بوابة الوفد:
2025-03-06@23:28:50 GMT

سير مو صلاح

تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT

لم يتبق من عظمة الإمبراطورية التى لا تغيب عنها الشمس إلا بريق التقاليد الملكية وإرث الألقاب الفخيمة مثل «سير» أو فارس، أهم وأرفع الألقاب غير الملكية التى يمنحها جلالته إلى نخبة محدودة من الذين قدموا خدمات جليلة كان لها تأثير عظيم للبشرية، وتضم هذه القائمة الصغيرة ثلاثة مصريين فقط تمكنوا من فرض احترامهم على أولئك المتغطرسين أبرزهم القديس مجدى يعقوب أمير القلوب ثم النابغة نعمت شفيق نائب محافظ بنك انجلترا و الأنبا أنجليوس الذى أثرى الحريات الدينية، وأظن وليس كل الظن إثمًا أن رابعهم سوف يكون فخر مصر والعرب وافريقيا مو صلاح، ذلك الفلاح الفصيح الذى أجبرت عقليته الفريدة قبل موهبته الفذة فى خطف قلوب الإنجليز وتحول فى ليلة وضحاها إلى أيقونة عالمية عابرة للعرق والدين ترسم ملامحها الباسمة على جدران تايم سكوير.

 

فهو بحق ظاهرة نادرة، كاريزمته العفوية تجذب الباب للشيوخ و تداعب أحلام مخيلة الأطفال، فقصته الفريدة ألهمت المهمشين بأن العمل الدؤوب والعزيمة الصلبة كفيلان برفعك إلى عنان المجد، أسطورة هذا المكافح تخطت مسيرته المذهلة كلاعب كرة محترف فى أعلى مستوى تنافسى على الإطلاق وتحطيمه لكل الأرقام القياسية وحصوله على كافة البطولات والجوائز الفردية لتأخذ منعرجًا جديدًا يبرز مدى تأثيره الإنسانى العظيم على قضايا معقدة مثل الإسلاموفوبيا ونجاحه الباهر فى تغيير نظرة العوام تجاه قضية اندماج المهاجرين فى المجتمعات الغريبة.

وموخراً نثر سحره الخاص عندما حبس العالم أنفاسه وهو يتابع تغطية يومية للإعلام العالمى حول تفاصيل عرض فريق اتحاد جدة الخرافى والذى وصل إلى 251 مليون دولار، ليكون أغلى لاعب فى التاريخ ، والذى مازال يحتفظ به البرازيلى نيمار بقيمة 249 مليون دولار. بخلاف عقده الشخصى المذهل الذى بمقتضاه سيحصل على راتب أسبوعى 2.45 مليون جنيه إسترلينى، يعنى حوالى 8 أضعاف راتبه الحالى، بالإضافة إلى امتيازات من ألف ليلة وليلة، كل ذلك الجنون وهو فى سن الـ31 سنة، وبالرغم من كل هذه الإغراءات الخزعبلية التى يسيل لها لعاب القاصى والدانى، لم يترك ابن نجريج ليفربول يسير وحيدًا فى حين خانه من قبل أسماء رنانة مثل مايكل اوين، شابى الونسو، خافيير ماسكيرانو، سواريز وأخيرًا القائد هندرسون.

كم الضغوط الرهيبة التى مورست عليه لم تجعله يسقط فى غواية المال واتخذ قراراً تاريخيًا بكل معنى الكلمة بدون مبالغة وهو استكمال حلمه فى أن يكون أفضل لاعب فى العالم، وفكرة الرفض ليست لها علاقة بطموح الدورى السعودى المشروع الذى يريد أن يصبح من ضمن الكبار وهو ما يراه القائمون عليه باقتناء الجوهرة الفرعونية سيضمن لهم متابعة  أكثر من 100 مليون مصرى، ولما لا فقد توجوه سفيرًا للسعادة،  عاجلا أو آجلا سيرحل عن انفيلد لأنها سنة الحياة، ولكن الذكاء فى اختيار الوقت والطريقة المناسبة للخروج من الباب الكبير حتى يخلد كأسطورة لليفربول والبريميرليج بعدما ضرب مثالًا لقيم أضحت فى نظر البعض بالية مثل الوفاء والانتماء فى زمن طغى عليه توحش المادة، وهو ما لن ينساه له الجميع وسيظل هذا الموقف الغريب والنبيل مثيرًا للإعجاب ومحفورًا فى ذاكرة التاريخ. 

أعتقد ان صلاح بما فعله ليس أهم لاعب فى تاريخ الكرة العربية بل هو أفضل مواطن عربى قدم صورة مبهرة وموثرة تمكنت من تغيير الصورة النمطية المقيتة، فهو يدرك أنه أصبح رمزًا لأجيال ترى فيه أحلامهم المؤجلة.

