسط، في حين يتنامى الدور الصيني بالمنطقة.
وتحاول الولايات المتحدة من خلال هذه المشروع تقليص دور مبادرة "الحزام والطريق" الصينية التي يعد الشرق الأوسط جزءاً أساسياً فيها، وتهدف إلى ربط الصين بالعالم عبر أكبر مشروع بنية تحتية بتاريخ البشرية.
اقرأ أيضاً
بن سلمان يشيد بالممر الاقتصادي: سيحقق مصالح الشركاء
المصدر | جيوبوليتيكال فيوتشرز - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الممر الاقتصادي الهند أوروبا إسرائيل مصر تركيا الصين الممر الاقتصادی بین الهند الولایات المتحدة الضفة الغربیة الشرق الأوسط اقرأ أیضا
إقرأ أيضاً:
قراءة إسرائيلية في مواقف ماليزيا تجاه حرب غزة وعلاقتها مع حماس
اهتمت وسائل إعلام عبرية بتصريحات رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم، والتي تحدث فيها عن حق "إسرائيل" في الوجود، وحقها في الدفاع عن نفسها، رغم عدم إدانته لهجوم حركة حماس في السابع من أكتوبر لعام 2023، ودعمه الثابت للشعب الفلسطيني، وإدانته للإبادة الجماعية في غزة.
وقال الباحث في معهد ترومان بالجامعة العبرية غيورا أليراز إنّ "إجابات إبراهيم جاءت مفاجئة، لأنه أعلن معارضته لكل أشكال العنف، ملمحا إلى أن خطابه يمحو عقودا قبل السابع من أكتوبر، ويتجاهل محنة الفلسطينيين منذ نكبة 1948، ويغمض عينيه عن تاريخ الاستعمار ويغفر له حتى الإبادة الجماعية".
وتابع ترومان في ورقية بحثية نشرها معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب وترجمته "عربي21": "ينبغي أن نعرف إذا ما كانت تصريحات إبراهيم مجرد تمرين للعلاقات العامة على الساحة العالمية، أو طموحا للتدخل في الشرق الأوسط، أو ربما علامة أولية على تغيير في الاتجاه نحو إسرائيل (..)".
وذكر أنه "من المفارقات أنه عندما انتُخب إبراهيم رئيسا للوزراء أواخر 2022، بعد مسار سياسي طويل، كان من المتوقع أن يخفف من سياسة ماليزيا الصارمة تقليديا تجاه إسرائيل، بزعم أنه لم يشارك في حدة الخطاب المعادي لها على مدة عقود من الزمن، بعكس سلفه الراحل مهاتير محمد".
ولفت إلى أنه "في مواقف سابقة لإبراهيم نستحضر كلمات قالها في مقابلة عام 2012 مع صحيفة وول ستريت جورنال، عندما كان زعيماً بارزاً للمعارضة بأنه يؤيد كل الجهود لحماية أمن دولة إسرائيل، وأكد في الوقت نفسه التزام بلاده العميق بالقضية الفلسطينية، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على أساس حل الدولتين، وأن إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل مشروط باحترامها لتطلعات الفلسطينيين، وحينها لم تتأخر الانتقادات اللاذعة من خصومه السياسيين بسبب تصريحاته غير العادية بشأن قضية أمن تل أبيب، وظلّت ترافقه".
ونوه إلى أنه "هذه المرة أيضا سمعنا انتقادات بعد تصريحاته الأخيرة، لأنها انتشرت على نطاق واسع في شكل مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن يبدو أنها كانت هذه المرة محدودة نسبيا من حيث النطاق والشدة، حيث ردّ على المنتقدين، متهماً إياهم بخداع الرأي العام، استناداً لمقطع فيديو تم تحريره، وإخراج بعض كلماته من سياقها، مؤكدا أنه لم يتغير شيء؛ وستظل ماليزيا ملتزمة بدعم فلسطين، وحديثه هنا باللغة الماليزية، مجددا تصريحاته القاسية ضد تل أبيب".
وبحسب رئيس الوزراء الماليزي، "من يسأل هل أن إسرائيل موجودة، سيكون الجواب نعم، هي موجودة، لكن ماليزيا لم تعترف بها قانونيا قط، بل فقط بوجودها كحقيقة واقعة، بدليل عدم وجود علاقات دبلوماسية معها، ومن وجهة نظره فالموضوع مغلق".
لكن الباحث الإسرائيلي قال إن "تصريحات إبراهيم تزامنت مع نشر مقال صحفي لكاتب عمود محلي من أصل هندي في ماليزيا، تحت عنوان "لماذا أؤيد موقف أنور إبراهيم بشأن حق إسرائيل في الوجود"، ما يكشف عن حقيقة المواقف السائدة بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بين الأقليات التي تشكل 40% من سكانها، أكبرها الصينيون، يليهم الهنود".
