لجريدة عمان:
2025-03-20@01:48:34 GMT

النجاة في كتاب الله

تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT

النجاة في كتاب الله

النجاة هي الخلاص من المكروه، والباحث في كتاب الله يجد هذه الكلمة ومشتقاتها في كثير من ثناياه وقصصه، فتجدها واردة في قصص الأنبياء وأقوامهم، كما تجدها في وصف المؤمنين الذين ينجيهم الله من النار ويدخلهم الجنة، وقد بين الله أسباب نجاة الناس، ودعا إلى الأخذ بهذه الأسباب والعمل عليها لكي ينجيهم الله في حياتهم الدنيا ويوم يقوم الحساب.

ومن الأقوام الذين منّ الله عليهم بالنجاة هم بنو إسرائيل، فقد أنجاهم الله في مواقف متعددة، وأعظم تلك المواقف وأكثرها بروزا هو نجاتهم من فرعون وآله الذي كانوا يسومون بني إسرائيل أشد العذاب وكانوا يعتدون على نسائهم ويقتلون أطفالهم، ويجعلونهم عبيدا لهم يقومون بالأعمال الشاقة، فقال تعالى في سورة البقرة: «وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ» وقال ربنا في سورة الأعراف: «وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ» فقد وصفه الله عز وجل بأنه بلاء عظيم كان واقعا بهم، وفي سورة الدخان وصفه ربنا تبارك وتعالى بأنه عذاب مهين، فقال تعالى: «وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ» فقد أنجاهم الله من هذا البلاء العظيم والمهين، ولكنهم رغم ذلك كذبوا نبيهم وعصوه.

وقد أنجى الله بني إسرائيل مرة أخرى وذلك عندما أنجاهم من الغرق في البحر فقال تعالى في سورة البقرة: « وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ» وقال في سورة الشعراء: «فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ ۖ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ (64) وَأَنجَيْنَا مُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ» فهي نجاة في نجاة، فقد أراد فرعون أن يقتلهم وأحسوا بالخطر فهربوا منه، وعندما أيقنوا أن فرعون وجنوده سيدركونهم، فلق موسى البحر بعصاه، فأدخلهم في مهلكة ثانية وهي أن يدخلوا في طريق وسط البحر، ولكن الله جعل من الخطر الثاني منجاة لهم ومهلكة لأعدائهم.

وكان الله قد أنجى موسى عليه السلام قبل ذلك فقد أنجاه من الغم بعد أن قتل رجلا من آل فرعون، فقط لكمه لكمة أسقطته ميتا، وهذا فيه دلالة واضحة على القوة الجسدية التي كان يمتلكها موسى، ومن ذلك قوته في رفع الحجر الذي كان يغطي البئر عندما وجد امرأتين تحاولان سقي أغنامهما فسقى لهما، ولكنه بعد أن قتل هذا الرجل، الذي كان لا يريد فعلا قتله، قال هذا من عمل الشيطان، فأنجاه الله من الغم على قتل تلك النفس، كما أنجاه الله من تآمر قوم فرعون الذين أرادوا أن يقتلوه فقال تعالى في سورة طه: «إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى». وفي خبر أصحاب السبت فقد أنجى الله الذين ينهون عن المنكر وأخذ الذين عصوا الله بالعذاب، فقال تعالى في سورة الأعراف: «فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ».

