صراع على ملف المرتبات برعاية هذه الدولة..تفاصيل
تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT
يشهد اليمن مرحلة جديدة من الصراع الدائر على ملف رواتب الموظفين المدنيين وإدارة القطاع النفطي وتقاسم الثروات وعائدات التصدير، في الوقت الذي تشهد فيه البلاد تدهورا غير مسبوق في الأوضاع المعيشية وتوسع رقعة الجوع والفقر والبطالة وانهيار الأمن الغذائي.
واكدت مصادر مطلعة ، أن هناك تعقيدات تعرقل حلحلة ملف صرف رواتب الموظفين المدنيين في المفاوضات غير المعلنة التي ترعاها سلطنة عمان، وتتركز في طريقة صرف رواتب الموظفين والجهة التي ستشرف على إدارة عملية الصرف والذي يتطلب إعادة توحيد المؤسسات النقدية والمالية المنقسمة بين طرفي الصراع: الحكومة المعترف بها دولياً والحوثيين وفق تقرير للعربي الجديد.
ولم يعد الموظفون المدنيون في صنعاء ومناطق شمال اليمن قادرين على تحمل سنة أخرى بدون رواتبهم المقطوعة منذ سبتمبر/ أيلول من العام 2016، إذ يسود تذمر واسع في هذه المناطق مع استمرار عملية تجويعهم وتحول رواتبهم إلى أهم ورقة في الصراع وتمحوره حولها خلال الأعوام الثلاثة الماضية مع اشتداده بدرجة رئيسية وبصورة تدريجية منذ مطلع العام الحالي 2023 ووصوله حالياً إلى ذروته.
وقال الباحث الاقتصادي مراد منصور، إن جميع الأطراف تضرب عرض الحائط بمعاناة اليمنيين وتبحث بدرجة رئيسية عن مصالحها وتحقيق أكبر قدر من المناصب والمكاسب والصفقات والعقود التجارية والاقتصادية والاستثمارية والاستيلاء على ما هو متاح أمامها من موارد مالية وعائدات وجبايات.
ويرى أن الحوثيين لا يأبهون لمعاناة الناس في مناطق سيطرتهم واستولوا على مؤسسات الدولة لاستخدامها فقط لفرض سلتهم ونفوذهم وأفكارهم، بينما لا يريدون القيام بأي واجب من مهام مؤسسات الدولة في تقديم الخدمات العامة التي تم تركها لاستثمار القطاع الخاص المحسوب بشكل أو بآخر عليهم، أو عدم صرف رواتب الموظفين بالرغم من العائدات المالية التي يتم تحصيلها من الإتاوات واستيراد النفط والغاز. وتوجه اتهامات للحوثيين بالاستئثار بالموارد المالية التي يتم تحصيلها من عدة منافذ إيرادية في مناطق نفوذهم واقتصار إنفاقهم على المناسبات الدينية التي لا تتوقف احتفالاتهم بها طوال العام في الوقت الذي يتضور فيه المواطنون في مناطق سيطرتهم من الجوع والعوز. الموظف المدني
وهيب عبد الولي يقول"نعيش على هذا الأمل بصرف الرواتب منذ سنوات، وكلما كانت هناك مؤشرات لاقتراب الحل حول صرفها لا يلبث أن يتحول إلى سراب".
ويفرض ملف صرف رواتب الموظفين المدنيين تعقيدات وعراقيل واسعة أمام جهود التوصل إلى اتفاق يفضي إلى هدنة لفترة طويلة وإطار تفاوضي لإحلال السلام في البلاد التي تعيش على وقع حرب منذ العام 2015، إذ تتهم الحكومة اليمنية الحوثيين باستهداف الموانئ وإيقاف تصدير النفط والتسبب بأزمة نقدية واقتصادية تنعكس على تفاقم معيشة اليمنيين.
