بوابة الوفد:
2024-12-24@12:58:03 GMT

سير مو صلاح

تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT

لم يتبق من عظمة الإمبراطورية التى لا تغيب عنها الشمس إلا بريق التقاليد الملكية وإرث الألقاب الفخيمة مثل «سير» أو فارس، أهم وأرفع الألقاب غير الملكية التى يمنحها جلالته إلى نخبة محدودة من الذين قدموا خدمات جليلة كان لها تأثير عظيم للبشرية، وتضم هذه القائمة الصغيرة ثلاثة مصريين فقط تمكنوا من فرض احترامهم على أولئك المتغطرسين أبرزهم القديس مجدى يعقوب أمير القلوب ثم النابغة نعمت شفيق نائب محافظ بنك انجلترا و الأنبا أنجليوس الذى أثرى الحريات الدينية، وأظن وليس كل الظن إثمًا أن رابعهم سوف يكون فخر مصر والعرب وافريقيا مو صلاح، ذلك الفلاح الفصيح الذى أجبرت عقليته الفريدة قبل موهبته الفذة فى خطف قلوب الإنجليز وتحول فى ليلة وضحاها إلى أيقونة عالمية عابرة للعرق والدين ترسم ملامحها الباسمة على جدران تايم سكوير.

 

فهو بحق ظاهرة نادرة، كاريزمته العفوية تجذب الباب للشيوخ و تداعب أحلام مخيلة الأطفال، فقصته الفريدة ألهمت المهمشين بأن العمل الدؤوب والعزيمة الصلبة كفيلان برفعك إلى عنان المجد، أسطورة هذا المكافح تخطت مسيرته المذهلة كلاعب كرة محترف فى أعلى مستوى تنافسى على الإطلاق وتحطيمه لكل الأرقام القياسية وحصوله على كافة البطولات والجوائز الفردية لتأخذ منعرجًا جديدًا يبرز مدى تأثيره الإنسانى العظيم على قضايا معقدة مثل الإسلاموفوبيا ونجاحه الباهر فى تغيير نظرة العوام تجاه قضية اندماج المهاجرين فى المجتمعات الغريبة.

وموخراً نثر سحره الخاص عندما حبس العالم أنفاسه وهو يتابع تغطية يومية للإعلام العالمى حول تفاصيل عرض فريق اتحاد جدة الخرافى والذى وصل إلى 251 مليون دولار، ليكون أغلى لاعب فى التاريخ ، والذى مازال يحتفظ به البرازيلى نيمار بقيمة 249 مليون دولار. بخلاف عقده الشخصى المذهل الذى بمقتضاه سيحصل على راتب أسبوعى 2.45 مليون جنيه إسترلينى، يعنى حوالى 8 أضعاف راتبه الحالى، بالإضافة إلى امتيازات من ألف ليلة وليلة، كل ذلك الجنون وهو فى سن الـ31 سنة، وبالرغم من كل هذه الإغراءات الخزعبلية التى يسيل لها لعاب القاصى والدانى، لم يترك ابن نجريج ليفربول يسير وحيدًا فى حين خانه من قبل أسماء رنانة مثل مايكل اوين، شابى الونسو، خافيير ماسكيرانو، سواريز وأخيرًا القائد هندرسون.

كم الضغوط الرهيبة التى مورست عليه لم تجعله يسقط فى غواية المال واتخذ قراراً تاريخيًا بكل معنى الكلمة بدون مبالغة وهو استكمال حلمه فى أن يكون أفضل لاعب فى العالم، وفكرة الرفض ليست لها علاقة بطموح الدورى السعودى المشروع الذى يريد أن يصبح من ضمن الكبار وهو ما يراه القائمون عليه باقتناء الجوهرة الفرعونية سيضمن لهم متابعة  أكثر من 100 مليون مصرى، ولما لا فقد توجوه سفيرًا للسعادة،  عاجلا أو آجلا سيرحل عن انفيلد لأنها سنة الحياة، ولكن الذكاء فى اختيار الوقت والطريقة المناسبة للخروج من الباب الكبير حتى يخلد كأسطورة لليفربول والبريميرليج بعدما ضرب مثالًا لقيم أضحت فى نظر البعض بالية مثل الوفاء والانتماء فى زمن طغى عليه توحش المادة، وهو ما لن ينساه له الجميع وسيظل هذا الموقف الغريب والنبيل مثيرًا للإعجاب ومحفورًا فى ذاكرة التاريخ. 

أعتقد ان صلاح بما فعله ليس أهم لاعب فى تاريخ الكرة العربية بل هو أفضل مواطن عربى قدم صورة مبهرة وموثرة تمكنت من تغيير الصورة النمطية المقيتة، فهو يدرك أنه أصبح رمزًا لأجيال ترى فيه أحلامهم المؤجلة.