ومن المعجزات الكبرى التي حفظت البشرية وكانت سبب نجاتها ونجاة أنواع كثيرة من الكائنات الحية، هو نجاة نوح والذين آمنوا معه من الطوفان العظيم، وذلك بعد أن ركبوا في السفينة، فقال الله تعالى في سورة الأنبياء: «وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ» فقد أنجاه الله من قومه بعد تكذيبهم له فقد قضى في دعوته لهم 950 عاما، فلم يؤمن معه إلا عدد قليل، وقد استخدم معهم كل أساليب الدعوة فدعاهم في السر والجهر، فقال في سورة نوح « ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا» وكذلك استخدم معهم أسلوب الترغيب، فقال لهم إن الذين آمنوا بالله واستغفروا ربهم سيرسل الله عليهم الخير من السماء ويمدهم بأموال وبنين، ويجعل لهم الجنات والأنهار فقال لهم: « فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا» وقد ضرب لهم في دعوته الحجج والبراهين العقلية لكنهم عصوه واستكبروا ولم يؤمنوا به، فقد وجد أنه لا فائدة من هؤلاء القوم بعد أن استنفد وسعه معهم، فدعا الله أن يهلكهم فقد غلب كفرهم دعوته، فاستنصر القوي العزيز فأرسل لهم الطوفان فأهلكهم، وقد نجاه الله والذين آمنوا معه فقال تعالى في سورة الأعراف: «فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ» وقال في سورة يونس: «فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ»، وتحدث الله عن نجاته في سورة الشعراء فقال: «فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ» وقال في سورة العنكبوت: «فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ».

ومن الذين نجاهم الله عز وجل لوط عليه السلام وأهله إلا امرأته، وذلك بعد أن أرسله الله إلى القرية التي كانت تعمل الخبائث، فعصوه وكذبوه واستمروا في غيهم وضلالاتهم التي كانت تناقض الفطرة البشرية فأرسل الله عليهم العذاب فقال تعالى في سورة القمر: «إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ» وقال تعالى في سورة الأنبياء: «وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ»، وقال تعالى في سورة الأعراف: «فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ».

وأكد على ذلك في سورة النمل فقال تعالى: «فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ» وقال في سورة الأنبياء: « وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ» وقال ربنا جل وعلا في سورة الشعراء: «فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (170) إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ».

وكذلك أنجى الله صالحا عليه السلام والذين آمنوا معه فقال تعالى في سورة هود: «فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ» وقال تعالى في سورة النمل: «وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ» وأكد الله هذه الآية في سورة فصلت: « وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ».

وقد مضت سنة الله في الأمم السابقة التي كانت تكذب رسولها ولا تؤمن به ومن ذلك إهلاك الله لقوم مدين الذين أرسل لهم نبي الله شعيب فقد أنجاه الله والذين آمنوا معه فقال تعالى في سورة هود: «وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ» وكذلك أهلك الله قوم عاد بعد أن كذبوا نبيهم هودا، فأنجاه الله هو والذين آمنوا معه فقال تعالى في سورة هود:«وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ».

وأنجى الله سيدنا يونس عليه السلام من الغم الذي أحاط به بعد أن التقمه الحوت، فأنجاه الله تعالى بعد أن دعا بذلك الدعاء العظيم فقال تعالى في سورة الأنبياء: «فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ».

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: ف أ ن ج ی ن اه علیه السلام التی کان الله من بعد أن

إقرأ أيضاً:

مفتي عمان :نحيي أبطال اليمن المغاوير الذين قالوا فصدقوا، وتوعدوا فنفذوا

وقال الخليلي في تدوينه على منصة "أكس" نحيي أبطال اليمن المغاوير الذين قالوا فصدقوا، وتوعدوا فنفذوا، ونسأل الله لهم التوفيق لمناصرة الحق في وقتٍ قل فيه مناصروه.

من كان مع الله كان الله معه، والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين.

مقالات مشابهة

  • أذكار ختم الصلاة.. احرص عليها في شهر رمضان
  • صيغة تكبيرات العيد 2025 «مكتوبة»
  • مفتي عمان :نحيي أبطال اليمن المغاوير الذين قالوا فصدقوا، وتوعدوا فنفذوا
  • أحمد عمر هاشم يوضح مكانة سورة الفاتحة عند الله
  • الإسلام دين واحد
  • خالد الجندي: صفات المؤمنين ليست محصورة في6 فقط
  • الخدعة فی الحرب ليست بالحادثة المستحيلة !
  • بحضور القيادات الدينية.. الجامع الأزهر يحتفل بذكرى غزوة بدر الكبرى.. صور
  • بحضور وكيل الأزهر ووزير الأوقاف ومفتي الجمهورية.. الجامع الأزهر يحتفل بذكرى غزوة بدر الكبرى
  • الدكتور فضل مراد يوضح سبل النجاة من شرك النفس والهوى