وفي المقابل، يبرر الحوثيون استهدافهم لهذه المنشآت في نهاية العام الماضي 2022، لحل مشكلة رواتب الموظفين المدنيين وصرفها من عائدات تصدير النفط. بدوره، يدعو الموظف في إحدى الدوائر العامة في صنعاء أحمد قايد، في حديثه "، جميع الأطراف إلى أن "يتقوا الله" في الموظفين الذين استنفدوا طاقتهم وصبرهم بعد كل هذه المدة من فقدان أهم شريان يربطهم بالحياة.
ويعيش نحو 600 ألف موظف حكومي للعام السابع على التوالي في معاناة قاسية بسبب توقف مرتباتهم وانقطاع السبل بهم مع عدم وجود أي مصادر دخل أخرى، إذ يعيلون أسرا يقدر عدد أفرادها بنحو 5 ملايين فرد.
واضطر كثير منهم إلى خوض غمار حياة شاقة منذ توقف الرواتب في سبتمبر/ أيلول في العام 2016، والخروج إلى الشوارع والأسواق للبحث عن عمل لإعالة أنفسهم وأسرهم. وتبلغ فاتورة الأجور والمرتبات في اليمن، بحسب كشوفات آخر عام قبل الحرب، حوالي 75 مليار ريال شهرياً، منها 50 مليار ريال لموظفي الخدمة المدنية يستفيد منها 1.25 مليون موظف وأسرهم، بينما تبلغ معاشات المتقاعدين 5.4 مليارات ريال شهرياً يستفيد منها 124 ألف متقاعد، وبالمجمل تبلغ فاتورة رواتب موظفي الدولة ومعاشات المتقاعدين والمساعدات النقدية حوالي 1.055 مليار ريال سنوياً.
ومع انقسام المالية العامة بين طرفي الحرب في البلاد، أعادت الحكومة المعترف بها دولياً صرف رواتب الموظفين في نطاقها الجغرافي، بينما يكتفي الطرف الآخر بصرف نصف راتب في المناسبات والأعياد الدينية السنوية. في السياق، يسود سخط واسع في مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للحكومة اليمنية، وعدد من المدن في محافظات جنوب اليمن بسبب تردي خدمة الكهرباء إلى أدنى مستوى لم يعهدوه من قبل خلال فترة الصيف مع تقلص الإضاءة إلى ساعة ونصف كل ست ساعات.
الناشط الاجتماعي في مدينة عدن علاء الشعبي، يقول لـ"العربي الجديد"، إن مشكلة الكهرباء تستنزف الناس وتنهب كل ما هو متاح من دخل للبعض خصوصاً الموظفين المدنيين الذين تراوح رواتبهم مكانها في ظل تضخم يوازي تأثيره مشكلة الكهرباء المستعصية على الحل. وينتقد المواطن نبيل فاضل، في حديث لـ"العربي الجديد"، الوضع الحالي الذي يجعل المسؤولين يستلمون رواتبهم بالدولار والريال السعودي بينما أغلبهم غير موجودين في مقار عملهم ويكونون خارج البلاد، في حين لم تعد رواتب الموظفين تساوي شيئا في ظل الوضع الراهن الذي وصلت فيه معيشة الكثير من المواطنين والموظفين إلى الحضيض. لا يختلف الوضع لدى الطرف الآخر، الشريك الرئيسي في الحكومة، المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، الذي يعيش قادته ومسؤولوه في رفاهية ومستوى معيشي مرتفع، بحسب المواطن أيمن سالم، الذي يشير في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن أغلب الأطراف السياسية لا يههما معاناة الناس ولا تبذل الجهد المناسب لتخفيفها.
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة: مستويات غير مسبوقة من قتل المدنيين بغزة
أكدت المقررة الأممية للوضع في الأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيزي أن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة خلفت 150 ألف قتيل وجريح ومعاق ومدفونين تحت الأنقاض.