صلاح يسير على خطى محمد على كلاى، الذى برهن على أن الأبطال لا يصنعون فى صالات التدريب فقط، ولكن يصنعون من أشياء عميقة فى داخلهم، هى الحلم الذى يتحول إلى رؤية تحققه إرادة من فولاذ.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الشمس القائمة الصغيرة مصر والعرب

إقرأ أيضاً:

مغنون بلا أغنية .. أصوات تصنعها المصادفة والميديا

أصوات كثيرة ولدت أو على أقل وصف اشتهرت خلال الأشهر الماضية، إما بفعل برنامج تليفزيونى، أو بمشاركة أحد النجوم أغنية هنا أو هناك، لكن السؤال الذى يفرض نفسه، هذه الأصوات فرضت نفسها فعرفتها الجماهير، لكن هل يمكنها أن تؤرخ لنفسها بأغان جديدة ذات قيمة فنية، إننا حقاً أمام مشكلة غنائية كبرى تولدت عبر السنوات الماضية، وهى أنك تعرف مغنياً بلا أغنية، وذلك أن شهرته على «السوشيال ميديا» بسبب مقطع ما أو حفلة غنى فيها أغنية لأحد المشاهير من رواد الغناء، أو شارك مطرباً شهيراً معاصراً «كليب» ما أو حفلة ما، نماذج ذلك كثيرة لكن من بينها المطربة أسماء لمنور التى عرفتها منذ وصولها القاهرة قادمة من المغرب وألتقينا معاً بنقيب الموسيقيين حلمى أمين، وكان ذلك أيام شغله لهذا المنصب، وسهل لها الغناء فى القاهرة، وبعدها شاركت المطرب «كاظم الساهر» قصيدة «المحكمة» وكذلك الأمر مؤخراً مع المطربة، سهيلة بهجت التى شاركت أيضاً كاظم فى حفله الأخير بمصر، وقد التقيت أيضاً بسهيلة وكان حاضراً بيننا الموسيقار هانى شنودة وغنت لنا رائعة عبدالوهاب وأم كلثوم «دارت الأيام» وأعجبنا بأدائها، وما بين أسماء لمنور وسهيلة بهجت، ظهر صوت المطربة «بلقيس» صاحبة الأداء المبهر، لكن الخليج أخذها، وهى ابنة الملحن الفنان وعازف العود الكبير أحمد فتحي، وقد ظهرت عبر التاريخ الغنائى القريب والبعيد نماذج كثيرة لأصوات ظهرت واشتهرت بأغنية أو بفعل برنامج أو لقاء أو تصريح صحفى، ثم لا نسمع إبداعاً لهم، لتتردد أسماؤهم فترة وجيزة من الزمان لتأتى أسماء لمطربين جدد يفعلون نفس الفعل، يشتهرون بموقف أو ربما بأغنية، وتتواصل ساقية الغناء والشهرة بهذا الشكل.

ومن بين نماذج تلك الأصوات التى اشتهرت بأغنية واحدة تقريباً عاشت أصواتهم بفعل شهرة لا بفعل غناء، صوت المطربة هدى زايد أو هدى السنباطى أو حتى الفنان سعد عبدالوهاب الذى لم نسمع له ألحاناً أو غناء بعد ما قدمه عمه عبدالوهاب بألحان ولحن هو لنفسه بعض الألحان، ثم ظل أكثر من نصف قرن لا نسممع له غناء جديداً، رغم أنه قال لى قبل رحيله إنه يمتلك العديد من الألحان الجديدة لحنها لنفسه لم تظهر للنور ولم يسجعلها، وكما كان الأمر مع المطرب كمال حسنى الذى غنى «غالى عليه» من ألحان الموجى وكان منافساً للفنان عبدالحليم حافظ، وما بين الماضى والحاضر ظهرت أسماء لمطربين ومغنين اشتهروا أكثر ما اشهرت له أعمالهم، ولعلنا هنا نجيب على سؤال من هو المغنى؟!.. هو لا شك الذى يغني، فإن لم يغنى المغنى أعمالاً يسجلها فى قائمة الشرف والجمال الغنائى فلا يكون مغنياً، إنما هو صوت خارج نطاق الخدمة، وفى انتظار تفعيله ليعرفه الناس بأعماله أكثر مما يعرفونه باسمه أو بشكله أو بمجرد أغنية أو مشاركة.

مقالات مشابهة

  • تحديد جلسة لاستئناف سعد الصغير على سجنه 3 سنوات خلال أيام
  • التضامن: 35 مليون مواطن استفادوا من مبادرة "حياة كريمة"
  • مغنون بلا أغنية .. أصوات تصنعها المصادفة والميديا
  • دوبلير «الجولانى»
  • تفاصيل مرعبة في واقعة مقتل عروس على يد زوجها صعقًا بالكهرباء بكفر الدوار
  • »ﺷﻔﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ« ﺳﻘﻄﺖ ﻣﻦ ﺣﺴﺎب اﻟﻤﺴﺌﻮﻟﻴﻦ
  • سيرة أمير العمرى المُدهشة (1-3)
  • بوب ديلان: الصوت الذى شكّل ثقافة الستينيات
  • ٦ شهور .. حكومة مدبولى مالها وما عليها
  • القانون للضعفاء