صلاح يسير على خطى محمد على كلاى، الذى برهن على أن الأبطال لا يصنعون فى صالات التدريب فقط، ولكن يصنعون من أشياء عميقة فى داخلهم، هى الحلم الذى يتحول إلى رؤية تحققه إرادة من فولاذ.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الشمس القائمة الصغيرة مصر والعرب

إقرأ أيضاً:

البيت بيت أبونا وعايزين يهجرونا؟!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يتشدق الغرب بالاهتمام بالإنسان ويدعى الحفاظ على الكرامة الإنسانية!.. ولاشك أنها قيمة يجب احترامها وتقديرها، ولكن السؤال: بأي مكيال تكيلون؟!

فلسطين أرض عربية قديمة قدم التاريخ، وهى أرض لها خصوصيتها، فهى أرض مقدسة لأنها مهبط الرسالات للكثير من أنبياء الله ومنهم  إسحاق ويعقوب ويوسف وموسى وهارون وآل عمران والسيدة مريم والسيد المسيح وزكريا ويحيى وداود وسليمان ويوشع وغيرهم، وهى ملجأ إبراهيم أبو الأنبياء بعد واقعة الحرق، وملجأ لوط بعد خروجه من القرية الفاسقة، وهى مرقد لكل هؤلاء وغيرهم من أنبياء، لذلك تلك الأرض طاهرة بما تحتويه من أجساد الأنبياء.

وفلسطين أرض عربية اغتصبتها إسرائيل بمساعدة قوى الغرب، وكانت حرب ١٩٤٨ أول حرب من أجل تحرير فلسطين، وخسر العرب تلك المعركة لأن معظم الدول العربية كانت تحت الاحتلال، ولم يكن من المتصور أن يمدنا المستعمر بسلاح يساعدنا فى إفشال مشروعه!، لذلك خسر العرب المعركة، وتم التهجير لأول مرة! ومنذ ذلك الوقت وشعب فلسطين يعانى أشد وأقسى معاناة، ومع ذلك يتمسكون بالأرض، ويتحملون ما لا يتحمله بشر، معتصمين بوعد الله “إن الله مع الصابرين” ورغم أن فلسطين دولة صغيرة المساحة حوالى ٢٧ ألف كم، وبعد حرب ١٩٦٧ تقلصت المساحة إلى أقل من الربع لتصبح ٦٢٠٩ كم وضم الكيان الصهيوني الباقى!

ولإضعافها قسمت إلى جزأين هما غزة والضفة، وما يخص غزة من المساحة ٣٦٥ كم، وهى عبارة عن شريط صغير ضيق مكتظ بالسكان! ولكنها أرض ميزها الله، وذاخرة بما يخرج من باطنها من كنوز طبيعية تكتشف يومًا بعد يوم، سواء فى الغاز الذى يطمع فيه الصهاينة، أو الرمال السوداء التى يطمع فيها ترامب والتى إن لم تتوافر له ستتحول أسلحته الى خردة، ولذلك يتوهم أنه ليس أمامه إلا غزة ليحصل عليها بالمجان!

وهو ما جعل أصحاب المطامع يسيل لعابهم على غزة، ولا ينظر هؤلاء إلى أصحاب الحق فى تلك الأرض ولا يكتفون بالسرقة والنهب بل يريدون طرد الفلسطينين من وطنهم، وهم بالرغم مما يعانوه من عذابات لا يحتملها بشر ولا تخطر على بال شيطان، صامدون صابرون!

لا يعيشون حياة البشر لأنهم لا أحياء ولا أموات، ويتمسكون بأرض لم تمنحهم الحياة ولكن يتعشمون أن تحتضنهم أمواتًا، وراضون بذلك ولكن يستكثر عليهم رئيس أمريكا ونتنياهو وأعوانهما ذلك، ويريدون أن يسلبوهم أرضهم ولا يفكرون كيف يترك هؤلاء تلك الأرض التى رويت بدمائهم ولا توجد بها ذرة واحدة دون أن ترتوى بدمائهم؟! لقد تحملوا الحياة بين المتفجرات والتفجيرات والدم والموت، تحملوا رؤية فلذات الأكباد أشلاء متناثرة ولا يتمكنوا من سترهم تحت التراب.. تحملوا رؤية الأحبة ينزفون ولا حيلة للنجاة.. تحملوا هدم البيوت والآمال والأحلام.. تحملوا موت أطفالهم جوعًا وذعرًا، تحملوا هدم الكنائس والمساجد والآثار الممتلئة بعبق التاريخ، تحملوا تعمد هدم المستشفيات واستهداف الفرق الطبية.. تحملوا العقول الشاذة التى تتلذذ بتعذيب الرجال عرايا أمام ذويهم، واغتصاب النساء دون حياء! فهؤلاء الأنجاس لا يعرفون حرمة وكل ما يمر على خاطرهم مستباح.

