فيضانات ليبيا.. كارثة تضرب بلدا غارقا في الحرب والانقسامات!
تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT
لماذا كانت مدينة درنة الساحلية الأكثر تضرراً من الكارثة؟
بعد الفيضانات المدمرة التي ضربت شمال شرق ليبيا، أصبح حجم الكارثة واضحاً بشكل كبير. ونقلت وسائل إعلام محلية عن متحدث باسم وزارة الداخلية التابعة للحكومة في شرق البلاد قوله إن أكثر من 5200 شخص لقوا حتفهم في درنة. والحصيلة مرشحة للارتفاع، إذ يرجح مسؤول ليبي أن يصل العدد إلى 20 ألف قتيل.
وقال رئيس بعثة الاتحاد الدولي للصليب والهلال الأحمر بليبيا، تامر رمضان، إن نحو 10 آلاف شخص في عداد المفقودين. وأضاف رمضان: "إن عدد القتلى هائل وقد يصل إلى الآلاف". وفي الوقت نفسه، أعلنت المنظمة الدولية للهجرة أن 30 ألف شخص في درنة وحدها أصبحوا بلا مأوى بسبب الفيضانات.
ويمر بمدينة درنة الساحلية، الواقعة على بعد 300 كيلومتر شرق بنغازي، مجرى نهر لا تتوفر فيه المياه بشكل عام في الصيف. لكن بسبب الأمطار الغزيرة، تحول إلى سيل جارف جرف أيضًا العديد من الجسور. كما انهارت العديد من المباني متعددة الطوابق على جانبي ضفاف مجرى النهر.
اختفى الناس مع منازلهم وسياراتهم في المياه الهائجة. وقال وزير الطيران في الحكومة التي تتولى السلطة في الشرق، هشام شكيوات، لوكالة "رويترز" للأنباء إن "الوضع كارثي. هناك جثث في كل مكان - في البحر وفي الوديان وتحت المباني".
كما يتوقع أن يكون العدد النهائي للضحايا "مرتفعا للغاية". "لا أبالغ عندما أقول إن 25 في المائة من المدينة قد اختفى"، يضيف شكيوات.
بحث "يائس" عن الأقارب!
كثيرون لا يعرفون في الوقت الحالي ما إذا كان أقاربهم وأصدقاؤهم لا يزالون على قيد الحياة. ويقول توماس كلايس، مدير مكتب ليبيا في مؤسسة "فريدريش إيبرت" المقربة من الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني، حزب المستشار أولاف شولتس، ومقره تونس، إن "حالة عدم اليقين هذه مزعجة".
ويضيف كلايس: "أسمع من عدد من الأشخاص هنا أنهم لم يتواصلوا مع أقاربهم وأصدقائهم لمدة يومين أو ثلاثة أيام. ويرجع ذلك أيضاً إلى انهيار شبكة الهاتف. لذا فهم لا يعرفون شييئا عنهم، أي ما إذا كانوا لا يزالون على قيد الحياة أم لا".
وتنقل صحيفة "لو فيغارو" الفرنسية عن رجل من مدينة درنة قوله: "لم أعد أحتمل رؤية صور كل هؤلاء القتلى". قد علم الرجل من مُعلِّم سابق وصديق طفولة وصديق لإحدى العائلات والجيران أن: "الجميع ماتوا!" ويقول الرجل إنه لم ينم منذ أيام.
الشواطئ اختفت!
ويقول خبير الأرصاد الجوية وباحث المناخ في مدينة كييل، مجيب لطيف، للمحطة الإذاعية في ولاية بافاريا BR في لقاء إن الفيضانات الأخيرة هي على الأرجح نتيجة لتغير المناخ.
وفي حالة ليبيا، كان ذلك بسبب درجات الحرارة "الدافئة للغاية" في البحر المتوسط، والتي قابلها بعد ذلك الهواء البارد من الشمال. وكانت العواقب المشتبه بها لتغير المناخ ملحوظة منذ فترة طويلة في أجزاء كبيرة من شمال أفريقيا، على سبيل المثال في اختفاء الشواطئ.
