كنت انوي ان اكتب عن تاريخ العلاقات السودانية المصرية بكل جوانبها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والاستراتيجية بيد ان الوقت يقتضي الكتابة عن الحاضر الذي يفرض نفسه بقوة بحيث يعتبر الحديث عن الماضي في هذا الراهن يعتبر ترفا سيما وان السودان دخل في منعطف خطير وحرب تستهدف وجوده كدولة ووقع في نفق مظلم لم يشهده تاريخه قديما وحديثا.

والسودان ظل مسخن بجراحات الحروب منذ الاستقلال لاسباب عديدة منها عدم وجود مشروع وطني ورؤية مركزية واحيانا تخبط بعض النخب السياسية وتنكبها الطريق واحيانا اخري تدخلات خارجية ليس لتدمير البلاد كما تظن بعض الطبقة السياسية وإنما طمعا في موارده التي لاتحصي ولاتعد
لكنه لم يشهد مثل هذه الحرب ابدا.

وكما هو معلوم بالضرورة ان السودان يمتلك ١٧٥مليون فدان صالحة للزراعة وثروة حيوانية وثروة سمكية وذهب ومعادن كثيرة لاحصر لها .

كذلك موقع السودان الهام الذي يربط بين شرق ووسط افريقيا ويربط كذلك افريقيا بالوطن العربي كل هذه الميزات جعلته محط انظار اطماع دول خلف البحار وهذا لايعني تبرئة الشعب السوداني فيما آل اليه حال بلادنا الآن.

كل هذه المقدمة نسردها ونحن في ظل ازمة حرب قضت علي الاخضر واليابس فمنذ 15,ابريل ذلك التاريخ المشؤوم الذي اندلعت فيه الحرب اللعينة بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع المتمردة.

هذه الحرب دمرت البنية التحتية من مؤسسات وشركات وبنوك ومصانع ومشافي ومساكن ومطارات واصبحت اعداد كبيرة من السودانيبن مشردين ونازحين ولاجئين .

مافعلته قوات الدعم السريع لاشبيه له الا مثل ما حدث في العراق وبغداد في عهد التتر حيث مارست المليشيا أسوأ انواع البطش والتنكيل بالشعب السوداني حيث اخرجوهم من ديارهم واغتصبوا حرائرهم ونهبوا اموالهم وقتلوا الرجال والصبيان ومارسوا التطهير العرقي في ابشع صوره .

اتجه عدد كبير من السودانيين الي دول الجوار مهاجرين من هذه المحرقة وكما هو معلوم ان السودان بجواره سبع دول
وعدد من هذه الدول أدار ظهره للسودان مع العلم ان السودان قدم لهم الكثير إبان الحروب التي كانت تطحن بلادهم
وجاء دور الجار والصديق وقت الضيق حيث فتحت مصر ذراعيها و حضنها الدافي لاشقائها السودانيين وتقاسمت معهم لقمة العيش والخبز والخدمات واستقبلت مصر الشعب السوداني بكل ترحاب وفتحت لهم الحدود وقبل الحدود فتحت لهم القلوب وتمكنوا من دخول مصر آمنين .

الشعب المصري العظيم قدم نموذجا متفردا في تعامله مع اشقائه السودانيين ودائما يقولون باننا شعب واحد في دولتين
وعلي الرغم من وجود جاليات كثيرة من سوريا واليمن والعراق إلا أن الجالية السودانية محمولة علي الراس وهي محترمة ومبجلة .

اما القيادة المصرية في اعلي مستوياتها هي التي فتحت الابواب للشعب السوداني والوقوف معه .

والدور العظيم والكبير الذي قام به الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي منذ بداية الحرب كان دورا رائدا وحكيما بكل حق وحقيقة الرئيس المصري ينظر بعمق وبادرا ك وبوعي لما يدور في السودان ولذلك كان تحرك مصر في كل الاتجاهات ابتداءا من اجتماعات دول الجوار وجولات وزير الخارجية سامح شكري واجتماعات وزراء خارجية دول الجوار في انجمينا

وسوف اتحدث بالتفصيل عن الدور المصري في تخفيف آثار الحرب في الاسبوع المقبل .

المصدر: نبض السودان

كلمات دلالية: وادي النيل ان السودان

إقرأ أيضاً:

(دخل شوقي من نفس الباب الذي خرج منه حافظ)