وتحملنا رؤية طفل يموت وفى يده قطعة عيش لم يعش ليأكلها، وتحملنا رؤية أطفال يتمسكون بأجساد آبائهم وأمهاتهم ولا يجدون من يضمهم ويطمئنهم، وتحملنا رؤية رضع يحبون فى خلاء مملوء بالهدم والمتفجرات بلا مأوى أو طعام أو شراب! تحملنا رؤية أب يحمل نصف جسد طفلة ويعرضها للخلق وهو يهذى بكلمات لا تفسر!.. تحملنا وتحملنا الكثير وهم إخوة لنا بالدم والجيرة والأهم والأخطر إخوة لنا فى الإنسانية!

لم أكن من مؤيدى ما حدث فى ٧ أكتوبر لأنى أعلم أنه سيكون ذريعة للصهاينة لفعل الكثير وهذا ما حدث، ولكن ما فعله الصهاينة كان كاشفًا لسلامهم الخادع، وتعلمنا أن الأفاعى لا تؤتمن، واستيقظنا بعد أن خرج علينا ترامب معلنا بتبجح نيته فى الاستيلاء على غزة وتهجير أهلها، ووقف العرب صفًا واحدًا شعوبًا وحكامًا، رافضين تهجير الشعب الفلسطينى، وما نتعرض له حاليًا حرب وجود يتطلب منا التكاتف والتلاحم وتوحيد الإرادة، نعيش على المحك إما نكون أو لا نكون!

لذا استضافت المملكة العربية السعودية بعض الزعماء العرب، للقاء أخوى يسوده الود دعا إليه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وجمع قادة دول مجلس التعاون الخليجي وملك الأردن والرئيس السيسى، لبحث موقفهم الجماعى من خطة ترامب، التى تستهدف نقل سكان قطاع غزة إلى دول مثل مصر والأردن وغيرهما ولكن القادة العرب اجتمعوا لرفض التهجير ومناقشة  “خطة إعادة إعمار غزة” وهى عكس خطة ترامب،  ثم كانت قمة القاهرة الثلاثاء 4 مارس والتى أكدت الإجماع العربى.. أما أهل غزة أصحاب الحق فقد اختاروا الصمود والتمسك بأرضهم، وتعمل مصر على مواجهة مخططات التهجير، ويقود الرئيس السيسى الزخم العربي لتنفيذ ما وضعه من خطوط حمراء منذ بدء الحرب، وهناك توافق عربي حول رؤية بديلة للطرح الأمريكى الذى يستهدف تهجير سكان قطاع غزة، ومن بعدهم سكان الضفة، وذلك لصالح التمدد الاستيطاني الإسرائيلى، ورغم الآلام التى يشعرها كل عربى إلا أن مشهد عودة النازحين من جنوب قطاع غزة إلى شماله كان أكبر دليل على تمسكهم بأرضهم ودولتهم حتى وإن عاشوا وسط الركام وبين الأطلال، هذه المشاهد يجب أن تحث كل بلاد الدنيا على التكاتف مع أصحاب الحق والوقوف صفا واحدًا لرفع الظلم وإجبار الصهاينة على حل الدولتين، وهو أضعف الإيمان إن كان هناك احترام حقيقى لحقوق الإنسان والكرمة الإنسانية!

مقالات مشابهة

  • محافظ أسوان يفاجئ العاملين بمركز طب أسرة السيل ويطمئن على الخدمات الطبية
  • فى ظل قمة عربية استثنائية.. مبعوث ترامب يجهز لزيارة الشرق الأوسط لتمديد اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة
  • من الرصيف الهادئ إلى مسرح الجريمة.. مدخل عقار يتحول أكوام مخالفات خطيرة
  • العميد عاطف الإسلامبولى.. شهيد الواجب ورمز الشجاعة الذى لا يغيب
  • موعد الحلقة الخامسة من مسلسل جودر2
  • البيت بيت أبونا وعايزين يهجرونا؟!
  • في مواجهة حركة إم23.. جيش الكونغو الضخم يكافح لمحاربة ميليشيا أصغر حجمًا بكثير
  • برلماني: القمة العربية نقطة بناء رئيسية في مسار دعم القضية الفلسطينية
  • ملك الأردن: حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام
  • مبارك الفاضل: مغالطات وادعاءات والمصدر واحد