بيد أن الأضرار في درنة جسيمة للغاية لأن المدينة تضررت بشكل خاص من آثار الحرب الأهلية، كما تقول أسماء خليفة، الخبيرة في الشأن الليبي من المعهد الألماني للدراسات العالمية والإقليمية (GIGA) في هامبورغ.
وبعد انهيار نظام العقيد معمر القذافي في عام 2011، خاضت الميليشيات المتنافسة معارك مريرة من أجل السلطة. وفي السنوات الموالية، توسع هذا الأمر ليتحول إلى حرب انخرطت فيها الجهات الفاعلة الدولية بشكل متزايد.
وكان لهذا أيضاً عواقب على مدينة درنة الليبية، وتشير خليفة إلى الأعوام 2013 و2014، عندما كانت المدينة تحت حكم تنظيم "الدولة الإسلامية" الإرهابي (داعش). وتوضح خليفة لـ DW: "عندما حاولت القوات الليبية تحرير المدينة، كانت تحت الحصار لمدة عامين. وبالتالي، فإن البنية التحتية هناك أكثر هشاشة من العديد من المدن الأخرى في البلاد".
صراعات مريرة على السلطة
ونتيجة للحرب، انقسمت البلاد أيضًا بين حكومتين متنافستين. الحكومة الوحيدة المعترف بها دوليا تتخذ من طرابلس مقرا لها. أما الحكومة الثانية، فهي الحكومة المنافسة التي تتواجد في شرق البلاد، حيث حدثت الفيضانات المدمرة الآن.
وتؤكد خليفة أن هذا التقسيم يمثل مشكلة هيكلية هائلة، "لقد أضعفت الحرب مؤسسات الجانبين وشجعت الفساد الهائل وسوء استخدام الأموال العامة".
وقد ساهم ذلك بشكل كبير في تدمير البنية التحتية للبلاد، وكان آخرها في حالة السدود والطرق المدمرة أو المتضررة، كما توضح الخبيرة في الشأن الليبي. "الحرب هي أيضا السبب الرئيسي للرد الفوضوي على الأزمة."
سدود غير آمنة!
هناك تقارير موثوقة تفيد بأن السدود المدمرة الآن في درنة وما حولها لم يتم فحصها وصيانتها بانتظام، كما يقول توماس كلايس من مؤسسة "فريدريش إيبرت" الألمانية.
ويضيف: "لا نعرف بالضبط بعد، ولكن يبدو أن السدود كانت في حالة سيئة. ويرجع هذا بالطبع إلى أن هياكل الدولة في جميع أنحاء ليبيا، وخاصة في الشرق، ضعيفة للغاية بشكل عام".
ليبيا بحاجة إلى المساعدات من جميع الدول المجاورة!
لكن آثار الحرب قد لا تكون العامل الوحيد الذي ساهم في حجم الكارثة وما ترتب عنها من عواقب. ولكن يبدو أنه كانت هناك أيضاً قرارات خاطئة اتخذت في الساعات الأولى من الكارثة.
وتوضح خليفة: "هناك تقارير تفيد بأنه عندما اندلعت العاصفة (دانيال)، فرضت القوات المسلحة في البداية حظر التجول وطلبت من المواطنين البقاء في منازلهم". وبطبيعة الحال، لا يمكن تأكيد مثل هذه التقارير بما لا يدع مجالاً للشك في بلد غير مستقر ومجزأ سياسيا دون اتخاذ إجراءات حكومية شفافة.
الضرورة تفرض التعاون بين خصوم السياسة
لقد تصرفت الحكومتان في البداية بشكل سلبي إلى حد ما، كما يقول الخبير في الشؤون الليبية، توماس كلايس - بما في ذلك الحكومة المعترف بها دولياً برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والتي لا تمارس في الواقع أي سيطرة على درنة. ويوضح كلايس: "حاولت الحكومة في طرابلس طمأنة السكان. وأرسلت في البداية رسالة مفادها أن الأمور ليست بهذا السوء، وعلينا الآن أن نبقى سوية".