وقالت ألبانيزي خلال محاضرة لها في جامعة لندن أمس" إن أعداد الفلسطينيين الذين قتلوا في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 زاد 10 أضعاف المتوسط في الأعوام الـ20 الماضية".
وقالت في محاضرتها "تشير الأرقام إلى أن الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة تسبب خلال 13 شهرا، بمقتل وجرح 150 ألف فلسطيني بينهم كذلك معاقون ومدفونون تحت الأنقاض".
وأشارت المقررة الأممية إلى أن" 70%من القتلى نساء وأطفال. ويوجد أيضا من بين القتلى 17 ألف طفل، 700 منهم لم يبلغوا عامهم الأول. كما تيتم عشرات الآلاف وبترت أطراف أعداد كبيرة من الناس".
وتطرقت ألبانيزي إلى الأوضاع في الضفة الغربية فقالت "إن عدد القتلى هناك منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي بلغ 10أضعاف المتوسط في الأعوام الـ20 حيث قتل أكثر من 700 فلسطيني بينهم 169 طفلا".
كما قالت المقررة الأممية للوضع في الأراضي الفلسطينية، "إن الحرب الإسرائيلية أدت كذلك إلى تدمير البئية في قطاع غزة كما تظهر صور الأقمار الاصطناعية. مشيرة إلى أن غزة صارت خالية من الأشجار والأراضي الزراعية".
وأضافت أن مخزون المياه الجوفية "كان ملوثا بشدة حتى قبل الحرب حيث لم يكن 90% من مياه غزة صالحا للشرب. وبالطبع زاد الوضع سوءا مع الوقت لأن المياه صارت ملوثة بالذخائر غير المتفجرة والمتفجرة وبالأنقاض والبقايا البشرية. لقد صارت أرضا خرابا. وهناك زملاء كتبوا أن هذا يمثل جريمة بحد ذاته.. جريمة الإبادة البيئية".
ألبانيزي: الحرب الإسرائيلية دمرت البنية التحتية في غزة (الفرنسية) أخطر الجرائممن جانبها، نددت جويس مسويا التي تتولى بالوكالة رئاسة مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) بـ"وحشية يومية" تواجه سكان قطاع غزة المحاصر والذي تقصفه إسرائيل.
وقالت في مداخلة لها أمام مجلس الأمن الدولي أمس، إن مدنيين طردوا من منازلهم و"اضطروا لمشاهدة أفراد أسرهم يقتلون ويحرقون ويدفنون أحياء" في غزة التي وصفتها بأنها "أرض أنقاض قاحلة".
وتساءلت "ما هي الاحتياطات التي تم اتخاذها، إذا كان أكثر من 70%من مساكن المدنيين إما متضررة أو مدمرة؟". وتابعت "نحن نشهد أعمالا تذكرنا بأخطر الجرائم الدولية". وشدّدت على أن "الوحشية اليومية التي نشهدها في غزة لا حدود لها".
وتأتي تصريحات مسويا في خضم حملة إسرائيلية في شمال غزة وصفتها بأنها "نسخة مكثّفة ومتطرّفة ومتسارعة من أهوال العام الماضي".
وانصب التركيز في الاجتماع الذي تحدثت فيه مسويا على تقرير أعد بدعم من الأمم المتحدة صدر مؤخرا وحذر من أن "احتمال حدوث المجاعة وشيك وكبير، بسبب التدهور السريع للوضع في قطاع غزة".
وتُمنع المساعدات على نحو روتيني من دخول القطاع، وقد اتهمت "منظمة أوكسفام" الخيرية الدولية لمكافحة الفقر إسرائيل في نهاية الأسبوع باستخدام "التجويع كسلاح حرب".
وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي شهد دخول الكمية الأقل من المساعدات إلى غزة هذا العام، على الرغم من إعلان إسرائيل الثلاثاء فتح معبر جديد لدخول المساعدات إلى القطاع.