بوابة الوفد:
2025-04-17@09:15:48 GMT

فى هذه الجريمة رسالة

تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT

وقفت الصغيرة بجسدها النحيل أمام الجميع لحظة اقتيادها لسماع أقوالها عن الحادث؛ لتؤكد أنها «بتكرهه بجد ولا تحبه»  أبويا كان يدخن البانجو ودائم الشجار مع والدتى لاعتياده شراء المخدرات وعدم إنفاقه على البيت، ففكرت فى التخلص منه قتلته حرقا، وظلت تردد وتروى بدموع الحسرة والألم فى سطور القضية: نعم انتقمت لوالدتى منه، لم أنس أبدا ذلك المشهد وطريقته وهو يطرد أمى ويلقى بها على الأرض أمام الجيران بالشارع بطريقة سيئة وكأنه يطرد حرامى أو «شحات» كان يصرخ فى وجهها ويضربها بعنف ويتوعدها بأن تدبر له  فلوس ليشترى بها «سجاير» ومستلزماتها وإلا يا بنت كذا وكذا لو رجعت إلى هنا مرة اخرى لن تخرجى إلا على المشرحة.

لم يكتف أبى بهذا بل هدد الجيران بأنه ما يسمعشى صوت أحد أو يدخلها مسكنه حتى الصباح  وإلا سوف ينال عقابه، وظل يخبط هنا وهناك. ويلقى بملابس أمى البسيطة فى الشارع والتى تطايرت مع الرياح فى يوم عاصف. ومع عصبيته وتهديده لى ألا أخرج معها ولا أساعدها بجمع ملابسها من الشارع، وهنا انتابنى الخوف وتملك جسدى وأصبت برعشة عصبية ودخلت دولاب الملابس الذى ظل يتأرجح بى لأنه شبه حطام من كثرة دفع أبى لأمى على الدولاب عندما تنتابه الحالة العصبية لإدمانه المخدرات ليصبح الدولاب شبه حطام، ومع تأرجحه كشف عن مكان وجودى ليوجه أبى لى عددا من اللكمات وصفعنى على وجهى وكدت أفقد وعيى، لكنه تركنى حتى أضع له فحم الشيشة على النار ليضع عليها المخدرات.

فقد أدلت الطفلة ذات الـ15 عامًا تفاصيل الجريمة، فعندما وقفت أمام النار التى أوقدتها لتضع له الفحم عليها وتتساقط دموعها على وجهها وعلى حبات الفحم فجأة نظرت إليه لتجده يقوم بحشو السيجارة بالبانجو، وهنا تفتق ذهنها للخلاص منه فأطفأت نيران الفحم تماما وفتحت محبس الأنبوبة بعد فصل الخرطوم، وتركته وتسللت إلى الخارج دون أن يشعر. وعندما انتهى من حشو سيجارته قام بإشعالها، ومع انتشار الغاز اندلعت النيران بالمسكن لتنفجر الأسطوانة ويحترق الأب وتتفحم جثته لتنهى الطفلة حياة والدها حرقًا وبطريقة مأساوية لتعترف بارتكابها الجريمة البشعة. وصدر القرار بإيداعها إحدى دور الرعاية الاجتماعية كونها دون السنّ القانونية، وحسبنا الله ونعم الوكيل فى تجار هذه السموم المدمرة والتى أضاعت المئات فى غياهب السجون والإدمان وعدم السيطرة على أنفسهم، وتسببت فى خراب بيوت كثيرة وضياع مستقبل أبنائهم، فهل من خلاص؟

إن هذه الجريمة تركت رسالة قوية لمن يفهم ويعى الأمر جيدا ولكل أب تسول له نفسه الاقتراب من تلك السموم المدمرة. كفانا الله وكفاكم شرها وحفظ الله البلاد والعباد منها.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: بين السطور

إقرأ أيضاً:

العدالة التي تأخرت حتى صارت شريكة في الجريمة

العدالة التي تأخرت حتى صارت شريكة في الجريمة
منذ أن تقدمت حكومة السودان بشكواها الرسمية ضد دولة الإمارات إلى محكمة العدل الدولية، دخل نازحوا معسكر زمزم في سباق غير متكافئ بين تدوين مليشيا عليهم و بين تمهل القضاة الدوليين في اجراءاتهم. في الوقت الذي ترك فيه القضاة النازحين يواجهون الموت، وكانوا مشغولين بـاستجداء الأمارات علها تعترف بهم، كانت المليشيات المدعومة إماراتيًا في شغل عنهم، كانت تواصل اجتياحها لمعسكر زمزم للنازحين، وكأن حربها تحولت إلى حرب ممنهجة ضد الضعفاء، ضد من فروا من الموت ليجدوه مجددًا في مكان من المفترض أن يكون آمنا و محميا حسب القوانين الدولية.

