كيفية حساب عدة مطلقة استؤصل رحمها
تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية، إن العدة هي المدة التي تتربص فيها المرأة عند حصول الفُرقة من النكاح، سواء أكانت هذه الفُرقة بطلاقٍ، أم بفسخٍ، أم بوفاةِ زوجٍ؛ كما في "المحكم والمحيط الأعظم" للعلامة ابن سِيدَهْ، و"الإقناع" للعلامة الخطيب الشربيني.
الإفتاء توضح وقت الليل بداية ونهاية ودليل ذلك الإفتاء: التيمم من خصائص أمة سيدنا محمد عليه الصلاة السلاموبينت الإفتاء، أن العدة شرعَت لمعانٍ وحِكَمٍ؛ منها: التعبد لله سبحانه وتعالى بالالتزام بأحكامها، والتفجُّع على الفُرقة، ومنها: استبراء الرحم، ومنها: إتاحة الفرصة في مدة الطلاق الرجعي للمراجعة بين الزوجين، والمعتدة على كلِّ حالٍ لا يحل لها الزواج من غير زوجها أو مُطلقها حتى تنقضي عدتها منه.
بيان المقصود بالرحم
الرَّحِم: بيْتُ مَنبِتِ الوَلَد، كما في "العين" للعلامة الخليل بن أحمد الفراهيدي، أي أنَّ الحمل مرتبطٌ بوجود محله وهو الرَّحِم ارتباطًا طرديًّا؛ حيث قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [آل عمران: 6].
وقد تقرَّر في علم التشريح أنَّ الرحم من الأعضاء التناسلية الباطنة للإناث، وهو عضو الحمل ويقبل البويضة العالقة ويحمل الجنين مدة نموه، ويتصل به من الجانبين المبيضان، وهو يعمل على تغذية وإيواء البويضة المخصبة، ويتكون جداره من طبقتين طبقة عضلية سميكة تحيط بطبقة البطانة الداخلية التي تغلف تجويف الرحم من الداخل، وهي التي تنغرس فيها البويضة إذا جاءت إليها مخصبة فتستقر بداخله لتبدأ في النمو، وأما إذا وصلت إلى بطانة الرحم الداخلية وهي غير مخصبة، فإن هذه البطانة تتهتَّك وتحمل البويضة معها، وتخرج في صورة دم الحيض الذي تراه المرأة وذلك في كل شهر قمري، ثم تبدأ في التجدد مرة أخرى استعدادًا لحصول الحمل، ثم إن الرحم يضمر بعد سن الإياس وفي هذه الحالة لا يكون المبيضان قادرين على إنتاج البويضات.
وهو ما يتماشى مع ما قرره الفقهاء من أنَّ الحيض هو الدم الخارج من رحم المرأة بعد بلوغها على سبيل الصحة والعادة، وحدد بعضهم موضع خروجه فذكرَ أنه الدم الخارج من أقصى الرَّحم.
جاء في "حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع": [والخِلْقي فيه الدم الخارج من أقصى الرحم خِلْقَة].
أنواع جراحة عملية استئصال الرحم
جراحة استئصال الرحم (Hysterectomy) على أنواع ثلاثة: استئصال الرحم دون عنقه ويُسمَّى "استئصالًا جزئيًّا"، واستئصال الرحم وعنقه ويطلق عليه "استئصال كُلِّي"، أما الثالث فهو "الاستئصال الموسع" الذي يكون باستئصال الرحم وعنقه والمبيضين وقناتي فالوب، وأحيانًا نادرة يضاف إلى ذلك استئصال الأنسجة اللمفاوية وفتحة المهبل العُليا، وفي جميع الأحوال يترتب على إجراء عملية استئصال الرحم انقطاع الطَّمث وانعدام نزول الدم من المرأة تمامًا، وذلك بناءً على عدم وجود بطانة الرحم التي تنزل في صورة الدم المعتاد في الدورة الشهرية. ينظر: "سن الإياس وأسبابه" تقرير لمنظمة الصحة العالمية (WHO) تاريخ النشر (17/ 10/ 2022م)، ونشرة الممارسة ACOG بالكلية الأمريكية لأطباء النساء والتوليد، رقم (121)، و"نزیف الرحم غير الطبيعي في فترة ما حول سن الأمل" دراسة لومسدنب .M. A، غولدستینا .S. R، ترجمة د راندا مصطفى، و"غونتر جي (2003م) "ألم الحوض المزمن: نهج متكامل للتشخيص والعلاج"، ضمن دراسة: "مسح أمراض النساء والتوليد".
