انطلاق المؤتمر الإقليمي السادس لمراجعة برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية في بيروت
تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT
سام برس
سعيًا لتقييم الإنجازات وتقديم توصيات بشأن وضع قضايا السكان في صلب التنمية المستدامة، انطلقت في بيت الأمم المتحدة في بيروت أعمال المؤتمر الإقليمي السادس لمراجعة برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية ، الذي تنظّمه لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) والمكتب الإقليمي لصندوق الأمم المتحدة للسكان للدول العربية وجامعة الدول العربية والاتحاد الدولي لتنظيم الأسرة بمناسبة الذكرى السنوية الثلاثين لانعقاد المؤتمر الدولي للسكان والتنمية وبعد 10 أعوام من إعلان القاهرة 2013.
يشارك في المؤتمر وزراء ونواب ومسؤولون رفيعو المستوى من المنطقة العربية، وممثلون عن وكالات وصناديق
وبرامج الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية والإقليمية، والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى ممثلين عن
المجتمع المدني، وشباب، وأصحاب المصلحة الآخرين.
في كلمته، حذر وزير الشؤون الاجتماعية في لبنان، هكتور حجار، من ضياع الأولويات وغياب الخطط والاستراتيجيات
التي من شأنها ضمان تحقيق استقرار اجتماعي، وحذر أيضاً من التجاذبات والتناقضات التي تؤثر على الضعفاء وتهدر
فرصهم في التمتع بحياة كريمة ولائقة. وشدد حجار على التزام لبنان ببرنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية لما له
من دور أساسي في تأمين الاستقرار الاجتماعي.
لقد بات واضحاً أن اعتماد السياسات السكانية ودمج أولويات السكان في التخطيط التنموي يعتبر شرطًا أساسيًا لتحقيق
التنمية المستدامة في المنطقة العربية، خاصة في ظل توقّع نمو عدد سكانها إلى 694 مليون نسمة بحلول عام 2050.
وفي عام 1994، اعتمدت 179 دولة برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية، الذي تناول احتياجات مختلف الفئات
السكانية والتحديات الخاصة التي تواجهها في ظل التحولات الديمغرافية والتغيرات البيئية والتطورات الاجتماعية
والاقتصادية. وكلّ خمسة أعوام، يتم استعراض التقدّم المحرز في تنفيذ برنامج العمل هذا.
من جهتها، حثّت الأمينة التنفيذية للإسكوا، رولا دشتي، على توفير بيئة تمنح الشباب والنساء وكبار السن وذوي الإعاقة
والمهاجرين واللاجئين فرصًا في تنمية مجتمعاتهم والمساهمة في تحقيق أهداف التنمية، مسلّطةً الضوء على أهمية بناء
مجتمعات مرنة و اقتصادات قوية تواكب متطلّبات العصر وتتكيّف مع آثار تغير المناخ، بحيث لا يُترك أحد خلف
الركب، وبخاصة الشابات والشباب. كما شدّدت على أهمية التنسيق والتعاون بين جميع الجهات المعنية لإحداث التغيير
الإيجابي المنشود.
وعلى الرغم من الأزمات المتعددة التي تواجه المنطقة العربيّة، استمر تقدّم بعض البلدان في مجال دمج النساء والفتيات
في عمليات التنمية.
وفي كلمتها، أشارت المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان، الدكتورة نتاليا كانيم، إلى أنّ الاستثمار في صحة
النساء والفتيات وفي تعليمهنّ وفي حقوقهنّ هو أساسي لتحقيق المساواة بين الجنسين، ويدفع بالتقدّم داخل المجتمعات
ويحفّز الرخاء في المنطقة العربيّة. وأكّدت على ضرورة الاستثمار في السياسات التي تسعى إلى خلق بيئة تمكينية لهنّ
لاتخاذ قرارات بشأن أجسادهنّ وحياتهنّ في سياقات التنمية وبناء السلام وفي الأوضاع الإنسانيّة.
وبدورها، حثّت الأمينة العامة المساعدة ورئيسة قطاع الشؤون الاجتماعية في جامعة الدول العربية، هيفاء أبو غزالة،
على ضرورة إدارة العلاقة بين السكان والتنمية بنجاح بغية تحقيق توازن متناغم وديناميكي بين السكان والتنمية لتحسين
نوعية حياة الإنسان. وقالت إن هذا يتطلب جعل الأهداف السكانية وإجراءات تحقيقها مكوّنات متفاعلة مع تلك الاقتصادية
والاجتماعية والثقافية والبيئية والتشريعية في أطر الخطط والبرامج.
من جهتها، شددت المديرة الإقليمية للاتحاد الدولي لتنظيم الأسرة - إقليم العالم العربي، فدوى باخدة، على أهمية التعاون
من أجل إتاحة خدمات الصحة الإنجابية للجميع، والقضاء على العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي، وعدم
إهمال أحد عند السعي لتحقيق التنمية المستدامة. ودعت باخده الجهات الفاعلة على المستوييْن الدولي والوطني إلى تعزيز
المساءلة عبر توسيع نطاق الالتزامات العالمية للمؤتمر الدولي للسكان والتنمية واستدامتها.