خلال هذا الزمن الذي يفترض أن يكون مخصصًا لحماية الضحايا، و تأخر القضاة في حمايتهم، حدثت جرائم لا تقل بشاعتها عن الجرائم محل الدعوى أمام القضاة. لقد جلبت الأمارات الأساحة الحديثة التي لم تكن موجودة ومن ثم قامت المليشيا بقصف معسكر زمزم، واجتاحته بقوة السلاح، وعاثت فيه خرابًا وقتلاً دون تمييز، وكأنها تقول للمجتمع الدولي: “فليجتمع القضاة كما يشارون و لكننا سنفعل ما نشاء، ولن يوقفنا أحد”.

لكن المأساة لم تقف عند زمزم. ففي خزان مروي، تعرّضت منشآت توليد الكهرباء للقصف بالمسيرات الانتحارية و الاسترتيجية أكثر من أربع مرات، كما طال القصف محولات الطاقة الكهربائية في عطبرة والدامر، مما أدى إلى انقطاع شامل للكهرباء في ولايات السودان الشمالية و الشرقية و الوسط، لتغرق هذه المناطق في ظلام دامس. وهذا الظلام لم يكن فقط ظلامًا ماديًا، بل كان أيضًا ظلامًا إنسانيًا حقيقيًا، حيث مات المرضى في المستشفيات، خاصة من يعانون من أمراض مستعصية مثل أمراض القلب والكلى والسرطان، بسبب توقف أجهزة التنفس والتغذية والعلاج.

ألم يكن هذا وحده كافيًا لأن تتحرك المحكمة فورًا؟ أن تعقد جلسة طارئة، أو أن تصدر أمرًا وقتيًا يوقف حمام الدم هذا؟ أين كانت العدالة حين انتزعت المليشيات أجهزة العلاج من أجساد المرضى كما يُنتزع الروح من الجسد؟ لماذا بقي القضاة في أبراجهم العاجية، يتحسسون أوراق القوانين بينما يموت الأبرياء كل ساعة؟ المجزرة التي ارتكبتها المليشيا ضد النازحين في معسكر زمزم شملت كل الكادر الطبي للمعسكر و على رأسه الطبيبة د. هنادي النور، و مدير إذاعة ولاية شمال دارفور و بلغ عدد القتلى والجرحى أكثر من 500. أرواح هؤلاء جميعا معلقة في رقاب قضاة محكمة العدل الدولية لا تقل مسؤوليتهم عن مسؤولية الأمارات ولا عن مسؤولية الجندي منفذ الجريمة.

إن التأخر في رد الفعل، والصمت المريب الذي ساد قاعات المحكمة، لم يعد يُفسّر بـ “الحياد القضائي” بل صار يُقرأ كخذلان، كتحيّز لصالح الجلاد على حساب الضحية. والأخطر من ذلك، أن هذا الصمت الدولي يرسل رسالة قاتلة: بإمكان المعتدي أن يستمر كما يشاء، فلا عقاب ينتظره.

اليوم، يحق لنا أن نسأل: ما هو الدور الحقيقي لمحكمة العدل الدولية إن لم يكن حماية الأبرياء في وجه جرائم الإبادة المنظمة المستمرة؟ وإن كانت المحكمة لا ترى أن ما يجري يستحق موقفًا واضحًا وحازمًا، و أن واجبها ايقاف هذه الجرائم فورا و انقاذ هؤلاء المواطنين، فمتى إذًا ستتحرك؟ نعم أظنها سوف تتحرك، ولكن بعد أن يُباد من تبقى.

العدالة التي لا تُنصف الضحية في وقتها، تتحول إلى سلاح إضافي في يد الجلاد. ومن هنا تأتي شراكة القضاة.

د. محمد عثمان عوض الله

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • برلمانية تدعو وزارة الداخلية للتدخل العاجل لمواجهة مروجي المخدرات أمام المؤسسات التعليمية
  • حكم قضائي مثير للجدل في خنيفرة يقضي ببيع عقار مشترك دون موافقة الملاك
  • العدالة التي تأخرت حتى صارت شريكة في الجريمة
  • بيانات.. روسيا تمتلك أكبر احتياطيات للطاقة في العالم
  • العالم يتجه إلى التخلي عن الفحم و3 دول تعرقل الوتيرة
  • حملات يومية لإزالة المكامير الضارة بمدن دمياط
  • أمير الجوف يقلد مدير مكافحة المخدرات بالمنطقة رتبته الجديدة
  • لقاء لعلماء اليمن دعما لفلسطين
  • الصين تسمح باستمرار بناء محطات كهرباء الفحم حتى نهاية 2027
  • من وزير الاقتصاد.. رسالة إلى المودعين