عدة المرأة التي استؤصل رحمها وإيراد بعض المناقشاتالطلاقأوضحت الإفتاء، أنه إذا عُلِم ذلك: فإنَّ حكم المرأة التي استؤصل رحمها جزئيًّا أو كليًّا من حيث العدة وحسابها يدخل في حكم الآيسة دخولًا أوَّليًّا، بجامع انقطاع الحيض في كلٍّ، من جهة عدم قدرة المبيضين على إنتاج البويضات وما يلزم عنه من نزول الحيض؛ حيث تقرر في عِلم التشريح أن الرحم يَضْمُر بعد سن الإياس ولا يستطيع المبيضان إنتاج البويضات في هذه السِّن، كما جاء في قاموس (سنل) "علم التشريح السريري -البطن والحوض والعجان".
وقد أجمع العلماء على أنَّ عدة الآيسة ثلاثة أشهر؛ كما في قوله تعالى: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ﴾ [الطلاق: 4].
قال الإمام أبو الوليد ابن رشد المالكي في "بداية المجتهد": [واليائسات منهن عدتهن ثلاثة أشهر، ولا خلاف في هذا؛ لأنه منصوص عليه].
وقال الإمام ابن قُدَامَة الحنبلي في "المغني": [(وإن كانت من الآيسات، أو ممَّن لم يحضن، فعدتها ثلاثة أشهر) أجمع أهل العلم على هذا؛ لأن الله تعالى ذكره في كتابه بقوله سبحانه: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ﴾].
فإن قيلَ: لِمَ قلتم بالاعتداد بثلاثة أشهر كالآيسة، ولا تعتد كـ"المرتابة" أو "ممتدة الطهر"؟ حيث إنها قد انقطع حيضها بعد أن رأت الدم، وقبل أن تبلغ سن اليأس.
قُلنَـا: الانقطاع في صورة "المرتابة أو ممتدة الطهر" عَرَضي لا يُعلم متى سيرجع فما مِن لحظة إلا ويتوقع هجوم الحيض عليها، بخلاف المستأصل رحمها فالانقطاع في حالتها دائم ومستمر كما قرره الأطباء.
قال الإمام تاج الدين السُّبْكِي في "الإبهاج" في الكلام عن متباعدة الطهر: [أوجب الله تعالى التربص بالإقراء إلا على اللائي يئسن، وليس هذه منهنَّ وما مِن لحظة إلا ويتوقع هجوم الحيض؛ فهذا عذرٌ نادرٌ لا يسلطنا على تخصيص النص].
وما قررناه من الإلحاق بالآيسة متوافق مع ما ذهب إليه جماعة من محققي المذاهب كالإمام الزَّرْكَشِي من الشافعية، والشيخ ابن تَيْمِيَّة من الحنابلة؛ حيث أَلْحَقوا بالآيسةِ المرتابةَ التي انقطع حيضها بعد أن رأت الدم، وقبل أن تبلغ سن اليأس، وإلحاق المستأصل رحمها بالآيسة أولى وآكد.
قال العلامة الشَّبْرَامَلِّسِي محشِّيًا عليه: [(قوله: خلافًا لما اعتمده الزركشي) لعله يقول إن عدتها ثلاثة أشهر إلحاقًا لها بالآيسة].