وعلى الرغم من التقدّم الذي أظهرته المراجعات السابقة في المنطقة العربية، لا يزال غير متكافئ بين بلدان المنطقة بفعل
الأزمات المتعددة والاتجاهات الكبرى الناشئة.
قبل عشر سنوات، أكدت الدول العربية دعمها لبرنامج العمل من خلال اعتماد إعلان القاهرة لعام 2013، أي وضع
الكرامة والمساواة والصحة والاستدامة البيئية والحوكمة في أعلى سلّم أولويات المنطقة. ويوفر المؤتمر اليوم فرصة
لتصوّر المستقبل من خلال العمل معًا بشكل عاجل واغتنام الفرص لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030
المصدر: سام برس
كلمات دلالية: التنمیة المستدامة الأمم المتحدة
إقرأ أيضاً:
تصاعد الصراع في شرق الكونغو: أزمة تهدد الأمن والاستقرار الإقليمي
تصاعد الصراع في شرق الكونغو: أزمة تهدد الأمن والاستقرار الإقليمي
* محمد تورشين
تتسارع وتيرة الأحداث في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث تتواصل المواجهات العسكرية بين الجيش الكونغولي وحركة “23 مارس” (M23)، إلى جانب فصائل مسلحة أخرى تنشط في المنطقة.
تُعد هذه المنطقة، التي تضم أكثر من 120 جماعة مسلحة، واحدة من أكثر المناطق اضطرابًا في إفريقيا، مما يعزز تعقيد المشهد الأمني فيها ويهدد الاستقرار الإقليمي.
شهدت حركة “23 مارس” تجدد نشاطها منذ عام 2021 بعد فترة من الخمود استمرت منذ عام 2013، عندما أجبرتها القوات الحكومية، بدعم أممي، على التراجع بعد سيطرتها المؤقتة على مدينة غوما، عاصمة إقليم شمال كيفو. تُعتبر غوما مدينة استراتيجية غنية بالموارد الطبيعية مثل الذهب والكولتان، وهي معادن حيوية لصناعات التكنولوجيا الحديثة.
تطالب الحركة بالعودة إلى اتفاق مارس 2009، الذي نص على دمج عناصرها في الجيش الكونغولي ومنح حكم ذاتي محدود في المنطقة، وهو ما لم يُنفذ بالكامل.
تتهم الكونغو حكومة رواندا بدعم حركة “23 مارس” لتأمين نفوذها في المنطقة، والاستفادة من الموارد الطبيعية الثمينة. وتعود تدخلات رواندا في الشأن الكونغولي إلى تسعينيات القرن الماضي بعد انتهاء الإبادة الجماعية في رواندا، حيث دعمت كيغالي قوى معارضة للإطاحة بالرئيس موبوتو سيسي سيكو.
تُظهر التقارير أن رواندا تسعى إلى تعزيز مكانتها كقوة مؤثرة في منطقة البحيرات العظمى، ما يؤدي إلى توترات دائمة مع الكونغو.
في ديسمبر 2024، قادت أنغولا مبادرة سلام لحل الأزمة، لكنها باءت بالفشل بسبب التوترات بين الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي ونظيره الرواندي بول كاغامي.
يُتوقع أن يؤدي استمرار الصراع إلى كارثة إنسانية واسعة النطاق، مع نزوح مئات الآلاف من المدنيين وتفاقم الأزمة الإنسانية. كما أن تصاعد النزاع قد يمتد إلى دول الجوار مثل أوغندا وبوروندي، حيث تتداخل الحدود والقوميات العرقية بين هذه الدول.
يتطلب الوضع تحركًا سريعًا من القوى الدولية والإقليمية لإعادة إحياء الحوار بين الأطراف المتنازعة. ومن المهم إشراك جميع الجهات المعنية، بما في ذلك الحكومة المركزية في كينشاسا، وحركة “23 مارس”، والدول الداعمة للأطراف المختلفة.
إن تجاهل الأزمة قد يؤدي إلى تفاقم عدم الاستقرار في منطقة البحيرات العظمى، حيث تتداخل القضايا الأمنية مع الطموحات السياسية والاقتصادية للدول الإقليمية، مما يهدد بتحويل المنطقة إلى ساحة صراع طويلة الأمد.
ختاماً، يظل الوضع في شرق الكونغو تهديدًا كبيرًا للسلم والأمن الإقليميين. وإذا لم يتم تدارك الأزمة من خلال حلول سياسية ودبلوماسية، فإن المنطقة ستواجه تداعيات كارثية تمتد إلى ما هو أبعد من حدود الكونغو الديمقراطية، لتشمل كل دول منطقة البحيرات العظمى.
* باحث وكاتب سوداني متخصص في الشؤون المحلية والقضايا الأفريقية.
الوسومأفريقيا إقليم البحيرات العظمى الكونغو حركة 23 مارس رواندا غوما محمد تورشين