(دخل شوقي من نفس الباب الذي خرج منه حافظ) وسيدخل الروس من نفس الباب الذي سيتركونه وراءهم في سوريا ونعرف أن الدب الروسي يحب اراضي الغير ومواردهم وسواحلهم الدافئة فهذا الدب اللعين رغم عنجهيته لايخجل أن يعيش عالة علي دول العالم الثالث ... فهل ثمة علاج لهذا
الفلم القادم هو قصة حكومتين في بلد واحد وهذا البلد مزقته الحرب ولا يحتاج في الوقت الحاضر غير أن تتوقف عجلة القتل والدمار عن الدوران ... ولو قدر لنا أن نسأل الطرفين المتحاربين ... أي شعب تريدان أن تحكما وباية كيفية وهل حصل أن تم بينكما وبين المواطنين تشاور وتفاهم حول برنامج محدد بمقتضاه ينال حزب أو نفر منهم تفويضا موثقا باي شكل كان ليباشروا مهمة الحكم والإدارة القائمين علي الرضا والاقتناع علي أن يفهم من تم اختيارهم لهذه المهمة الجسيمة أنهم تحت الاختبار وتحت المراقبة وهنالك محاسبة وتدقيق ومن لم يرتفع لمستوي المسؤولية فلا بد أن تطاله يد العدالة وليس له من مهرب من العقاب !!..
هل هذه الأجواء التي يعيشها بلدنا الحبيب يمكن أن يجتمع فيها فريقان لا نري بينهما غير المكايدة والتشفي وروح الانتقام وماالذي الذي يجنيه المواطن المسكين الذي لم يسلم من الاذي وهو في داخل معسكرات النزوح واللجوء وتنهال عليه الدانات هو داخل بيته ويظن أنه محصن ضد القذائف التي تهبط عليه بالليل والنهار وهو يتقلب في فراشه بسبب حمي الضنك ، الملاريا ، الكوليرا ، نقص الماء والكهرباء وانعدام الغذاء والدواء ... !!..
العالم كله من أقصاه الي أقصاه في هذه الحرب اللعينة العبثية المنسية التي شكلت اكبر كارثة إنسانية عرفتها الإنسانية وكل فجر يوم جديد لا جديد غير تصاعد أعمدة اللهب والدخان ليس في العاصمة فقط بل في كل عموم السودان ويبدو أن هذه الحرب تنتظر طلوع الفجر بفارغ الصبر حتي تواصل عزفها المنفرد علي الحديد والنار والامدادات العسكرية تصل بسرعة البرق للطرفين ويتعثر وصول الغذاء والدواء وخيام الايواء وفي هذا الاثناء ورغم خروج معظم المشافي من الخدمة تطال الضربات الموجعة ماتبقي منها علي قيد الحياة فيموت المرضي والأطباء علي حد سواء !!..
قالوا إن مجلس الأمن هو اعلي حكومة في عالمنا المعاصر ولكنه مثله مثل الاتحاد الافريقي وجامعة الدول العربية وكل المنظمات الإقليمية والعالمية نراهم ينظرون إلي مأساة القرن في السودان وليس عندهم غير سلعة مستهلكة عفي عليها الزمن وهي الشجب والاستنكار ومطالبة الطرفين المتحاربين بإيقاف هذه المحرقة فورا ... والطرفان لا يابهان وقد تعودا علي مثل هذه المناشدات والمطالبات الفجة ويمضيان في طريقهما قتلا ودمارا وكل طرف تخرج ابواقه من بعض القنوات يعلن أنه المنتصر ولا ندري حتي الآن مع من لواء النصر !!..
والشعب مشرد ينوء بالجوع والمرض يريدون تكوين حكومة له تنظر في تنميته وديمقراطيته وحريته ورفاهيته واحدة حددوا لها أن تكون علمانية دون أن يستفتي الشعب في ذلك والشعب يمكن أن يقول لا أو نعم هذا اذا كان له ممثلون شرعيون يتحدثون باسمه وإذا كان عندنا قضاء عادل ومحكمة دستورية ورئيس منتخب ... هذه الأدوات كلها نحن نفتقر إليها وكما قلنا وسنظل نردد أن الأولوية لإيقاف الحرب وعودة النازحين واللاجئين الي الوطن الحبيب والتصافي الوطني وغسل القلوب مما لحق بها من ادران وأحقاد وبعد ذلك كل شيء ملحوق وبعد أن ننتظم في أحزاب لها برامج وسياسات واضحة وكل حزب يمكن أن يعرض بضاعته علي الملأ في الهواء الطلق وعلي المواطن أن يختار الجهة التي تقدم له البرنامج الذي يوافق ميوله وأفكاره وان يجعله مطمئنا غاية الاطمئنان ومرتاح الضمير وسعيد في حياته من كل الجوانب .
نعم نريد جيشا واحد مهني احترافي قوي يحرس الدستور والحدود ولا شغل له ولا مشغلة بالسياسة والتجارة والتموين وفي مجال الصناعة مرحبا بالجيش في الصناعات الحربية لصالح المواطن وليس لفئة محدودة سواء كانت بالجيش ام بخارجه.
لا لأي حكومة هنا او هنالك إلا بعد أن يلتئم الشمل ونكون جميعا علي قلب رجل واحد لا تفرقنا قبلية ولا جهوية ولا عصبية ... عاش السودان حرا مستقلا ونريد أن نكون كلنا سواسية مثل اسنان المشط !!..

حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
معلم مخضرم .

ghamedalneil@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • علي ماهر يعلن تشكيل سيراميكا لمواجهة بتروجيت
  • القاهرة الإخبارية: اشتباكات بين الجيش السوداني والدعم السريع في شرق النيل
  • السودان.. مسيرات لمليشيا الدعم السريع تستهدف قيادة الفرقة 19 مشاة والمطار
  • الأمم المتحدة: الكوليرا قتلت ما لا يقل عن 65 شخصا بولاية النيل الأبيض في السودان
  • وزير الخارجية السوداني يشيد بدعم مصر ومبادرتها لإيقاف الحرب
  • المهمش الدكتور وليد مادبو والبقية
  • (دخل شوقي من نفس الباب الذي خرج منه حافظ)
  • عبد اللطيف البوني: شمال الجزيرة في حرب السودان (١٥ أبريل ٢٠٢٣ – ؟؟؟) من اللعوتة الي نيويورك
  • ما الذي أشعل فتيل الحرب في السودان؟
  • من النيل يبدأ من هنا … إلى الخوف والوجع ..!!