كما اختار الشيخ ابن تيمية الحنبلي إلحاقها بالآيسة إذا علمتْ عدم رجوعه، كما ذكر عنه العلامة ابن مُفْلِح في "الفروع".
فإن قيلَ: إن دم الحيض غير مرتبط بالتبويض؛ حيث ثبت طبيًّا أنه يحدث بـشكل طبيعـي حتى في الدورات غير التبويضية.
قُلنَـا: إن محلَّ الحيض وهو الرحم قد زال بالاستئصال، وبذلك فقد ذهب المحل الذي يلزم منه قطع احتمال الحيض وعدم تصوره ثانيةً؛ وقد نصَّ الفقهاءُ والأصوليون على أنَّ الحكم الشرعي لا بُدَّ له من محلٍّ يتعلَّق به، وعبَّروا عن ذلك بتعبيراتٍ مختلفة؛ كـ"انتفاء المحل" كما في "فتح القدير" للعلامة ابن الهُمَام الحنفي، و"زوال المحل" كما في "رد المحتار" للعلامة ابن عابدين الحنفي، و"ذهاب المحل" كما في "بداية المجتهد" للإمام ابن رشد المالكي، و"سقوط المحل" كما في "مواهب الجليل" للعلامة الحطَّاب المالكي، و"حاشية ابن قاسم العَبَّادي الشافعي على تحفة المحتاج"، و"تلف المحل"؛ كما في "الشرح الكبير" للعلامة أبي الفرج شمس الدين ابن قدامة الحنبلي.
وبزوال محل الحيض بسبب استئصال الرحم قامت الأشهر مقام الحيض؛ لكونه الذي يستبرأ به الأرحام دون الطهر، فدخلت بذلك المعنى من استؤصِلَ رحمُها تحت حكم الآيسة.
قال العلامة علاء الدين البخاري الحنفي في "كشف الأسرار": [وقوله تعالى: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ﴾ الآية؛ فأقام الأشهر مقام الحيض دون الأطهار، وأن الغرض الأصيل في العدة استبراء الرحم، والحيض هو الذي يستبرأ به الأرحام دون الطهر].
وقال العلامة ابن الهُمام الحنفي في "فتح القدير": [الحيض هو المعرِّف بالذات لبراءة الرحم، بخلاف الطهر؛ لأنه وإن دل فبواسطة الحيض الذي يستلزمه].
وقال القاضي عبد الوهاب المالكي في "الإشراف": [الحيض أمارةٌ دالةٌ على براءة الرحم]، وقال العلامة عِلِيش المالكي في "منح الجليل": [الحيض هو الأصل في الدلالة على براءة الرحم].
بالإضافة إلى أنه لا يلزم من ذلك كون الدم النازل في حال استئصال الرحم حيضًا وإن كان في الظاهر تنفصل الدماء منه؛ لأن تلك الدماء قد تكون استحاضة أو نزيفًا أو إفرازات مهبلية، وقد تقرر شرعًا أنَّ دم الحيض هو دم جِبلة وطبيعة، ويخرج من أقصى رحم المرأة مع الصحة والعادة كما قرر الفقهاء؛ حيث قال الإمام أبو المظفر السمعاني في "قواطع الأدلة في الأصول" في الفرق بين دم الحيض ودم الاستحاضة: [دم الحيض دم يرخيه الرحم ويخرج من جوفه في زمان مخصوص تعتاد النساء ذلك بأصل بِنيَتهن وخلقتهن، وأما دم الاستحاضة فدم ينفصل من العِرق لا من الرحم ولا رخاء لذلك، وإن كان في الظاهر ينفصل من المحل الذى ينفصل منه دم الاستحاضة].
كما أنه قد تقرر في علم التشريح أن دم الحيض يطلق على الدم الدوري الذي يمتزج بالمخاط والخلايا البالية المتساقطة للغشاء المخاطي المبطن للرحم.