وزعم الكاتب الهندي، وفق القراءة الإسرائيلية، أنه "يتحدث باسم جميع غير المسلمين في ماليزيا، لأنهم، بشكل عام، وعلى عكس المسلمين فيها، ليس لديهم رأي سلبي تجاه دولة إسرائيل، أو رأي إيجابي للغاية تجاه فلسطين، وينظرون للطرفين كدولتين في حالة حرب، مثل أوكرانيا وروسيا، ونرى "نحن غير المسلمين" أن الحرب في الشرق الأوسط حرب خارجية، لا نريد المشاركة فيها، وعندما نرى اعتقاد المسلمين الصادق بأن الحق مع فلسطين، وأن إسرائيل هي الشريرة، فهم يتخذون هذا الموقف من منطلق التعاطف مع الفلسطينيين".
وأشار أننا "نحن غير المسلمين في ماليزيا" نفهم رغبة المسلمين بأن تلعب بلادنا دوراً أكثر نشاطاً لدعم الفلسطينيين في الصراع، مع أنها فعلت الكثير فيما يتصل بالحرب في الشرق الأوسط، ولكن لأن وضع المسلمين أكثر إثارة للقلق، فإن ماليزيا ليست مضطرة للمشاركة في الحرب باختيار الجانب الأضعف ضد الجانب الأقوى بكثير، وهي إسرائيل، لأننا لسنا متأكدين من الصحيح ومن المخطئ، ولا يمكننا أن ندعم رغبات الفلسطينيين إلا إذا اعتزموا أن يروا ماليزيا وسيطًا للسلام في الصراع".
الكاتب الاسرائيلي يعود ليعتبر أن "كلمات رئيس الوزراء إبراهيم، التي يتفق فيها على أن لدولة إسرائيل الحق بالوجود، والدفاع عن النفس، نقطة انطلاق صحيحة لماليزيا، ما يستدعي التوضيح أن التماهي السياسي والعاطفي مع القضية الفلسطينية، الذي يتسم بقوة في الخطاب السياسي والعام في ماليزيا، يبدو متشابكاً مع البناء القديم للهوية الوطنية لدى أغلبيتها المسلمة التي تزيد عن 50% من السكان، بما من شأنه حشد الشعور بالتضامن الإسلامي الشامل، ومثل هذا البناء تضمن أيضًا نغمات معادية لإسرائيل والغرب والاستعمار، لكنه قد يعتبر مشكلة كبيرة من وجهة نظر الأقليات فيها".
وزعم أن "هذه الأقليات الماليزية قد لا تكون الوحيدة التي تشعر حالياً بعدم الرضا عن وضع بلادهم في ضوء حرب غزة الأخيرة، ناقلا عن أحد باحثي الشؤون الماليزية الذي ينقل عن جماعات المجتمع المدني وشخصيات المعارضة استياءهم من موقف الحكومة تجاه حماس، ومخاوفهم من أن يضرّ بمصالح الدولة، بزعم أن تمويل حماس من قِبَل المنظمات الماليزية المؤيدة للفلسطينيين قد يعرضها للعقوبات من قِبَل الغرب".
واستدرك بالقول إن "تصريحات إبراهيم غير العادية بشأن دولة إسرائيل يمكن أن تكون موجهة للخارج والساحة الدولية، لإصلاح صورته في الغرب، وتخفيف التوتر في علاقاته بالولايات المتحدة بسبب اتصالات بقيادة حماس، ويسعى لتجنب الضغوط نظرا لعلاقاته معها، والإشارة أن بلاده شريكة بجهود السلام في الشرق الأوسط، وتتخذ موقفا داعما لجهود السلام من خلال الاتصال بالجسم السياسي للحركة، دون تدخل بأنشطتها العسكرية، زاعما أن علاقاته بها يمنحه ميزة بمحاولة تحقيق السلام في الشرق الأوسط".
وزعم أنه "في الممارسة العملية، فإن خطاب إبراهيم يصرخ بالتناقضات؛ خاصة صمته المطبق إزاء هجوم حماس الدموي في السابع من أكتوبر، مقابل الصراحة الكبيرة بإدانة العدوان الإسرائيلي على غزة، ودعوته على منصة القمة العربية الإسلامية في الرياض لبناء إجماع يحمل المجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات سريعة وفعّالة ضد دولة الاحتلال، وصولا لطردها من الأمم المتحدة".
وختم بالقول إننا "سنضطر للانتظار حتى نفهم ما إذا كانت التصريحات غير العادية لإبراهيم التي مجرد حادثة عابرة، أو تمرين في العلاقات العامة على الساحة العالمية، أو طموح للانخراط في الشرق الأوسط، أو ربما إشارة أولية لتغيير في الاتجاه".