وقد استجابت الحكومتان المتنافستان الآن وتقدمان المساعدات الطارئة بفعالية. وأطلقت الحكومة المعترف بها دوليا في الغرب قوافل مساعدات إلى المنطقة، ومن المقرر أيضا إرسال خدمات إنقاذ وفنيين لإصلاح شبكة الكهرباء.
فيما عرضت العديد من الدول المساعدة على ليبيا. وخصصت الأمم المتحدة 10 ملايين دولار للإغاثة في حالات الكوارث، حسبما كتب مارتن غريفيث، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، على موقع "إكس"، "تويتر" سابقاً.
وتقول أسماء خليفة إن هناك حاجة ماسة إلى هذه المساعدات. "ليبيا نفسها لا تملك قدرات الإجلاء والإمداد اللازمة. ولهذا السبب فهي بحاجة إلى دعم جميع الدول المجاورة، بما في ذلك الدول الأوروبية. هناك حاجة إليها الآن وبشكل عاجل".
كرستن كنيب / إ.م
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: فيضانات في ليبيا فيضانات شرق ليبيا فيضانات في درنة الكارثة في درنة الليبية فيضانات في ليبيا فيضانات شرق ليبيا فيضانات في درنة الكارثة في درنة الليبية مدینة درنة العدید من فی درنة
إقرأ أيضاً:
شاهد..10 قتلى في فيضانات الأرجنتين
قتل 10 على الأقل، حسب حصيلة مؤقتة للسلطات المحلية، جراء أمطار غزيرة هطلت على مدينة باهيا بلانكا الساحلية، على بعد 600 كلم جنوب بوينس آيرس.
وحسب السلطات، سقطت أكثر من 300 ملليمتر من الأمطار في 6 ساعات، وأغرقت العديد من الشوارع وأجبرت أكثر من ألف على إخلاء المدينة التي تضم 350 ألف نسمة. وبحلول منتصف يوم أمس الجمعة، قالت بلدية المدينة، إن "جزءاً كبيراً من المدينة كان تحت المياه" بعد "سبع ساعات من الأمطار الغزيرة المتواصلة"، والتي انحسرت بحلول الظهر.وقال رئيس بلدية باهيا بلانكا، فيديريكو سوسبييليس، في رسالة فيديو عبر إكس إن "الأمطار قد توقفت"، لكن طرقاً مغمورة بالمياه لا تزال تمنع الناس من الوصول إلى أجزاء مختلفة من المدينة. وأشار إلى قطع الكهرباء عن المدينة "لأسباب أمنية".
EXTREME flooding in Bahía Blanca, Argentina today. At least six people have died....???? pic.twitter.com/jhq01zrekk
— Volcaholic ???? (@volcaholic1) March 7, 2025وأظهرت لقطات تلفزيونية ممرضات وطاقماً طبياً يجلون، بمساعدة الجيش، الرضع من وحدة حديثي الولادة في مستشفى خوسيه بينا، أكبر مستشفيات المدينة.
وقد ألغت بلدية باهيا بلانكا جميع الأنشطة في المدينة أمس الجمعة، ودعت السكان إلى البقاء في منازلهم حتى إشعار آخر، وسمحت "بالتحرك بالآليات الثقيلة فقط" استعداداً لعمليات الإنقاذ. وأغلقت المطار حتى إشعار آخر.
وأجرت قناة "إل إن+" مقابلة مع متضررة في باهيا بلانكا، على متن شاحنة لجأت إليها مع أطفالها عندما شاهدت المياه تتصاعد في الشارع ثم في منزلها.
????THIS MORNING, MASSIVE FLOODING IN BAHÍA BLANCA, ARGENTINA
- Heavy rainfall has made most streets impassable
- Over 200mm of rain has fallen, with 50-100mm more expected in the next 2 hours
- 40 families evacuated, with many more calls for assistance being processed pic.twitter.com/mBebvdqAZX
وقالت فلافيت فييرا روميرو: "وضعنا الكلاب على السطح لكن الأطفال في الشاحنة وبقينا في داخلها، لا يزال هناك حوالي متراً من المياه، ونحن في انتظار أن تنخفض المياه حتى نتمكن من الذهاب إلى مكان أكثر أماناً"، وأضافت "صعد الجيران جميعاً إلى أسطح المنازل".