قال الإمام القرافي في "الفروق": [العدة يغلب عليها شائبة التعبد من حيث الجملة -وإن كانت معقولة المعنى من حيث الجملة-؛ لأنها شرعت لبراءة الرحم وعدم اختلاط الأنساب فمن هذا الوجه هي معقولة المعنى، ومن جهة أن العدة تجب في الوفاة على بنت المهد وتجب في الطلاق والوفاة على الكبيرة المعلوم براءتها بسبب الغيبة وغيرها هذه شائبة التعبد، فلما كان في العدة شائبة التعبد وجب فعلها بعد سببها مطلقا في جميع الصور عُلِمتِ البراءة أم لا؛ توفية لشائبة التعبد].
وتابعت: والاعتبار هنا بحال المعتدة لا بعادة النساء، والدليل عليه: أنها لو بلغت سنًّا لا تحيض فيها النساء وهي تحيض كانت عدتها بالأقراء اعتبارًا بحالها، فكذلك إذا لم تحض في سن تحيض فيه النساء وجب أن تعتد بالأشهر اعتبارًا بحالها؛ كما قال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في "المُهذب".
الخلاصة
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: أوضحت الإفتاء، فهذه المرأة التي طُلقت بعد الدخول، وقد استؤصل رحمها جزئيًّا أو كليًّا، تكون عدتها ثلاثة أشهر؛ دخولًا في عدة المطلقة الآيسة؛ لأن علتهما واحدة، وهي انقطاع دم الحيض مع عدم احتمال عودِهِ مرةً أُخرى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: عدة المطلقة دار الافتاء الإفتاء النكاح الحيض الرحم استئصال الرحم ثلاثة أشهر قال الإمام استئصال ا کما فی
إقرأ أيضاً:
خدمات شرطية.. كيفية الحصول على سلع مخفضة من منافذ أمان
وفرت وزارة الداخلية كافة السلع الغذائية وغير الغذائية بأسعار مخفضة من خلال 1026 منفذ ثابت ومتحرك وسرادقات بالميادين والشوارع الرئيسية وقوافل السيارات الخاصة بمنظومة "أمان" التابعة للوزارة يأتى ذلك فى إطار استمرار جهود وزارة الداخلية لرفع الأعباء عن كاهل المواطنين وانطلاقاً من المسئولية المجتمعية للوزارة الهادفة إلى المساهمة فى تقديم كافة أوجه الرعاية الإنسانية والاجتماعية للمواطنين.
ويستطيع المواطن الاستفادة من هذه المنافذ المنتشرة على مستوى الجمهورية للحصول على السلع بأسعار مخفضة.
في لحظاتٍ تنبض بالحياة، تجتمع الجهود الأمنية في وزارة الداخلية لتكتب فصولًا جديدة من الأمل في سجلات المواطنين، في قسم المرور، لا تقتصر المهمة على إصدار الرخص، بل تتحول تلك الوثائق إلى رموزٍ للأمان في طرقاتنا المزدحمة، فكل رخصة تقف شاهدًا على مسؤولية، وتعبيرًا عن انضباط لا يُستهان به في شوارع تتشابك فيها الأرواح.
أما في الأحوال المدنية، حيث تتجسد الهوية في وثائق تُسجّل برفقٍ وشغف، يبرز الدور الإنساني لوزارة الداخلية في استخراج بطاقات الرقم القومي التي لا تُعدّ مجرد ورقة، بل هي جواز مرور لكل مواطن إلى عالم الحقوق والواجبات، فكل بطاقة تحكي قصة انتماء، وتمنح صاحبها دفعة من الأمل والتقدير.
وفي قسم الجوازات، تُفتح أبواب العالم بأيدي موظفين لا يتعاملون مع الأوراق فقط، بل مع أحلام الناس بالسفر إلى آفاق جديدة، بينما تصاريح العمل، التي تخرج من بين يدي الوزارة، ليست مجرد أوراق رسمية، بل بوابات للرزق وفرص جديدة، تكتب فيها الوزارة على وجه كل مواطن قصة سعيه نحو المستقبل.
مشاركة